شهر شعبان فوائد وأحكام.

عبدالله بن رجا الروقي
1437/07/28 - 2016/05/05 21:37PM
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلامضل له ومن يضلل فلاهادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)

أما بعد فإنه قد أظلنا شهر شعبان وهو شهر كان نبينا ﷺ يختصه بالإكثار من الصيام ، وهذا يدل أن الصيام فيه له مزية فعن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان " رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم : " كان يصوم شعبان كله ، كان يصوم شعبان إلا قليلا " ،
والنبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شعبان ، وإنما كان يصوم أكثره ، ويشهد له ما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها ، قالت :
" ما علمته - تعني النبي صلى الله عليه وسلم - صام شهرا كله إلا رمضان " وفي رواية له يضا عنها قالت : " ما رأيته صام شهرا كاملا منذ قدم المدينة إلا أن يكون رمضان " ، وفي الصحيحين عن ابن عباس قال : " ما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا غير رمضان " أخرجه البخاري ومسلم.

قال ابن رجب رحمه الله : صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم ، وأفضل التطوع ما كان قريبًا من رمضان قبله وبعده ، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض ، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده ، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه.
انتهى كلامه رحمه الله.


وقد جاء في الحديث مايبين سبب صيام النبي ﷺ أكثر شعبان فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ، فقال : " ذاك شهر تغفل الناس عنه ، بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " رواه النسائي.
ففي الحديث أن الناس يغفلون عن شهر شعبان لكونه بين شهرين معظيمين والعبادة في زمن الغفلة عنها يكون أجرها أعظم.
وفي هذا الحديث سبب آخر وهو أن الأعمال ترفع في هذا الشهر فكان النبي ﷺ يحب أن يرفع عمله وهو صائم.

معاشر المسلمين من لم يصم أكثر شعبان فليصم
منه ماتيسر كالاثنين والخميس والأيام البيض فإن للصيام في هذا الشهر فضيلة لاينبغي أن يفرط فيها المسلم ولو لم يصم إلا القليل منه فإن مالا يدرك كله لا يترك كله.

ومن فوائد الصيام في شعبان تعويد النفس وتمرينها على الصيام استعدادا لرمضان فيستقبل المسلم صيام رمضان بلا كلفة ولا مشقة لكونه اعتاد على الصيام قبل دخول شهر رمضان.


عباد الله:
يكفي في فضل الصيام قول النبي ﷺ :
( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِلَّا الصَّوْمَ ، فَإِنَّهُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ) رواه مسلم .
فهذا الحديث يدل على أن الأعمال تضاعف الى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه يضاعف أضعافاً كثيرة بغير حد ولا مقدار ، قال أهل العلم : كل أجر يوزن وزنا ، ويكال كيلا ، إلا الصوم ، فإنه يحثي حثيا ، ويغرف غرفا. ا.هـ
وقال الشيخ ابن سعدي رحمه الله : استثنى في هذا الحديث الصيام ، وأضافه إليه ، وأنه الذي يجزى به بمحض فضله وكرمه ، من غير مقابلة للعمل بالتضعيف المذكور الذي تشترك فيه الأعمال . وهذا شيء لا يمكن التعبير عنه ، بل يجازيهم بما لا عين رأت ، ولا أُذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر...
وهنا يقف القلم ، ويسيح قلب الصائم فرحاً وطرباً بعمل اختصه الله لنفسه ، وجعل جزاءه من فضله المحض ، وإحسانه الصرف . وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. انتهى كلامه رحمه الله.

عباد الله
من كان عليه قضاء من رمضان السابق فليبادر به قبل أن ينتهي شهر شعبان فإنه يحرم تأخير قضاء رمضان إلى مابعد رمضان التالي لقول عائشة رضي الله عنها : ( كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ ، وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .
متفق عليه.
ومن أخر القضاء بغير عذر حتى جاء رمضانٌ آخر فإنه يأثم بذلك ويجب عليه مع قضاء الأيام أن يطعم عن كل يوم مسكينًا لكل مسكين نصف صاع.

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم آت قلوبنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.
المشاهدات 2739 | التعليقات 1

يرفع