شهر شعبان .. شهر تغيير وتجديد

الحمد لله، خشعت له القلوبُ وخَضَعت، ودانت له النفوسُ ورَقَّت، وعَنَت له الوجوهُ وذلَّت، ذو الفضل العَميمِ، والمَنِّ الجسيم، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفَّق عبادَه المؤمنين للطاعات، ويسَّر لهم الخيرات ِوالحسناتِ، ونشهدُ أنَّ سيَّدنا ونبينا محمداً عبدُ الله ورسولُه، اللهم صل وسلم وبارك على إمام المتقين وسيِّدِ الخلق أجمعينَ، وعلى آله وأصحابهِ ومن تبعهم بإحسان ٍإلى يوم الدِّين.

إخوة الإيمان والعقيدة ... اتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى، فمن خاف الوعيدَ قَصُر عليه البعيد، الإيمانُ خيرُ قائدٍ، والعملُ الصالحُ خيرُ رائدٍ. سُئلِ رَسُولُ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ (مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ).

نحمد الله تبارك وتعالى على أن مد في أعمارنا، وأنعم علينا حتى أظلنا شهر شعبان، ذلك الشهر الكريم الذي أحاطه الله عز وجل بشهرين عظيمين هما: شهر رجب الحرام، وشهر رمضان المبارك.

عباد الله ... شهر شعبان من الأشهر القليلة التي يهتم بها المسلمون الآن، أما سلفنا الصالح فكانوا لهم اهتمام عظيم بشهر شعبان، اقتداءً برسول الله ﷺ، وباعتباره مدخلا لشهر رمضان. فينبغي للمسلم أن يشكر الله على اغتنام تلك الأيام الفاضلة والأوقات الشريفة بالأعمال الصالحة، وأن يضع في ميزان أعماله اليوم، ما يسره أن يراه فيه غدًا (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيد) ينبغي أن يكون مخلصًا لله تبارك وتعالى متأسيًا فيها برسول الله ﷺ، فعَنْ َ أُمُّنَا عائشة رضي الله عنها قالت: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي شَـهْرٍ أَكْثَرَ صـِيَامًا مِنْهُ فِي شـَعْبَانَ. كَانَ يَصُومُهُ إِلا قَلِيلاً بَلْ كَانَ يَصُـومُهُ كُلَّهُ. والمعنى أنه ﷺ كان يكثر من الصوم تطوعًا فى شعبان وغيِرِه، وكان صيامه في شعبان أكثر من أي شـهر في العام غير رمضان. وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الشَّهْرِ مِنْ السَّنَةِ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ. وَكَانَ يَقُولُ (خُذُوا مِنْ الأعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَلَّ حَتَّى تَمَلُّوا) وَكَانَ يَقُولُ (أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ. وَإِنْ قَلَّ).

وقد ورد على لسان أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ t، قال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ!! قَالَ ﷺ (ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ. وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ) فبَيّنَ رسول الله ﷺ الحكمة من إكثاره من الصيام في شعبان فذكر لذلك أمرين ... أن شعبان شهر يغفل الناس عن فضله بين رجب ورمضان. فالرسول ﷺ يصومه ليعبد الله في زمن يغفل الناس عن العبادة فيه.

والأمر الآخر: أن شهر شعبان ترفع فيه أعمال العباد إلى الله، فأحب النبيُّ ﷺ أن ترفع أعماله وهو صائم.

عباد الله .. الصيام في شعبان هي توطين النفس وتهيئتها للصيام في رمضان، فلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة. فينبغي للمسلم أن يبادر باغتنام الأيام الفاضلة، وخاصة في هذا الزمان الذي نعيشه ــ زمان الفتن والعياذ بالله ــ حيث انقلبت الموازين، وتبدلت المعايير، مما لا يخفى على أحد، إنه زمان الفتن التي حذرنا منها النبي ﷺ حين قَالَ ( بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ، فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ. يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا. أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا. يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا) فنسأل الله تعالى أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

أقول ما تسمعون ...

 


الحمد لله رب العالمين ...

معاشر المؤمنين ... ها نحن في مطلع شهر شعبان، قد جاءتنا الفرصة الكبيرة والمنحة الجليلة، أنعم الله علينا بمجيء شهر شعبان الذي اهتم به سلفنا الصالح اهتمامًا عظيمًا؛ إذ هو كالمقدمة لشهر رمضان المبارك؛ فكانوا يقضونه كله في أعمال صالحة كالصيام وقراءة القرآن وغيرها من العبادات ليحصل التأهب والاستعداد لتلقي رمضان، وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن.

قد سمعتم وعلمتم كيف كان رسولُنا ﷺ يبادرُ ويكثرُ في شعبانَ من الصيام. واقتدى به المسلمون الأوائل، ومازال في الناس خير. قال أنسُ بنُ مالكٍ t: كان المسلمون إذا دخلَ شعبانُ، أكبوا على المصاحفِ فقرؤوها، وأخرجوا زكاةَ أموالِهم تقويةً لضعِفِيهم على الصوم. وقال سلمةُ بنُ كُهَيلٍ رحمه الله: كان يقالُ شهرُ شعبانَ شهرُ القرآنِ. وكان حبيبُ بنُ أبي ثابتٍ إذا دخل شعبانُ قال: هذا شهرُ القرَّاءِ.

فيا أيُّها المباركون .. استقبلوا شهركم هذا بالعمل الصالح، فقد أمدَّكم الله بالصحةِ والفراغِ !! قال أبو بكر البَلخِي رحمه الله: شهرُ رجبٍ شهرُ الزرع، وشهرُ شعبانَ شهرُ سقي الزرعِ، وشهرُ رمضانَ شهرُ حصادِ الزرع.

فيا أيُّها الأبرارُ والأخيارُ: عليكم في هذا الشهر بالتوبةِ الصادقةِ النَّصوح.

إذا أنتَ لم تزرع وأبصرتَ حاصداً *** نَدمتَ على التفريط ِفي زمن ِالبذرِ
اللهم وفقنا لاغتنامِ الأوقاتِ بفعلِ الصالحات. اللهم أهدنا وأهدِ بنا يارب العالمين. اللهم آمنَّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ]رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[.

المرفقات

1738295245_شعبان شهر التغيير والتجديد.pdf

1738295255_شعبان شهر التغيير والتجديد.docx

المشاهدات 1367 | التعليقات 0