شَهْرِ رَجَبٍ-تَهْنِئَةِ الْكُفَّارِ بِعِيدِ الْكِرِيسْمَاس

محمد البدر
1447/06/27 - 2025/12/18 04:27AM

الْخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾.وَقَالَﷺ«إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ»متفقٌ عَلَيْهِ.فحرّم اللهُ ظلمَ النفسِ في كلِّ الشهورِ ولكنْ في الأشهرِ الحُرُمِ يكونُ أشدَّ تَحْريماً وأشدَّ تعظيماً وإن من أشدِّ  وأقبح الظلم وأشنعه الشرك بالله,قَالَﷺ«الظُّلْمُ ثَلَاثةٌ:فَظُلْمٌ لَا يَغْفِرُهُ اللهُ، وَظُلْمٌ يَغْفِرُهُ،وَظُلْمٌ لَا يَتْرُكُهُ،فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللهُ،فَالشِّرْكُ,قَالَ اللهُ:﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي يَغْفِرُهُ،فَظُلْمُ العِبَادِ أَنْفُسَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ-عز وجل-وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لَا يَتْرُكُهُ،فَظُلْمُ العِبَادِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا,حَتَّى يُدَبِّرُ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ»حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.فكل صور الظلم محرمةٌ على العباد,فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّﷺفِيمَا يَرْوِيه عَنْ رَبِّهِ قَالَ«يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي،وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا،فَلَا تَظَالَمُوا»رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَﷺ«الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.فَمِنَ الظلمِ:ظُلمُ النفْسِ بالبِدَعِ والمعاصِي والذنُوبِ، وَالشِّرْكَ.قَالَ تَعَالَى:﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُم يَظلِمُونَ﴾ومِن الظلمِ:ظلمُ الناسِ بِأَخْذِ حُقوقِهِمْ الخاصَّةِ والعامَّةِ.قَالَ تَعَالَى:﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾.

عِبَادَ اللهِ:قالَتْ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ  لِلإِفْتَاءِ:فَصِيَام رَجَب كُلَّهُ تَطَوُّعًا وَشَعْبَانَ كُلَّهُ تَطَوُّعًا مُخَالِفٌ لِهَدْيِ رَسُولُ  اللهِ النَّبِيِّﷺوَسُنَّتَهُ فِي صَوْمَهُ فَكَانَ بِدعَةً مُحْدَثَةً، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيُّﷺأَنَّهُ قَالَ:«مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ  وَمُسْلِمٌ،وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ،وصلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.أ.هـ.وَيَقُولُ شَيْخُ الإِسْلاَم ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ:فَاتِّخَاذُهُ مَوْسِمًا بِحَيْثُ يُفرَدُ بالصَّومِ، مَكْرُوهٌ عِنْدَ الإِمَامُ أَحمَدُ وغيرِه،كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنَ  الْخَطَّابِ وَأَبي بَكرَةَ  وَغَيْرِهِمَا  مَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.إلخ.وَيَقُولُ شَيْخُ الإِسْلاَم ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ:(ولم يثبت عن النَّبِيُّﷺ في فضل رجب حديث آخر ،بل عامة الأحاديث المأثورة فيه عن النَّبِيُّ ﷺ كلها كذب).إلخ..وأما الحديث المشهور«اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَارِكْ لَنَا فِي رَمَضَانَ»ضَعَّفَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَ الشَّيخُ ابنُ العُثَيمِينَ-رَحِمَهُ اللهُ:ليسَ لِشهرِ رَجَبٍ مِيزَةٌ عَنْ سِواهُ مَنْ الأَشهُرِ الحُرُمِ،ولا يُخصُّ بِعمرةٍ ولا بِصيامٍ ولا بِصلاةٍ ولا بِقَراءَةِ قُرآنٍ؛ بَلْ هُوَ  كَغيرِهِ مَنْ الأَشهُرِ الحُرُمِ،وكلُّ الأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ فِي فَضْلهِ ضَعيفَةٌ لا يٌبنى عليها حُكمٌ شَرعِيٌّ.اهـ.

عبادَ الله:فَمِنْ الأمورِ الْمُحْدَثةِ فِي شَهْرُ رَجَب الاحتِفالِ بِحَادِثَةِ الإِسرَاءِ والمِعرَاجِ،قَالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ:لَم يَقُم دَليلٌ مَعلُومٌ لا على شَهرِها ولا على عَشرِها ولا على عَينِها،بل النُّقُولُ في ذَلِكَ مُنقَطِعَةٌ مُختَلِفَةٌ.إلخ.

أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى﴿لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواْ ءابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾. وَقَالَﷺ:«لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ،شِبْرًا بِشِبْرٍ،وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ قُلْنَا:يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ: فَمَنْ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ:وَأَمَّا تَهنِئَتُهُم بِشَعَائِرِ الكُفْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهم فَحَرَامٌ بِالاتِّفَاقِ، فهذا إنْ سَلِمَ قَائِلُه من الكُفْرِ فَهوَ مِن الْمُحَرَّمَاتِ، وهو بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ..إلخ.وَقَالَت اللَّجنةِ الدَّائِمةِ:(لا تجوزُ إقامةُ الأعيادِ البِدْعيَّةِ ولا الاحتِفالُ بها،ولا مُشارَكةُ أهلِها وتهنِئَتُهم بمناسبتِها؛ لأنَّ هذا من التعاونِ على الإثمِ والعُدوانِ،وقد ذكَرَ اللهُ أنَّ مِن صِفاتِ عِبادِ الرَّحمنِ أنَّهم﴿لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾أي:لايَحضُرونَ أعيادَ الكُفَّارِ.إلخ.فيا أهل التَّوْحِيْدِ والسنة والعقيدة الصافية اياكم أن تشاركوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى في احتفالاتهم،ولا تهنئتهم ولا حضورها ولا ارسال التهاني والتبريكات ولا الإعانة عليها بأي شيء،ولا تغتروا بما يفعله بعض السفهاء من توزيع الهدايا وانتشار التخفيضات على الكثير من السلع بهذه المناسبة طلباً لرضاهم ومودتهم قَالَ تَعَالَى:﴿‏وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾واحذروا من فتاوى شيوخ الفتنة وشيوخ فقه التيسير والتقريب والتمييع.الاوَصَلُّوا عِبَادَ اللهِ عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ،وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ كَمَا  أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَاحْفَظْ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا،اللّهمّ وَهيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ

الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَالَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى الْخَيرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ ،واصرِفْ عَنه بِطانةَ السُّوءِ يَا رَبَّ العَالمينَ،وَاللّهمّ وَفِّقْ جَميعَ ولاةِ أَمرِ الْمُسْلِمِينَ لما تُحبهُ وَتَرضَاهُ لمَا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ،وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ 

يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

 

المرفقات

1766021223_شَهْرِ رَجَبٍ-تَهْنِئَةِ الْكُفَّارِ بِعِيدِ الْكِرِيسْمَاس.pdf

المشاهدات 267 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا