شَم الرَيَاَحِيّنْ فيِ فَضْل عَفْو اللهِ الكَرِيْم
أبوزيد السيد عبد السلام رزق الأزهري
شَم الرَيَاَحِيّنْ فيِ فَضْل عَفْو اللهِ الكَرِيْم
للشيخ / أبوزيد السيد عبد السلام رزق
الحمد لله قضى ألا تعبدوا إلا إياه ، لا يكشف السوء سواه ، ولا يجيب المضطر إلا إياه ، نعوذ من سخطه برضاه ، وننزل فقرنا بغناه ، نستغفره ومن يغفر الذنوب إلا الله ، نحمده والحمد من إنعامه ، إذْ ذكْرُنا إياه من إلهامه ، سبحانه أحصى كل شيء عدداَ ، ووسع كل شيء علماَ ، وأحاط بكل شيء رحمةً وعلماً ، فلق البحر لموسى الكليم ، وجعل النار بردًا وسلامًا على إبراهيم ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَ اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا شيء مثلُه، ولا شيء يعجزُه، ولا إلهَ غيرُه ، أولٌ بلاَ ابتداء دائمٌ بلا َانتهاء لا يفنى ولا يبيد ولا يكونُ إلا ما يريد ، لا تبلغُه الأوهامُ ولا تدركُه الأفهامُ، ولا يشبهُ الأنامَ، حيٌّ لا يموت، قيومٌ لا ينامُ ، وأشهدُ أنَ محمداً عبدهُ ورسولهُ وصفيهُ منْ خلقهِ وحبيبهُ وخليِلُه صلَّى عليه بارئُ العباد، ما جرت الأقلام بالمداد، وما أمطرت سحبٌ وسال وادِ وآلة وصحبه ومن سلك سبيلهم ما دار نجم في فلك ثُمَ أمَا بعد :
نعيش مع اسم من أسماء الله تعالى ألا وهو اسم الله العفو و هو اسم من أسماء الله الحسنى، على وزن فعول بصيغة المبالغة، ومعناه :الذي يمحو السيئات، ويتجاوز عن المعاصي، وهو قريب من اسم الغفور، قال الخطابي: «العَفْوُّ: الصَّفحُ عن الذنوب، وتركُ مُجازاة المسيء» و قال السعدي : «العَفْوُّ، الغَفور، الغَفَّار الذي لم يزل، ولا يزال بالعفو معروفًا، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفًا، كل أحدٍ مضطرٌ إلى عفوه ومغفرته، كما هو مضطرٌ إلى رحمته وكرمه، وقد وعد بالمغفرة والعفو لمن أتى بأسبابها، قال تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾ [سورة طه:82 ] فالله تبارك وتعالى أظهرَ الجميل، وستَرَ القبيحَ ،لا يُؤاخِذُ بالجَريرة، ولا يهتِكُ السِّتر، وهو سبحانه عظيم العفو و حسن التجاوُز وواسِع المغفرة وباسِط اليدَين بالرحمة ، و صاحِب كل نجوَى ، ومُنتهَى كل شكوَى و كريم الصفح وعظيم المنِّ و مُبتدِئ النِّعَم قبل استِحقاقِها فكل خير فإنما هو منه سبحانه جل جلال ربي وهو أرحم بعباده من الأم الحنون بولدها وأرحم بعباده من الطائر بفرخه عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَأَخَذَ رَجُلٌ فَرْخَ طَائِرٍ فَجَاءَ الطَّيْرُ، فَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي حِجْرِ الرَّجُلِ مَعَ فَرْخِهِ، فَأَخَذَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَجَبًا لِهَذَا الطَّائِرِ، جَاءَ فَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي أَيْدِيكُمْ رَحْمَةً لِوَلَدِهِ، فَوَاللهِ لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا الطَّائِرِ بِفَرْخِهِ ) [ [1] ] .
وقد ورد اسم الله العفو في القرآن الكريم خمس مرات
في قوله تعالى: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [ سورة النساء:43 ].
وفي قوله: ﴿فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [ سورة النساء:99 ].
وفي قوله: ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ [ سورة النساء:149 ].
وفي قوله: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ [ سورة الحج:60 ].
وفي قوله: ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ [ سورة المجادلة:2 ].
الفرق بين العفو والمغفرة
العفو أبلغ من المغفرة فالعفو أي المحو فيمحوا الله تعالى ذنوب العبد من صحيفته فلا يقرره بها يوم القيامة ، أما المغفرة فيغفرها الله تعالى له لكنها مدونة في صحيفته ويقرره بها يوم القيامة قال الغزالي: «العَفْوُّ: هو الذي يمحو السيئات ويتجاوز عن المعاصي وهو قريب من الغَفور ولكنه أبلغ منه، فإن الغفران ينبئ عن الستر والعفو ينبئ عن المحو والمحو أبلغ من الستر» [[2]] .
قال محمد منير الدمشقي في الإتحافات السنية «العفو في حق الله تعالى عبارة عن إزالة آثار الذنوب بالكلية فيمحوها من ديوان الكرام الكاتبين، ولا يطالبه بها يوم القيامة، وينسيها من قلوبهم، لئلا يخجلوا عند تذكيرها، ويثبت مكان كل سيئة حسنة، والعفو أبلغ من المغفرة، لأن الغفران يشعر بالستر، والعفو يشعر بالمحو، والمحو أبلغ من الستر.»
قال بن القيم في نونيته
وَهْوَ العَفُوُّ فعَفْوُهُ وَسِعَ الوَرَى لَوْلاهُ غَارَ الأَرْضُ بالسُّكَّانِ
عن أبي بكر قال:« قام رسول الله على المنبر ثم بكى، فقال: سلوا الله العفو والعافية، فإن أحدًا لم يعط بعد اليقين خيرًا من العافية»[[3] ] .
الله تعالى عفو يحب العفو
أخرج الحاكم في المستدرك عن أبي ماجد - يعني الحنفي - قال: كنت قاعداً مع عبد الله بن مسعود قال : إني أذكرُ أوَّلَ رجلٍ قطَعَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُتِيَ بسارقٍ فقطع يدَه فكأنما أَسِفَ وجهُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال قالوا يا رسولَ اللهِ كأنك كرهْتَ قطْعَه قال وما يمنَعُني لا تكونوا أعوانًا للشيطانِ على أخيكم إنه ينبغي للإمامِ إذا انتهى إليه حَدٌّ أن يُقيمَه إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ عَفُوٌّ يحبُّ العفوَ ( ولْيَعْفوا ولْيَصْفَحوا ألا تُحِبُّونَ أن يَغفرَ اللهُ لكم واللهُ غفورٌ رحيمٌ ) [ [4] ] .
و عن عائشة أنها قالت: «قلت: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟، قَالَ" تَقُولِينَ: «اللهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي»» [ [5] ] .
فحري بكل مريد للإقبال على ربه ألا يترك الشيطان يغلبه ويحول بينه وبين التوبة بحجة أن الذنوب كثيرة أو عظيمة فعفو الله أعظم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلاَ يَقُلِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ وَلَكِنْ لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَتَعَاظَمُهُ شيء أَعْطَاهُ »[ [6] ] ، فذنوب العبد وإن عظمت فإن عفو الله ومغفرته أعظم:
يَا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنُوبِي كَثرَةً فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ
إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِنٌ فَمَن الذي يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ
مَا لي إِلَيكَ وَسِيلَةٌ إِلاَّ الرَّجَا وَجَمِيلُ عَفوِكَ ثُمَّ إني مُسلمُ
لذا كان للنبي صلى الله عليه وسلم يسأل الله تعالى العفو صباحا ومساءا حتي مات وفارق الدنيا عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال : لم يكن النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم يَدَعُ هؤلاء الدعوات حين يُمسي وحين يُصبح : " اللَّهُمَّ إني أسألُكَ العافِيَةَ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إني أسألُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ في دِيني وَدُنْيَايَ وأهْلِي ومَالِي، اللَّهُمََّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وآمِنْ رَوْعاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْن يَدَيَّ ومِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمالِي وَمِنْ فَوْقِي، وأعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أنْ أُغْتالَ مِنْ تَحْتِي ) [ [7] ] .
مظاهر عفو الله تعالى عن عباده
من سعَة عفوِ الله: إمهالُ عبادِه قبل مُؤاخَذَتهم؛ فهو -سبحانه- يُقابِلُ جهلَ العباد بالحِلمِ، والذنوبَ بالمغفرة، والمُجاهَرةَ بالسَّتر، والجُحودَ بالإنعام،وعدم مسارعته -سبحانه- إلى عقابهم، والصبر عليهم ليتوبوا وليؤوبوا إلى خالقهم وبارئهم، فقال -سبحانه-: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [النحل: 61]، قال العلَّامة الشنقيطي -رحمه الله-: «ذكَر -جلّ وعلا- في هذه الآية الكريمة: أنه لو عاجل الخلق بالعقوبة لأهلك جميع مَن في الأرض، ولكنه حليم لا يعجَل بالعقوبة؛ لأن العجلة من شأن من يخاف فوات الفرصة، ورب السماوات والأرض لا يفوته شيء أراده» [8] وعَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّهُ يُشْرَكُ بِهِ وَيُجْعَلُ لَهُ الْوَلَدُ ثُمَّ هُوَ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ » [ [9] ] ،وصدَق الله العفو: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} [الرعد: 6]؛ يقول السعدي: «أي: لا يزال خيره إليهم، وإحسانه وبرّه وعفوه نازلًا إلى العباد، وهم لا يزال شرهم وعصيانهم إليه صاعدًا. يعصونه فيدعوهم إلى بابه، ويُجرمون فلا يحرمهم خيره وإحسانه، فإن تابوا إليه فهو حبيبهم؛ لأنه يحبّ التوابين ويحب المتطهرين، وإن لم يتوبوا فهو طبيبهم، يبتليهم بالمصائب ليطهِّرهم من المعايب» [ [10] ] .
من سعة عفو الله تعالى يوم القيامة عفوه عمن امتحشتهم النار وغيرت ملامحهم ولم يعملوا خيرا قط عنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فِي النَّارِ، يَقُولُونَ: رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ، فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا قَدِ أَخَذَتِ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ، وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا مَا بَقِيَ فِيهَا أَحَدٌ مِمَّنْ أَمَرْتَنَا بِهِ، فَيَقُولُ: ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا أَحَدًا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا، ثُمَّ يَقُولُ: ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا أَحَدًا، ثُمَّ يَقُولُ: ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا خَيْرًا “، وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ يَقُولُ: إِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِي بِهَذَا الْحَدِيثِ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40]، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الْحَيَاةِ، فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، أَلَا تَرَوْنَهَا تَكُونُ إِلَى الْحَجَرِ، أَوْ إِلَى الشَّجَرِ، مَا يَكُونُ إِلَى الشَّمْسِ أُصَيْفِرُ وَأُخَيْضِرُ، وَمَا يَكُونُ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ يَكُونُ أَبْيَضَ؟ ” فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالْبَادِيَةِ، قَالَ: ” فَيَخْرُجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ فِي رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِمُ، يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ اللهِ الَّذِينَ أَدْخَلَهُمُ اللهُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ، وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ، ثُمَّ يَقُولُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَمَا رَأَيْتُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا، أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، فَيَقُولُ: لَكُمْ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنْ هَذَا، فَيَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا، أَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ: رِضَايَ، فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا ) [ [11] ] .
وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيُصِيبَنَّ أَقْوَامًا سَفْعٌ مِنْ النَّارِ بِذُنُوبٍ أَصَابُوهَا عُقُوبَةً ثُمَّ يُدْخِلُهُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ يُقَالُ لَهُمْ الْجَهَنَّمِيُّونَ ) [ [12] ] .
من سعة عفو الله تعالى عن عباده يوم القيامة أنه يدخل من أمة النبي خلقا كثيرا بلا حساب سبعون ألف مع كل واحد سبعين ألف أي ما يعادل أربعة مليار وتسعمائة مليون يدخلون الجنة من أمة النبي محمد بلا حساب عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أُعْطِيتُ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ، وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، وَقُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، فَاسْتَزَدْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ ، فَزَادَنِي مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ سَبْعِينَ أَلْفًا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : فَرَأَيْتُ أَنَّ ذَلِكَ آتٍ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى ، وَمُصِيبٌ مِنْ حَافَّاتِ الْبَوَادِي) [ [13] ] .
كيف تفوز بعفو الله تعالى
التجاوز عن المُعسِر والعفو عنه، وعدم مؤاخذته على عدم استطاعته سداد الدّين من أسباب العفو فعليك أن تتجاوز، حتى يتجاوز الله تعالى عنك .. عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ "أُتِيَ اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَقَالَ لَهُ: مَاذَا عَمِلْتَ فِي الدُّنْيَا؟، قَالَ: وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا، قَالَ: يَا رَبِّ آتَيْتَنِي مَالَكَ فَكُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى الْمُوسِرِ وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ، فَقَالَ اللَّهُ: أَنَا أَحَقُّ بِذَا مِنْكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي". فَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ: هَكَذَا سَمِعْنَاهُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ . [ [14] ] ، وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا. فَلَقِىَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ » [ [15] ] ،و في صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ طَلَبَ غَرِيمًا لَهُ فَتَوَارَى عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ فَقَالَ إِنِّي مُعْسِرٌ. فَقَالَ آللَّهِ قَالَ آللَّهِ. قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْه ) [ [16] ] .
محبة الله تعالى للعبد من أسباب العفو عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ صَبِيٌّ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ، فَمَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا رَأَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ الْقَوْمَ خَشِيَتْ أَنْ يُوطَأَ ابْنُهَا، فَسَعَتْ وَحَمَلَتْهُ، وَقَالَتْ: ابْنِي ابْنِي، قَالَ: فَقَالَ الْقَوْمُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُلْقِيَ ابْنَهَا فِي النَّارِ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا، وَلَا يُلْقِي اللهُ حَبِيبَهُ فِي النَّارِ ) [ [17] ].
خشية الله تعالى من أسباب العفو عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطُّ لأَهْلِهِ إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ ثُمَّ اذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لاَ يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ وَأَمَرَ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قَالَ مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ. فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ » [ [18] ].
العفو عن المظالم من أسباب العفو يقول الإمام ابن القيم : يا ابن ادم .. إن بينك وبين الله خطايا وذنوب لايعلمها إلا هو , وإنك تحب أن يغفرها لك الله , فإذا أحببت أن يغفرها لك فاغفر أنت لعباده , وأن وأحببت أن يعفوها عنك فاعف أنت عن عباده , فإنما الجزاء من جنس العمل ... تعفو هنا يعفو هناك , تنتقم هنا ينتقم هناك تطالب بالحق هنا يطالب بالحق هناك. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم جَالِسٌ إِذْ رَأَيْنَاهُ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ ثَنَايَاهُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّيَ ؟ فَقَالَ : رَجُلاَنِ جثيا مِنْ أُمَّتِي بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعِزَّةِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : يَا رَبِّ ، خُذْ لِي مَظْلَمَتِي مِنْ أَخِي ، قَالَ اللَّهُ , عَزَّ وَجَلَّ : أَعْطِ أَخَاكَ مَظْلَمَتَهُ ، قَالَ : يَا رَبِّ ، لَمْ يَبْقَ لِيَ مِنْ حَسَنَاتِه شَيء ، قَالَ اللَّهُ , تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلطَّالِبِ : كَيْفَ تَصْنَعُ بِأَخِيكَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيء ؟ قَالَ : يَا رَبِّ ، فَلْيَحْمِلْ عَنِّيَ مِنْ أَوْزَارِيَ قَالَ : وَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالْبُكَاءِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ لَيَوْمٌ عَظِيمٌ ، يَوْمٌ يَحْتَاجُ النَّاسُ فِيهِ إِلَى أَنْ يُحْمَلَ عَنْهُمْ أَوْزَارَهُمْ ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلطَّالِبِ : ارْفَعْ بَصَرَكَ فَانْظُرْ فِي الْجِنَانِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ، أَرَى مَدَائِنَ مِنْ فِضَّةٍ ، وَقُصُورًا مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَةٍ بِاللُّؤْلُؤِ ، فَيَقُولُ : لأَيِّ نَبِيٍّ هَذَا ؟ لأَيِّ صِدِّيقٍ هَذَا ؟ لأَيِّ شَهِيدٍ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنْ ، قَالَ : يَا رَبِّ ، وَمَنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : أَنْتَ تَمْلِكُهُ قَالَ : بِمَاذَا يَا رَبِّ ؟ قَالَ : تَعْفُو عَنْ أَخِيكَ ، قَالَ : يَا رَبِّ ، إِنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : خُذْ بِيَدِ أَخِيكَ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عِنْدَ ذَلِكَ : فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ، فَإِنَّ اللَّهَ يُصْلِحُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [ [19] ] .
كُن قابل العذر واغفر زلة الناسِ ولا تُطع يا لبيباً أمر وسواسِ
فالله يكره جباراً يُشاركه ويكره الله عبداً قلبه قاسِ
هلا تذكرت يوماً انت مدركه يوماً ستُخرج فيه كل انفاسِ
يومَ الرحيل عن الدنيا وزينتها يوم الوداع شديد البطش والباسِ
ويوم وضعك في القبر المخيف وقد ردوا التراب بأيديهم وبالفاسِ
ويوم يبعثُنا والارض هائجةٌ والشمس مُحرقةٌ تدنو من الراسِ
والناس في مُنتهى جوع وفي ظمأ وفي شقاءِ وفي هم وإفلاسِ
يفرُ كل امرئ من غيره فرقاً هل انت ذاكر هذا اليوم ام ناسي
سيُرسل الله املاكاً مُناديةً هيا تعالوا لرب مطعمً كاسي
هيا تعالوا الى فوز ومغفرةٍ هيا تعالوا الى بشرٍ وإيناسِ
أين الذين على الرحمن اجرهمُ فلا يقوم سوى العافي عن الناسِ
قال علي بن الحسين: إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم أهل الفضل، فيقوم ناس من الناس، فيقال لهم: انطلقوا إلى الجنة بغير حساب، فتتلقاهم الملائكة، فيقولون: ما فضلكم؟ فيقولون: كنا إذا جهل علينا حلمنا، وإذا ظلمنا صبرنا، وإذا أسيء علينا عفونا. فيقولون: ادخلوا الجنة، فنعم أجر العاملين ) [20]
وسلامة الصدور من البغضاء والشحناء من صفات أهل الجنة في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَالَّذِينَ عَلَى آثَارِهِمْ كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ لَا تَبَاغُضَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَحَاسُدَ لِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ" » فلا يَصلُح لسكنى الجنة مَن تلوَّث قلبه بالأدران، بل مَن صفت قلوبهم وطهرت نفوسهم؛ لذا قال الله عز وجل في أهل الجنة: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ الحجر (47) .
من أسباب عفو الله تعالى عن عباده التوبة الصادقة وفعل الخيرات وترك المنكرات الله تبارك وتعالى يعفُو عن المُذنِب، ويغفِرُ للمُسيء، ويتجاوزُ عن الخطَّائين، (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) عن عبدالرحمن بن جبير رضي الله عنه قال: "أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم شيخٌ كبير هرم، سقط حاجباه على عَينيه، وهو مدعم على عصًا - أي: متَّكئ على عصًا - حتى قام بين يدي النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلاً عمل الذنوبَ كلَّها، لم يترك داجة ولا حاجة إلاَّ أتاها، لو قسمَت خطيئتُه على أهل الأرض لأوبقَتهم - لأهلكَتهم - أله من تَوبة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((هل أسلمتَ؟))، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّك رسول الله، قال: ((تفعل الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهنَّ الله لك كلهنَّ خيرات))، قال: وغدرَاتي وفَجراتي يا رسولَ الله؟ قال: ((نعم، وغَدراتك وفجراتك))، فقال: الله أكبر، الله أكبر، ثمَّ ادعم على عصاه، فلم يزل يردِّد: الله أكبر، حتى توارى عن الأنظار ) [21] قال ابن قتيبة في "غريب الحديث"؛ للخطابي: "أراد أنَّه لم يدَع شيئًا دعَته نفسُه إليه من المعاصي إلاَّ رَكبه؛ وذلك مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70 ] .
أسأل الله تعالى أن يتجاوز عنا اللهم يا من أظهرَ الجميل، وستَرَ القبيحَ .. يا من لا يُؤاخِذُ بالجَريرة، ولا يهتِكُ السِّتر، يا عظيمَ العفو .. يا حسنَ التجاوُز .. يا واسِع المغفرة .. يا باسِط اليدَين بالرحمة .. يا صاحِبَ كل نجوَى .. ومُنتهَى كل شكوَى .. يا كريم الصفح .. يا عظيمَ المنِّ .. يا مُبتدِئ النِّعَم قبل استِحقاقِها نسألك أن تعفوا عنا وترضى عنا رضا لا تسخط علينا بعده أبدا ، وصلى الله وسلم على البشير النذير صلى الله عليه وسلم .
[1] ـ شعب الإيمان ( 9 / 6730 ) .
[2] ـ المقصد الأسنى: [1/140] .
[3] ـ [رواه الترمذي وصححه الألباني، مشكاة المصابيح: 2489 ] .
[4] ـ حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 4 / 1638 ) و أخرجه الحاكم في المستدرك كتاب الحدود ( 4 / 382 ) وقال : صحيح الإسناد .
[5] ـ [صححه الألباني في المشكاة 2091 ] .
[6] ـ صحيح مسلم ( 8 / 6988 ) .
[7] ـ رواه بن ماجة وصححه الألباني: [ 3871] .
[8] ـ أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى: 1393هـ)، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع-بيروت، لبنان، الطبعة: 1415هـ- 1995م، (2/ 389).
[9] ـ صحيح مسلم (8 / 7258 ) .
[10] ـ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1420هـ -2000م، (ص413).
[11] ـ أخرجه البخاري (4/1671 ، رقم 4305) ، ومسلم (1/167 ، رقم 183) .
[12] ـ مسند أحمد ( 1 / 22 ) وصححه الألباني في الصحيحة ( 4 / 1484) و الحديث قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 11 / 345 ) : " رواه أحمد و البيهقي في " البعث " من رواية سهل بن أبي صالح و سنده جيد .صحيح البخاري ( 9 / 7450 ) .
[13] ـ
[14] ـ صحيح مسلم ( 5 / 4079 ) .
[15] ـ صحيح مسلم ( 5 / 4081 ) .
[16] ـ صحيح مسلم ( 5 / 4083 ) .
[17] ـ أخرجه أحمد في المسند الجزء ( 21 / 13467) وقال إسناده صحيح على شرط الشيخين .
[18] ـ صحيح مسلم ( 9 / 7156 ).
[19] ـ أخرجه أبو يعلى في (( مسنده )) - كما في (( ابن كثير )) ( 3/ 550- 551) - ، والبخاري في ((الكبير)) ( 2/ 1/ 459) وابن أبي ال دنيا في (( حسن الظن بالله )) ( 66/ 116) ، وابن أبي داود في (( البعث )) ( 32) ، والحاكم ( 4/ 576) ، قَالَ الحاكم : (( صحيح الإسناد )).
[20] ـ حلية الأولياء 3/139.
[21] ـ أخرجه البزار في "مسنده " (4/79-80/3244- كشف الأستار)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني " (5/188-189/2718)، ومن طريقه ابن الأثير في " أسد الغابة " (2/372)، والطبراني في "المعجم الكبير" (7/375-376/7235) وقال وإسناده جيد قوي ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 14 / 3391 ) وصححه في صحيح الترغيب والترهيب ( 3 / 3164 ) .