شكر المولى جل وعلا على نعمة المطر

فيصل التميمي
1436/05/29 - 2015/03/20 03:22AM
مبارك عليكم الخير والرحمة والخطبة منسقة من عدة خطب
نسأل الله أن يلهمنا شكره ويديم علينا نعمه وفضله
شكر المولى جل وعلا على نعمة المطر 29/5/1435هـ
إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله: واشكروه على وافر نعمه يزدكم، فمن سواه نشكره، ومن سواه نذكره، ومن سواه نتوب إليه ونستغفره.
اللهم إنَّا نَحمدك على ما أوليت به علينا من نعمة الغيث، وأسبغت علينا من نعمة المطر، فقد حُرمناها فترةً ونخشى أن يكون ذلك بسبب ذنوبنا، وتقصيرنا وتفريطنا، وما زال ربنا يكرمنا، يده سحاء الليل والنهار يجود علينا ونحن مقصرون مفرطون!
وصدق ربنا فيما أنزل إلينا في كتابه بقوله العزيز [وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ](الشورى).
وقال تعالى [وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ](الأعراف)، فلك اللهم الحمد يا ربنا جميعاً، ولك الشكر جميعاً.
عباد الله: وإن من آيات الله تعالى وعجائب قدرته أن يرينا بأعيننا أن الأمر أولاً وآخراً بيده، وأن الملك ملكه والعطاء عطاءه، وأن الغيث يرسله على من يشاء من خلقه. قال جل وعلا " اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ، فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ"
عباد الله: نحن نتقلب ليلاً ونهاراً في كثير من النعم، وكلها منه سبحانه وتعالى، ولكن للأسف الشديد أن الكثير منا لا يشكرها، بل ربما يستعملها في غير طاعته، ويباهي ويجاهر بمعصيته. وهذا من كفران النِعم المنافي لشكرها قولاً وعملاً. قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا)
ولقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده أن يشكروه، ويحمدوه، ويرجعوا الفضل إليه، وإنَّ شكر الله واجب على الجميع كبيراً وصغيراً، ذكراً وأنثى، فالشكر يأتي بالزيادة، قال تعالى[وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ] (إبراهيم)،
والشكر ينافي الكفر، قال تعالى:[ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ](البقرة).
ومن أفضل صفات عباد الله تعالى صفة الشكر، وكيف لا وقد أثنى الله تعالى على عبده نوحٍ بأنه كان [عَبْداً شَكُوراً](الإسراء).
ووصف خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام بقوله [إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِراً لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] (النحل).
بل لقد جعل الله تعالى الشكرَ الغايةَ من خلقهِ وأمرهِ، فقال تعالى [وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ](النحل).
وأخبر سبحانه أنه إنما يعبده من شكره، ومن لم يشكره لم يكن من أهل عبادته، فقال عز من قائل [وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ](البقرة).
والشكر أعلى منازل السالكين، وهو فوق منزلة الرضا، فإن الشكر يتضمن الرضا وزيادة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(الروم).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم فاستغفروا الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الهادي إلى جنته ورضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بـعـد:
فاتقوا الله عباد الله واشكروه على فضله، والزموا طاعته فيما أمر ونهى. ثم اعلموا رحمكم الله أن النعم التي نتقلب فيها تحتاج إلى الوقوف عندها، هل هي منحة منه سبحانه، أم هي استدراج لنا، فإن كانت الأولى وجب علينا شكرها والمحافظة عليها بالقيام بما يرضيه والبعد عن معاصيه، وإن كانت الأخرى فلنحذر أثرها، ولنتذكر قول الله تعالى (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)
فتزودوا للقاء الله، ولا تلهكم الدنيا عن طلب الآخرة.
عباد الله: اشكروا الله على نعمة المطر التي أنعم الله بها عليكم ، فهي نعمةٌ عظيمةٌ تستوجب شكر المنعم سبحانه وتعالى الذي أنزله علينا ، ولولا فضل الله ورحمته ما سقينا .. اشكروه بالثناء عليه بألسنتكم، والتحدث بنعمته، وبالقيام بطاعته والإنابة إليه، ثم اعلموا رحمكم الله أن من السنن النبوية المأثورة عند نزول المطر، ما علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأدعية والأذكار المتعلقة به. فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم كما يروي البخاري إذا رأى المطر ينزل قال: ((اللهم صيِّبا نافعا))، وعندما يتوقف المطر يقول: ((مطِرنا بفضل الله ورحمته))، وإذا نزل المطر وخشي منه الضرَر دعا وقال: ((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب، وبطون الأودية ومنابت الشجر))، وإذا هبت الريحُ نهانا عن سبّها لأنها مأمورة، وكان يدعو بهذا الدعاء: ((اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به))، وجاء في الأثر بسند صحيح عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: (سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته).
ومن سنن المطر، الدعاء ، فالدعاء عند نزول المطر من الأدعية المستجابة، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء وتحت المطر)) رواه الحاكم وحسنه الألباني .
ومن السنن المأثورة عند نزول المطر، أن يحسر الإنسان شيئا من ملابسه حتى يصيبه المطر، تأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء في صحيح مسلم عن أنس قال: أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا: يا رسول الله، لم صنعت هذا؟ قال: ((لأنه حديث عهد بربه)).
فليحرص المسلم على هذه الأذكار والسنن، وكم هو جميل أن يعلّمها أهله وأطفالَه، ويرغبهم في حفظها والعمل بها .
أسأل الله بمنه وكرمه أن يبارك لنا فيما أنزل علينا من نعمة المطر، وأن يعيننا على طاعته وشكره، وأن يفيض علينا بالمزيد من فضله إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هذا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة محمد بن عبد الله فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال جل في علاه [إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً](الأحزاب).
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك وحبيبك نبينا محمد، وارض اللهم عن أمهات المؤمنين، وسائر الصحابة والتابعين، وارض عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين. اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام.
اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحب وترضى، ويسر لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إنا نحمدك ونشكرك على ما أنزلت علينا من الغيث، اللهم تابع علينا خيراتك، وأنت أرحم الراحمين.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذا القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون. .
المرفقات

673.doc

المشاهدات 2558 | التعليقات 0