شاب نشأ في طاعة الله

[font="] شابٌ نشأ في طاعة الله[/font][font="] [/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]مع سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلُّه، نكمل الرّحلة المشوّقة مع شخصيّة متميّزة، هي " شابٌ نشأ في طاعة الله ".. بداية نسأل أنفسنا: لماذا ورد في الحديث شاب نشأ في طاعة الله ؟ لماذا شاب بالذّات من استحقّ أن يكون في ظلّ الله يوم القيامة ؟ ببساطة، نقول: لأنّ الشاب في هذه المرحلة من العمر، تكون غرائزه ملتهبة، و يتمتّع بطاقات و قدرات هائلة، و لكن شخصيتنا المباركة اليوم لم يصغ إلى أهوائه و غرائزه الهائجة.. جاهد نفسه و نشأ في طاعة الله تعالى و في عبادته سبحانه، ملتزما أوامره، سائرا على صراطه، و وجّه إمكاناته على اختلافها لما يرضي الله تعالى، فاستحقّ أن يكون من بين السبعة الذين يظلّهم الله في ظلّه..[/font]
[font="]و قد قيل: إنّ الله تعالى ليُباهي ملائكته بالشّاب المؤمن و يقول: " انظروا عبدي ترك شهوته من أجلي ".. و هذا مصعب بن عمير كانت الدّنيا بين يديه و الحياة مقبلة عليه، كان يرتدي أغلى الثياب و يتعطّر بأجمل العطور، ثمّ جاء الإسلام فأحبّه و آمن به، و اتّبع النبيّ صلى الله عليه و سلم، فخيّرته أمّه التي كانت على الكفر، خيّرته بين الإسلام و بين الغنى و الترف الّذي كان يعيش فيه، فانتصر على أهواء الشباب، مع أنّ المال و الجمال و القوّة تفتح آفاق المعصية لكثير من الشباب.. و لكن ليس مصعب، فقد ترك حياة الترف و المعاصي و اختار طاعة الله تعالى، و وجّه إمكاناته على اختلافها لما يرضي الله تعالى.. حتى أنّ النبيّ صلى الله عليه و سلم اختاره لأعظم مهمّة في حينها، أن يكون سفيره إلى المدينة، فألقى بين يديّ مصعب مصير الإسلام في تلك المدينة التي ستكون دار الهجرة فيما بعد، و التي ستقوم فيها أوّل دولة للإسلام.. ثمّ بقوّة إيمانه و لباقته أثّر الشاب المبارك بسادات الأنصار حتّى أسلم على يديه:[/font]
[font="]* أُسَيْد بن حُضَيْر [/font][font="]الذي تنزّلت الملائكة لتلاوته القرآن..[/font]
[font="]* سعد بن معاذ [/font][font="]الذي اهتزّ لموته عرش الرّحمان..[/font]
[font="]و راح مصعب يفقّه أهل المدينة و يعدُّهم لتلك المسؤولية المقبلة عليهم، و قد حقّق النجاح الذي توقّعه له النبيّ صلى الله عليه و سلم..[/font]
[font="]عباد الله: لم تكن هذه المرّة الوحيدة التي يوكّل فيها النبيّ صلى الله عليه و سلم بالمهام الصعبة للشباب، بل الأمثلة على ذلك كثيرة، منها قراره الأخير قبل موته صلى الله عليه و سلم، حيث أصدر قرارا بتولية ذاك الشاب الصغير أسامة بن زيد رضي الله عنهما، و كان يبلغ آنذاك 18 عاما.. ولاّه على قيادة الجيش الإسلامي الضخم المتّجه لمحاربة أعتى الجيوش في ذلك الزمان: جيش الإمبراطوريّة الرّومانيّة ، مع العلم أن هذا الشاب لم يكن يتمتّع بوضع اجتماعيّ مميّز، و لا بشكلٍ وسيم أو لباس فخم أنيق.. فليست العبرة في تلك الأمور التي يظنّ بعض الشباب اليوم أنّها الأهمّ، بل لقد كان أسامة بسيطا جدّا، وهو ابن لرجل بسيط كذلك، هو زيد بن حارثة.. لكنّه كان مؤمنا صلبا.. و مسلما قويّا.. له عزيمة قاهرة و قد استكمل في عدد سنوات عمره المعدودة فنون الفروسيّة و القتال و القيادة و الإرادة و الفقه و العلم، بحيث أصبح قادرا على أداء هذه المهمّة الخطيرة.. و هذا ليثبت للشباب في بلادنا خاصّة و لشباب الأمّة عامّة، أن المقوّمات الحقيقية لنجاح الشاب تكمن أساسا في دين الشاب و في عقله و علمه و كفاءته..[/font]
[font="]لكن هنا قد يسأل سائل: ألم يكن في المدينة المنوّرة من هو أفضل من أسامة بن زيد رضي الله عنهما بقيادة الجيش، بل كان هناك الكثير من القادة العسكريين أمثال: أبو عبيدة ابن الجرّاح، و الزبيّر بن العوّام، و خالد بن الوليد، و القعقاع بن عمر، و شرحبيل بن حسنة، و عمرو بن العاص، و غيرهم كثير، و هم عمالقة في كلّ شيء.. عمالقة في الفروسيّة و في التخطيط العسكري.. و عمالقة في الإيمان وفي السّبق إلى الإسلام و في الخبرة و في الصحبة و في المكانة..[/font]
[font="]شيء جميل، ما دام الأمر كذلك لماذا يعطي الرسول صلى الله عليه و سلم الفرصة للصّحابي الشاب لكي يرأس هذا الجيش الخطير؟[/font] !![font="]الحقّ أنّ الرسول صلى الله عليه و سلم يريد أن يوضّح لنا طاقات الشباب و إمكاناتهم، و يلفت أنظارنا إلى أنّ تربية الشباب على القيادة و الريادة و الإدارة منذ صغر سنّه، يُعْطي الأمّة أعمارا فوق أعمارها، و يرسّخ أقدامها بين الأمم..[/font]
[font="]و قد قيل: [/font][font="]أنّ الجيش غاب حوالي الشهرين و عاد بلا ضحايا.. فقال عنه المسلمون يومئذ: ما رأينا جيشا أسلم من جيش أسامة.. فكانت نظرة النبيّ صلى الله عليه و سلم، و ثقته في الشباب في محلّها، و كان صلوات ربّي و سلامه عليه ليزرع المعنى في قلوبنا بوضوح، ذلك المعنى الذي خَفِيَ مع الأسف عن عقول كثيرٍ من الآباء و المربّين و الدّعاة، وهو أنّ إمكانيات الشباب و طاقاتهم و قدراتهم هائلة..[/font]
[font="]و اليوم كيف ينظر مجتمعنا إلى الشباب و يتعامل معهم ؟.. في الواقع قد تأثّر مجتمعنا التّونسي العربي و المسلم المعاصر المتحضّر بمفاهيم تربوية غربيّة، بعيدة و غريبة عنه و تتمثّل في:[/font]
[font="]* النظرة الخاطئة للشباب [/font][font="]من سنّ 12 إلى السّنة 20، حيث رأوا أنّ الشباب في تلك الفترة العمرية يتّصفون بالطّيش و الخفّة و الانحراف و التمرّد، و أطلقوا على هذه الفترة: أزمة المراهقة.. و انطلقت هذه العدوى إلى مجتمعنا المسلم بواسطة وسائل الاتّصال الغربية المتطوّرة و التي اقتحمت بيوتنا رغم أنوف أجدادنا، فكانت النظرة إلى الشباب بأنّه عنصر غير فعّال، بل مشاكس و مخرّب في الأغلب.. فانعكس أثر هذه النظرة على الشباب أنفسهم.. ممّا جعلهم يضعون أنفسهم حيث ينظر الناس إليهم.. فطال أمد الطفولة و الطّيش لديهم فمالوا إلى الانحراف بجميع وسائله، و تحجّم دورهم و طاقاتهم و قدراتهم فيما يفسد و لا يصلح.. يهدّم و لا يبني..[/font]
[font="]جعلنا الله ممن تدبّر آيات قرآنه و عمل بمحكماته و آمن بمتشابهاته..[/font]
[font="]
[/font]
[font="] لم يعد لنا مزيد و غدا إن شاء الله هناك جديد[/font]

[font="][/font]
[font="] الشيخ محمّد الشّاذلي شلبي[/font]
[font="] الإمام الخطيب
[/font]
المشاهدات 4880 | التعليقات 0