شئون العاملين .. أعناوين زائفة ؟!_خالد روشه
احمد ابوبكر
1436/08/09 - 2015/05/27 04:09AM
[align=justify]هو اسم معلوم لكل عامل في مؤسسة , ومشهور لكل إداري , وهي مادة تدرس في كليات التجارة وكليات العلوم الإدارية وغيرها .. لكنه في الحقيقة يكاد أن يكون اسما بلا مسمى , وعنوانا بلا حقيقة , وقسما بلا أثر في كثير من بلادنا !
العمل الموكول عادة لأقسام شئون العاملين , هو متابعة شئون العاملين الخاصة , وظروفهم الذاتية , وأحوالهم الاجتماعية , وما يتعلق بذلك من مشكلات وآلام , وكذلك شكاوى العمل وصعوباته , ومشكلات العاملين أثناء تأدية عملهم , وإزالة ما ينتج بينهم من شحناء أو بغضاء أو صراعات ..هذا هو المعلن عنه من الدور المراد !
لكن الواقع المرير يقول أن الدور الفعلي الذي تقوم به تلك الأقسام هو الاهتمام بالشأن الإداري للعاملين فحسب , وأعني به الأجازات , والعقوبات , والترقيات , ومثاله , وهي أمور خاصة بالشأن الإداري الخالص , وبالتالي تتحول تلك الأقسام الى أقسام إدارية جافة لا تهتم بأية خصوصيات للعاملين .
وبرغم أن شكاوى العاملين في بلادنا لا تنتهي , فإنك ترى قسم شئون العاملين في مؤسساتنا هو أقل الأقسام انشغالا , وأكثرها فراغا وراحة , إذ إن المطلوب منه من عمل يؤدى سريعا , ولايستغرق وقتا ولا جهدا ! على الجانب الآخر تجد كثيرا مما يؤلمك ويحزنك من شكاوى العاملين في بلادنا , من إهمالهم على مستويات عدة, فلا تقدير للتميز ولا للكفاءة , إلا في القليل النادر , ولا رعاية للآلام النفسية التي يمكن أن يعاني منها العامل , ولا تقدير لآرائه في العمل ومشكلاته , بل ولا مكافأة عادلة لجهده واثره , ثم نتساءل بعد ذلك عن ضعف المنتج , وغياب الإتقان , وقلة العطاء !
الإتقان هو مطلب أساس من مطالب الإسلام في العمل والانتاج , " إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه " (1) والاتقان بالاصالة يعتمد على الأفراد العاملين وكفاءتهم وقدرتهم على الوصول لأفضل نتيجة , وهو بلاشك مرتبط بحبهم للعمل , وحل مشكلاتهم التي تعترضهم أثنائه , ورعاية شئونهم الذاتية عن طريق المتابعة والدعم .
والعدل كذلك مطلب اساس من مطالب الإسلام , وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فيما يخص حقوق العمال في اكثر من موقف ومنها قوله صلى الله عليه وسلم " “مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ". فقال رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ فقال: “وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ" (2) , وفي الحديث القدسي :" “قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ…وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ" " (3)
وكذلك الرحمة , والرفق بالعاملين , قال أنس رضي الله عنه : وَاللهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ مَا عَلِمْتُ قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ وَلاَ لِشَيْءٍ تَرَكْتُ: هَلاَّ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا " (4) , ويقول صلى الله عليه وسلم (ولا تكلفوهم ما لا يطيقون) (5)
فعن ربيعة بن كعب الأسلمي، قال: كنتُ أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : “يَا رَبِيعَةُ، أَلاَ تَتَزَوَّجُ؟" قال: فقلتُ: لا والله يا رسول الله، ما أريد أن أتزوَّج؛ ما عندي ما يُقيم المرأة، وما أحبُّ أن يشغلني عنك شيء. قال: فأعرض عنِّي، ثم قال لي بعد ذلك: “يَا رَبِيعَةُ، أَلاَ تَتَزَوَّجُ؟" قال: فقلتُ: لا والله يا رسول الله، ما أريد أن أتزوَّج، وما عندي ما يُقيم المرأة، وما أحبُّ أن يشغلني عنك شيء. فأعرض عنِّي. وقال:ثم راجعتُ نفسي، فقلتُ: والله يا رسول الله أنت أعلم بما يُصلحني في الدنيا والآخرة. قال: وأنا أقول في نفسي: لئن قال لي الثالثة لأقولن: نعم. قال: فقال لي الثالثة: “يَا رَبِيعَةُ، أَلاَ تَتَزَوَّجُ؟" قال: فقلتُ: بلى يا رسول الله، مُرْنِي بما شئتَ، أو بما أحببت. قال: “انْطَلِقْ إِلَى آلِ فُلانٍ". إِلى حيٍّ من الأنصار (6)
هذه هي توجيهات ديننا الحنيف وهذا هو سبيل رسولنا صلى الله عليه وسلم , ذلك السبيل الذي جعل أحد العاملين عنده ( زيد ) يرفض العودة إلى أهله وذويه , ويفضل على ذلك البقاء مع النبي صلى الله عليه وسلم ..
إن ابتعادنا عن منطلقات ومبادىء وقيم وأوامر ديننا سبب رئيس في تدهور إنتاجيتنا وتخلفنا عن ملاحقة الشعوب المتقدمة , تلك الشعوب التي صارت مضربا للمثل عندنا في حقوق العاملين وشئونهم والاهتمام بها !!
(1) أخرجه أبو يعلى والطبراني، وقد صححه الألباني في الصحيحة
(2) أخرجه مسلم
(3) أخرجه البخاري
(4) أخرجه مسلم
( 5) رواه النسائي وابن ماجه
(6) أخرجه أحمد
[/align]
العمل الموكول عادة لأقسام شئون العاملين , هو متابعة شئون العاملين الخاصة , وظروفهم الذاتية , وأحوالهم الاجتماعية , وما يتعلق بذلك من مشكلات وآلام , وكذلك شكاوى العمل وصعوباته , ومشكلات العاملين أثناء تأدية عملهم , وإزالة ما ينتج بينهم من شحناء أو بغضاء أو صراعات ..هذا هو المعلن عنه من الدور المراد !
لكن الواقع المرير يقول أن الدور الفعلي الذي تقوم به تلك الأقسام هو الاهتمام بالشأن الإداري للعاملين فحسب , وأعني به الأجازات , والعقوبات , والترقيات , ومثاله , وهي أمور خاصة بالشأن الإداري الخالص , وبالتالي تتحول تلك الأقسام الى أقسام إدارية جافة لا تهتم بأية خصوصيات للعاملين .
وبرغم أن شكاوى العاملين في بلادنا لا تنتهي , فإنك ترى قسم شئون العاملين في مؤسساتنا هو أقل الأقسام انشغالا , وأكثرها فراغا وراحة , إذ إن المطلوب منه من عمل يؤدى سريعا , ولايستغرق وقتا ولا جهدا ! على الجانب الآخر تجد كثيرا مما يؤلمك ويحزنك من شكاوى العاملين في بلادنا , من إهمالهم على مستويات عدة, فلا تقدير للتميز ولا للكفاءة , إلا في القليل النادر , ولا رعاية للآلام النفسية التي يمكن أن يعاني منها العامل , ولا تقدير لآرائه في العمل ومشكلاته , بل ولا مكافأة عادلة لجهده واثره , ثم نتساءل بعد ذلك عن ضعف المنتج , وغياب الإتقان , وقلة العطاء !
الإتقان هو مطلب أساس من مطالب الإسلام في العمل والانتاج , " إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه " (1) والاتقان بالاصالة يعتمد على الأفراد العاملين وكفاءتهم وقدرتهم على الوصول لأفضل نتيجة , وهو بلاشك مرتبط بحبهم للعمل , وحل مشكلاتهم التي تعترضهم أثنائه , ورعاية شئونهم الذاتية عن طريق المتابعة والدعم .
والعدل كذلك مطلب اساس من مطالب الإسلام , وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فيما يخص حقوق العمال في اكثر من موقف ومنها قوله صلى الله عليه وسلم " “مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ". فقال رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ فقال: “وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ" (2) , وفي الحديث القدسي :" “قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ…وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ" " (3)
وكذلك الرحمة , والرفق بالعاملين , قال أنس رضي الله عنه : وَاللهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ مَا عَلِمْتُ قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ وَلاَ لِشَيْءٍ تَرَكْتُ: هَلاَّ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا " (4) , ويقول صلى الله عليه وسلم (ولا تكلفوهم ما لا يطيقون) (5)
فعن ربيعة بن كعب الأسلمي، قال: كنتُ أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : “يَا رَبِيعَةُ، أَلاَ تَتَزَوَّجُ؟" قال: فقلتُ: لا والله يا رسول الله، ما أريد أن أتزوَّج؛ ما عندي ما يُقيم المرأة، وما أحبُّ أن يشغلني عنك شيء. قال: فأعرض عنِّي، ثم قال لي بعد ذلك: “يَا رَبِيعَةُ، أَلاَ تَتَزَوَّجُ؟" قال: فقلتُ: لا والله يا رسول الله، ما أريد أن أتزوَّج، وما عندي ما يُقيم المرأة، وما أحبُّ أن يشغلني عنك شيء. فأعرض عنِّي. وقال:ثم راجعتُ نفسي، فقلتُ: والله يا رسول الله أنت أعلم بما يُصلحني في الدنيا والآخرة. قال: وأنا أقول في نفسي: لئن قال لي الثالثة لأقولن: نعم. قال: فقال لي الثالثة: “يَا رَبِيعَةُ، أَلاَ تَتَزَوَّجُ؟" قال: فقلتُ: بلى يا رسول الله، مُرْنِي بما شئتَ، أو بما أحببت. قال: “انْطَلِقْ إِلَى آلِ فُلانٍ". إِلى حيٍّ من الأنصار (6)
هذه هي توجيهات ديننا الحنيف وهذا هو سبيل رسولنا صلى الله عليه وسلم , ذلك السبيل الذي جعل أحد العاملين عنده ( زيد ) يرفض العودة إلى أهله وذويه , ويفضل على ذلك البقاء مع النبي صلى الله عليه وسلم ..
إن ابتعادنا عن منطلقات ومبادىء وقيم وأوامر ديننا سبب رئيس في تدهور إنتاجيتنا وتخلفنا عن ملاحقة الشعوب المتقدمة , تلك الشعوب التي صارت مضربا للمثل عندنا في حقوق العاملين وشئونهم والاهتمام بها !!
(1) أخرجه أبو يعلى والطبراني، وقد صححه الألباني في الصحيحة
(2) أخرجه مسلم
(3) أخرجه البخاري
(4) أخرجه مسلم
( 5) رواه النسائي وابن ماجه
(6) أخرجه أحمد
[/align]