سيرة ريحانة المصطفى صلى الله عليه وسلم (2)

الحمد لله رب العالمين... إخوة الإيمان والعقيدة ... يتواصل حديثنا عن ريحانة رسول الله ﷺ الحسين بن علي t، إن سبب اختيار هذا الوقت للحديث عنه t لبيان من هو الحسين؟ وما منزلته بالإسلام؟ وما عقيدة أهل السنة به؟ وماذا يجب على الأمة له؟ فربما ظن بعضُ عوام أهل السنة أن الحسين رمز من رموز أهل الضلال وإمام من أئمتهم فقط، لما يرون من مشاهد، أو يسمعون من أقول خاطئة ممن يدعون زوراً وبهتاناً ولاية الحسين، ومحبته، من الطوائف البدعية، وما يسمعونه منهم من تلبيس وادعاء بأن أهل السنة لا يحبون آل بيت رسول الله ﷺ ولا يعطونهم حقهم من الذكر والثناء. لذلك كان الحديث عن منزلة الحسين t ومكانته في الإسلام، وما يجب له علينا أهل السنة أمر واجب البيان، نتقرب به إلى الله لنذكي حبه في نفوسنا، استجابة لرسولنا ونبينا محمد بن عبد الله ﷺ. فلقد أمرنا الله U بالتأسي بالرسول ﷺ لأن التأسي به سلوك للطريق المستقيم الموصل إلى كرامته سبحانه، ولقد علمنا ما كان عليه ﷺ من حب لسبطيه الحسن والحسين رضي الله عنهما، فقد أعلن ﷺ محبته لهما، وأمر بها، بل ودعا الله أن يحب من يحبهما، قال ﷺ (هَذَانِ ابْنَايَ وَابْنَا ابْنَتِيَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُمَا) وقال عليه الصلاة وإسلام (مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي). وكان رسول الله ﷺ يكرر ذكر حبه لهما في كل موطن، فَقَالَ ﷺ (وَمَالِي لاَ أُحِبُّهُمَا، وَهُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنْ الدُّنْيَا أَشُمْهمَا) في يوم من الأيام أَقْبَلا الحسن والحسيْن يَسْعَيَانِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ فَلَمَّا جَاءَهُ أَحَدُهُمَا جَعَلَ يَدَهُ فِي عُنُقِهِ، ثُمَ ضَمَّهُ إِلَى إِبْطِهِ ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ فَجَعَلَ يَدَهُ فِي عُنُقِهِ، ثُمَ ضَمَّهُ إِلَى إِبْطِهِ الآخَر، ثُمَّ قَبَّلَ هَذَا وَقَبَّلَ هَذَا، ثُمَّ قَالَ ﷺ (إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ) أي: مظنة البخل والجبن لأجله يبخل الإنسان ويجبن. وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ). أيها الأحبة: هذه المجموعة من الآثار تدل على حب النبي ﷺ الكبير لهما -رضي الله عنهما-، وحثه على حبهما، بل والدعاء لمن يحبهما بأن يحبه الله U، وفيه حث المسلمين على زيادة محبتهما، وفي ذلك أعظم منقبة، وفضيلة لهما رضي الله عنهما. أيها الإخوة ... لم يكن رسول الله ﷺ يصبر عن الحسن والحسين إذا افتقدهما في المسجد، ومواقع جلوسه مع أصحابه؛ لذلك نجده يذهب أحياناً إلى منزل علي t حتى يراهما؛ جاء ﷺ مرة إلى بيت علي t وهو نائم فقال لابنته فاطمة رضي الله عنها (إِنِّي وَإِيَّاكِ وَهَذَيْنِ وَهَذَا الرَّاقِدَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). ومن حرصه ﷺ عليهما أنه كان يردفهما معه على بَغْلَتِهُ الشَّهْبَاءِ، هَذَا قُدَّامَهُ وَهَذَا خَلْفَهُ). ومن جميل المواقف التربوية التي كان الرسول ﷺ يفعلها أَنَّهُ كان يُتَلَقْى بالصبيان من أهل بيته إذا قدم من سفر، فإذا تلقوه بهم أركبهم، وأردفهم معه، ولاطفهم، وكان ممن يحظى بذلك الحسن والحسين رضي الله عنهما وأرضاهما بارك الله لنا بالكتاب والسنة ونفعنا بهما، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ..     الحمد لله رب العالمين ... معاشر المؤمنين ... هذه الصور الجميلة من حب رسول الله ﷺ لسبطيه الحسن والحسين رضي الله عنهما، ألقت في نفوس أصحابه رضي الله عنهم حبهم وتقديرهم، بل والتعبد لله بذلك، وعلى رأسهم أفضل الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق t. فكان أبو بكر t من أعظم المسلمين رعاية لحق قرابة رسول الله ﷺ وأهل بيته؛ فإن كمال محبته للنبي ﷺ أوجب سِرَايَة الحبِ لأهل بيته، إذ كانت رعايةُ لأهلِ بيته مما أمر الله ورسوله به، وكان الصديق -رضي الله عنه- يقول: ارْقُبُوا مُحَمَّدًا ﷺ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ. أي: أحفظوه فيهم، فلا تؤذوهم، ولا تسيئوا إليهم. وقال t: وَاللَّهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي. صَلَّى أَبُو بَكْرٍ t الْعَصْرَ، ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِي فَرَأَى الْحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ؛ فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، وَقَالَ: بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ، لَا شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ، وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ رضي الله عنهم أجمعين. أما عمر t فإنه يرى فضلهما، وفضل أبيهما رسول الله ﷺ، جاء الحسين t وصعد المنبر إلى عمر، فقال: انزل عن منبر أبي! واذهب إلى منبر أبيك! فقال عمر: إن أبي لم يكن له منبر، منبر أبيك والله منبر أبيك والله، فأقعده معه، فلما نزل، قال عمر: أي بني من علمك هذا؟ قال: ما علمنيه أحد. قال عمر: أي بني! وهل أنبت على رؤوسنا الشعر إلا الله ثم أنتم! أي: إن الرفعة ما نلناها إلا به- ووضع يده على رأسه، وقال: أي بني! لو جعلت تأتينا وتغشانا. وقد كان عمر t يكرمهما إكراما عظيما؛ فقد جعل للحسن والحسين مثل عطاء علي، لقرابتهما من رسول الله ﷺ لكل واحد خمسة آلاف. وأن عمر كسا أبناء الصحابة، ولم يكن في ذلك ما يصلح للحسن والحسين، فبعث إلى اليمن، فأتي بكسوة لهما، فقال: الآن طابت نفسي. الحديث عن ريحانة المصطفى لم ينته ... فله بقية إن شاء الله. وصلى الله على نبينا محمد ...

المرفقات

1630050768_سيرة الحسين (2).docx

1630050776_سيرة الحسين (2).pdf

المشاهدات 877 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا