سوءُ الظنِّ, قُبحُه وعلاجُه (2) , والحديث عن المخدرات
أحمد بن ناصر الطيار
1435/06/26 - 2014/04/26 14:31PM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليما كثيراً.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله, واعلموا أنّه قد سبق الحديث عن خطر سوء الظنِّ, وبقي الحديثُ عن طُرق علاجه, وأسباب الخلاص منه.
أمةَ الإسلام: الظنُّ هو من أعظم أسباب التقاطُعِ والتدابُر, والقتلِ وإراقةِ الدماء.
فما من شرٍّ إلا والظنُّ السيِّئُ أحدُ أسبابه, وما من جريمةٍ إلا وهو أحدُ دوافعه.
بل إنَّ الظنَّ السَّيِّئ يجعلُ الحسن قبيحاً, والحقَّ باطلاً, فإذا أساء أحدٌ الظنَّ بأحد, فابْتسامتُه له يعتبرها شتيمةً واسْتهزاءً, ومدحُه له يراهُ خوفًا أو رياءً, فكلُّ حقٍّ جاء من قِبَلِه يراه باطلاً وضلالاً.
وصدق القائل:
وعَيْنُ السُّخط تُبْصِرُ كلَّ عيبٍ ... وعَيْنُ أخي الرضا عن ذاك تعمى
واعلم يا مَن تغلغل سوءُ الظنِّ في قلبك: أنَّ أسرارَ القلوب لا يعلمها إلا علَّامُ الغيوب، فليس لك أن تعتقد في غيرك سوءًا, إلا إذا انكشف لك بعيانٍ لا يحتمل تأويلا، فعند ذلك لا تعتقدْ إلا ما علمتَه وشاهدتَه، فما لم تشاهده ولم تسمعه ثم وقع في قلبك, فإنما الشيطان يلقيه إليك, فيجبُ عليك تكذيبه فإنه أفسق الفساق.
والظنُّ إنَّما مَنشؤه التَّوهُّمُ والتخيمن, فكيف يبني عاقلٌ حكمًا على وهمٍ واحتمال؟.
وما أكثرَ ما يطرق مسامعنا في مجالسنا وبيوتنا: فلانٌ قصد بكلامه كذا ، وفلانٌ يعني بتصرُّفه كذا، وفلانٌ ما فعل كذا إلا رياءً ونفاقاً.
إنه سوء الظنِّ الْمشين, الذي يُؤجج مشاعر الحقد والعداوة, ويهدم الروابط الاجتماعية, ويزلزل أواصرَ الأخوة, ويزرع الشُّكُوك والوساوسَ بين أفراد المجتمع.
إذا حلَّ سوءُ الظن في النفوس, أدى بها إلى الاتهام المتعجل ، وتتبع العثرات ، وتلقُّطِ الهفوات والزَّلات.
إنَّ سوء الظن إذا شاع وانتشر بيننا, فإنه سَيُؤدي إلى أن نتقاذف التهم ، وتنعدمَ الثقةُ فيما بيننا ؛ فنتباغض ونتقاطع, حينها تذهبُ معناي المحبة والأخوة, وتزول عنا القوةُ واللحمة, ويدُبُّ فينا الضعفُ والأنانية والكراهية.
إنَّ علمَ ما تُكِنُّه النفوسُ وتُخفيه, والمحاسبةَ عليها هي من خصائص الله - سبحانه وتعالى -, الذي يعلم السر وأخفى, أما نحن, فليس لنا من إخواننا إلا ما ظهر من عملهم، وما بان من أقوالهم وأحوالهم, وهذا ما تربَّى وربَّانا عليه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى, فقد روى البخاريُّ في صحيحه عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قال: إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ, وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ, فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ, وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ, اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ, وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ, وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ..
معاشر المسلمين: وقد عُلم من قول الله تعالى {اجْتنبوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ} أنَّ بعضًا من الظن ليس إثما.
فكيف نُفرق بين الظنِّ الجائز والمحرم؟ قال العلماء: الظنُّ المحرم : الظنُّ السيِّئُ بالمسلم المستور الحال، الظاهرِ العدالة, فمَن عُرف عنه الخيرُ والصلاح فمن باب أولى, وأهلُ العلم والدَّعوةِ أعظم حُرمةً من غيرهم.
وأما مَنْ يُجاهر بارتكاب الخبائث والمعاصي, فلا يحرم سوء الظن به؛ لأنَّ مَنْ عرَّضَ نفسَه للتُّهَمِ كان أهلا لسوء الظن به.
معاشر المسلمين, وبعد أنْ تعرَّفنا على خطر الظنِّ السيئِ وقُبحه وإثمِه, بقي علينا أنْ نعرف أسباب تجنُّبه والخلاصِ منه, وهي كما يلي:
أولاً: أنْ ندعو الله دائماً, بأن لا يجعل في قلوبنا غلاًّ للذين أمنوا, فسوء الظنِّ هو أعظمُ أسباب الغل والحقد على الناس.
ثانياً: أنْ يُصارح مَن وجد في نفسه على أحد, أو اعتقد فيه أمرًا يُضايقه, فالْمُصارحةُ تُزيل آثار الحقد والغل, والظَّنِّ والوهم, فكم مِنْ إنسانٍ ظنَّ بأحدٍ ظنًّا سيِّئاً, فلمَّا صارحه بذلك, تبيَّن لهُ أنه واهمٌ في ظنِّه, فارْتاح فؤاده, ونجى من الإثم جرَّار ظنِّه.
ثالثاً: أنْ يُحسن الظنَّ بالناس, ولا يُشغلَ نفسه بمقاصدهم ونيَّاتهم, ولْيُفكر طويلاً قبل أن يَحكم أو يَتَّهم ، ولئن تُخطأ بحسن الظن, أهونُ من أن نُخطئَ بالتسرع بسوء الظن.
رابعًا: أنْ يلْتمس المعاذير للناس, ويتركَ تتبعِ العورات والتماسِ الزلات.
خامسًا: أنْ تدعو لمن ساء ظنُّك به, وأنْ تُحسن مُعاملتك معه, قال العلامةُ الغزاليُّ رحمه الله: وإذا خطر لك خاطر بسوءٍ على مسلم, فينبغي أن تزيد في مراعاتِه وتدعو له بالخير, فإن ذلك يغيظ الشيطان ويدفعه عنك, فلا يلقي إليك الخاطرَ السوءَ خوفًا مِن اشتغالك بالدعاء.
فلْنتق الله عباد الله, ولْندعِ الظنونَ التي تُساورُنا وتهجم علينا, ولْنُعامل الناس بحسب ظاهرهم وحالهم, ولْنتجنَّبِ الحكم على نواياهم ومقاصدهم, فعلمُ ذاك عند علاَّمِ الغيوب.
نسأل الله تعالى, أنْ يُوفقنا لِحُسْنِ الظن بالمسلمين, وأنْ يُجنبنا سوء الظن بهم, إنه على كل شيءٍ قدير.
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين, وسلَّم تسليما كثيرا إلى يوم الدين..
أما بعد: معاشر المسلمين: لقد تابعنا في الأيام الماضية, كميَّةَ وحجم الْمُخَدِّراتِ التي تمّ القبضُ عليها, وهل يقوم بصنع هذه الكميَّات الضخمة الكبيرة, أفرادٌ وعصابات, أم دُوَلٌ ومُنظَّمات؟.
لا شك ولا ريب أنَّ من يقف وراءها دُولٌ حاقدة, ومُنظمَّاتٌ مدعومةٌ, يُريدون إفساد عقول وعقيدة شبابنا وأمتنا.
لكم أنْ تتخيَّلوا حجم هذا الخطر الْمُحدق بنا, فقد تمَّ القبض خلال أربعةِ أشهرٍ من هذا العام, على ثمانمائةٍ وخمسين فرداً, مُتَلبِّسين بجرائم تهريبٍ ونقلٍ, واستقبالٍ وترويجِ مخدرات, تُقَدَّرُ قيمتها السوقية, بأكثر من ملياريْ ريال.
إنَّ هذه الكمية الهائلة, لا تُصنع إلا عبر مصانع كبيرة, تُدار مِنْ قِبَلِ حكوماتٍ ومُؤسَّساتٍ, تسعى دوماً لإضعافنا وتدميرنا.
ولقد تنوَّعتْ أساليبُ هؤلاءِ المجرمين في تهريب المخدرات، وابتكروا طرقًا جديدة وحديثة, لإدخال ملايين الأقراص المخدرةِ وأطنان الحشيش، فقد لجؤوا إلى إخفائها داخل لفَّاتٍ من الأسلاك, وداخلَ أمعاء الأغنام، والطماطمِ وورقِ الخس، وحباتِ الفول السوداني، والفلاترِ وأجزاء السيارات، وترامس المياه، حتى إن إسطوانات الغاز لم تسلم من حيلهم, حيث قاموا بفتح إسطوانة الغاز, لإخفاء حبوب المخدرات.
ورُغْمَ تنوِّعِ أساليب التهريب الخفيةِ والعجيبة, إلا أنَّهم فُضحوا ولله الحمد والمنة, وهذا بتوفيق الله تعالى وحفظِه لنا, ثم بيقظةِ رجال الجمارك ومُكافحةِ المخدِّراتِ وفقهم الله, وسدَّدهم وأعانهم.
ولم يقفْ خبثُ أعدائنا على المخدرات فحسب, بل هم يسعون إلى تغييب قيم وعقيدة شبابنا, من خلال القنوات الهابطة, وتسريعِ عجلة التغريب والسفور والاختلاط, حتى ينسلخَ الحياءُ منهم, وتزولَ الغيرةُ من قلوبهم, وتنتشرَ مظاهرُ العريِّ والفجورِ بينهم, فبالمخدِّرات يُفسدون عقولهم, وبالتغريب يُفسدون قيمهم وعقيدتهم وأخلاقهم.
فلْنتق الله في أبنائنا وبناتنا, الذين فُتحت عليهم كافَّةُ أبواب الشر والفساد, وتكالب عليهمْ دُعاةُ الفتنةِ والإلحاد, فالواجب علينا أنْ نحتويَهم ونُتابعهَم, ونُوفِّرَ البيئةَ السليمة لهم, وأنْ نُزيل من بُيوتنا القنواتِ التي تُؤَجِّج شهواتهم, ونستبدلَهَا بقنواتٍ هادفة وصالحة.
نسأل الله تعالى أنْ يحفظ شبابنا من كلِّ مكروه, وأنْ يُجنبهم أسباب الضلال والضياع, إنه جوادٌ كريم.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله, واعلموا أنّه قد سبق الحديث عن خطر سوء الظنِّ, وبقي الحديثُ عن طُرق علاجه, وأسباب الخلاص منه.
أمةَ الإسلام: الظنُّ هو من أعظم أسباب التقاطُعِ والتدابُر, والقتلِ وإراقةِ الدماء.
فما من شرٍّ إلا والظنُّ السيِّئُ أحدُ أسبابه, وما من جريمةٍ إلا وهو أحدُ دوافعه.
بل إنَّ الظنَّ السَّيِّئ يجعلُ الحسن قبيحاً, والحقَّ باطلاً, فإذا أساء أحدٌ الظنَّ بأحد, فابْتسامتُه له يعتبرها شتيمةً واسْتهزاءً, ومدحُه له يراهُ خوفًا أو رياءً, فكلُّ حقٍّ جاء من قِبَلِه يراه باطلاً وضلالاً.
وصدق القائل:
وعَيْنُ السُّخط تُبْصِرُ كلَّ عيبٍ ... وعَيْنُ أخي الرضا عن ذاك تعمى
واعلم يا مَن تغلغل سوءُ الظنِّ في قلبك: أنَّ أسرارَ القلوب لا يعلمها إلا علَّامُ الغيوب، فليس لك أن تعتقد في غيرك سوءًا, إلا إذا انكشف لك بعيانٍ لا يحتمل تأويلا، فعند ذلك لا تعتقدْ إلا ما علمتَه وشاهدتَه، فما لم تشاهده ولم تسمعه ثم وقع في قلبك, فإنما الشيطان يلقيه إليك, فيجبُ عليك تكذيبه فإنه أفسق الفساق.
والظنُّ إنَّما مَنشؤه التَّوهُّمُ والتخيمن, فكيف يبني عاقلٌ حكمًا على وهمٍ واحتمال؟.
وما أكثرَ ما يطرق مسامعنا في مجالسنا وبيوتنا: فلانٌ قصد بكلامه كذا ، وفلانٌ يعني بتصرُّفه كذا، وفلانٌ ما فعل كذا إلا رياءً ونفاقاً.
إنه سوء الظنِّ الْمشين, الذي يُؤجج مشاعر الحقد والعداوة, ويهدم الروابط الاجتماعية, ويزلزل أواصرَ الأخوة, ويزرع الشُّكُوك والوساوسَ بين أفراد المجتمع.
إذا حلَّ سوءُ الظن في النفوس, أدى بها إلى الاتهام المتعجل ، وتتبع العثرات ، وتلقُّطِ الهفوات والزَّلات.
إنَّ سوء الظن إذا شاع وانتشر بيننا, فإنه سَيُؤدي إلى أن نتقاذف التهم ، وتنعدمَ الثقةُ فيما بيننا ؛ فنتباغض ونتقاطع, حينها تذهبُ معناي المحبة والأخوة, وتزول عنا القوةُ واللحمة, ويدُبُّ فينا الضعفُ والأنانية والكراهية.
إنَّ علمَ ما تُكِنُّه النفوسُ وتُخفيه, والمحاسبةَ عليها هي من خصائص الله - سبحانه وتعالى -, الذي يعلم السر وأخفى, أما نحن, فليس لنا من إخواننا إلا ما ظهر من عملهم، وما بان من أقوالهم وأحوالهم, وهذا ما تربَّى وربَّانا عليه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى, فقد روى البخاريُّ في صحيحه عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قال: إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ, وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ, فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ, وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ, اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ, وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ, وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ..
معاشر المسلمين: وقد عُلم من قول الله تعالى {اجْتنبوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ} أنَّ بعضًا من الظن ليس إثما.
فكيف نُفرق بين الظنِّ الجائز والمحرم؟ قال العلماء: الظنُّ المحرم : الظنُّ السيِّئُ بالمسلم المستور الحال، الظاهرِ العدالة, فمَن عُرف عنه الخيرُ والصلاح فمن باب أولى, وأهلُ العلم والدَّعوةِ أعظم حُرمةً من غيرهم.
وأما مَنْ يُجاهر بارتكاب الخبائث والمعاصي, فلا يحرم سوء الظن به؛ لأنَّ مَنْ عرَّضَ نفسَه للتُّهَمِ كان أهلا لسوء الظن به.
معاشر المسلمين, وبعد أنْ تعرَّفنا على خطر الظنِّ السيئِ وقُبحه وإثمِه, بقي علينا أنْ نعرف أسباب تجنُّبه والخلاصِ منه, وهي كما يلي:
أولاً: أنْ ندعو الله دائماً, بأن لا يجعل في قلوبنا غلاًّ للذين أمنوا, فسوء الظنِّ هو أعظمُ أسباب الغل والحقد على الناس.
ثانياً: أنْ يُصارح مَن وجد في نفسه على أحد, أو اعتقد فيه أمرًا يُضايقه, فالْمُصارحةُ تُزيل آثار الحقد والغل, والظَّنِّ والوهم, فكم مِنْ إنسانٍ ظنَّ بأحدٍ ظنًّا سيِّئاً, فلمَّا صارحه بذلك, تبيَّن لهُ أنه واهمٌ في ظنِّه, فارْتاح فؤاده, ونجى من الإثم جرَّار ظنِّه.
ثالثاً: أنْ يُحسن الظنَّ بالناس, ولا يُشغلَ نفسه بمقاصدهم ونيَّاتهم, ولْيُفكر طويلاً قبل أن يَحكم أو يَتَّهم ، ولئن تُخطأ بحسن الظن, أهونُ من أن نُخطئَ بالتسرع بسوء الظن.
رابعًا: أنْ يلْتمس المعاذير للناس, ويتركَ تتبعِ العورات والتماسِ الزلات.
خامسًا: أنْ تدعو لمن ساء ظنُّك به, وأنْ تُحسن مُعاملتك معه, قال العلامةُ الغزاليُّ رحمه الله: وإذا خطر لك خاطر بسوءٍ على مسلم, فينبغي أن تزيد في مراعاتِه وتدعو له بالخير, فإن ذلك يغيظ الشيطان ويدفعه عنك, فلا يلقي إليك الخاطرَ السوءَ خوفًا مِن اشتغالك بالدعاء.
فلْنتق الله عباد الله, ولْندعِ الظنونَ التي تُساورُنا وتهجم علينا, ولْنُعامل الناس بحسب ظاهرهم وحالهم, ولْنتجنَّبِ الحكم على نواياهم ومقاصدهم, فعلمُ ذاك عند علاَّمِ الغيوب.
نسأل الله تعالى, أنْ يُوفقنا لِحُسْنِ الظن بالمسلمين, وأنْ يُجنبنا سوء الظن بهم, إنه على كل شيءٍ قدير.
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين, وسلَّم تسليما كثيرا إلى يوم الدين..
أما بعد: معاشر المسلمين: لقد تابعنا في الأيام الماضية, كميَّةَ وحجم الْمُخَدِّراتِ التي تمّ القبضُ عليها, وهل يقوم بصنع هذه الكميَّات الضخمة الكبيرة, أفرادٌ وعصابات, أم دُوَلٌ ومُنظَّمات؟.
لا شك ولا ريب أنَّ من يقف وراءها دُولٌ حاقدة, ومُنظمَّاتٌ مدعومةٌ, يُريدون إفساد عقول وعقيدة شبابنا وأمتنا.
لكم أنْ تتخيَّلوا حجم هذا الخطر الْمُحدق بنا, فقد تمَّ القبض خلال أربعةِ أشهرٍ من هذا العام, على ثمانمائةٍ وخمسين فرداً, مُتَلبِّسين بجرائم تهريبٍ ونقلٍ, واستقبالٍ وترويجِ مخدرات, تُقَدَّرُ قيمتها السوقية, بأكثر من ملياريْ ريال.
إنَّ هذه الكمية الهائلة, لا تُصنع إلا عبر مصانع كبيرة, تُدار مِنْ قِبَلِ حكوماتٍ ومُؤسَّساتٍ, تسعى دوماً لإضعافنا وتدميرنا.
ولقد تنوَّعتْ أساليبُ هؤلاءِ المجرمين في تهريب المخدرات، وابتكروا طرقًا جديدة وحديثة, لإدخال ملايين الأقراص المخدرةِ وأطنان الحشيش، فقد لجؤوا إلى إخفائها داخل لفَّاتٍ من الأسلاك, وداخلَ أمعاء الأغنام، والطماطمِ وورقِ الخس، وحباتِ الفول السوداني، والفلاترِ وأجزاء السيارات، وترامس المياه، حتى إن إسطوانات الغاز لم تسلم من حيلهم, حيث قاموا بفتح إسطوانة الغاز, لإخفاء حبوب المخدرات.
ورُغْمَ تنوِّعِ أساليب التهريب الخفيةِ والعجيبة, إلا أنَّهم فُضحوا ولله الحمد والمنة, وهذا بتوفيق الله تعالى وحفظِه لنا, ثم بيقظةِ رجال الجمارك ومُكافحةِ المخدِّراتِ وفقهم الله, وسدَّدهم وأعانهم.
ولم يقفْ خبثُ أعدائنا على المخدرات فحسب, بل هم يسعون إلى تغييب قيم وعقيدة شبابنا, من خلال القنوات الهابطة, وتسريعِ عجلة التغريب والسفور والاختلاط, حتى ينسلخَ الحياءُ منهم, وتزولَ الغيرةُ من قلوبهم, وتنتشرَ مظاهرُ العريِّ والفجورِ بينهم, فبالمخدِّرات يُفسدون عقولهم, وبالتغريب يُفسدون قيمهم وعقيدتهم وأخلاقهم.
فلْنتق الله في أبنائنا وبناتنا, الذين فُتحت عليهم كافَّةُ أبواب الشر والفساد, وتكالب عليهمْ دُعاةُ الفتنةِ والإلحاد, فالواجب علينا أنْ نحتويَهم ونُتابعهَم, ونُوفِّرَ البيئةَ السليمة لهم, وأنْ نُزيل من بُيوتنا القنواتِ التي تُؤَجِّج شهواتهم, ونستبدلَهَا بقنواتٍ هادفة وصالحة.
نسأل الله تعالى أنْ يحفظ شبابنا من كلِّ مكروه, وأنْ يُجنبهم أسباب الضلال والضياع, إنه جوادٌ كريم.
المرفقات
444.doc
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق