سلسلة أركان الإيمان، الإيمان بالملائكة (2)

عبد الله بن علي الطريف
1445/07/20 - 2024/02/01 21:54PM

سلسلة أركان الإيمان، الإيمان بالملائكة (2) 1445/7/21هـ

أيها الإخوة: الإيمان بالملائكة عليهم السلام ركن من أركان الإيمان، وأصل من أصوله، لا يتحقق الإيمان إلا به، قال الله تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) [البقرة:285] فأخبر أن الإيمان بالملائكة مع بقية أركان الإيمان مما أنزله على رسوله ﷺ وأوجبه عليه وعلى أمته وأنهم امتثلوا ذلك. وَأخبرَ اللهُ تعالى أَنَّ من كفرَ بهذه الأركان كفرَ بالله فقال: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) [النساء:136] فأطلق الكفر على من أنكر هذه الأركان ووصفه بالبعد في الضلال فدل ذلك أن الإيمان بالملائكة ركن عظيم من أركان الإيمان وأن تركه مخرج من الملة.. وأخبر عن وجوبه النبي ﷺ في سنته.

أيها الإخوة: والإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور: الإيمان بوجودهم، والإيمان باسم من علمنا اسمه منهم، ومن لم نعلم أسماءهم نؤمن بهم إجمالاً، والإيمان بما علمنا من صفاتهم، والإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله تعالى وهي أعمال كثيرة نذكر منها:

فمنهم الموكل بالقطر والنبات وهو ميكائيل عليه السلام وقد ذكره الله في كتابه فقال تعالى: (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ) [البقرة:98] وهو ذو مكانه عالية، ومنزلة رفيعة عند ربه، ولذا خصه الله هنا بالذكر مع جبريل، وعطفهما على الملائكة، مع أنهما من جنسهم لشرفهما، من قبيل عطف الخاص على العام، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ بِقَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ رَبَّ ‌جِبْرِيلَ، ‌وَمِيكَائِيلَ، ‌وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وصححه الألباني.

ومنهم إسرافيل الموكل بالصُّور قال أَعْرَابِيٌّ للنَّبِيِّ ﷺ مَا الصُّورُ؟ قَالَ: «‌قَرْنٌ ‌يُنْفَخُ ‌فِيهِ» رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني ورواه أحمد في المسند وصححه الأرنؤوط ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي. وإسرافيل عليه السلام وهو ثالث الملائكة المفضلين بعد ‌جِبْرِيلَ، ‌وَمِيكَائِيلَ، وهو أحد حملة العرش، قَالَ النَّبِيِّ ﷺ: «كَيْفَ أَنْعَمُ ‌وَقَدِ ‌الْتَقَمَ ‌صَاحِبُ الْقَرْنِ الْقَرْنَ، وَحَنَى جَبْهَتَهُ وَأَصْغَى سَمْعَهُ، يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ» قَالَ الْمُسْلِمُونَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا نَقُولُ؟ قَالَ: «قُولُوا: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا» رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ..

ومنهم الموكل بالجبال وهو ملك الجبال، وقد ورد ذُكِرَه في حديث خروج النبي ﷺ إلى أهل الطائف في بداية البعثة، ودعوته لهم، وعدم استجابتهم له، وفيه يقول ﷺ: «فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ ‌مَلَكَ ‌الْجِبَالِ؛ ‌لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ؛ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ: ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ؟ [..]فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا». رواه البخاري عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها. ومنهم حملة العرش قال تعالى: (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) [الحاقة:17].

ومنهم خزنة الجنة. قال تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) [الزمر:73]. وقال تعالى: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ) [الرعد:23]

ومنهم خزنة النار عياذًا بالله منها، وهم الزبانية ورؤساؤهم تسعة عشر. قال تعالى: (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ* وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) [المدثر:30-31]. وقال تعالى: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ) [الزخرف:77]. وقال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ) [غافر:49].  وَفي حَدِيثِ الرُؤيَا الطَويلِ قَالَ جِبْرِيلُ للنَّبِيِّ ﷺ: «‌الَّذِي ‌يُوقِدُ ‌النَّارَ ‌مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ وَأَنَا جِبْرِيلُ وَهَذَا مِيكَائِيلُ.» رواه البخاري عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ومنهم ملائكة يسيحون في الأرض يتبعون مجالس الذكر، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ ‌تَنَادَوْا: ‌هلمُّوا ‌إِلَى ‌حَاجَتِكُمْ. قَالَ: فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا..» رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قال العلماء: وهؤلاء الملائكة زائدون عن الحفظة.. ومن أعمالهم أنهم يسددون المؤمنين في فعل الخير؛ فعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما فَيَقُولُ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ نَشَدْتُكَ بِاللهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: يَا حَسَّانُ أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللهِ، ‌اللَّهُمَّ ‌أَيِّدْهُ ‌بِرُوحِ ‌الْقُدُسِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ». رواه البخاري.

أيها الإخوة: والملائكة يحبون المؤمنين الصادقين يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «إِذَا ‌أَحَبَّ ‌اللهُ ‌عَبْدًا ‌نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ.» رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ويستغفرون للمؤمنين يقول الحق تبارك وتعالى: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الشورى:5] ويقول: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) [غافر:7] أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن ينادي جبريل بمحبتهم وصلى الله وسلم ...

الخطبة الثانية:                

أيها الإخوة: الأعمال الصالحة كثيرة، ويتميز بعضها بأن يكون سببًا لدعاء الْمَلَائِكَةِ.. منها أَنْ يَبِيتَ العَبْدُ طَاهِرًا، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «طَهِّرُوا هَذِهِ الْأَجْسَادَ طَهَّرَكُمُ اللهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ يَبِيتُ طَاهِرًا إِلَّا بَاتَ مَعَهُ مَلَكٌ فِي شِعَارِهِ لَا يَنْقَلِبُ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَالَ: ‌اللهُمَّ ‌اغْفِرْ ‌لِعَبْدِكَ ‌فَإِنَّهُ ‌بَاتَ طَاهِرًا» والشعار: أي الثوب الذي يلي الجسد قال المنذري رواه الطبراني في الأوسط عَنِ ابْنِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما بسند جيد وقال الألباني حسن لغيره. ويدعو ملك لكل مسلم يدعو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: ‌وَلَكَ ‌بِمِثْلٍ» رواه مسلم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ومن الأعمال صالحة ما يكون فعلها سببًا في صلاة الملائكة على من عملها، أي يدعو له عدد كبير من الملائكة، من زار مريضًا، قَالَ: رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَتَى أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، عَائِدًا، مَشَى فِي خَرَافَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسَ، فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ، فَإِنْ كَانَ غُدْوَةً، صَلَّى عَلَيْهِ ‌سَبْعُونَ ‌أَلْفَ ‌مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ كَانَ مَسَاءً، صَلَّى عَلَيْهِ ‌سَبْعُونَ ‌أَلْفَ ‌مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ». وخرفة الجنة جناها، رواه ابن ماجة وصححه الألباني عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وكذلك تصلى الملائكة على معلّم الناس الخير: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ ‌لَيُصَلُّونَ ‌عَلَى ‌مُعَلِّمِ ‌النَّاسِ ‌الْخَيْرَ». رواه الترمذي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وصححه الألباني. وتصلي الملائكة على الذين ينتظرون صلاة الجماعة قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «‌إِنَّ ‌الْمَلَائِكَةَ ‌تُصَلِّي ‌عَلَى ‌أَحَدِكُمْ ‌مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ. وَأَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ». رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. فهنيئًا لكم ما أدركتم من دعوات الملائكة لكم بانتظاركم الصلاة. وكذلك تصلى الملائكة على الذين يصلون في الصف الأول: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ ‌يُصَلُّونَ ‌عَلَى ‌الصُّفُوفِ ‌الْأُوَلِ» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وقال الأرنؤوط صحيح الإسناد وصححه الألباني. وفي رواية ‌ «عَلَى ‌الصُّفُوفِ الْمُتَقَدِّمَةِ» رواه النسائي عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وصححه الألباني وفي رواية «‌عَلَى ‌الصَّفِّ الْأَوَّلِ» رواه ابن ماجة عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وصححه الألباني

 وكذلك الملائكة ‌يُصَلُّونَ على الذين يسدّون الفرج بين الصفوف قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلِّونَ عَلَى الَّذِينَ ‌يَصِلُونَ ‌الصُّفُوفَ، وَمَنْ سَدَّ فُرْجَةً رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرْجَةً» رواه ابن ماجة عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وصححه الألباني.

وكذلك تصلي الملائكة على الذين يتسحرون قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «السُّحُورُ أَكْلَةٌ بَرَكَةٌ، فَلَا تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ» رواه أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وصححه الأرنؤوط.

وكذلك تصلي الملائكة على الذين يصلون على النَّبِيِّ ﷺ ما داموا يصلون عليه: قَالَ النَّبِيَّ ﷺ: «‌مَا ‌مِنْ ‌عَبْدٍ ‌يُصَلِّي ‌عَلَيَّ ‌إِلَّا ‌صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ مَا دَامَ يُصَلِّي عَلَيَّ، فَلْيُقِلَّ الْعَبْدُ أَوْ لِيُكْثِرْ» روى أحمد في مسنده، والضياء في المختارة وحسنه الألباني عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.. وقد ثبت أيضًا أنهم يبلغون النبي ﷺ من أمته السلام، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مَلَائِكَةً ‌سَيَّاحِينَ ‌فِي ‌الْأَرْضِ، ‌يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ» رواه أحمد والنسائي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وصححه الألباني.

أيها الإخوة: هل بعد هذه الرعاية الملائكية بهذه المنح الربانية يسيغ لمسلم التفريط في هذه العطاءات العظيمة، أسأل الله تعالى أن يوفقنا لاستثمار أوقتنا بمثل هذه الأعمال وأن يجعلنا من الراشدين.. وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة كما أمركم ربكم فقال: إن الله وملائكته يصلون على النبي...

أيها الإخوة: الإيمان بالملائكة عليهم السلام ركن من أركان الإيمان وأصل من أصوله، لا يتحقق الإيمان إلا به، قال الله تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) [البقرة:285] فأخبر أن الإيمان بالملائكة مع بقية أركان الإيمان مما أنزله على رسوله ﷺ وأوجبه عليه وعلى أمته وأنهم امتثلوا ذلك. وَأخبرَ اللهُ تعالى أَنَّ من كفرَ بهذه الأركان كفرَ بالله فقال: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) [النساء:136] فأطلق الكفر على من أنكر هذه الأركان ووصفه بالبعد في الضلال فدل ذلك أن الإيمان بالملائكة ركن عظيم من أركان الإيمان وأن تركه مخرج من الملة.. وأخبر عنه النبي ﷺ في سنته.

أيها الإخوة: والإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور: الإيمان بوجودهم، والإيمان باسم من علمنا اسمه منهم، ومن لم نعلم أسماءهم نؤمن بهم إجمالاً، والإيمان بما علمنا من صفاتهم، والإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله تعالى وهي أعمال كثيرة نذكر منها:

منهم الموكل بالقطر والنبات وهو ميكائيل عليه السلام وقد ورد ذكره الله في كتابه فقال تعالى: (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ) [البقرة:98] وهو ذو مكانه عالية، ومنزلة رفيعة عند ربه، ولذا خصه الله هنا بالذكر مع جبريل، وعطفهما على الملائكة، مع أنهما من جنسهم لشرفهما من قبيل عطف الخاص على العام، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ بِقَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ رَبَّ ‌جِبْرِيلَ، ‌وَمِيكَائِيلَ، ‌وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وصححه الألباني.

ومنهم إسرافيل الموكل بالصُّور قال أَعْرَابِيٌّ للنَّبِيِّ ﷺ مَا الصُّورُ؟ قَالَ: «‌قَرْنٌ ‌يُنْفَخُ ‌فِيهِ» رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني ورواه أحمد في المسند وصححه الأرنؤوط ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي. وإسرافيل عليه السلام وهو ثالث الملائكة المفضلين المتقدم ذكرهم، وهو أحد حملة العرش، وَقَالَ النَّبِيِّ ﷺ: «كَيْفَ أَنْعَمُ ‌وَقَدِ ‌الْتَقَمَ ‌صَاحِبُ الْقَرْنِ الْقَرْنَ، وَحَنَى جَبْهَتَهُ وَأَصْغَى سَمْعَهُ، يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ» قَالَ الْمُسْلِمُونَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا نَقُولُ؟ قَالَ: «قُولُوا: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا» رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ..

ومنهم الموكل بالجبال وهو ملك الجبال، وقد ورد ذُكِرَه في حديث خروج النبي ﷺ إلى أهل الطائف في بداية البعثة ودعوته لهم وعدم استجابتهم له، وفيه يقول ﷺ: «فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ ‌مَلَكَ ‌الْجِبَالِ ‌لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ: ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا». رواه البخاري عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها. ومنهم حملة العرش قال تعالى: (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) [الحاقة:17].

ومنهم خزنة الجنة. قال تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) [الزمر:73]. وقال تعالى: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ) [الرعد:23]

ومنهم خزنة النار عياذًا بالله منها وهم الزبانية ورؤساؤهم تسعة عشر. قال تعالى: (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ* وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) [المدثر:30-31]. وقال تعالى: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ) [الزخرف:77]. وقال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ) [غافر:49].  وَفي حَدِيثِ الرُؤيَا الطَويلِ قَالَ جِبْرِيلُ للنَّبِيِّ ﷺ: «‌الَّذِي ‌يُوقِدُ ‌النَّارَ ‌مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ وَأَنَا جِبْرِيلُ وَهَذَا مِيكَائِيلُ.» رواه البخاري عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ومنهم ملائكة يسيحون في الأرض يتبعون مجالس الذكر، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ ‌تَنَادَوْا: ‌هلمُّوا ‌إِلَى ‌حَاجَتِكُمْ. قَالَ: فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا..» رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قال العلماء: وهؤلاء الملائكة زائدون عن الحفظة..

أيها الإخوة: والملائكة يحبون المؤمنين الصادقين يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «إِذَا ‌أَحَبَّ ‌اللهُ ‌عَبْدًا ‌نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ.» رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ويستغفرون للمؤمنين يقول الحق تبارك وتعالى: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الشورى:5] ويقول: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ [غافر:7] ومن أعمالهم أنهم يسددون المؤمنين في فعل الخير؛ فعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما فَيَقُولُ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ نَشَدْتُكَ بِاللهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: يَا حَسَّانُ أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللهِ، ‌اللَّهُمَّ ‌أَيِّدْهُ ‌بِرُوحِ ‌الْقُدُسِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ». رواه البخاري. أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن ينادي جبريل بمحبتهم وصلى الله وسلم ...  

الخطبة الثانية:                

أيها الإخوة: ومن الأعمال التي تكون سببًا لدعاء الْمَلَائِكَةِ أو تأمينهم على دعاء المؤمنين، أَنْ يَبِيتَ العَبْدُ طَاهِرًا، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «طَهِّرُوا هَذِهِ الْأَجْسَادَ طَهَّرَكُمُ اللهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ يَبِيتُ طَاهِرًا إِلَّا بَاتَ مَعَهُ مَلَكٌ فِي شِعَارِهِ لَا يَنْقَلِبُ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَالَ: ‌اللهُمَّ ‌اغْفِرْ ‌لِعَبْدِكَ ‌فَإِنَّهُ ‌بَاتَ طَاهِرًا» والشعار:  قال المنذري رواه الطبراني في الأوسط عَنِ ابْنِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما بسند جيد وقال الألباني حسن لغيره.

وكذلك يدعو الملك للمسلم عندما يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: ‌وَلَكَ ‌بِمِثْلٍ» رواه مسلم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ومن الأعمال صالحة التي إذا فعلها العبد صلى عليه أي دعا له عدد كبير من الملائكة، من زار مريضًا، قَالَ: رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَتَى أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، عَائِدًا، مَشَى فِي خَرَافَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسَ، فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ، فَإِنْ كَانَ غُدْوَةً، صَلَّى عَلَيْهِ ‌سَبْعُونَ ‌أَلْفَ ‌مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ كَانَ مَسَاءً، صَلَّى عَلَيْهِ ‌سَبْعُونَ ‌أَلْفَ ‌مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ». رواه ابن ماجة وصححه الألباني عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وكذلك تصلى الملائكة على معلّم الناس الخير: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ ‌لَيُصَلُّونَ ‌عَلَى ‌مُعَلِّمِ ‌النَّاسِ ‌الْخَيْرَ». رواه الترمذي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وصححه الألباني.

وتصلي الملائكة على الذين ينتظرون صلاة الجماعة قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «‌إِنَّ ‌الْمَلَائِكَةَ ‌تُصَلِّي ‌عَلَى ‌أَحَدِكُمْ ‌مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ. وَأَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ». رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. فهنيئًا لكم ما أدركتم من دعوات الملائكة لكم بانتظاركم الصلاة. وكذلك تصلى الملائكة على الذين يصلون في الصف الأول: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ ‌يُصَلُّونَ ‌عَلَى ‌الصُّفُوفِ ‌الْأُوَلِ» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وقال الأرنؤوط صحيح الإسناد وصححه الألباني. وفي رواية ‌ «عَلَى ‌الصُّفُوفِ الْمُتَقَدِّمَةِ» رواه النسائي عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وصححه الألباني وفي رواية «‌عَلَى ‌الصَّفِّ الْأَوَّلِ» رواه ابن ماجة عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وصححه الألباني

 وكذلك الملائكة ‌يُصَلُّونَ على الذين يسدّون الفرج بين الصفوف قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلِّونَ عَلَى الَّذِينَ ‌يَصِلُونَ ‌الصُّفُوفَ، وَمَنْ سَدَّ فُرْجَةً رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرْجَةً» رواه ابن ماجة عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وصححه الألباني.

وكذلك تصلي الملائكة على الذين يتسحرون قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «السُّحُورُ أَكْلَةٌ بَرَكَةٌ، فَلَا تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ» رواه أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وصححه الأرنؤوط.

وكذلك تصلي الملائكة على الذين يصلون على النَّبِيِّ ﷺ ما داموا يصلون عليه: قَالَ النَّبِيَّ ﷺ: «‌مَا ‌مِنْ ‌عَبْدٍ ‌يُصَلِّي ‌عَلَيَّ ‌إِلَّا ‌صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ مَا دَامَ يُصَلِّي عَلَيَّ، فَلْيُقِلَّ الْعَبْدُ أَوْ لِيُكْثِرْ» روى أحمد في مسنده، والضياء في المختارة وحسنه الألباني عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.. وقد ثبت أيضًا أنهم يبلغون النبي ﷺ من أمته السلام، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مَلَائِكَةً ‌سَيَّاحِينَ ‌فِي ‌الْأَرْضِ، ‌يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ» رواه أحمد والنسائي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وصححه الألباني.

أيها الإخوة: هل بعد هذه الرعاية الملائكية بهذه المنح الربانية يسيغ لمسلم التفريط في هذه العطاءات العظيمة، أسأل الله تعالى أن يوفقنا لاستثمار أوقتنا بمثل هذه الأعمال وأن يجعلنا من الراشدين.. وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة كما أمركم ربكم فقال:

المشاهدات 3850 | التعليقات 0