سقط العقيد ... للعشماوي

عبدالله البصري
1432/11/25 - 2011/10/23 06:54AM
سَقَطَ المُكابرُ وانتهى الطُّغيانُ - - وَتَخَلَّصَت مِن جَورِهِ الأَوطانُ
سَقَطَ العَقِيدُ فلا تَسَلْ عَن وَجهِهِ - - وَعَليهِ مِن دَمِهِ الرَّخِيصِ بَيَانُ
رَأَتِ العُيُونُ مَلامِحَ الوَحشِ الَّذِي - - فَقَدَ الضَّمِيرَ وَأَصغَتِ الآذَانُ
لَقِيَ النَّهَايَةَ في دُجَى سِردَابِهِ - - وَالقَتلُ في حُفَرِ الضَّلالِ هَوَانُ
أَتُرَاهُ أَدرَكَ قَبلَ فَقدِ حَيَاتِهِ - - كَيفَ ازدَهَت بِجِهَادِهَا الفُرسَانُ ؟
أَتُرَاهُ أَدرَكَ أَنَّ مَن قَذَفُوا بِهِ - - في قَبرِ خَيبَتِهِ هُمُ (الجُرذَانُ )
سَقَطَ العَقِيدُ فَلا كِتَابٌ أَخضَرٌ - - يُجدِي وَلا جُندٌ وَلا أَعوَانُ
ظَنَّ الكَتَائِبَ سَوفَ تَحرُسُ عَرشَهُ - - أَنَّى لها وَالقَائِدُ الشَّيطَانُ
عَمِيتْ بَصِيرَتُهُ فَسَاقَ رِكَابَهُ - - نَحوَ الهَلاكِ وَخَرَّتِ الأَركَانُ
سَقَطَ العَقِيدُ نِهَايَةٌ مَحتُومَةٌ - - لِلظُّلمِ مَهمَا طَالَتِ الأَزمَانُ
تَبدُو لَنَا عُقبى الطُّغَاةِ عَلامَةً - - لِلحَقِّ يَقوَى عِندَهَا الإِيمَانُ
أَوَلم يُنَجِّ اللهُ فِرعَونَ الَّذِي - - قَتَلَ العِبَادَ لِتَظهَرَ الأَبدَانُ ؟
وَلِيَفرَحَ المُستَضعَفُونَ بِنَصرِهِ - - وَلِيَزدَهِي بِسُرُورِهِ الوُجدَانُ
هِيَ آيَةٌ تَبقَى لِمَن في قَلبِهِ - - شَكٌ فَيَملأُ قَلبَهُ اطمِئنَانُ
فَرِحَ الرَّسُولُ بِمَقتَلِ الطَّاغِينَ في - - بَدرٍ وَعَبَّرَ عَن رِضَاهُ لِسَانُ
سَقَطَ العَقِيدُ وَكَانَ في طُغيَانِهِ - - رَمزًا تَسِيرُ بِظُلمِهِ الرُّكبَانُ
في لِيبِيَا مِن جَوْرِهِ وَضَلالِهِ - - مَا يَستَقِرُّ بِمِثلِهِ البُرهَانُ
كَم أُسرَةٍ شَرِبتْ أَسَاهَا عَلقَمًا - - مِن كَفِّهِ وَأَصَابَهَا الخُذْلانُ
كَم قِصَّةٍ دَمَوِيَّةٍ نُقِشَتْ عَلَى - - كَفَّيهِ تَعرِفُ سِرَّهَا الجُدرَانُ
كَم مِن سَجِينٍ غَيَّبَتْهُ سُجُونُهُ - - أَلْقَاهُ تَحتَ حِذَائِهِ السَّجَّانُ
كَم عَالِمٍ نَسِيَ الدَّفَاتِرَ كُلَّهَا - - وَعُلُومَهُ وَأَصَابَهُ الغَثَيَانُ
أَلْقَى بِهِ الطُّغيَانُ في زِنزَانَةٍ - - حَتىَّ بَكَت مِن بُؤسِهِ الحِيطَانُ
كَم ذَاتِ عِرضٍ طَاشَ عَقلُ عَفَافِهَا - - أَلَمًا وَحَطَّمَ قَلبَهَا استِهجَانُ
كَم أُسرَةٍ لِيبِيَّةٍ بَاتَتْ عَلَى - - لَهَبِ الأَنِينَ تُذِيبُهَا الأَحزَانُ
لَعِبَتْ بها أَيدِي الكَتَائِبِ لُعبَةً - - فَتَنَاعَبَتْ مِن حَولِهَا الغِربَانُ
كَم ثُمَّ كم إِحصَاءُ مَا اقتَرَفَتْ يَدَا - - هَذَا المُكَابِرِ مَا لَهُ إِمكَانُ
سَقَطَ العَقِيدُ فَكَانَ أَكبرَ سَاقِطٍ - - - جُرْمًا بِهِ في العَالمِينَ يُدَانُ
قَد كَانَ في البُرْجِ المُشَيَّدِ فَانتَهَى - - لَمَّا قَضَى بِوَفَاتِهِ الرَّحمَنُ
يَا لِيبِيَا يَا وَاحَةً لَعِبَتْ بها - - يَدُ ظَالِمٍ لَعِبَتْ بِهِ الأَضغَانُ
أَرسَلتُ تَهْنِئَتي إِلَيكِ قَصِيدَةً - - لِلحُبِّ فِيهَا صَيِّبٌ هَتَّانُ
هَنَّأتُ فِيكِ الشَّعبَ نَالَ خَلاصَهُ - - وَشَدَا بِلَحنِ خَلاصِهِ المَيدَانُ
هَنَّأتُ فِيكِ الأَرضَ أَخْصَبَ رَوضُهَا - - بَعدَ الجَفَافِ وَأَورَقَ البُستَانُ
يَا لِيبِيَا سَقَطَ المُكَابِرُ وَانتَهَى - - فَلْيَطْوِهِ عَن ذِهنِكَ النِّسيَانُ
قُومِي عَلَى قَدَمِ الشُّمُوخِ أَبِيَّةً - - حَتىَّ يُعَزَّ بِأَهلِهِ البُنيَانُ
يَا لِيبِيَا أَخلاقُنَا في نَصرِنَا - - لُغَةً يَصُوغُ حُرُوفَهَا الإِيمَانُ
لِلنَّصرِ في الإِسلامِ مَعنىً شَامِخٌ - - يَحلُو بِهِ لِلمُسلِمِ الإِحسَانُ
سَقَطَ العَقِيدُ بِظُلمِهِ وَضَلالِهِ - - فَتَأمَّلِي مَا يَحمِلُ العُنوَانُ
تَسمُو بِلادُ المُسلِمِينَ وَتَرتَقِي - - لَمَّا يُعَانِقُ رَوحَهَا القُرآنُ


د / عبدالرحمن العشماوي
المشاهدات 1709 | التعليقات 0