سِتُ وَقَفَاتٍ اعْتِبَارِيَّةٍ بَعْدَ الحَجِّ لِعَامِ 1440 هـ
محمد بن مبارك الشرافي
سِتُ وَقَفَاتٍ اعْتِبَارِيَّةٍ بَعْدَ الحَجِّ لِعَامِ 1440 هـ
الْحَمْدُ للهِ الَّذِيْ وَفَّقَ عِبَادَهُ الطَّائِعِينَ لِأَدَاءِ فَرِيضَةِ الْحَجِّ، وَدَعَاهُمْ فَلَبُّوا نِدَاءَهُ وَأَتَوْهُ مِنْ كُلِّ فَجّ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَخَلِيلُهُ، بَيَّنَ لَنَا الْمَنَاسِكَ وَالْأَحْكَام، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّاهِرِينَ وَصَحَابَتِهِ الْغُرِّ الْمَيَامِين وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ عَلَى الدَّوَامِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّها الْمُسْلِمُونَ واعْلَمُوا أَنَّكُم على دِينٍ عَظِيمٍ امْتَنّ اللهُ بهِ عَلَيكُمْ وَهَدَاكُمْ لَهُ وَقَدْ أَضَلَّ عنه كثيرًا من الناسِ، ومَا مَاتَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ إِلَا وَقَدْ أَكْمَلَ اللهُ به النعمةَ، وأتمَّ به المِنَّةَ، وعَلَّمَ بِهِ مِنَ الجَهْلِ، وَبَصَّرَ بِهِ مِنَ العَمَى، وأَضَاءَ بِهِ الظُّلْمَةَ، وأَزَالَ بِهِ الغُمَّةَ، قال اللهُ تعالى (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: انْتَهَى مَوْسِمُ الحجِّ وَانْقَضَتْ خَيْرُ أَيَّامِ الْعَامِ، وهذه وقفاتٌ مع تِلْكُمُ الأيامِ، فَهَلْ مِنْ معتبرٍ أو هناك مِنْ مُدَّكِرٍ؟
الْوَقْفَةُ الأُولَى: تأمَّلُوا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ فِي مُرُورِ الْأَيَّامِ وَفِي تَعَاقُبِ الدُّهُورِ والأَعْوامِ فَمَا أَنْ تَبْدَأَ سَنَةٌ حَتَّى تَنْتَهِي، وَمَا يَهِلُ هِلَالُ شَهْرٍ حَتَّى يَنْقَضِي، وَمَا أَنْ تَطْلُعَ شَمْسُ يَوْمٍ حَتَّى تَغيبَ، ومَا يُولدُ مِنْ مَوْلُودٍ حَتَّى يَكْبُرَ ويَشِيب! وَفِي هَذِهِ عِبْرَةٌ لَنَا بِانْقِضَاءِ آجَالِنا وانْتِهَاءِ أَعْمَارِنَا ! فَاسْتعَدَّ يَا مُسْلِمُ لِلَقاءِ مَوْلَاكَ، وَمُوَاجَهَةِ مَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ، وَاسْتَعِدَّ لِمُفَارِقَةِ الْأَصْدِقَاءِ وَالْأَصْحَابِ، وَالْبُعْدِ عَنِ الْأَهْلِ وَالْأَحْبَابِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)
الوقفةُ الثانيةُ: مَعَ الطَّاعَاتِ، فإنَّ لها مَوَاسِمَ وَلَهَا أَوْقَاتٍ تَشْرُفُ فِيهَا ويَعْظُمُ أجرُها، وقد مَرَّتِ الْعَشْرُ ثُمَّ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، فَمَنْ كَانَ اسْتَغَلَّهَا غَنِمَ وفَرِح, ومَنْ أَهْمَلَهَا وَسَوَّفَ فَاتَتْهُ وَلَمْ يَرْبَحْ، وَرُبَّمَا تَمَنَّى رُجُوعَهَا لِيَسْتَغِلَّها ولكنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ! فمن يدري؟ فَرُبَّمَا لا تعودُ إِلَّا وَقَدْ وُسِّدَّ الترابَ، أَوْ أصابَهُ مَرَضٌ، أَوْ ابْتُلِيَ بِأَمْرٍ يَصْرفُهُ عَنِ الْعِبَادَاتِ، ويَشْغَلُه عَنِ الْمُسَارَعَةِ لِلْخَيْرَاتِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِك) رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ هُوَ وَالْأَلْبَانِيُّ.
الْوَقْفَةُ الثَّالِثَةُ: مَعَ العِبَادَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ لَهَا أَثَرًا فِي الْقَلْبِ بِالارْتِيَاحِ، وَأَثَرًا فِي النَّفْسِ بِالانْشِرَاحِ، وَنُورًا فِي الصَّدْرِ، وَضِيَاءً فِي الْحَشْرِ! قَالَ اللهُ تَعَالَى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فهذا وَعْدٌ صَادِقٌ مِنْ رَبٍّ كَرِيمٍ ،بأَنَّ الْمُؤْمِنَ الذِي يَعَمْلُ الصَّالِحَاتِ سَوَاءً كَانَ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً أنَّ لَهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَعِيشَةً هَنِيَةً فِي الدُّنْيَا، وأنَّ لَهُ الْجَزَاءَ الْوَافِرَ فِي الدَّارِ الآخِرِةِ، فَأَيْنَ مَنْ يَعْمَل؟ وأَيْنَ مَنْ يُقْبِل؟ فَالْعَمَلُ الصَّالِحُ لَذَّةُ الدُّنْيَا وَأُنْسُهَا، فَهَلَّا عَرَفْنَا الطَّرِيقَ، وهَلَّا أَقَبَلْنا عَلَى الْعَمَلِ وَجَعْلْنَاهُ الرَّفِيقَ؟ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: واللهِ لَوْلَا الليلُ مَا أَحْبَبْتُ الْحَيَاةَ! يَعْنِي بِذَلِكَ: أنَّهُ يَخْلُو بِرَبِّهِ فَيُصَلِّي باِللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ فَيَأْنَسُ باللهِ ويَجِدُ طَعْمَاً لِلْحَيَاةِ! (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
فَيَا مَنْ غَابَتْ عَنْهُ الأَفْرَاح، وفَارَقَهُ الْهَنَاءُ وَخَسِرَ الأَرْبَاح، تَعالَ إِلَى لَذَّةِ الدُّنْيَا وَسَعَادَتِهَا! تَعَالَ إِلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ! تعالِ لِلَذَّةِ الصَّلَاةِ وقُلْ كَمَا قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا بِلَالُ أَقِمْ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ!
الْوَقْفَةُ الرَّابِعَةُ، عَظَمَةُ اللهِ في الحَجِّ: انْظُرُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ فِي هَؤُلَاءِ الحَجِيجِ الذِينَ جَاءُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيق، جَاءُوا مِنْ أَقْطَارِ الدُّنْيَا وَأَطْرَافِ الْأَرْضِ، جَاءُوا مُلَبِّينَ مُكَبِّرِينَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ ! فَوَاللهِ لَوْ دَعَاهم مَلِكٌ أو وَزِيرٌ أَو غَنِيٌّ أَوْ أَمِيرٌ، لَمَا جَاءُوا بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَعْدَادِ وبِمِثْلِ هَذَا الْإِقْبَال، وبِمِثْلِ هَذِهِ التَّضْحِيَة!
إِنَّهم أَتَوْا لهذهِ الدِّيارِ وقدْ بَذَلُوا الغاليَ والنَّفِيس، جاءُوا بِقلوبٍ يَمْلَؤُها الشَّوْق، وَعيونٍ اغْرَوْرَقَتْ بِالدموعِ، جاءَ الواحدُ منهم وَرُبَّمَا قَدْ باعَ أَثَاثَ بيتهِ وتَركَ أولادَه يَفْتَرِشونَ الأَرضَ، أَوْ ربما ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ شُهُورًا ودُهُورًا لِيُوَفِّرَ أُجْرَةَ الْمَجِيءِ إِلى هَهُنا، فَلِمَاذَا كُلُّ هَذَا؟ ومَا الذي حَمَلَهُم على ما يَفْعلونَ، ومَنِ الذِي دَعاَهُم لِمَا يَعْمَلُون؟ الْجَوَابُ: ... إِنَّهُ الله! (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق)
فَيَا مَنْ ابْتَعَدَّتَ عَنِ اللهِ، وَيَا مَنْ هَرَبَ مِنْ مَوَلاه، وَيَا من أَسْرَفَتَ أَنْقِذْ نَفْسَكَ وَأَطِعْ رَبَّكَ وَإِلَّا فَوَ اللهِ لَنْ تَجِدَ لَكَ مَكَانًا مَعَ عِبَادِ اللهِ، فَاللهُ غَنِيٌّ عَنَّا وَلَوْ كَانَ سُبْحَانَهُ فِي حَاجَةٍ – وَحَاشَاهُ - فَعِبَادُهُ كُثِيرٌ، كَثِيرٌ مُقْبِلُونَ عَلَيْهِ! كَثِيرٌ يُطِيعُونَهُ فَيَمْتَثِلُونَ أَمْرَهُ وَيَجْتَنِبُونَ نَهْيَهُ وَهُمْ فَرِحِينَ مَسْرُورِينَ! فَهَيَّا تَعَالَ مَعَهُمْ وَأَقْبِلْ عَلَى رَبَّكَ وَاهْرُبْ مِن الشَّيْطَانِ عَدُوِّي وَعَدُوَّكَ!
الْوَفْقَةُ الْخَامِسَةُ: مَاذَا بَعَدَ هَذَا الْمَوْسِمُ؟ اعْتَادَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى الْجِدِّ فِي مَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ ثُمَّ الدَّعَةِ والْخُمُولِ بَعْدَ ذَلِكَ، بَلْ رُبَّمَا خَلَّطَ وَقَارَفَ بَعْضَ الْمَعَاصِي بِحُجِّةِ أَنَّهُ قَدَّمَ وَقَدَّمَ، وَهَذَا أَمْرٌ لا يَنْبَغِي، ثُمَّ إِنَّ الأَعْمَالَ بِالخَوَاتِيمِ، فَاحْذَرْ أن يختم لك بخاتمة السوء وأنت لا تشعر ! عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ, وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ) مُتَّفَقٌ عَلِيْهِ, وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ (اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.
فَدَاوِمْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ عَلَى الْفَرَائِضِ وَأَعْظَمُهَا الصَّلَاةُ، حَافِظْ عَلَيْهَا فِي أَوْقَاتِهَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَسَاجِدِ، ثُمَّ تَزَوَّدْ مِنْ نَوَافِلِ الصَّلَاةِ مِنْ رَوَاتِبَ وَقِيَامٍّ لِلَيْلٍ وَصَلاةِ الضُّحَى، وَحَافِظْ عَلَى أَوْرَادِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الْأَذْكَارِ وَوِرْدِ الْقُرَآنِ الْيَوْمِيِّ، وَأَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ فِي سُجُودِكَ وَفِي أَوْقَاتِ إِجَابَةِ الدُّعَاء. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرِّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَينَ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ الأَتَمَّانِ الأَكْمَلانِ عَلَى خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ وَإِمَامِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيِّنَا مَحَمِّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَالْوَقْفَةُ السَّادِسَةُ مَعَ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَضَرُورَتِهِ, فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ أَنْ نَهْتَمَّ بِالْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ, فَإِنَّهُ السَّبِيلُ بِإِذْنِ اللهِ لِحِفْظِ دِينِنَا, وَقَدْ ظَهَرَ ذَلِكَ جَلِيًّا في الْحَجِّ نَتَائِجُ الْجَهْلِ بِالدِّينِ, فَإِنَّ أَكْثَرَ الْمُسْلِمِينَ فِي جَهْلٍ مُطْبِقٍ بِأَدْنَى أُمُورِ دِينِهِمْ بِسَبَبِ عَدَمِ الاهْتِمَامِ بِالْعَلْمِ الْمَأْخُوذِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, فَمَا أَكْثَرَ الْأَخْطَاءِ وَالْمُخَالَفَاتِ التِي تَقَعُ مِنْهُمْ فِي أُمُورِ الْحَجِّ خُصُوصًا وَفِي مَسَائِلِ الدِّينِ عُمُومًا, بَلْ وَصَلَ الْأَمرُ إِلَى الْعَقِيدَةِ وَالتَّوْحِيدِ, فَالْبِدَعُ وَالْخُرَافَاتُ وَالشِّرْكِيَّاتُ مُنْتَشِرَةٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللهَ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ.
فَالنَّصِيحَةَ النَّصِيحَةَ لِلشَّبَابِ بَلْ وَالْكِبَارِ [رِجَالًا وَنِسَاءً] بِالاهْتِمَامِ بِطَلَبِ الْعِلْمِ وَحُضُورِ الدُّرُوسِ الْعِلْمِيَّةِ وَالصَّبْرِ وَالاحْتِسَابِ, فَالْأُجُورُ عَظِيمَةٌ وَالنَّتَائِج بِإِذْنِ اللهِ وَإِلَّا فَإِذَا تَرَكْنَا الْعِلْمَ فَالثَّمَرَاتُ مُرَّةٌ وَسَقِيمَةٌ وَالآثَارُ السَّلْبِيَّةُ وَخِيمَةٌ, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.
اَللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِيننا اَلَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانا اَلَّتِي فِيهَا مَعَاشُنا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنا اَلَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنا، وَاجْعَلْ اَلْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلْ اَلْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اَللَّهُمَّ انْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا ، وَعَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَارْزُقْنَا عِلْمًا يَنْفَعُنَا!
اَللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمورِنَا، اللَّهُمَّ انْصُرْ دِينَكَ وَكِتَابَكَ وعبادَكَ الصالحينَ، اللَّهُمَّ إنِّا نعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ، اللَّهُمَّ إنَّا نعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عنَّا الغَلَا والوَبَا وجَنِّبْنَا الرِّبَا والزِّنَا والزَّلَازِلَ والفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَن، اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى عبدِكَ وَرَسولِكَ محمدٍ وعلى آلهِ وصحبِهِ أَجْمَعينَ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.
المرفقات
وَقَفَاتٍ-اعْتِبَارِيَّةٍ-بَعْدَ-ال
وَقَفَاتٍ-اعْتِبَارِيَّةٍ-بَعْدَ-ال
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق