سبعة يظلهم الله في ظله

طلال شنيف الصبحي
1437/06/13 - 2016/03/22 20:17PM
سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره؛ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا؛ ومن سيئات أعمالنا؛من يهده الله فلا مضل له؛ ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.{ يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }.
أما بعد:- عباد الله: جاء في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه، وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ) ها هو رسول الله r يخبر أنه في يوم القيامة يوم العرض على الله عندما تدنوا الشمس من الرؤوس قدر ميل , فلا يقي من حرها شيء , في ذلك الموقف العظيم الذي يجتمع الله فيه الأولين والآخرين لا ظل إلا ظل عرش الرحمن , ولكن هناك مجموعة من الناس اختصهم الله بالاستظلال بظل العرش تفضلا منه وإحسانا:
فأول هؤلاء السبعة: إمام عادل: وهو: من عدل في رعيته , وحكم فيهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وبدأ بالإمام العادل الذي يعدل بين الناس، وأهم عدل في الإمام أن يحكم بين الناس بشريعة الله؛ لأن شريعة الله هي العدل، وأما من حكم بالقوانين الوضعية المخالفة للشريعة؛ فهو من أشد الولاة جورا- والعياذ بالله- وأبعد الناس من أن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله؛ لأنه ليس من العدل أن تحكم بين عباد الله بشريعة غير شريعة الله. ولا منهج غير منهج القرآن والسنة النبوية, ولذلك كان الحاكم بشريعة الله العادل في حكمه من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله .
أما الثاني: فهو ( شاب نشأ في عبادة ربه )، المراد صغير السن الذي نشأ في طاعة الله واستمر على ذلك، محافظا على الصلاة ، حريصا على تطبيق السنة, بارا بوالديه, حسن الخلق, سليم القلب عفيف اللسان, بعيدا عن مواطن الفواحش والشبهات.
والثالث: ( رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ) رجلان تحابا في الله ، يعني ليس بينهما صلة من نسب أو غيره، ولكن تحابا في الله. كل واحد منهم رأى أن صاحبه ذو عبادة وطاعة لله عز وجل، وقيام بما يجب لأهله ولمن له حق عليه ، فرآه على هذه الحال فأحبه.( اجتمعا عليه وتفرقا عليه ). يعني اجتمعا عليه في الدنيا ، وبقيا على ذلك إلى أن ماتا فتفرقا على ذلك، هذان أيضا ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. وكثير من الشباب اليوم لا يهتمون بهذه الخصلة, ألا وهي الحب في الله والبغض في الله, والحرص على مصاحبة أهل الخير, الذين يذكرون بالله ويعينون على طاعة الله. وينبغي أن يعلم بأنه ما من انحراف يقع فيه الشاب غالبا إلا وسببه الأول هو جليس السوء, لقوله عليه الصلاة والسلام: ( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ).

والرابع:( رجل قلبه معلق بالمساجد ) يعني أنه يألف المسجد والمكث فيه, ويواظب على الصلاة فيه, ويحبها, وكلما فرغ من صلاة إذا هو يتطلع إلى الصلاة التي تليها، ويحرص على التبكير في الذهاب إلى الصلاة, ولا تفوته تكبيرة الإحرام. وهذا يدل على قوة صلته بالله عز وجل، لأن الصلاة صلة بين العبد وبين ربه، فإذا أحبها الإنسان وألفها فهذا يعني أنه يحب الصلة التي بينه وبين الله، فيكون ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
والخامس: ( رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ) يعني دعته لنفسها ليفجر بها، ولكنه كان قوي العفة، طاهر العرض ( قال إني أخاف الله ) فهو رجل ذو شهوة، والدعوة التي دعته إليها هذه المرأة توجب أن يفعل؛ لأنها هي التي طلبته، والمكان خال ليس فيه أحد، وهي جميلة, وذات منصب, أي: لا خوف عليه من المخلوقين, ولكنه قال إني أخاف الله، لم يقل: أخشى أن يطلع علينا أحد، ولم يقل إنه لا رغبة له في الجماع، ولكن قال: (إني أخاف الله). لأن الله يراني. ( إني أخاف الله ) لأن الله حرم الزنا. ( إني أخاف الله ), لأن الله أعد للزناة عذابا أليما, فقد رآهم النبي r يعذبون في مثل التنور, أعلاه ضيق, وأسفله واسع, وفي أسفله نار, نعوذ بالله من النار. فهذا الرجل تهيأت له جميع دواعي الزنا, فامتنع خوفا من الله!فأين الذي يبذل الغالي والنفيس من أجل تتبع العورات والوقوع في الفواحش, وقد يسافر إلى الخارج, ويضحي بوقته وماله, ويتعرض للمخاطر من أجل ذلك والعياذ بالله.
نسأل الله أن يجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين, بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم؛
الخطبة الثانية:
والسادس: ( رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ). وهذه علامة على كمال الإخلاص, تصدق بصدقة مخلصا بذلك لله عز وجل، حتى إنه لو كان أحد عن يساره ما علم بذلك من شدة الإخفاء فهذا عنده كمال الإخلاص، فيظله الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وهذا ما لم يكون إظهار الصدقة فيه مصلحة وخير، فإذا كان في إظهار الصدقة مصلحة وخير كان إظهارها أولى، لكن إذا لم يكن فيه مصلحة فالإسرار أولى.
السابع: ( رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ) ذكر الله خاليا مخلصا لله، في مكان لا يراه فيه أحد من الخلق، خاليا قلبه من التعلق بالدنيا، فخشع من ذلك وفاضت عيناه.. فاضت عيناه من خوف الله تعالى، فاضت عيناه من تقصيره، فاضت عيناه تصديقا بوعد الله، فاضت عيناه من ذنوبه ومعاصيه،فاضت عيناه عن عجزه عن شكر النعم، فاضت عيناه من عظمة الخالق،فاضت عيناه لمحبة الله والشوق إليه، وغير ذلك من الدواعي.فهذه سبع خصال، ليست مقتصرة على سبعة أفراد؛بل قد يفوز بها ملايين؛ بل قد يجمع الشخص الواحد أكثر من خصلة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء،فمن لم يتيسر له خصلة تيسرت له أخرى،فأين المشمرون،أين المستعدون، أين الخائفون، أين أولي الحزم والعزم، أين أولي النهى،سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله،جعلني الله وإياكم منهم .
هذا وصلوا رحمكم الله على عبد الله ورسوله
المرفقات

سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.docx

سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.docx

المشاهدات 1815 | التعليقات 0