سئم المسلمون من ذكر الجماعات والأحزاب

محمد البدر
1436/05/01 - 2015/02/20 02:40AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
أما بعد: قال تعالى : {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} سورة النجم (3-4).
وعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِى فَيَقُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ. أَلاَ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ».رواه ابن ماجه وصححه الألباني .
فإن الخير كله في التمسك بأصلين، الأصل الأول: كتاب الله جل وعلا كلام الله المنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم .
والثاني:سنة رسول الله والسنة وهي بمنزلة الكتاب في الحجة؛ لأنه وحي من الله ، فمن تمسك بهما وقي من الضلالة، وفاز وأفلح في الدنيا والآخرة، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث جابر في حجة النبي –صلى الله عليه وسلم: (وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ) رواه مسلم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِىٌّ إِلاَّ أُعْطِىَ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِى أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَىَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ » متفق عليه.
والتمسك بسنة رسول الله سبب من أسباب دخول الجنة، والنجاة من النار؛ فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « كُلُّ أُمَّتِى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ، إِلاَّ مَنْ أَبَى » قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ « مَنْ أَطَاعَنِى دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ أَبَى » رواه البخاري.
وطاعته صلى الله عليه وسلم تعني التمسك بسنته ظاهراً وباطناً، قولاً وعملاً واعتقاداً، فمن فعل ذلك فهو من أهل الجنة -بإذن الله- .
فالخير كله في اتباع هدى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، واقتفاء آثاره في أقواله وأفعاله، والتمسك بسنته فإنها النجاة والعصمة، والحذر الحذر أن تقدم على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلام أحد من الناس كائنا من كان، قال ابن مسعود رضي الله عنه: إِنَّا نَقْتَدِي وَلا نَبْتَدِي ، وَنَتَّبِعُ وَلا نَبْتَدِعُ ، وَإِنَّ أَفْضَلَ مَا تَمَسَّكْنَا بِالأَثَرِ ". وقال الأوزاعي -رحمه الله-: (عَلَيْكَ بآثارِ مَنْ سَلف وإِنْ رَفَضَكَ الناس ، وإِيَّاك وآراءَ الرجال وإِنْ زَخْرَفُوها لكَ بالقَول )
بل إن المتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ينتفع الناس بعلمه وعمله في حياته وبعد موته؛ وصاحب الهوى مقطوع العمل ليس لعمله ولا علمه دوام ولا بركة، وهذا مصداق قوله تعالى:{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} سورة الكوثر(3).{شَانِئَكَ} مبغضك، {الْأَبْتَرُ} المقطوع. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكل من شنأ شيئا مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كان له نصيب من هذه الآية؛ حتى قيل لأبي بكر بن عياش: إن هاهنا في المسجد أقواما يجلسون للناس. فقال: من جلس للناس جلس الناس إليه ولكن أهل السنة يموتون ويبقى ذكرهم؛ وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرهم .مجموع الفتاوى 13 / 172 ـ 173
كما أن اتباع السنة، والتمسك بها منجاة غدا بين يدي الله تعالى ،وسبب لورود حوض النبي صلى الله عليه وسلم، وحصول الشفاعة بعد رحمة الله تعالى وإذنه.

أقول قولي هذا ..

الخطبة الثانية :
أما بعد :لقد حذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من التفرق ، والتعصب لغير الدين فقال – كما في الحديث الذي خرجه الإمام مسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: « مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِى يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلاَ يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلاَ يَفِى لِذِى عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُ ».
ويقول صلى الله عليه وسلم :« افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَوَاحِدَةٌ فِى الْجَنَّةِ وَسَبْعُونَ فِى النَّارِ وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِى النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِى الْجَنَّةِ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِى عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَوَاحِدَةٌ فِى الْجَنَّةِ وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِى النَّارِ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ قَالَ « الْجَمَاعَةُ » رواه ابن ماجه وصححه الألباني .
ويقول ابن مسعود رضي الله عنه مبينا نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحذيره من اتباع هذه الأهواء والفرق والجماعات المحدثة : خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال :«هذا سبيل الله » ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ، وقال :« هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه » ثم قرأ ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾ .
ويقول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا ، لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلاَّ هَالِكٌ ) رواه ابن ماجه وصححه الألباني .
وما زالت هذه الجماعات والأحزاب تتوالى وتخرج على أمة الإسلام في كل زمان ومكان ، ويضربون المسلمين بعضهم ببعض فاحذروا - يا عباد الله - من خطر هذه الأحزاب والجماعات على أهل الإسلام ، فقد سئم المسلمون من ذكرها وشعاراتها الزائفة ووعودها الكاذبة .

الا وصلوا ...
[/align]
المشاهدات 1639 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا