سؤال الأعرابي متى الساعة

HAMZAH HAMZAH
1442/01/23 - 2020/09/11 17:45PM
خطبة : " سؤال الأعرابي متى الساعة "
وكيفية الاستعداد لها ..؟!
جامع الفهد بمحايل عسير- د . حمزة آل فتحي .
الحمدُ لله رب العالمين ، خالقُ الخلق أجمعين ، وجامعِ الناس ليوم لا ريب فيه ، أعز أهلَ طاعته ، وأذل أهل معصيته ،
وجعل الجنةَ للمتقين، والنارَ دار الكافرين ..
نحمدُه ونشكره ، ومن كل ذنب نستغفره ...
أشهد أن لا إلهَ الا الله وحده لا شريك له....
إخوةَ الإيمان :‏
حدَثٌ عظيم يؤرقُ كلَّ مسلم ، ويتهمم به كثيرا ، من جراء الآيات والمواعظ ، وقارعة المعاد والحساب. حتى إن الأعراب كانوا يسألونَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه ، وسأله جبريل كذلك في حديثه المشهور ..!
إنه حدثُ الساعةِ العظيم ، وخَطبُ القيامةِ المَهول، واجتماعُ الناس لليوم الآتي الذي لا ريب فيه ... قال تعالى: { ‏يسألونك عن الساعة أيانَ مرساها فيما أنت من ذكراها } .
وجاء في صحيح البخاري رحمه الله من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم ، جاءه أعرابيٌ ، فقال : متى الساعة ؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث ، فقال بعضُ القوم : سمعَ ما قال فكره ما قال ..! وقال بعضُهم : بل لم يسمع . حتى إذا قضى حديثه ، قال: أين أُراه السائلُ عن الساعة ؟ قال : أنا يا رسولَ الله ، قال : فإذا ضُيّعت الأمانةُ، فانتظرِ الساعة . قال كيف إضاعتُها؟ قال : إذا وُسِّد الأمرُ إلى غير أهله، فانتظرِ الساعة }.
ويسألونك عن خطبٍ وحاجاتِ... وعن ملمةَ من أدهى الملماتِ
قيامةُ الكونِ قوموا فالمقامُ لها.. نهوضُ جدٍ وعزمٍ واستباقاتِ
‏وهنا قضايا يا مسلمون :
الأولى : أن سؤالَ الساعة مؤرقٌ لكثيرين ، وهي أهلٌ لذلك ، ولكننا قد لا نفكر فيها ، ولا في حُسن الاستعداد لها ..! { واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله }. وقال عمر رضي الله تعالى عنه " حاسبو أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا" .
إنّ فقهَ الحياة الدنيا ، وضرورةَ الإيمانِ بالله واليوم الآخر ، يحتّم علينا مراقبةَ الله والمسارعة إلى طاعته، وهزيمةَ الشيطان والهوى، بالأعمال الصالحة ، والاستقامةِ الدائمة { وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربكم } .
الثانية : ‏أهميةُ الأمانةِ والمحافظة عليها ، وهي تعني سائرَ التكاليف الشرعية ، كما قال الله : { وحملَها الإنسانُ إنه كان ظلوما جهولا }. فهي كما قال العلامةُ الطبري رحمه الله :" جميعُ معاني الأمانات في الدين وأمانات الناس " .
ومن ذلك : وضعُ الأكفاء في المناصب والمراتب ، ولا يصحُّ تصديرُ الجهلة، أو تمكينُ السفهاء على أهل الفضل والعلم والصلاح ...!
ثالثًا: ‏أن الحديثَ معجزةٌ نبوية ، فقد وقع ما حذّر منه صلى الله عليه وسلم فقد شهدَ الناس قديما وحديثا ، رفع الجهلة والأشرار ، وخفضَ المهرة والأخيار، وذلك من أشنع صور تضييع الأمانة ..!
‏ ولذا قال : وإضاعتها { إذا وُسد الأمرُ إلى غير أهله } أي أُسند وأضيف إلى من لا يستحق ، وبانت سوأته، وعُرفت أخلاقه، والله المستعان .
رابعاً : ضرورةُ الاتعاظ من علامات الساعة ، والحذر من التمادي في الغفلات والركضُ وراء الشهوات ، وقد تكشفتِ الأمور ،واتضحت الحقائق ! فضياعُ الأمانة نذارةُ شر، ونافذةُ خطر، يجب علينا الانتباه لها ، وإصلاح شؤوننا { وجاهدوا في الله حق جهاده } . { كنتم خيرَ أمةٍ أُخرجت للناس ، تأمرونَ بالمعروف وتنهون عن المنكر } .
خامسا : علمُ الساعة ووقتها غيبٌ استأثر الله بعلمه { إليه يُرد علمُ الساعة }. { إن الله عنده علم الساعة }.
وليس للعباد مصلحةٌ في علمها، والاشتغال به من سفه العقل، لأنه يتنافى مع حكمةِ الخلق والابتلاء ..! والمفيدُ النافع لنا معرفةُ علاماتها وأشراطها ، والاستعدادُ لها جدا وأعمالًا.
قال العلماء : لم يثبتْ في حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام ، أنه حدد وقتَ الساعة بمدة محصورة، وإنما ذكر شيئًا من علاماتها وأشراطها وآماراتها .
وما ورد من تحديد عُمر هذه الأمة ، وعمر الدنيا، فكلها مكذوباتٌ لا تثبت .
فجدّوا عبادَ الله في الطاعات ، واستحضروا خطرَ الساعة، وخطرَ الموتِ الذي يتخطفُ الناس ، فماذا ننتظر بعد ..؟!
اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا ، إنك جواد كريم .
أقولُ قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم....
——-
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد :
أيها الإخوة الكرام :
قولُنا وقولُ الناس وقول العقلاء : متى الساعة ..؟!
يوجبُ علينا التخوفَ والحذر ، وحقيقةُ الحذر هنا : حسنُ العمل، وعدمُ الاغترار بالحياة الدنيا، وفِي حديثٍ آخر في الصحيحين، لما سئل عليه الصلاة والسلام { متى الساعة ؟ قال : ماذا أعددتَ لها }..؟!
فماذا أعدَّ المتهممُ بالساعة والقيامة، والمتخوفُ من هول ذلك المصير، ..؟!موتٌ وحساب ، وشدائد ومشاق، ثم فريق في الجنة وفريق في السعير ..!
وأولى خُطوات الاستعداد:
التفكيرُ فيها وفِي شدائدها ، وعدمُ الاكتراث بالدنيا كثيرا { كنْ في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابرُ سبيل } .
وأيضا: عملٌ صالح يرفعك ، وقرباتٌ تدنيك، وحسنات تصون عليك وقتك .
كذكر الله، وما اسهله على النفوس الرضيات ..{ مثلُ الذي يذكر ربه والذي لا يذكره ، كمثل الحي والميت }.
ومن الاستعداد لها : ترقبُ الموت على كل حال { قل إنّ الموتَ الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم }.
وتذكر أحوالِ الناجين والعصاة الهالكين.
ومن الاستعداد: توبةٌ صادقة قبل الممات، وحسناتٌ مدخرات، وخروج عن مظالم الناس، فيامن اعتدى على أموال ، أو اغتصب عقارًا ، خفِ الله، وحاسب نفسك، وتحلل من ذلك .
واختم الحياةَ بالتقوى والاستغفار ، وقد كان صلى الله عليه وسلم دائمَ الذكر والاستغفار .
ومنها : التباعدُ عن مجالس اللغو واللهو، ومواطن الفتن والغي، فما نُسيت الساعةُ إلا بغفلةٍ جامحة، ولا ضُيعَ الاستعدادُ إلا بسبب الابتذال، فتخير ْمجالسك ، وانتقِ خلانك، فالمرء على دين خليله .
وإن أعظمَ مؤثر الآن بعد وسائل الإعلام، هو الصديقُ المجالس، والزميلُ المؤانس ، فتنبه وخذ الحذر .،
اللهم صل على نبينا محمد.....
المشاهدات 525 | التعليقات 0