زمان العزة والكرامة

زمان العزة والكرامة

إن الإسلام منذ أول يوم أشرقت فيه شمسه على شبه الجزيرة العربية ظلَّ يبحث عن رجال يحملون لواءه في مشارق الأرض ومغاربها، رجال لا يخافون أحداً سوى الله -سبحانه وتعالى- فظلَّ الإسلام يبحث عن الرجال في القرى والبلدان حتى يرفع اللهُ بهم لواءَ هذا الدين على عواتقهم؛ ليكونوا لمن خلفَهم عبرة يقتدون بهم في حياتهم ، رجال عُرف زمانهم بزمن العزة والكرامة، زمان كانت فيه كلمة التوحيد ورايته ترفرف فوق كل أرض وتحت أديم السماء، نعم كانت كلمة التوحيد تنشر ضياءها في كل مكان، كما تنشر الشمس ضياءها في رابعة النهار بلا خوف أو تردد؛ لأنها أيقنت أن للإسلام رجالاً يذودون عن حياض هذا الدين بكل غالٍ ونفيس، بكل ما يملكون من قوة وإرادة ، كانوا إذا سُمعت كلمة ( يا خيل الله اركبي ) يسارعون للجهاد ولسان حالهم يقول “وعجلتُ إليكَ ربٍّ لترضى” (طه: 84) ، كان إيوان كسرى وعرش قيصر يهتزان عندما يسمعان أن جيشاً من جيوش المسلمين قد خرج لملاقاتهما، كانت ترتعد فرائصهم وتشيب رؤوسهم ويُبثَ الرعب في قلوبهم خوفاً من قوتهم، لقد قال أحد قادة المسلمين في يوم لأحد ملوك الفرس قبل معركة دارت بين الجيشين: لقد جئتكم بأناس يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة ، لذلك أحببت أن أضع بين أيديكم نماذج مشرفة لعظماء الإسلام الذين رفعوا لواء العزة والكرامة حتى يحيا الأمل في قلوبنا من جديد ونعلم أن دين الله تعالى منصور قال العزيز الغفور { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إنَّهُمْ لَهُمْ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمْ الْغَالِبُونَ }( الصافات:171-173) وأن غرس الله تعالى لهذه الأمة لا ينتهي ما قامت السماوات والأرض فعن أبي عِنَبَةَ الْخَوْلَانِيَّ قال سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ  ( لَا يَزَالُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ بِغَرْسٍ يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ ) ( [1]  ) ، وإليكم بعض النماذج

محمد صلى الله عليه وسلم يرفع لواء العزة

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ :كَانَ مِنْ أَمْرِ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ الْعَرَبِ قَدِمَتْ بِجَلَبٍ لَهَا (ما جُلِب من خيلٍ وإبلٍ ومتاع)، فَبَاعَتْهُ بِسُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَجَلَسَتْ إلَى صَائِغٍ بِهَا، فَجَعَلُوا يُرِيدُونَهَا عَلَى كَشْفِ وَجْهِهَا، فَأَبَتْ، فَعَمِدَ الصَّائِغُ إلَى طَرَفِ ثَوْبِهَا فَعَقَدَهُ إلَى ظَهْرِهَا، فَلَمَّا قَامَتْ انْكَشَفَتْ سَوْأَتُهَا، فَضَحِكُوا بِهَا، فَصَاحَتْ. فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّائِغِ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ يَهُودِيًّا، وَشَدَّتْ الْيَهُودُ عَلَى الْمُسْلِمِ فَقَتَلُوهُ، فَاسْتَصْرَخَ أَهْلُ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْيَهُودِ، فَغَضِبَ الْمُسْلِمُونَ، فَوَقَعَ الشَّرُّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي قَيْنُقَاعَ. ( [2]  ) .

فَسَارَ إِلَيْهِمْ النبي صلى الله عليه وسلم وَلِوَاؤُهُ بِيَدِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ المطلب، وكان أبيض، ولم تكن الرايات ويومئذ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، وَحَاصَرَهُمْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً إِلَى هِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ غَدَرَ مِنَ الْيَهُودِ، وَحَارَبُوا وَتَحَصَّنُوا فِي حِصْنِهِمْ، فَحَاصَرَهُمْ أَشَدَّ الْحِصَارِ، حَتَّى قَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ لِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْوَالَهُمْ، وَأَنَّ لَهُمُ النِّسَاءَ وَالذُّرِّيَةَ، فَأَنْزَلَهُمْ فَكُتِّفُوا، وَاسْتَعَمَل عَلَى كِتَافِهِمُ الْمُنْذِرَ بْنَ قُدَامَة السُّلَمِيَّ، فَكَلَّمَ ابْنُ أُبَيٍّ فِيهِمْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «حُلُّوهُمْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَعَنَهُ مَعَهُمْ» وَتَرَكَهُمْ مِنَ الْقَتْلِ، وَأَمَرَ أَنْ يُجْلَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَتَوَلَّى ذَلِكَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، فَلَحِقُوا بِأَذْرُعَاتٍ، فَمَا كَانَ أَقَلّ بَقَاءَهُمْ بِهَا، وَخُمِّسَتْ أَمْوَالُهُمْ، فَأَخَذَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةُ الْخُمُس، وَفَضّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ عَلَى أَصْحَابِهِ  ( [3]  ) .

قتيبة بن مسلم الباهلي وملك الصين وزمان العزة

لقد دخلَ الإسلامُ إلى بلاد الصين في عامِ 96 للهجرةِ على يدِ القائدِ المُسلمِ قُتيبةَ بن مسلمٍ الباهليِّ، يقول ابن كثير في البداية والنهاية : فِي أحداث سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِينَ مِنْ الهِجْرَةِ وفيها فَتَحَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى , كَاشْغَرَ مِنْ أَرْضِ الصِّينِ , وَبَعَثَ إِلَى مَلِكِ الصِّينِ رُسُلًا يَتَهَدَّدُهُ وَيَتَوَعَّدُهُ , وَيُقْسِمُ بِاللَّهِ لَا يَرْجِعُ حَتَّى يَطَأَ بِلَادَهُ , وَيَخْتِمَ مُلُوكَهُمْ وَأَشْرَافَهُمْ , وَيَأْخُذَ الْجِزْيَةَ مِنْهُمْ , أَوْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ ، فدخل الرسل على الملك الأعظم فيها وهو في مدينة عظيمة يقال : إن عليها تسعين بابا في سورها المحيط بها يقال لها : خان بالق . من أعظم المدن ، وأكثرها ريعا ، ومعاملات وأموالا ، حتى قيل : إن بلاد الهند مع اتساعها كالشامة في ملك الصين . والصين لا يحتاجون إلى أن يسافروا في ملك غيرهم ; لكثرة أموالهم ومتاعهم ، وغيرهم محتاج إليهم ; لما عندهم من المتاع والدنيا المتسعة ، وسائر ملوك تلك البلاد تؤدي إلى ملك الصين الخراج ; لقهره وكثرة جنده وعدده . والمقصود أن الرسل لما دخلوا على ملك الصين وجدوا مملكة عظيمة ، وجندا كثيرا ، ومدينة حصينة ذات أنهار وأسواق ، وحسن وبهاء ، فدخلوا عليه في قلعة عظيمة حصينة ، بقدر مدينة كبيرة ، فقال لهم ملك الصين : ما أنتم ؟!! وكانوا ثلاثمائة رسول عليهم هبيرة فقال الملك لترجمانه : قل لهم : ما أنتم وما تريدون ؟!! فقالوا : نحن رسل قتيبة بن مسلم ، وهو يدعوك إلى الإسلام ، فإن لم  تفعل فالجزية ، فإن لم تفعل فالحرب . فغضب الملك ، وأمر بهم إلى دار ، فلما كان الغد دعاهم فقال لهم : كيف تكونون في عبادة إلهكم ؟!! فصلوا الصلاة على عادتهم ، فلما ركعوا وسجدوا ضحك منهم ، فقال : كيف تكونون في بيوتكم ؟!! فلبسوا ثياب مهنهم ، فأمرهم بالانصراف . فلما كان من الغد أرسل إليهم ، فقال : كيف تدخلون على ملوككم ؟!! فلبسوا الوشي والعمائم والمطارف ، ودخلوا على الملك فقال لهم : ارجعوا . فرجعوا فقال الملك لأصحابه : كيف رأيتم هؤلاء ؟!! فقالوا : هذه أشبه بهيئة الرجال من تلك المرة الأولى ، وهم أولئك . فلما كان اليوم الثالث ، أرسل إليهم ، فقال لهم : كيف تلقون عدوكم ؟!! فشدوا عليهم سلاحهم ولبسوا المغافر والبيض ، وتقلدوا السيوف ، وتنكبوا القسي ، وأخذوا الرماح ، وركبوا خيولهم ومضوا ، فنظر إليهم ملك الصين فرأى أمثال الجبال مقبلة ، فلما قربوا منه ركزوا رماحهم ، ثم أقبلوا نحوه مشمرين ، فقيل لهم : ارجعوا وذلك لما دخل قلوب أهل الصين من الخوف منهم فانصرفوا فركبوا خيولهم ، واختلجوا رماحهم ، ثم ساقوا خيولهم ، كأنهم يتطاردون بها ، فقال الملك لأصحابه : كيف ترونهم ؟!! فقالوا : ما رأينا مثل هؤلاء قط . فلما أمسوا بعث إليهم الملك ; أن ابعثوا إلي زعيمكم وأفضلكم . فبعثوا إليه هبيرة ، فقال له الملك حين دخل عليه : قد رأيتم عظم ملكي ، وليس أحد يمنعكم مني وأنتم بمنزلة البيضة في كفي ، وأنا سائلك عن أمر فإن لم تصدقني قتلتك . فقال : سل . فقال الملك : لم صنعتم ما صنعتم من زي أول يوم والثاني والثالث ؟!! فقال : أما زينا أول يوم فهو لباسنا في أهلنا ونسائنا ، وطيبنا عندهم ، وأما ما فعلنا ثاني يوم فهو زينا إذا دخلنا على ملوكنا ، وأما زينا ثالث يوم فهو إذا لقينا عدونا ، فقال الملك : ما أحسن ما دبرتم دهركم!! فَقَالَ الْمَلِكُ: قُولُوا لِصَاحِبِكُمْ يَنْصَرِفُ، فَإِنِّي قَدْ عَرَفْتُ قِلَّةَ أَصْحَابِهِ، وَإِلَّا بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ مَنْ يُهْلِكُكُمْ  قَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ قَلِيلُ الْأَصْحَابِ مَنْ أَوَّلُ خَيْلِهِ فِي بِلَادِكَ وَآخِرُهَا فِي مَنَابِتِ الزَّيْتُونِ؟ وَأَمَّا تَخْوِيفُكَ إِيَّانَا بِالْقَتْلِ، فَإِنَّ لَنَا آجَالًا إِذَا حَضَرَتْ فَأَكْرَمُهَا الْقَتْلُ، وَلَسْنَا نَكْرَهُهُ وَلَا نَخَافُهُ ، وَقَدْ حَلَفَ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ حَتَّى يَطَأَ أَرْضَكُمْ، وَيَخْتِمَ مُلُوكَكُمْ، وَيُعْطَى الْجِزْيَةَ  فَقَالَ الْمَلِكُ: فَإِنَّا نُخْرِجُهُ مِنْ يَمِينِهِ وَنَبْعَثُ تُرَابَ أَرْضِنَا فَيَطَأَهُ ، وَنَبْعَثُ إِلَيْهِ بِبَعْضِ أَبْنَائِنَا فَيَخْتِمَهُمْ، وَنَبْعَثُ إِلَيْهِ بِجِزْيَةٍ يَرْضَاهَا فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ وَأَرْبَعَةِ غِلْمَانٍ مِنْ أَبْنَاءِ مُلُوكِهِمْ، ثُمَّ أَجَازَهُمْ فَأَحْسَنَ، فَقَدِمُوا عَلَى قُتَيْبَةَ، فَقَبِلَ قُتَيْبَةُ الْجِزْيَةَ، وَخَتَمَ الْغِلْمَانَ وَرَدَّهُمْ، وَوَطِئَ التُّرَابَ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ بَعَثَ أَرْبَعَمِائَةٍ مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ الْمُلُوكِ ( [4]  ) .

فقال سوادةُ بن عبد الله السَّلُولي يمدح هبيرةَ بن مُشَمرَجِ وكان شاعراً:

لا عيبَ في الوَفْدِ الذينَ بعثتَهُم                للصِّين إن سلكوا طريقَ المنهج

كسَرُوا الجفونَ على القذى خوفَ الرَّدى     حاشا الكريم هبيرةَ بن مُشَمرَجِ

لم يرضَ غيرَ الختمِ في أعناقهم                      ورهائنٍ دُفعت بحملِ سَمَرَّجِ
أدَّى رسالتك التي استَرعَيتَه                      وأتاك من حنث اليمين بمخرجِ

المعتصم بالله والمرأة الهاشمية وزمان العزة

قَدِمَ رجلًا للمعتصم ناقِلًا له حادثةً شاهدها قائلًا: "يا أمير المؤمنين، كنتُ بعمورية فرأيتُ امرأة عربية في السوق مهيبة جليلة تُسحل إلى السجن فصاحت في لهفةٍ: وامعتصماه!"، فأرسل المعتصم رسالةً إلى أمير عمورية قائلًا له: "من أمير المؤمنين إلى كلب الروم.. اخرج المرأة من السجن؛ وإلا أتيتك بجيشٍ بدايته عندك ونهايته عندي  ، فلم يستجب الأمير الرومي وانطلق المعتصم بجيشه ليستعد لمحاصرة عمورية فمضى إليها، فلما استعصت عليه قال: اجعلوا النار في المجانيق وارموا الحصون رميًا متتابعًا"، ففعلوا فاستسلمت ودخل المعتصم عمورية فبحث عن المرأة فلما حضرت قال لها: "هل أجابكِ المعتصم؟ قالت: نعم، فلما استقدم الرجل قالت له: "هذا هو المعتصم قد جاء وأخزاك، قال: قولي فيه قولك. قالت: أعزَّ الله مُلك أمير المؤمنين بحسبي من المجد أنك ثأرت لي. بحسبي من الفخر أنك انتصرت فهل يأذن لي أمير المؤمنين في أن أعفو عنه وأدع مالي له؟ فأعجب المعتصم بمقالها وقال لها: لأنتِ جديرة حقًا بأن حاربت الروم ثأر لكِ، ولتعلم الروم أننا نعفو حينما نقدِر ) ( [5]  ) .

القائد المغوار قطز هاذم التتار وزمان العزه

وذَاكُمُ الملكُ الحازمُ المغوارُ قطزُ هازمُ التتار

تَرَى الأسُودَ لَهُ خُرْساً ضَرَاغِمُها يَرْعَدْنَ مِنْ فَرَقٍ مِنهُ إذا زَأرَا

 بَعثَ هُولاكُو رسالةَ إنذار حَمَلهَا أربعونَ علجاً من وحوشِ التتار قال فيها ما  مضمونهُ في اختصار ( إنا نحنُ جندُ اللهِ في أرضه خُلقَنا منْ سَخَطِه وسُلِطنَا على منْ حَلَ بهِ غَضَبُه فاتَعِظُوا بغيرِكم وأسلمُوا أمْرَكُم نحنُ لا نَرْحَمُ منْ بكى ولا نَرِقُ لمن شكا أيُ أرضٍ تُأْوِيكُم وأيُ طريقٍ تُنْجِيكُم خُيولنا سَوابِقْ سُيوفُنا صَواعق قُلُوبُنا كالجبالِ عددُنا كالرمالِ الحصونُ منا لا تَمْنَعْ والعساكرُ لا تَنْفَعْ ودُعائُكم علينا لا يُسْمَعْ من حَاربَنا نَدِمْ ومن طلبَ الأمانَ سَلِمْ فلا تٌطيلوا الخطاب وأسرِعوا بردِ الجواب ) وقطزُ قطزُ

منيّة ٌ ليس تبغي غيرَ طالبِها         و كوكبٌ ليس يبغي غيرَ عفريتِ

ما إنْ قرأَ  الرسالةَ حتىَ أمرَ بقتلِ جميعِ أعلاجِ التتار حَامِليِ الإنذار وتعليقِ رُؤوسِهم  في شوارعِ القاهرةِ الأبية رفعاً للروحِ المعنوية لأنَ الناسَ كانوا في رُعبٍ من الأخبارِ التترِيَة ، وفي عينِ جالوت وفي سهلِ جالوت وفي يومِ الجُمعة من رمضان التقى الجمعان وفي البدايةِ كادَ النصرُ أن يكونَ للتتار وعندها  أدركَ المغوارُ أن الهزيمةَ ستكُونُ سقوطاً لأخرِ قلاعِ الإسلام وستكونُ مكةُ والمدينةُ هدفاً للروافضِ مع الخونةِ التتار فنزل عنْ ظَهْرِ  فرسه وخَلعَ خَوْذَتَه وألقىَ بها وصاح واإسلاماه واإسلاماه ثم مَرَغَ رأسَهُ في الترابِ ودعاَ يا اللهُ يا جبار أُنْصُر عَبْدَكَ قُطُزاً على التتار لتدورَ الدائرة ويَنْهَزِمَ التتار وينتصرَ أهلُ الإسلام

وكفَّت أكُفَّ البغي من كلِّ معتدِ      وأُعْلِنَ حمدُ اللهِ في كُلِ مسجدِ

واستطاعَ هذا العملاقُ تَغْيرَ حالِ أُمةٍ بأسرها من حضيضِ الهزيمةِ إلى قمةِ النصر في سنةٍ واحدةٍ هيَ مُدَةُ حُكْمهِ ( [6]  ) .           

فَتَشَبّهوا إِن لَم تَكُونوا مِثلَهُم   إِنَّ التَّشَبّه بِالكِرامِ فَلاحُ

 هذا وصلى الله وسلم على البشير النذير والسراج المنير

[1] ـ حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 5 / 2442 ) .

[2] ـ السيرة النبوية لابن هشام الجزء الثاني صفحة رقم ( 440).

[3] ـ سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد للإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي دار الكتب العلمية بيروت – لبنان ،الجزء الرابع صفحة رقم ( 179 ). 

[4] ـ البداية والنهاية للحافظ بن كثير دار إحياء التراث العربي الجزء التاسع صفحة رقم  ( 161 ) .

[5] ـ عندما كنا أمة لأحمد ناظم العبيدي دار كليوباترا للنشر .

[6] ـ من محاضرة ريا البشام لفضيلة الشيخ على بن عبد الخالق القرني حفظه الله تعالى .

المشاهدات 1435 | التعليقات 0