زِلزال وإعصار

خالد الكناني
1445/02/29 - 2023/09/14 22:18PM

زِلزال وإعصار

إن الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن محمدًا عبده ورسوله ،  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.أما بعدُ : عبادَ الله : اتقوا الله حق التقوى، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا ِاللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

أيها المسلمون : آيات الله تعالى في الكون شاهدة ودالة على وحدانيته سبحانه وتعالى ،

لقد سمعتم وشاهدتم عبر الوسائل الاعلامية والقنوات ووسائل التواصل التقني، ما نزل بإخواننا في المغرب من الزلازل المفجعة ، وبإخواننا في ليبيا من العصار المدمر والمهلك ، والذي  نتج عنهما أعدادا من القتلى والجرحى والمشردين والهدم ، يقف الانسان المسلم أمام هذه المشاهدات المؤلمة ، عاجزا ذليلا مستسلما للعزيز الجبار جل في علاه ، مؤمن بعظمة الله وقدرته سبحانه وتعالى وقضائه وقدره ، فسبحانه جل في علاه له الأمر من قبل ومن بعد { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)} الرحمن ،  سُبْحَانَهُ وتعالى { لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) البقرة ، أيها المسلمون : لنعلم علم اليقين أن الزلازل من الآيات التي يخوف الله بها عباده كما يخوفهم بالكسوف والخسوف وغيرها من الآيات ، { وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59)} الإسراء ، ومع هذه الأحداث الكونية العظام فإن علينا أمورا ، منها : أن نعلم أن هذه الزلازل بقضاء وبقدر من الله سبحانه وتعالى ، فنلجأ إليه كاشف الضر ومزيل الهموم سبحانه وتعالى .

ومنها : أن نتعظ بهذه الآيات التي يرسلها الله تعالى فنراجع أنفسنا ونحاسبها على التفريط قبل الوقوع في الهلاك ، فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا وتأهبوا للعرض الأكبر على الله ، وقوا أنفسكم من عذاب الله تعالى العاجل والآجل بفعل الطاعات وترك المعاصي والموبقات .

عباد الله : حققوا إيمانكم والزموا طاعة ربكم واحذروا معاصيه ، فإن الطاعات سبب للبركات والخيرات والمعاصي سبب للمهالك والعقوبات ، قال تعالى : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }الأعراف

أيها المسلمون : تناصحوا فيما بينكم تأمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر وخذوا على أيدي سفهائكم وربوا من تحتكم على اداء الفرائض والمحافظة عليها والتزود من النوافل والتمسك بمكارم الأخلاق .

أيها المسلمون : لقد وجه خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ، مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بتسيير جسر جوي لتقديم المساعدات الإغاثية المتنوعة لتخفيف أضرار الزلازل على المتضررين في المغرب وكذلك بتقديم المساعدات الإغاثية المتنوعة للمتضررين من إعصار ليبيا ، فجزاهم الله خيرا على كل ما يقدموه ، ولنتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، (( «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ... )) وقوله صلى الله عليه وسلم :(( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )) ، اللهم تول إخواننا المصابين واللطف بهم اللهم أشف جرحاهم وآوِ شريدهم وارحم موتاهم واقبله في الشهداء اللهم اجعل عاقبتهم رشدا وسد حاجاتهم ياذا الجلال والإكرام .

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آلة وأصحابه وَسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا

أمَّا بَعدُ ، أيها المسلمون : لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور وعلامات لقرب الساعة ومنها كثرة الزلازل، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ - وَهُوَ القَتْلُ القَتْلُ - حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ» ، إن علينا أن نتذكر بهذا الحدث العظيم أهوال يوم القيامة يوم يقوم الناس لرب العالمين ، وترى الناس أهوال ذلك اليوم فتضطرب ، قال تعالى : { يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) } الحج

كيف بنا إذا وقعت الواقعة ، قال تعالى : { إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} الواقعة

كيف بنا إذا زلزلت الأرض وتحدثت بما وقع عليها ، قال تعالى : { إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) الزلزلة

وهكذا أهوال ومواقف يوم القيامة يشيب الولدان ويفر المروء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ، يا لها من أهوال ولحظات ، توجب علينا أن نحاسب أنفسنا وأن نعد للوقوف بين يدي الله تعالى ، اللهم سلم سلم

هذا وصلوا على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

 

 

 

المرفقات

1694719104_زِلزال وإعصار.pdf

المشاهدات 1024 | التعليقات 0