زكُّوا أموالَكم ونفوسَكم

راشد بن عبد الرحمن البداح
1444/09/08 - 2023/03/30 17:04PM

زكُّوا أموالَكم ونفوسَكم ( راشد البداح – الزلفي ) 9 رمضان 1444
إن الحمدَ للهِ؛ نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِأنفسِنا، وسيئاتِ أعمالِنا. من يهدِهِ اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه،صلى اللهُ وسلمَ عليهِ تسليمًا كثيرًا. أما بعدُ:

فهذا شهرُنا الكريمُ قد طوَى ثلثَه، والثلثُ كثيرٌ، فتدارَكْ أيُها المباركُ. والعشرُ الأوسطُ قد اعتكفَها نبيُكم -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبلَ أن يُخبَرَ أن ليلةَ القدرِ في الأواخرِ منها.

أيها الصائمون: لنفرَحْ ولنفخَرْ بدينِنا العظيمِ، الذي يدعو للاجتماعِوالترابُطِ والتكافُلِ، فالصلاةُ اجتماعٌ، والزكاةُ تكافُلٌ، والصومُتواصُلٌ، والحجُ تكاتُفٌ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}.

أما في دولُ الكفرِ؛ فلا علاقاتٍ إلا بمصالحَ، وبينهم تفككٌ أسريٌواجتماعيٌ في أحطِ دركاتهِ. فالحمدُ للهِ على نعمةِ الإسلامِ.

ومِن مَحاسن دينِنا هذه الزكاةُ التي هيَ حقٌ للفقيرِ، ليسَ للغَنيِ فيها مِنةٌ على الفقيرِ؛ بل المِنةُ للهِ وحدَه. فأدُّوها يا أصحابَ الجِدَةِ قبلَ أن يأتيَ يومٌ يُحمىَ عليها في نارِ جهنمَ، فتُكوَى بها الجِباهُ والجُنوبُوالظُهورُ.

أيُها المسلمونَ: إليكمْ اثنيْ عشرَ سؤالاً وجوابُها مختصرًا من كلامِالشيخِ ابنِ عثيمينَ –رحمهُ اللهُ-:

1. شخصٌ له أولادٌ، وراتبُه قليلٌ، فهلْ أعطِيهِ من زكاتي؟
الجوابُ: إن كانَ آخرَ الشهرِ يَستدينُ فأعطِه.

2. هل الأفضلُ أن أُخبرَه أنها زكاةٌ؟
الجوابُ: إذا كانَ من أهلِ الزكاةَ فلا يَنبغي أن تخبرَه؛ لأن اللهَ تعالى يقولُ: (لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى).

3. هل يجوزُ أن أعطيَ زكاتيْ لأخيْ المديونِ العاجزِ، أو بِنتيْ المتزوجةِالمحتاجةِ؟  
الجوابُ: يجوزُ، بلْ هوَ الأفضلُ؛ لأن النبيَّ e أخبرَ أن الزكاةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ().

4. لي دينٌ على فقيرٍ، فهل يجوزُ أن أُسْقِطَه، وأنويَه زكاةً؟ الجوابُ: (لا يجوزُ؛ لأن الزكاةَ أخذٌ وإعطاءٌ، كما قالَ تعالى: [خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً  ]
5. له عشرُ سنواتٍ لم يُسدِّدْني، فهلْ أزكيْ عنِ المالِ؟
الجوابُ: (لا تزكِّها إلا عن سنةٍ واحدةٍ فقطْ، إذا قبضتَها)()

6. رجلٌ لا يُحسنُ التصرفَ في مالِهِ، فهل أشتريْ له احتياجاتِه على دُفعاتٍ؟!
الجوابُ:(لا يجوزُ إلا بتوكيلٍ من الفقيرِ، أو تقول: اشترِ وأنا أسددُ عنك)().

7. الأسهمُ المتعثرةُ؛ هل فيها زكاةٌ؟ إن كنتَ لا تستطيعُ الانتفاعَ منها، فليس فيها زكاةٌ، فإذا قبضتَها ولو بعدَ سنواتٍ فزكِها عن سنةٍ واحدةٍ فقطْ.
8. رواتبُنا الشهريةُ كيفَ نحسِبُ زكاتَها؟ فيُقالُ: (إن كان يَبقى منهاكلَّ شهرٍ، فحدِّدْ شهرًا وأخرجْ زكاتَه، واحسِبْ راتبَ الشهرِ الحاليِ، وتكونُ زكاةً معجَّلةً)().
9. اشتريتُ أرضًا؛ لتحفظَ فُلوسيَ فقطْ، ولو احتجتُ بعتُها. الجوابُ: ليسَ فيها زكاةٌ().
10. كيفَ أحسِبُ زكاةَ ماليْ؟ اقسِمِ المبلغَ على (أربعينَ) والناتجُ هو زكاتُك.
11. كمِ المبلغُ الذي تجبُ عليَّ فيه الزكاةُ؟ مَن عندَه ألفٌ وست مئة واثنان وسبعون ريالاً فعليهِ الزكاةُ.
12. طفليْ الصغيرُ عنده ثلاثةُ آلافِ ريالٍ جمَعَها منذُ سنواتٍ، فهلْيُزكيْ؟
نعمْ تجبُ زكاتُها، وكذلكَ مَنْ عندَه مجنونٌ فكذلكَ.

الحمدُ للهِ وكفَى، وصلاةً وسلامًا على خيرِ مصطفَى، وصحبِهِ ومنِاقتفَى، أما بعدُ: فقد بقيَتْ زكاةٌ مهمةٌ جدًا نحنُ عنها غافلونَ، زكاةٌيدفعُها حتى الفقيرُ! أتدْرونَ ما هيَ؟! إنها زكاةُ نفوسِنا لننالَ فلاحَنا،فربُّنا قالَ في آيةٍ نسمعُها كلَّ تراويحٍ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}. وتذكَّرْأن موسَى –عليهِ السلامُ- يقولُ لفرعونَ: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى}.

فلنتفقَّد قلوبَنا ونحنُ في رمضانَ؛ لنُصلِحَ فسادَها لتتزكَى، ولتُكثرْ من الدعاءِ قائلاً: اللهم أصلِح فسادَ قلبي. ومن قولِ: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}.

والدعاءُ في رمضانَ خاصةً نحنُ عنه غافلونَ.

فيا أيُّها الصائمُ لربِّك: أتدعُو بين الأذانِ والإقامةِ في المسجدِ؟ وهل تعلمُ أن دعاءَك بين الأذانِ والإقامةِ أفضلُ من قراءتِك للقرآنِ؟

أتدعُو وتستغفرُ قبل سحورِك، أم منهمكٌ بجوالِك؟

أتدعُو قُبيلَ الإفطارِ بدقائقَ، أم تترقبُ: كم بقيَ على الأذانِ؟

كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ عِنْدَ إِفْطَارِهِ: يَا وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ، اغْفِرْ لِي، وَابْنُ عَمْرٍو يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي().

فاللهمَ أقبِل بقلوبِنا في رمضانَ، ومُنَّ علينا فيه بالرضوانِ.

اللهمَ إن الصلاةَ والصومَ لك. وكلُّنا وما مَلَكْنا مُلكُك لا شريكَ لك.

اللهمَ تقبلْ بفضلِكَ صومَنا بل ونومَنا، وصلواتِنا وصدقاتِنا وسائرَ ما قدمْنا لأنفسِنا من خيرٍ. فأنتَ –سبحانَك– الذي أعنتَنا عليها، ثم تجزيْنا عليها الجزاءَ الأوفى، فضلاً منكَ ورحمةً.

اللهمَ احفظْ أمنَنا وإيمانَنا ودينَنا الذي هو عصمةُ أمرِنا، ودنيانا التي فيها معاشُنا.

اللهمَ وفِّق إمامَنا خادمَ الحرمينِ الشريفينِ، ووليَ عهدِه لما فيهِ عزُّ الإسلامِوصلاحُ المسلمينَ.

أيُها الصائم المصلي: قالَ حبيبُك -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ؛ فَإِنَّ صَلَاةَ أُمَّتِي تُعْرَضُ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَمَنْ كَانَ أَكْثَرَهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً كَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً. حسنهُالمنذريُ وابنُ حجرٍ والعجلونيُ والألبانيُ() فاللهمَ صلِ وسلِّمْ على محمدٍ.

المشاهدات 834 | التعليقات 0