زكاة المال الحرام_د. أحمد الخليل
احمد ابوبكر
1436/09/14 - 2015/07/01 08:29AM
[align=justify]الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
أما بعد :
أقسام المال المحرم (*)
القسم الأول:
المحرم لذاته: وهو ما كان حراماً في أصله ووصفه، أي ما حرمه الشرع لسبب قائم في عين المحرم لا ينفك عنه بحال من الأحوال، لما اشتمل عليه من ضرر، أو خبث، أو قذارة، كالخمر، والخنزير، والميتة، والدم، وسائر النجاسات، والمستقذرات التي تسبب الأذى للإنسان[1].
فهذا ليس مالاً زكوياً أصلاً، بل هو مال خبيث بذاته، فيتعين على من بيده التخلص منه بإتلافه[2].
القسم الثاني:
المحرم لغيره أو لوصفه: وهو المال المحرم لا لذاته بل لكسبه[3]، كالمغصوب، والمقبوض بعقود فاسدة، والمسروق ، وما جاء بطريق التزوير ، والرشوة ونحوها.
فهذا قد اختلف فيه الفقهاء على قولين:
القول الأول: أنه لا زكاة في المال الحرام وهو مذهب الأحناف[4] ، (والمالكية [5]، والشافعية )[6]، والحنابلة[7].
واستدلوا على ذلك :
1- بما رواه مسلم عن ابن عمر قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول) . [8]
ووجه الدلالة : أن الله لا يقبل صدقة الغلول لكونها من كسب محرم فكل ما كان كذلك فلا يقبله الله .
2- ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه، كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل» [9]
ووجه الدلالة : أن الله لا يقبل إلا الطيب ، والمال الحرام ليس طيبا فلا يقبله الله .
3- أن الغال لا تبرأ ذمته إلا برد الغلول إلى أصحابه أو التصدق به إذا جهلهم ، وغير الغال مثله ممن كسب محرما ،قال ابن حجر " قال القرطبي وإنما لا يقبل الله الصدقة بالحرام؛ لأنه غير مملوك للمتصدق وهو ممنوع من التصرف فيه والمتصدق به متصرف فيه فلو قبل منه لزم أن يكون الشيء مأمورا منهيا من وجه واحد " [10]
القول الثاني:
أنه يجب إخراج قدر الزكاة من المال الحرام على أقل تقدير ، وإن كانت ملكيته غير مستقرة ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية [11]، ومن المعاصرين الشيخ عبد الرحمن الحلو[12] ، والشيخ عبد الله بن منيع [13] ، والدكتور رفيق المصري [14] .
واستدلوا على ذلك :
1- بأن هذه الموال إن كانت ملكا لمن هي في يده كانت زكاتها عليه وإن لم تكن ملكا له ومالكها مجهول لا يعرف فإنه يتصدق بها كلها فإذا تصدق بقدر زكاتها كان خيرا من أن لا يتصدق بشيء منها. فإخراج قدر الزكاة منها أحسن من ترك ذلك على كل تقدير.[15]
الترجيح :
الذي يظهر أنه لا زكاة في المال الحرام ؛ لأنه غير مملوك لحائزه ، واتفقت كلمة الفقهاء على اشتراط الملك لوجوب الزكاة .
وأما ما اختاره شيخ الإسلام فيبدو أنه أراد إخراج قدر الزكاة تخلصا لا على أنها الزكاة الشرعية ، ويؤيد ذلك أنني لم أر أحدا من الفقهاء المتقدمين صرح بوجوب زكاة المال الحرام.
لكن يبقى أن تسمية هذا التخلص زكاة ليس صحيحا ؛ لأن المفاهيم الشرعية يجب أن تبقى كما هي، ويجب أن يسمى الشيء باسمه الذي سماه الله به .
_________________
(*) فهذا مقال علمي من كتابي (الأسهم والسندات و أحكامها في الفقه الإسلامي) عدلت فيه بعض المواضع ورأيت نشره في الموقع ؛ لتسهل الاستفادة منه .
[1]الفروق، للقرافي 3/96، وانظر أحكام المال الحرام، د. عباس الباز ص43.
[2] بحث الشيخ عبد الله بن منيع، مقدم للندوة السابعة لقضايا الزكاة في الكويت 1417، ص312.
[3] مجموع الفتاوى 29/320، أحكام المال الحرام، د. عباس الباز ص43.
[4] حاشية ابن عابدين 2/25.
[5] حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1 / 588) .
[6] المجموع شرح المهذب (9 / 352) .
[7] كشاف القناع 4/115، والإنصاف مع الشرح الكبير 15/ 285.
[8] صحيح مسلم (224).
[9] البخاري (1410).
[10] فتح الباري لابن حجر (3 / 279).
[11] مجموع الفتاوى (30 / 325) .
[12] بحث الشيخ الحلو في الندوة السابعة للزكاة ص 212.
[13] بحث الشيخ المنيع في الندوة السابعة للزكاة ص 216.
[14] بحوث في الزكاة (ص 156) .
[15] مجموع الفتاوى (30 / 325).[/align]
أما بعد :
أقسام المال المحرم (*)
القسم الأول:
المحرم لذاته: وهو ما كان حراماً في أصله ووصفه، أي ما حرمه الشرع لسبب قائم في عين المحرم لا ينفك عنه بحال من الأحوال، لما اشتمل عليه من ضرر، أو خبث، أو قذارة، كالخمر، والخنزير، والميتة، والدم، وسائر النجاسات، والمستقذرات التي تسبب الأذى للإنسان[1].
فهذا ليس مالاً زكوياً أصلاً، بل هو مال خبيث بذاته، فيتعين على من بيده التخلص منه بإتلافه[2].
القسم الثاني:
المحرم لغيره أو لوصفه: وهو المال المحرم لا لذاته بل لكسبه[3]، كالمغصوب، والمقبوض بعقود فاسدة، والمسروق ، وما جاء بطريق التزوير ، والرشوة ونحوها.
فهذا قد اختلف فيه الفقهاء على قولين:
القول الأول: أنه لا زكاة في المال الحرام وهو مذهب الأحناف[4] ، (والمالكية [5]، والشافعية )[6]، والحنابلة[7].
واستدلوا على ذلك :
1- بما رواه مسلم عن ابن عمر قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول) . [8]
ووجه الدلالة : أن الله لا يقبل صدقة الغلول لكونها من كسب محرم فكل ما كان كذلك فلا يقبله الله .
2- ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه، كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل» [9]
ووجه الدلالة : أن الله لا يقبل إلا الطيب ، والمال الحرام ليس طيبا فلا يقبله الله .
3- أن الغال لا تبرأ ذمته إلا برد الغلول إلى أصحابه أو التصدق به إذا جهلهم ، وغير الغال مثله ممن كسب محرما ،قال ابن حجر " قال القرطبي وإنما لا يقبل الله الصدقة بالحرام؛ لأنه غير مملوك للمتصدق وهو ممنوع من التصرف فيه والمتصدق به متصرف فيه فلو قبل منه لزم أن يكون الشيء مأمورا منهيا من وجه واحد " [10]
القول الثاني:
أنه يجب إخراج قدر الزكاة من المال الحرام على أقل تقدير ، وإن كانت ملكيته غير مستقرة ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية [11]، ومن المعاصرين الشيخ عبد الرحمن الحلو[12] ، والشيخ عبد الله بن منيع [13] ، والدكتور رفيق المصري [14] .
واستدلوا على ذلك :
1- بأن هذه الموال إن كانت ملكا لمن هي في يده كانت زكاتها عليه وإن لم تكن ملكا له ومالكها مجهول لا يعرف فإنه يتصدق بها كلها فإذا تصدق بقدر زكاتها كان خيرا من أن لا يتصدق بشيء منها. فإخراج قدر الزكاة منها أحسن من ترك ذلك على كل تقدير.[15]
الترجيح :
الذي يظهر أنه لا زكاة في المال الحرام ؛ لأنه غير مملوك لحائزه ، واتفقت كلمة الفقهاء على اشتراط الملك لوجوب الزكاة .
وأما ما اختاره شيخ الإسلام فيبدو أنه أراد إخراج قدر الزكاة تخلصا لا على أنها الزكاة الشرعية ، ويؤيد ذلك أنني لم أر أحدا من الفقهاء المتقدمين صرح بوجوب زكاة المال الحرام.
لكن يبقى أن تسمية هذا التخلص زكاة ليس صحيحا ؛ لأن المفاهيم الشرعية يجب أن تبقى كما هي، ويجب أن يسمى الشيء باسمه الذي سماه الله به .
_________________
(*) فهذا مقال علمي من كتابي (الأسهم والسندات و أحكامها في الفقه الإسلامي) عدلت فيه بعض المواضع ورأيت نشره في الموقع ؛ لتسهل الاستفادة منه .
[1]الفروق، للقرافي 3/96، وانظر أحكام المال الحرام، د. عباس الباز ص43.
[2] بحث الشيخ عبد الله بن منيع، مقدم للندوة السابعة لقضايا الزكاة في الكويت 1417، ص312.
[3] مجموع الفتاوى 29/320، أحكام المال الحرام، د. عباس الباز ص43.
[4] حاشية ابن عابدين 2/25.
[5] حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1 / 588) .
[6] المجموع شرح المهذب (9 / 352) .
[7] كشاف القناع 4/115، والإنصاف مع الشرح الكبير 15/ 285.
[8] صحيح مسلم (224).
[9] البخاري (1410).
[10] فتح الباري لابن حجر (3 / 279).
[11] مجموع الفتاوى (30 / 325) .
[12] بحث الشيخ الحلو في الندوة السابعة للزكاة ص 212.
[13] بحث الشيخ المنيع في الندوة السابعة للزكاة ص 216.
[14] بحوث في الزكاة (ص 156) .
[15] مجموع الفتاوى (30 / 325).[/align]