رمضانُ وفرصة التوبة النصوح.

عادل بن عبد العزيز الجهني
1446/09/13 - 2025/03/13 16:12PM

الحمدُ لله يبسط يدَه بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يدَه بالنهار ليتوب مسيء الليل، وذلك لسعة فضله وجوده وإحسانه.

أحمدُه سبحانه كتب الرحمة على نفسه ليتعرَّض العبادُ لها، وأصلى وأسلم على نبيِّ التوبة والرحمة، المجتبى على الخلق، الذي رحم اللهُ به العباد أجمعين.

أمّا بعد، فأوصيكم ونفسي أيُّها المسلمون بتقوى الله، فتقوى الله هي السبيل للفوز بمرضاته.

﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَقُولُوا۟ قَوۡلࣰا سَدِیدࣰا ۝٧٠ یُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَـٰلَكُمۡ وَیَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن یُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِیمًا ۝٧١﴾ [الأحزاب ٧٠-٧١]

 


عباد الله، رمضانُ شهرٌ تتنزَّلُ فيه البركات على أهل الإسلام، فهو شهرُ المغفرة، وشهرُ إقالة العثرة، وموسم محو الخطيئة، والعفو عن الزلات.

شهرٌ قد خصَّه اللهُ بفريضة الصيام، وشرع فيه القيام، ورغَّب فيه بكثرة الأعمال الصالحة، ووعد عليها بالمثوبة، وبشَّر بكثرة العطايا والأجور للعاملين.

وإذا سبرتَ أحوالَ المسلمين في شأن معرفتهم بفضائل الأعمال فيه الصالحة، وجدتهم على علمٍ بيّنٍ بها ومعرفة بشأنها.

وإن بحثت في الترجمة النافعة لهذه المعرفة، وجدتها ضعيفة عند كثير منهم، فالتفريط في الأعمال الصالحة ظاهر، والتكاسل عن أداء كثير منها بَيِّنٌ.

ومع هذا فإنّ الخير في المسلمين ما زال موجودًا ولله الحمد، فثَمَّ مَنْ هم حريصونَ على الطاعة، مسابقون إليها في غالب حياتهم وسائر أيامهم، فإذا جاءت المواسم المباركة كهذا الموسم الجليل، وجدتَ أحدَهم لا يَكاد يَجِدُ وَقتَ فَراغٍ لِكثرةِ مَا شَغَلَ به وَقتَهُ من طاعاتٍ، فلا يكاد ينتهي من طاعة إلا ويُتبِعُها بأخرى، قد ملأ جُلَّ شَهرِ الصوم بما يُقرِّبُهُ من ربه، وهذا لَعَمرُ الله هو التوفيق بعينه، والسدادُ في أظهرِ صُورِهِ.

 


أيُّها الصائمون، إِنَّ فعل الطاعة شرف، والتوفيق لها نعمة لا تعدلها نعمة، والمسارعة لها رحمة، وقد جعل اللهُ للتوفيق لفعل هذه الطاعات أسبابًا كثيرة، ولعلي اليومَ أُرَكِّزُ على سببٍ واحدٍ لعله من أهم الأسباب التي دلَّت عليها نُصُوصُ الشريعة، ألا وهو التوبةُ النصوح، والبعدُ عن الذنوب، وُالسَّلامةُ من عُقدةِ الإصرار عليها.

نعم يا عباد الله، إنَّ للذنوب عواقبَ وخيمةً على صاحبها، ومِن أَشَدِّها حِرمانُهُ من الطاعات في الزمن الفاضل، ولعظم شناعةِ الإصرارِ على المعصيةِ، كانت عقوبةُ مَن هذهِ حالُهُ أَن دَعَا عليه النّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم بالخسارة والحرمان من رحمة الله، فقد أدرك الفُرصةَ ولَكِنَّهُ أعرضَ بإصرارِهِ على الذنب.

ولذا كان لزامًا على من رام الخير لنفسه، والنصح لها أن يحذر الذنوب ويخشى عواقبها ويجتهد بأن يُجدّد التوبة في كلِ وقت وحين.

 


عباد الله، إنَّ التوبةَ من الذنب ليست من نافلة العمل، أو أمرًا اختياريًّا إن شاء العبدُ فعله ، وإلا ساغ له تركُهُ، فإنَّ هذا تلبيسٌ من إبليسَ، وتَزيينٌ منه للباطلِ، فالتوبةُ واجبةٌ على العباد جميعًا، خصوصًا على من لم يزلْ مُتَلَبِّسًا بالذنبِ ومُصِرًّا على الخطيئة، فلقد دعا اللهُ عبادَه إلى التوبة في كتابه وأوجبها عليهم، فقال سبحانه:{ وَتُوبُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِ جَمِیعًا أَیُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} [النور ٣١]

ومع وجوب التوبةِ فإنَّها عبادةٌ يحبها اللهُ ويُحبُّ أهلها؛ ولذا أمر بها لحاجة العباد إليها، ولِما ما يترتَّب عليها من خيرات لصاحبها.

والتوبة يا عباد الله، اسمٌ شريفٌ لصاحبه تحلَّى بها سادات الخلق وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فلقد فعلها آدم وحواء حين قالا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف:٢٣] . وفعلها إبراهيم عليه السلام حين قال: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء:٨٢] .

وفعلها موسى عليه السلام حين قال: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ} [القصص:١٦]

وكان نبيُّنا عليه الصلاة والسلام كثير التوبة والإنابة حتى كان الصحابةُ رضوان الله عليهم يعدّون له في المجلس الواحد استغفاره ودعاءه بـ (ربِّ اغفر لي وتب عليّ ) أكثر من سبعين ومئة مرة.

وكان من آخر ما نزل عليه صلَّى اللهُ عليه وسلم قوله تعالى: ﴿ فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا ۝٣﴾ [النصر:٣].

 


وإنَّ رمضانَ أيُّها الصائمون كثيرًا ما كان ميقاتًا لتوبةِ مَن سبقت لهم مِنَ الله السعادة؛ فالخير في نفسِ كل مسلم ومسلمةٍ باقٍ لا يزول، وكم مِنْ عُصاة كانوا معرضين فجاء رمضانُ، فأقبلوا على ربهم وأنابوا إلى مولاهم، وكم من مقصرينَ في جنب الله كانوا لا يرفعون رأسًا بأوامر الله، فجاء رمضانُ فأقبلوا على طاعات كانوا بعيدين عنها فأثَّرت فيهم، ورقَّقَتَ قلوبَهُم، وأَجرَت دَمَعَاتِهِم، ونَفَروا بسببها مِن كثيرٍ من الخطايا والآثام.

وكم من نفوسٍ مُعرضَةٍ أثَّر فيها ما تراه من إقبال المسلمين ومنافساتهم على القربات، فرأَوُا المساجدَ يَؤُمُّها الكثير في صلاة الفريضة وصلاة التروايح، ورأوا كثيرًا من المسلمين قد عكفوا على قراءة كتاب ربهم، ورأوا كثيرًا قد هَذَّبَ الصِّيامُ أخلاقَهم، فأَثَّرَت فيهم هذِهِ المَشَاهِدُ وَغَيرُها، فعادُوا بِاللَّومِ على أنفسهم، وحَدَّثُوها: حتى متى نبقى مُتَأَخِّرِينَ عَن ركبِ السَّابِقِينَ لربهم، حتى متى نَكسَلُ في طاعةِ رَبِّنا وغيرُنا إِلَيها مُسارِعٌ مُسابِقٌ؟!

 


أَيُّها الصائمون، إنَّ التوفيق للتوبة من أعظم الهبات والخيرات، ولذا كان يوم التوبة للتائب هو خيرَ أَيَّامِ عُمُرِهِ، ومصداق ذلك بشارةُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم للصحابي كعب بن مالك رضي الله عنه حين تاب اللهُ عليه بعد تَخَلُّفِهِ عن غزوةِ تبوك، إذ قال له: "أَبْشِرْ بخَيْرِ يَومٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ ولَدَتْكَ أُمُّكَ" وذلك بعد نزولِ قولِهِ تعالى: ﴿وَعَلَى ٱلثَّلَـٰثَةِ ٱلَّذِینَ خُلِّفُوا۟ حَتَّىٰۤ إِذَا ضَاقَتۡ عَلَیۡهِمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ وَضَاقَتۡ عَلَیۡهِمۡ أَنفُسُهُمۡ وَظَنُّوۤا۟ أَن لَّا مَلۡجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلَّاۤ إِلَیۡهِ ثُمَّ تَابَ عَلَیۡهِمۡ لِیَتُوبُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ ۝١١٨﴾ [التوبة ١١٨]

وإنَّمَا كان يومُ التوبة خيرَ يومٍ يَمُرُّ على التائبِ لأَنَّ صاحبَهُ سيَعودُ مِن ذلِّ المعصيةِ إلى شَرَفِ الطاعةِ، وَمِنَ البُعدِ عَن رَبِّهِ إلى القربِ منهُ، والسَّعيِ إلى مَرضاتِهِ، وَمِنَ الحِرمانِ مِن مَوَاطِنِ الرَّحَمَات إلى مَحَلِّ تَنَزُّلِهَا في بُيُوتِ الله ومجالسِ الذِّكرِ، سيَعودُ إليه ليَجِدَ مَعَ هَذِهِ العَودَةِ بَردَ اليقينِ، وَطُمأنِينَةَ الروح، وَفَرَحَ القَلبِ وَسُرُورَ الفُؤادِ.

لقد بَيَّنَ القرآنُ أَنَّ النَّاسَ تجاهَ التوبةِ رجلان لا ثالثَ لهما، إِمَّا تائبٌ وإِمَّا ظالمٌ، يقولُ اللهُ تعالى: ﴿وَمَن لَّمۡ یَتُبۡ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ﴾ فاخترْ مِنْ أَيِّ الصنفينِ تُحِبُّ أَن تَكُونَ، وما أَرَاكَ وَرَبِّي إِلاَّ هَارِبًا مِن ظُلمِكَ نَفسَكَ، مُتَقَرِّبًا بِتَوبَتِكَ إِلى رَبِّكَ.

وَثَمَّ أَمرٌ آخرُ في شأن التوبة، وهو أَنَّهُ يَجِبُ المُسارَعَةُ إِلَيها؛ لأَنَّ تَأخِيرَهَا ذنبٌ آخرُ يَحتَاجُ إلى توبةٍ، وفي تأخيرِ التَّوبةِ فَوَاتُ الطَّاعاتِ، فَكُلَّ يومٍ يَمضي بِلا توبةٍ فإِنَّهُ يَفُوتُ على العاصي فيهِ كُنُوزٌ مِنَ الحَسناتِ.

ثمَّ اعلَمٍ أَيُّها التائبُ أَنَّ اللهَ يَفرَحُ بتوبةِ عبدِهِ، لأَنَّ طاعةَ العبادِ أَحَبُّ إِلَيه من معاصِيهِم، ولأنَّ ما ينالونَهُ مِن خيراتِ التوبةِ أَكرَمُ وَأَشرَفُ مِمَّا يَتَوَهَّمُونَ مِن لَذَّاتِ المَعاصي، وَفَرَحُهُ سُبحانَهُ هذا لِكَرَمِهِ وَسَعَةِ جُودِهِ وَعَمِيمِ فَضلِهِ.

 


أَيُّها التَّائِبُ، أَيقِنْ أَنَّ في التوبة سُرُورًا لا يَجِدُهُ أَهلُ المَلَذَّاتِ المُحَرَّمَةِ في مَلَذَّاتِهِم، فَإِنَّهُم يَعيشونَ حياةَ الهَمِّ وَالغَمِّ والضَّنكِ، أَمَّا التائبونَ فَإِنَّهُم يَذوقُونَ السعادةَ الحقيقيةَ، ففي التوبةِ الحياةُ الطَّيِّبَةُ وَالرَّاحَةُ وَالطُّمَأنِينَةُ الَّتي يَنشُدُها العالَمُ كُلُّهُ، وَلَكِنَّهُم ضَلُّوا عن سَبِيلِها مَعَ أَنَّهُ أَقربُ إِلَيهِم مِن كُلِّ قريبٍ.

وَسَيَمتَلئُ قلبُ التَّائِبِ مِن مَحَبَّةِ اللهِ مَا يُغنِيهِ عَن مَحَبَّةِ الشهواتِ التي تُذِلُّهُ وَيَبقَى أَسِيرًا لَهَا طُولَ عُمرِهِ، فاغتَنِمُوا يا عبادَ الله هذا الموسمَ بالمسارعةِ إلى التَّوبَةِ، فَإِنَّهَا في حَالِ السَّعَةِ مُمكِنَةٌ، أَمَّا عِندَ نَزعِ الرُّوحِ، فَإِنَّ نُفُوسَ العُصاةِ تَرجُوهَا وَتَوَدُّ أَنْ لَو كَانَت مِن أَهلِها، وَلَكِنْ هَيهَاتَ هَيهَاتَ، فَقَدِ انتَهى وَقتُ المُهلةِ، وَانقَضى زَمَنُ القَبولِ، أَعوذُ باللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ: ﴿إِنَّمَا ٱلتَّوۡبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِینَ یَعۡمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَـٰلَةࣲ ثُمَّ یَتُوبُونَ مِن قَرِیبࣲ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمۡۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِیمًا حَكِیمࣰا ۝١٧ وَلَیۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِینَ یَعۡمَلُونَ ٱلسَّیِّـَٔاتِ حَتَّىٰۤ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّی تُبۡتُ ٱلۡـَٔـٰنَ وَلَا ٱلَّذِینَ یَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِیمࣰا ۝١٨﴾ [النساء ١٧-١٨]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم….

 

 

 

الخطبة الثانية.

الحمدُ للهِ الكريمِ المُتعالِ، ذِي الفَضلِ والإِنعامِ والإِحسانِ، أَحمَدُهُ سُبحانَهُ وَأَشكُرُهُ، وَأَتُوبُ إِليهِ وَأَستَغفِرُهُ.

 


عِبادَ الله، إِنَّ مَن تَتَبَّعَ نُصُوصَ الوَحيَينِ وَجَدَ فِيها الحَثَّ على التوبةِ وَالتَّحفِيزُ عليها بِصُورٍ مُتَنَوِّعةٍ وَفي آياتٍ كثيرةٍ، قَالَ اللهُ تبارك وتعالى: ﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾

وَقالَ سُبحانَهُ: ﴿وَإِذَا جَاۤءَكَ ٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِـَٔایَـٰتِنَا فَقُلۡ سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُمۡۖ كَتَبَ رَبُّكُمۡ عَلَىٰ نَفۡسِهِ ٱلرَّحۡمَةَ أَنَّهُۥ مَنۡ عَمِلَ مِنكُمۡ سُوۤءَۢا بِجَهَـٰلَةࣲ ثُمَّ تَابَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَصۡلَحَ فَأَنَّهُۥ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾

والآياتُ في هذا المعنى كثيرةٌ جِدًّا.

وَرَغَّبَ اللهُ بها بِأَنَّهُ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ، وهذا لَعَمرُ اللهِ شَرَفٌ مُنِيفٌ لِصَاحِبِهِ، وَفِيهِ مِن دَلائِلِ الرَّحمةِ ما فِيهِ، فَمَعَ أَنَّ العَبدَ قَد تَجَاوَزَ الحُدُودَ، وَخَالَفَ الأَمرَ، ووقعَ في النَّهيِ، وَعانَدَ وارتَكَبَ المَحَاذِيرَ والمخالفاتِ، إِلاَّ أَنَّ رَبَّهُ كَتَبَ لَهُ المَحَبَّةَ وَالرِّضا متى ما عاد إليه، فَأَيُّ فَضلٍ أَرفَعُ مِن هَذا الفَضلِ؟!

ومِن فضائِلِ التوبةِ العجيبةِ أَنَّ اللهَ يُبَدِّل مَعَاصِيَ التَّائِبِ إلى حسناتٍ متى ما صدق في هذِهِ التوبةِ، وأناب إلى رَبِّهِ الإنابةَ الخالصةَ، قال اللهُ تعالى: ﴿وَٱلَّذِینَ لَا یَدۡعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ وَلَا یَقۡتُلُونَ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِی حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَا یَزۡنُونَۚ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰ⁠لِكَ یَلۡقَ أَثَامࣰا ۝٦٨ یُضَـٰعَفۡ لَهُ ٱلۡعَذَابُ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ وَیَخۡلُدۡ فِیهِۦ مُهَانًا ۝٦٩ إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلࣰا صَـٰلِحࣰا فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ یُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَیِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَـٰتࣲۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا ۝٧٠ وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَإِنَّهُۥ یَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتَابࣰا ۝٧١﴾

فانظر لهذا الفضلِ الذي لا مثيلَ له، فلماذا التأخُّرُ عنهُ وقد بَلَغتَ هذا الموسمَ المُبارَكَ الَّذي كُلُّ مَا حَولَكَ يُشَجِّعُكَ وَيُعِينُكَ على التَّوبَةِ النَّصوحِ؟!

التَّوبةُ يا عبادَ اللهِ فيها الفلاحُ والفَوزُ، وأَهلُها هُم أَهلُ جَنَّةِ النَّعيم، قال اللهُ تعالى: ﴿إلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ وَلَا یُظۡلَمُونَ شَیۡـࣰٔا﴾

وَمِن صُوَرِ رَحمَةِ اللهِ بِالتَّائِبِينَ أَنَّهُ يُسَخِّرُ لهم حَمَلَةَ العَرشِ وَهُمُ الملائِكَةُ المُقَرَّبُونَ لِيَستَغفِروا لهم، وَهذا فَضلٌ كبيرٌ، وَحَثٌّ لِلعَبدِ لِيَسلُكَ طَريقَ التَّوبةِ وَلا يَتَأَخَّرَ عَنهَا، قال اللهُ تعالى: ﴿ٱلَّذِینَ یَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ یُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَیُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَیَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَیۡءࣲ رَّحۡمَةࣰ وَعِلۡمࣰا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِینَ تَابُوا۟ وَٱتَّبَعُوا۟ سَبِیلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِیمِ ۝٧ رَبَّنَا وَأَدۡخِلۡهُمۡ جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِی وَعَدتَّهُمۡ وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَاۤىِٕهِمۡ وَأَزۡوَ ٰ⁠جِهِمۡ وَذُرِّیَّـٰتِهِمۡۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ ۝٨ وَقِهِمُ ٱلسَّیِّـَٔاتِۚ وَمَن تَقِ ٱلسَّیِّـَٔاتِ یَوۡمَىِٕذࣲ فَقَدۡ رَحِمۡتَهُۥۚ وَذَ ٰ⁠لِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ ۝٩﴾

فأقبِلوا يا عباد الله على التوبة إقبال المخبتين، وارجو ربَكم رجاء الصادقين، واغتنوا هذا الموسم بهذا الخير المبين، وكونوا من الصادقين المنيبين.

وصلّوا على خير التائبين وأصدق المنيبين، واسلكوا سبيله في التوبة، فمن سلك سبيله فقد أفلح وأنجح.

اللهم أعزّ الإسلام وانصر المسلمين...

المرفقات

1741877452_‎⁨خطبة رمضانُ وفرصة التوبة النصوح⁩.pdf

المشاهدات 422 | التعليقات 0