رمضان والمساجد والقرآن ميادين الإحسان

عبد الله بن علي الطريف
1444/09/02 - 2023/03/24 07:15AM

رمضان والمساجد والقرآن ميادين الإحسان 1444/9/2هـ

يقول الله تعالى حاثاً على التقوى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة:281]..

أيها الإخوة: رمضان والمسجد والقرآن.. أعلام عظيمة ينتظمها حديثنا اليوم؛ فيجتمع لنا بيان فضل شرف المكان، الزمان، الانشغال بأشرف كلام..

فهنيئاً لنا أيها الأحبة: أن أدركنا هذا الشهر العظيم.. فقد حبانا اللهُ جلَ في علاه بعطاءٍ جزيل حُرم منه خلقٌ كثير إما بموتهم، أو بغيهم وكفرهم وجحودهم.. فاللهم لك الحمد على آلائك التي لا تعد ولا تحصى أن سَلْمتَنا إلى رمضان، ونسألُك أن تُسَلِمَهُ لنا وأن تَـــــتَسَلَّمَهُ منا مقبولاً يا أرحم الراحمين..

وأطلّ شهرُ الصومِ يرفلُ بالْمُنى ... ‏نورٌ يفيضُ بأعذبِ النسَماتِ

‏بُشرى لِمن وهبَ الفضائلَ روحَهُ... ‏ما بين قُرآنٍ وطُــــــــــــهرِ صلاةِ

‏فلتهنؤوا بالخيرِ تحتَ ظــِــــــــــــــــــــلالهِ... ‏ولتنعمُوا بالصفحِ والرحمـــــــــــاتِ

أيها الأحبة: كانت بشارةُ النبيِّ ﷺ لأصحابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم برمضان بشارةٌ عظيمةٌ لِـما اختصَ اللهُ تعالى به هذا الشهرَ من خيرٍ، ففيه تُفتحُ أبوابُ خيرٍ كثيرة، وتُغلقُ أبوابُ شرٍ كثيرة، وقد بَشَّرَ ﷺ أصحابَه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم لَما دَخَلَ رَمَضَانُ فَقَالَ: «هَذَا رَمَضَانُ قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللهُ عَزَ وَجَلَ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَنَادَى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ  أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَللهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ؛ حَتَّى يَنْقَضِيَ رَمَضَانُ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا، فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ» ذكره في الجامع الصحيح للسنن والمسانيد وعزاه للنسائي وابن ماجة وأحمد عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

أيها الإخوة: في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي هَذَا الشَهْرِ العَظِيمِ يُنَادِي مُنَادٍ: «يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَللهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ حَتَّى يَنْقَضِيَ رَمَضَانُ» الله أكبر ما أجلَّه من نداء، وما أشده من تحذير، وما أجزله من عطاء.. نداءٌ للخيرِ.. وتحذيرٌ من الشرِ.. ووعد بالخير طوال الشهر.. خَصَ اللهُ تعالى به عبادَه بعد أن هيأ لهم فُرَصَ الخير، وأغلق عنهم أبواب الشر.. فالجنةُ مُشْرَعَةُ الأبوابِ لطالبِيها، والنارُ مغلَّقَةُ الأبوابِ لحاذِرِيها، والشياطينُ ترسفُ في أغلالِها، ومنادِ الرحمنِ ينُادِي نداءً غيرَ مسموعٍ للناس، لكنهم يعلمونه بإخبارِ الصادق المصدوق ﷺ، ينادى بـ «يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ» أي: أَقْبِل على فعل الخير، فهذا أوانك، فإنك تُعْطَى الجزيل بالعملِ القليل.. « وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ» تُبْ فَإِنَّهُ أَوَانُ قَبُولِ التَّوْبَة.

هيا معاشر الإخوة: لنعاهد النفس ونحملَها ونجتهدَ بالطاعات، ونرتب جداول العمل الصالح ونعمر فيه الأوقات.. فموسمنا موسمٌ عظيمُ الهبات، وَفُرَصُهُ فُرَصٌ لا تعوض.. من صلاة وزكاة وصيام وصدقات، ودعاء.. وحارس هذه العزيمة الحرص، وقضاء النوافل التي تفوتنا فقد كان النبيُّ ﷺ يقضي ما يفوته منها، فإن فاتنا القيام مع الإمام مثلاً قضيناه كما هو من الليل، أو شفعا من الغد في الضحى، وإن فاتنا وردنا من القراءة قضيناه في وقت يليه.. هذه عزائم الجادين، وهذا ديدن الحريصين فإذا حرص المسلم على القضاء، بادر بالأداء؛ لثقل القضاء، أما إن تهاونا في القضاء فسنجد أنفسا وقد فاتنا خيرٌ كثيرٌ يصعب علينا تداركه..

أيها الإخوة: أما شرف المكان وهو المسجد فيتجلى للمتأمل بفعل النبي ﷺ ومبادرته ببناء المساجد عند نزوله أي دار من دور الإسلام؛ ليُعلم علم اليقين أهميةُ المسجد، ودورُهُ المهم في الأمة، فلقد كان المسجدُ منطلقاً لكلِ خير ومصدراً لكل قرار ينظم شؤون الدولة الفتية.. ولذلك تضافر الكتاب والسنة في بيان أهميته ورتب رسولُ الله ﷺ الأجورَ الكبيرة للمهتمين ببناء المساجد والمترددين عليها.. وخصهم بمنحٍ عظام لا تكون إلا لهم.! قال الله تعالى: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [التوبة:18]، وكان أول عمل يعمله ﷺ عندما وصل إلى المدينة، لما أَقَامَ بقُباءٍ أَسّسَ مَسْجِدَ قُباءَ، وكَانَ ﷺ أَوّلَ مَنْ وَضَعَ حَجَرًا فِي قِبْلَتِهِ ثُمّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِحَجَرٍ فَوَضَعَهُ ثُمّ جَاءَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِحَجَرٍ فَوَضَعَهُ إلَى حَجَرِ أَبِي بَكْرٍ ثُمّ أَخَذَ النّاسُ فِي الْبُنْيَانِ.. ثم خرجَ ﷺ متوجهاً إلى المدينة.. وما وازنَ موكبُه ﷺ بيتاً من بيوتات الأنصارِ إلا اعترضوا طريقَهُ وقالوا يا رسولَ الله: أَقِمْ عِنْدَنَا فِي الْعَدَدِ وَالْعُدّةِ وَالْمَنَعَةِ فيقَولَ ﷺ: «خَلّوا سَبِيلَهَا، فَإِنّهَا مَأْمُورَةٌ» لِنَاقَتِهِ فَيخَلّون سَبِيلهَا، فَانْطَلَقَتْ، حَتّى إذَا أَتَتْ دَارَ بَنِي مَالِكِ بْنِ النّجّارِ، بَرَكَتْ عَلَى بَابِ مَسْجِدِهِ ﷺ وَهُوَ يَوْمئِذٍ مِرْبَدٌ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ مِنْ بَنِي النّجّارِ، فَلَمّا بَرَكَتْ وَرَسُولُ اللّهِ ﷺ عَلَيْهَا لَمْ يَنْزِلْ وَثَبَتَ فَسَارَتْ غَيْرَ بِعِيدٍ وَرَسُولُ اللّهِ ﷺ وَاضِعٌ لَهَا زِمَامَهَا لا يَثْنِيهَا بِهِ ثُمّ الْتَفَتَتْ إلَى خَلْفِهَا، فَرَجَعَتْ إلَى مَبْرَكِهَا أَوّلَ مَرّةٍ فَبَرَكَتْ فِيهِ ثُمّ تَحَلْحَلَتْ وَرَزَمّتْ وَوَضَعَتْ جِرَانهَا.. فَنَزَلَ عَنْهَا رَسُولُ اللّهِ ﷺ وأَمَرَ بِهِ أَنْ يُبْنَى مَسْجِدًا وهو مسجده.. وَنَزَلَ ﷺ عَلَى أَبِي أَيّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتّى بَنَي مَسْجِدَهُ وَمَسَاكِنَهُ وكان ﷺ يعَمِل فِيهِ لِيُرَغّبَ الْمُسْلِمِينَ للْعَمَلِ فِيهِ.. ومما ورد في فضل بناء المساجد قوله ﷺ: «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ، أَوْ أَصْغَرَ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» وفي رواية «لَا يُرِيدُ بِهِ رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ أَوْسَعَ مِنْهُ» رواه ابن ماجة عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وصححه الألباني. وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَرَادَ بِنَاءَ الْمَسْجِدِ، فَكَرِهَ النَّاسُ ذَلِكَ، وَأَحَبُّوا أَنْ يَدَعَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ، بَنَى اللهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ». رواه مسلم.

أيها الأحبة: المساجد بقاع أرضية تُنَضِّرُها الأنوار السماوية، وترفُّ عليها الملائكة بأجْنِحتها، وهي أفضل المواقع عند الله، وأماكن المنافسة في الخيرات.. واجتماع المؤمنين، وأداء العبادات، ونزول الملائكة والرحمات.. في هذه البيوت تُغسل القلوب، وينجلي صدؤُها، وفيها يجتمع المؤمنون معاً، طاعة لله عز وجل، وتتساوى الرؤوس مع الأجساد القائمة لله تعالى ركوعاً، وسجوداً، وقياماً، وخضوعاً.

هنا السماواتُ تبدو قُـربَ طالبِها
**
هنا الرحـابُ فضاءٌ حين يُلتـمسُ
هنا الطهارة تحيــا في أماكنِهــــــــــــــــــا
**
لا الطِّيبُ يبلى ولا الأصداءُ تندرسُ
 
حقٌ على كل مسلم أن يعي فضل هذه المساجد ويشارك في بنائها وتنظيفها وحفظها من الأذى الحسي والمعنوي.. فهي أَحَبُّ الْبِلادِ إِلَى اللَّهِ تعالى، قال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَحَبُّ الْبِلادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا». رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد

الخطبة الثانية:

أيها الإخوة وفي شهر القرآن يطيب الحديث عن القرآن، ففيه أنزل قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [البقرة:185] فِي هَذْه الآية يَمْدَحُ تَعَالَى شهرَ الصِّيَامِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الشُّهُورِ، بِأَنِ اخْتَارَهُ لِإِنْزَالِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وهو الشَّهْرُ الذِي كَانَتِ تَنْزِلُ فِيهِ الْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وقد نَزَلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى بَيْتِ الْعِزَّةِ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فِيه، فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، قَالَ تَعَالَى: (إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [الْقَدْرِ:1]. وَقَالَ: (إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) [الدُّخَانِ:3]، ثُمَّ نَزَلَ بعدُ مُفَرَّقًا بِحَسْبِ الْوَقَائِعِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. والإكثار من تلاوة القرآن وصيةُ رَسُولِ اللهِ، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي، قَالَ: «أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ رَأْسُ الْأَمْرِ كُلِّهِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زِدْنِي، قَالَ: «عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَذِكْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الْأَرْضِ، وَذُخْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ» رواه ابن حبان في حديث طويل وقال الألباني حسن لغيره.

وقد بشر رسولُ الله ﷺ قارئه بقَولِه: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا». رواه الترمذي وغيره عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وهو حسن صحيح.. وأهل القرآن هم أهل الله قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ». رواه النسائي وابن ماجة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وصححه الألباني. قال ابن القيم: أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمُ الْعَالِمُونَ بِهِ، وَالْعَامِلُونَ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْفَظُوهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، وَأَمَّا مَنْ حَفِظَهُ وَلَمْ يَفْهَمْهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا فِيهِ، فَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ أَقَامَ حُرُوفَهُ إِقَامَةَ السَّهْمِ..

جاء النبيون بالآياتِ فانصرمت *** وجئتنا بحكيم غيرِ منصرمِ

آياتهُ كلما طــــــــــالَ المدَى جُدُدٌ *** يزينهن جلالُ العتقِ والقِدَمِ

حري بنا في هذا الشهر أن نزيدَ في وقتِ قراءة القرآن، ونجاهد أنفسنا أن نختمه عدة مرات، فقراءة ختمة لا تزيد على عشر ساعات، وقارن هذه الساعات القليلة بساعات متابعتنا لوسائل التواصل الاجتماعي تجد العجب.

وقد حث رسول الله ﷺ على المكث بالمسجد لتلاوة القرآن، فَقَدَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَقَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ، أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ، فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ، فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلاَ قَطْعِ رَحِمٍ؟!» فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نُحِبُّ ذَلِكَ. قَالَ: «أَفَلاَ يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمَ أَوْ يَقْرَأَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلاَثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاَثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ» رواه مسلم عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه وقد وفق الله هذه البلاد للعناية بالمساجد فخصصت رئاسة خاصة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، ووزارة لشؤون المساجد ومنسوبيها واعتنت بالمساجد بناء ورعاية وغيرها، وكذلك اعتنت بطباعة القرآن الكريم وخصصت مجمع الملك فهد لطباعته في المدينة، وفتحت المجال لمشاركة أهل الإحسان ببناء المساجد ورعايتها، وطباعة المصحف الشريف من خلال منصة إحسان فحري بنا المشاركة بذلك في هذا الشهر اغتناماً لفضله.. بالقليل أو الكثير، فالمشاركة في طباعته مشاركة في تعليمه ونشره قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» رواه البخاري عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فلله الحمد رب العالمين..

المشاهدات 4001 | التعليقات 0