رمضان والتغيير
إبراهيم بن صالح العجلان
1436/09/02 - 2015/06/19 01:58AM
إخوة الإيمان:
فُتِّحت أبوابُ الجنان، وغُلِّقت أبواب النيران ، وسلسلت الشياطين ومردة الجان،
ونادى مناد من السماء: يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر.
وغنائم الملك الكريم تدَّفق على عباده المقبلين المستجيبين، ذنوبٌ تُغفر، وعيوبٌ تُستر، دعاءٌ مُجاب، وإقبال على الخير قد طاب، حسنات وبركات، ومحو للسيئات والخطئيات،( وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَت الْكَبَائِرَ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ
إنَّ شهراً هذه مغانمُه وهباتُه حقٌ أن يُقدر حق قدره، وأن يفرح في استقباله، ويجتهد في اغتنام أيامه ، ويحسن في ختامه ووداعه.
حق أن يحتفى به، وتلظ الألسن بالحمد والشكر لله على إدراك رمضان الذي أنزل فيه القرآن، هدى للناس، وبينات من الهدى والفرقان.
ابشر يا عبد الله فأجور رمضان وهدايا الرحمن أعدت لك أنت ، فأحسن الظن بربك الكريم ، وأرِ الله من نفسك خيراً ، اخلص في عملك، وابشر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.
يا من ترجوا جوائز رمضان اجعل من هذا الشهر نقطة الانطلاق، ومنعطفاً صادقاً في حياتك، وتغيراً ملموساً في سلوكك وتعبدك .
أنا وأنت يا عبد الله نحتاج دوماً إلى هذا التغيير، إذ ليس في الشريعة ولا في الطبيعة توقُّفٌ البتَّة ، فإما أن تعمر وقتك بالخير، فأنت في تقدم، وإما أن تلهينك نفسك الأمارة بالسوء فأنت إلى تأخر، ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْأَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ) .وفي الحديث: (كلُّ الناس يغدو، فبائعٌ نفسَهفمُعتِقها، أو موبِقها).
نعم .. التغير للأحسن سهل ومدرك، فمهما جثمت الغفلة فالتغير ميسور، ومهما التفَّت الشهوات فالتغير مقدور.
أما كيف نتغير ، فهذا سؤال تجيبه المعالم التالية:
ـ فأول ما يبدأ التغير من الداخل، أن تكون صادقاً مع نفسك في طلب التغيير، لا أن يكون تغيرك موسمياً ، بل ترجوا تغير حالك ابتغاء رضا ربك ، ورجاءَ نواله وأعطياتِه.
هذا الشعور الوجداني عمل صالح ، وإذا صَحَّح العبدُ نيتَه، وأراد وجهَ ربِّه، أُجِر على هذه النية الخَيِّرة، والبداية الصالحة.
هذه النيَّة الطيِّبة لها دَورُها في إصلاح النفس، وأثرُها في تكفيرالخطايا، وإن كَبُرتْ؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسانُ على وجه يكمل فيه إخلاصه وعبوديته لله، فيغفر اللهُ به كبائرَ الذنوب؛ كما في حديث البطاقة).
ـ ومن معالم صدق التغيير: أن يكون العبدُ كثيرَ الندم، شديدَ التأسُّف على مامضى وكان، في أيَّام الغفلة والعصيان.
إذا تذكَّر حالَه الأولى تلجلجتِ الحسرة بين جَنباتِه، وظهر الأسى على مُحيَّاه.
وهذه هي هي التوبة؛قال r: (الندمُ توبةٌ)؛ رواه الإمام أحمد، وصحَّحه ابن حبان والألباني.
هذا الندم - عبادَ الله - يفعلُ فِعلَه في حال العبد، فيَظهرُ أثرُ التغيُّر فيه، فتراه رقيقَ القلب، عظيمَ الخشية، سريعَ الدمعة، كثيرَ الاستكثار مِن فعل الحسنة، والحسنة بعدها، فكان بندمِه هذا كمَن لا ذنبَ له.
وكان بعد ذلك قريبًا من ربِّه، حائزًا محبَّتَه (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّالمُتَطَهِّرِينَ)
وهذا العبد بتغيُّره وتوبته قد ربطَ وصالَه مع ربِّه، فكان الله فرحًا برجوع عبده إليه أشدَّ من فَرَحِ ذلك الرجل الذي فَقَد راحلتَه ومتاعَه،فأَيِس منها، فاستظلَّ تحت ظلِّ شجرة، ينظرُ أجلَه، ثم استيقظ فرآها عندَ رأسه،فأخذ خِطامَها، ثم قال مِن شدَّة الفرح: اللهمَّ أنت عبدي، وأنا ربك، أخطأ من شِدَّة الفَرَح!
هذا التغيُّر الذي يحبُّه الله،ويفرح له، قد أعدَّ الله لصاحبِه الأجورَ العظيمة، والحسناتِ الوفيرة؛ قال تعالى : (إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَات)(،(وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى).
ليس ليس من شرط التغير أن يسلم العبد من الذنب، فكل بني آدم خطَّاء، وأينا العبد الذي ما ألمَّا ، وإنما لا يفرح بالذنب حين يصيبه، ولا يبتهج بالاستكثار من الخطايا.
ـ ومن علامات صدق التغير: أن يكون العبد لوَّامًا لنفسه، كثيرَ المحاسبة لذَاتِه، إذا نظرتْ عينُه لحرام، عادَ لنفسه وحاسبَها على زِناها،وإذا سَلَق لسانُه الأعراض، عاتبَ نفسَه على هذه الكبيرة، وإذا قصَّر في النوافل فيما فات، عاهدَ نفسَه على اغتنامها فيماهو آتٍ، وهكذا تكون المحاسبةُ والمعاتبة للنفس قريبةً من شعورِه، لا تنفكُّ عن أحاسيسه.
ـ التغيير المرجو :أن يستشعر العبد بكل نكتة سوداء تغزو صدره ، فتطبع على قلبه، فيبادر بلا تسويف إلى غسل هذه النكت بماء الاستغفار، ويتعاهد تطهير محلها وتنظيف درنها بعد ذلك بالأعمال الصالحات ، يقينه ورجاؤه: (إن الحسنات يذهبن السيئات)،( واتبع السيئة الحسنة تمحها )
التغير الصادق:أن يكونَ العبدُ بعد ذلك عاليَ الهِمَّة، قويَّ العزيمة في طلب مرضاة ربِّه؛ كما قال موسى – عليه السلام: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)
ترى هذا العبد المتغيِّر يملك نفسًا توَّاقةً نحوَالمعالي، يُنافس في خير، ويُزاحم نحو كلِّ معروف، يَضرِب بسَهْم في كلِّ ألوا ن الطاعات، يرتاح مع الصلاة، ويعشق الصيام، ويَحِنُّ للقرآن، ينشرح مع الذِّكْر، ويتلذَّذ بصلة الرَّحَم، ويسعد بزيارةِ المريض، يأنس بمسح رأس يتيم، ويتحسَّس لسدِّ فاقة كلِّ كسير، يُسارِع لِجَنَّة عرضُها السموات والأرض، من خلال تلمُّس الأعمال التي يدخل من أبوابها.
وهكذا هي أيَّامُه وأحوالُه،هو مِن تقدُّمٍ إلى تقدُّم، ومن حَسن إلى أحسن، يُحرِّك هِمَّتَه ويوقدها قولُ ربِّه : (وفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ)
ويُعلي عزمَه وعزيمتَه أيضًا آيةُ ربِّه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُواوَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
تلك - عبادَ الله - بعضُ صور التغيُّر نحو الأحسن، وبضدِّها تتبيَّن الأشياء.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْم ٍحَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)
أما بعد فيا إخوة الإيمان ، ها هو شهر القرآن قد عاد إليكم بخيره وخيراته، وروحانيته وهداياته،
رمضانُ هلَّ هلالُه ** فاستبشروا بطلوعِهِ
وبصومه وصلاتِه ** وبذكره وخشوعِهِ
فاضتْ علينا رحمةٌ ** بالخير من ينبوعِهِ
قد عاد يُشرِقُ بالهدى ** يا مرحباً برجوعِهِ
تذكر يا من بُلِّغت رمضان أن ضيفك الغالي أيامه معدودات، وساعته محدودات فأقبل على حلائل الطاعات، تقبل إليك الفضائل والخيرات.
أعلن من الآن ساعة النفير ، فالتجارة قائمة، والأرباح عالية ، والفرص لماحة، والنفوس مقبلة، وعجلة الشهر ماضية بأجورها وأوزارها ، وأفراحها واحزانها ، فيا سَعْدَ من عمل، ويا عزاء من غفل ، وقد قيل لأحد السابقين: ماأعظمَ المصائبَ عندكم؟ قال:أن تقدرَ على المعروف فلاتصطنعه حتى يفوت ، وورد في الخبر : (من فُتح له بابٌ من الخيرِ فلينتهزه ،فإنه لايدري متى يغلق عنه ).
فما العمرُ إلاصفحةٌ سوفَ تنطوي **وما المرءُ إلازهرةٌ سوفَ تذبلُ
فالعبادة تحتاج إلى صبر ، وفراق الهوى علاجه التصبر ( وما يلقها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم )
وبقدرماتتعنّى تنال مات تمنى، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم ، ومن طلب المعالي والمناقب، احتمل النصب والمتاعب، وفي الحديث : (ألا إنَّ سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة ).
اللهم كما بلغتنا شهر رمضان فامنن علينا بالإعانة والقبول، اللهم وفقنا لمرضاتك، وحبب إلينا الطاعات ، وكرِّه إلينا الفسوق والمنكرات .
فُتِّحت أبوابُ الجنان، وغُلِّقت أبواب النيران ، وسلسلت الشياطين ومردة الجان،
ونادى مناد من السماء: يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر.
وغنائم الملك الكريم تدَّفق على عباده المقبلين المستجيبين، ذنوبٌ تُغفر، وعيوبٌ تُستر، دعاءٌ مُجاب، وإقبال على الخير قد طاب، حسنات وبركات، ومحو للسيئات والخطئيات،( وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَت الْكَبَائِرَ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ
إنَّ شهراً هذه مغانمُه وهباتُه حقٌ أن يُقدر حق قدره، وأن يفرح في استقباله، ويجتهد في اغتنام أيامه ، ويحسن في ختامه ووداعه.
حق أن يحتفى به، وتلظ الألسن بالحمد والشكر لله على إدراك رمضان الذي أنزل فيه القرآن، هدى للناس، وبينات من الهدى والفرقان.
ابشر يا عبد الله فأجور رمضان وهدايا الرحمن أعدت لك أنت ، فأحسن الظن بربك الكريم ، وأرِ الله من نفسك خيراً ، اخلص في عملك، وابشر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.
يا من ترجوا جوائز رمضان اجعل من هذا الشهر نقطة الانطلاق، ومنعطفاً صادقاً في حياتك، وتغيراً ملموساً في سلوكك وتعبدك .
أنا وأنت يا عبد الله نحتاج دوماً إلى هذا التغيير، إذ ليس في الشريعة ولا في الطبيعة توقُّفٌ البتَّة ، فإما أن تعمر وقتك بالخير، فأنت في تقدم، وإما أن تلهينك نفسك الأمارة بالسوء فأنت إلى تأخر، ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْأَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ) .وفي الحديث: (كلُّ الناس يغدو، فبائعٌ نفسَهفمُعتِقها، أو موبِقها).
نعم .. التغير للأحسن سهل ومدرك، فمهما جثمت الغفلة فالتغير ميسور، ومهما التفَّت الشهوات فالتغير مقدور.
أما كيف نتغير ، فهذا سؤال تجيبه المعالم التالية:
ـ فأول ما يبدأ التغير من الداخل، أن تكون صادقاً مع نفسك في طلب التغيير، لا أن يكون تغيرك موسمياً ، بل ترجوا تغير حالك ابتغاء رضا ربك ، ورجاءَ نواله وأعطياتِه.
هذا الشعور الوجداني عمل صالح ، وإذا صَحَّح العبدُ نيتَه، وأراد وجهَ ربِّه، أُجِر على هذه النية الخَيِّرة، والبداية الصالحة.
هذه النيَّة الطيِّبة لها دَورُها في إصلاح النفس، وأثرُها في تكفيرالخطايا، وإن كَبُرتْ؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسانُ على وجه يكمل فيه إخلاصه وعبوديته لله، فيغفر اللهُ به كبائرَ الذنوب؛ كما في حديث البطاقة).
ـ ومن معالم صدق التغيير: أن يكون العبدُ كثيرَ الندم، شديدَ التأسُّف على مامضى وكان، في أيَّام الغفلة والعصيان.
إذا تذكَّر حالَه الأولى تلجلجتِ الحسرة بين جَنباتِه، وظهر الأسى على مُحيَّاه.
وهذه هي هي التوبة؛قال r: (الندمُ توبةٌ)؛ رواه الإمام أحمد، وصحَّحه ابن حبان والألباني.
هذا الندم - عبادَ الله - يفعلُ فِعلَه في حال العبد، فيَظهرُ أثرُ التغيُّر فيه، فتراه رقيقَ القلب، عظيمَ الخشية، سريعَ الدمعة، كثيرَ الاستكثار مِن فعل الحسنة، والحسنة بعدها، فكان بندمِه هذا كمَن لا ذنبَ له.
وكان بعد ذلك قريبًا من ربِّه، حائزًا محبَّتَه (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّالمُتَطَهِّرِينَ)
وهذا العبد بتغيُّره وتوبته قد ربطَ وصالَه مع ربِّه، فكان الله فرحًا برجوع عبده إليه أشدَّ من فَرَحِ ذلك الرجل الذي فَقَد راحلتَه ومتاعَه،فأَيِس منها، فاستظلَّ تحت ظلِّ شجرة، ينظرُ أجلَه، ثم استيقظ فرآها عندَ رأسه،فأخذ خِطامَها، ثم قال مِن شدَّة الفرح: اللهمَّ أنت عبدي، وأنا ربك، أخطأ من شِدَّة الفَرَح!
هذا التغيُّر الذي يحبُّه الله،ويفرح له، قد أعدَّ الله لصاحبِه الأجورَ العظيمة، والحسناتِ الوفيرة؛ قال تعالى : (إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَات)(،(وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى).
ليس ليس من شرط التغير أن يسلم العبد من الذنب، فكل بني آدم خطَّاء، وأينا العبد الذي ما ألمَّا ، وإنما لا يفرح بالذنب حين يصيبه، ولا يبتهج بالاستكثار من الخطايا.
ـ ومن علامات صدق التغير: أن يكون العبد لوَّامًا لنفسه، كثيرَ المحاسبة لذَاتِه، إذا نظرتْ عينُه لحرام، عادَ لنفسه وحاسبَها على زِناها،وإذا سَلَق لسانُه الأعراض، عاتبَ نفسَه على هذه الكبيرة، وإذا قصَّر في النوافل فيما فات، عاهدَ نفسَه على اغتنامها فيماهو آتٍ، وهكذا تكون المحاسبةُ والمعاتبة للنفس قريبةً من شعورِه، لا تنفكُّ عن أحاسيسه.
ـ التغيير المرجو :أن يستشعر العبد بكل نكتة سوداء تغزو صدره ، فتطبع على قلبه، فيبادر بلا تسويف إلى غسل هذه النكت بماء الاستغفار، ويتعاهد تطهير محلها وتنظيف درنها بعد ذلك بالأعمال الصالحات ، يقينه ورجاؤه: (إن الحسنات يذهبن السيئات)،( واتبع السيئة الحسنة تمحها )
التغير الصادق:أن يكونَ العبدُ بعد ذلك عاليَ الهِمَّة، قويَّ العزيمة في طلب مرضاة ربِّه؛ كما قال موسى – عليه السلام: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)
ترى هذا العبد المتغيِّر يملك نفسًا توَّاقةً نحوَالمعالي، يُنافس في خير، ويُزاحم نحو كلِّ معروف، يَضرِب بسَهْم في كلِّ ألوا ن الطاعات، يرتاح مع الصلاة، ويعشق الصيام، ويَحِنُّ للقرآن، ينشرح مع الذِّكْر، ويتلذَّذ بصلة الرَّحَم، ويسعد بزيارةِ المريض، يأنس بمسح رأس يتيم، ويتحسَّس لسدِّ فاقة كلِّ كسير، يُسارِع لِجَنَّة عرضُها السموات والأرض، من خلال تلمُّس الأعمال التي يدخل من أبوابها.
وهكذا هي أيَّامُه وأحوالُه،هو مِن تقدُّمٍ إلى تقدُّم، ومن حَسن إلى أحسن، يُحرِّك هِمَّتَه ويوقدها قولُ ربِّه : (وفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ)
ويُعلي عزمَه وعزيمتَه أيضًا آيةُ ربِّه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُواوَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
تلك - عبادَ الله - بعضُ صور التغيُّر نحو الأحسن، وبضدِّها تتبيَّن الأشياء.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْم ٍحَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)
الخطبة الثانية
رمضانُ هلَّ هلالُه ** فاستبشروا بطلوعِهِ
وبصومه وصلاتِه ** وبذكره وخشوعِهِ
فاضتْ علينا رحمةٌ ** بالخير من ينبوعِهِ
قد عاد يُشرِقُ بالهدى ** يا مرحباً برجوعِهِ
تذكر يا من بُلِّغت رمضان أن ضيفك الغالي أيامه معدودات، وساعته محدودات فأقبل على حلائل الطاعات، تقبل إليك الفضائل والخيرات.
أعلن من الآن ساعة النفير ، فالتجارة قائمة، والأرباح عالية ، والفرص لماحة، والنفوس مقبلة، وعجلة الشهر ماضية بأجورها وأوزارها ، وأفراحها واحزانها ، فيا سَعْدَ من عمل، ويا عزاء من غفل ، وقد قيل لأحد السابقين: ماأعظمَ المصائبَ عندكم؟ قال:أن تقدرَ على المعروف فلاتصطنعه حتى يفوت ، وورد في الخبر : (من فُتح له بابٌ من الخيرِ فلينتهزه ،فإنه لايدري متى يغلق عنه ).
فما العمرُ إلاصفحةٌ سوفَ تنطوي **وما المرءُ إلازهرةٌ سوفَ تذبلُ
فالعبادة تحتاج إلى صبر ، وفراق الهوى علاجه التصبر ( وما يلقها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم )
وبقدرماتتعنّى تنال مات تمنى، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم ، ومن طلب المعالي والمناقب، احتمل النصب والمتاعب، وفي الحديث : (ألا إنَّ سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة ).
اللهم كما بلغتنا شهر رمضان فامنن علينا بالإعانة والقبول، اللهم وفقنا لمرضاتك، وحبب إلينا الطاعات ، وكرِّه إلينا الفسوق والمنكرات .
المرفقات
رمضان والتغيير.docx
رمضان والتغيير.docx
أحمد السويلم
أحسن الله إليك شيخنا
تعديل التعليق