رمضان فرصة للتغيير

إبراهيم بن سلطان العريفان
1444/09/08 - 2023/03/30 21:47PM

بسم الله الرحمن الرحيم

إخوة الإيمان والعقيدة ... شهر رمضان فرصة من أعظم فرص التغيير في كل المجالات لمن أراد التغيير، حيث الجو الملائم والتهيئة الربانية، والقرب من الله تعالى والمعينات في هذا الشهر كثيرة، فرمضان فرصة الجميع للتغيير.. فرصة ليصبح العبد من المتقين الأخيار، ومن الصالحين الأبرار، قال تعالى ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[.

ورمضان فرصة لإقامة الصلاة، في جماعة، والمحافظة على تكبيرة الإحرام في الصف الأول، فرصة للتعرف إلى الله في الرخاء، فرصة للذكر والشكر، فرصة لقيام طويل، في ليل طويل، طلبًا لمرضاة العظيم الجليل.

رمضان فرصة للتغيير لما يسر الله تعالى فيه، من أسباب الخيرات، وفعل الطاعات، فالنفوس فيه مقبلة، والقلوب إليه والهة، لأن رمضان تصفد فيه مردة الشياطين. فلا يصلون إلى ما كانوا يصلون إليه في غير رمضان، وفي رمضان تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران، ولله في كل ليلة من رمضان عتقاء من النار، وفي رمضان ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر؛ فما أعظمها من بشارة، لو تأملناها بوعي وإدراك لوجدتنا مسارعين إلى الخيرات، متنافسين في القربات، هاجرين للموبقات، تاركين للشهوات.

رمضان فرصة للتوبة والرجوع إلى الله تعالى؛ فالله U قد هيء لعباده هذا الشهر للتوبة والرجوع؛ ولأجل هذا يقول النبي ﷺ (خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له).

رمضان فرصة لتفقد النفس ومحاسبتها وحثها على الخير، والتغيير يبدأ عند محاسبة النفس وتصحيح أخطائها، وهذا ما يجب أن تكون عليه، عادة مستمرة يترقى بها المسلم إلى أفضل درجات السمو والرفعة. يقول الحسن البصري -رحمه الله: المؤمن قوّام على نفسه، يحاسب نفسه لله U وإنما خفّ الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شقّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة. فحاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا.

فخير بداية لرمضان أن تكون بتنقية القلوب لتقبل على علام الغيوب، بتقديم التوبة الصادقة، والتقلل من أدران الذنوب، قالت عائشة رضي الله عنها: إنك لن تلقى الله بشيء خير من قلة الذنوب، فمن سره أن يسبق الدائب المجتهد فليكف نفسه عن كثرة الذنوب.

عباد الله .. رمضان فرصة للإقبال على الله والإكثار من العبادة؛ فالله U قد فضّل شهر رمضان على سائر الشهور، وجعل أيامه من خير أيام العام، ولذلك يُعد فرصة عظيمة لمن أراد الإقبال على الله تعالى والاستزادة من العبادة.

رمضان فرصة للتغيير الأخلاقي؛ فرمضان بطبيعته يغرس في المسلمين الأخلاق الحميدة، والنبي ﷺ أكد لنا على ذلك، فقال ﷺ (من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) ويقول ﷺ (إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يفسق، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل إني صائم، إني صائم) وهذه دعوة للعفو والتسامح، ومبادلة السيئة بالحسنة.

رمضان يربي في الأفراد معنى الوحدة والترابط والتآخي والشعور بالآخرين، قال ﷺ (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

رمضان فرصة عظيمة لكظم الغيظ والعفو على الناس؛ لأنه يعود المسلم على الصبر والتحمل، فمن يستطع الصبر على الجوع والعطش مع شدة الحر، يستطيع أن يكظم غيظه ويصبر على أذى غيره، قال الله تعالى في وصف أهل الإيمان ]الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[ ويقول النبي ﷺ (لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضبِ) ويقول النبي ﷺ (من كظم غيظًا وهو يستطيع أن ينفذه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره في أي الحور شاء).

أسال الله أن يجعل شهر رمضان شاهدًا لنا لا علينا.

أقول ما تسمعون ...

 

الحمد لله رب العالمين ...

معاشر المؤمنين .. أيام رمضان شأن سائر الأيام تمر سريعًا، بل ربما هي أسرع من غيرها، وهذا يتطلب عزيمة صادقة وهمة عالية في ترتيب الأوقات واغتنام النفحات -وما أكثرها في شهر البركات- وترتيب الوقت في هذا الشهر الكريم من أهم مفاتيح جني الثمرات، وذلك برصد أوقات محددة لكل عبادة حسب ما تسمح به الأحوال، والحذر من لصوص الوقت من الرفقاء والأصحاب، أو الانشغال المفرط بوسائل الإعلام، وشبكات التواصل الاجتماعي.

قال تعالى ]وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا[ مع الحذر أيضا من آفات الكسل والتسويف، وشغل النفس بأمور يمكن تداركها بعد فوات الشهر الكريم، والانشغال بالمهم عن الأهم.

يا عبد الله .. استعن على سيرك إلى الله بترك من شغلك عن الله U، وليس بشاغل يشغلك عن الله U كنفسك التي هي بين جنبيك.

قال الحسن: من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه.

أسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته

المشاهدات 913 | التعليقات 0