رمضان فرصة لتدبر القرآن

ابو احمد
1433/09/14 - 2012/08/02 09:43AM
الخطبة الاولى:
أيها المؤمنون إن مما تميز به شهر رمضان أنه شهر القرآن كيف لا وجبريل عليه السلام كان يدارس نبينا r القرآن كل ليلة في رمضان ولذا فهو موسم يُكثر الناس فيه ولله الحمد من قراءة القرآن وتلاوته وهذا فيه أجر عظيمٌ وخيرٌ كثير (من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنةٌ، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرفٌ، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف) ولكن تلاوة التدبر والتأمل أعظم أجراً وأبقى أثراً ، فجوهرة واحدة خيرٌ وأغلى من مئات الدراهم ، لذا فإن المؤمن حريٌ به أن يربي نفسه على قراءة القرآن قراءة تدبريه ينتفع بها .. قال تعالى مؤكداً ما ذكرناه ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ .. يقول ابن مسعود t في وصيته لنا بتدبر القرآن : ( لا تهذّوا القرآن هذّ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل . قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب و لا يكن هم أحدكم آخر السورة ) ... لذا وانطلاقاً من ذلك دعونا عبادالله نبحر مع بعضنا في رحلة قرآنية نتدبر فيها بعض آياتٍ من كتاب ربنا وقرآننا :
- قرآننا يواسينا في أحزاننا ويهدّأ نفوسنا ويمسح دموعنا .....قال تعالى( وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) قال تعالى ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) قرآننا يعلمنا أن نقول عند الحزن ( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) إلى الله وحده لا إلى أحد سواه .
-نتدبر قرآننا فنجد قرآننا يعطينا الأمل حين تقفل الأبواب و يقال لنا "مستحيل"
فيقول لنا ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) و يؤكد لنا ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو و إن يردك بخير فهو على كل شيء قدير ) ثم يقوي رجائنا فيقول (ولا تيأسوا من روح الله ) هل شعرت بهذه المعاني وأنت تقرأ القرآن يا عبد الله
نتدبر قرآنَنَا فنجد قرآنَنا يزيدنا يقيننا بالله و قدرته .. ((ومن يتوكل على الله فهو حسبه)) ... ونتدبر (( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب )) ونتدبر ((ومن يتق الله يجعل له مخرجا)) فنجد السكينة و الطمأنينة و القوة و الأمل تتسلل إلى نفوسنا..!!
نتدبر قرآننا فنجد قرآننا يعرفنا بخالقنا وما أحوجنا أن نعرف خالقنا "عز وجل"
والله لو عرفنا خالقنا لأمتلأت قلوبنا بحبه ولأحسسنا بقربه منا ولاستأنسنا بذكره ولشعرنا بأننا في سعادة دائمة .. فوالله ثم والله ما أدبر عن الله المدبرون إلا لجهلهم به وعدم معرفتهم به ولو عرفوه سبحانه حق المعرفة لأطاعوه حباً ولاجتنبوا معاصيه خشية وإجلالا فهو أهلٌ للحب كُلِه يقول أحد الصالحين " مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أحلى ما فيها !! قالوا و ما أحلى ما فيها ؟ قال (حب الله والأنس به)
فكيف نحب الله ؟ نحبه بأن نتعرف عليه سبحانه ! كيف يكون ذلك ؟يكون عندما نفتح كتابه ونتلوه بنية معرفته ... سنجد أن الله يخبرنا عن نفسه في كتابه الكريم .. لنتعرف عليه .. فنحبه/ ونعظمه / و نخشاه /و نتذلل إليه /ونلجأ إليه في كل أمورنا .......
ننظر الى القرآن فنجده سبحانه يحدثنا عن نفسه فيقول (الله لطيف بعباده ) لنتأمل كلمة ( عباده ) لم يقل الصالحين ولم يقل المؤمنين ولم يقل العباد بل قال (بعباده ) ليشعرنا بلطفه .... يطمئننا بقوله ( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ) الشكر والإيمان حرز من العذاب ..فهل شكرنا وآمنا حق الإيمان ؟؟؟؟
ألا نرى رحمته ربنا في قوله (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) من الذي علمنا أن نقول ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )؟ أليس هذا كلام ربنا يُعلمُنا أن نقوله.. ليغفرَ لنا .....ربُنا يُعَرِّفُنا أنه غفور ، رحيم ، تواب فيقول سبحانه ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده و يأخذ الصدقات و أن الله هو التواب الرحيم ) يؤكد لنا أنه قريب منا مجيب لدعائنا فيقول (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) ثم نرى عظمته و ملكوته في قوله (وما قدروا الله حق قدره و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السموات مطويات يمينه) وفي قوله (الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل) وقوله (وتوكل على الحي القيوم) (وهو القاهر فوق عباده) أي عظمة وأي قوة هذه …. نستشعر واسع علمه في قوله (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) فأين نختفي عنه بمعاصينا ؟؟
بمثل هذا التدبر ... و بتكراره .. سنجد قلوبنا تحركّت لله وبدأت تشعر بحبه/ والإقبال عليه/ والأنس به وهذه والله جنة الدنيا…. فلنتدبر القرآن في شهر القرآن ليكون ربيع قلوبنا ... ونور صدورنا .... اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا اقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.....

الخطبة الثانية:
(يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم و شفاء لما في الصدور و هدى و رحمة للمؤمنين . قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) فالقرآن موعظة/ والقرآن شفاء للأسقام/ والقرآن هُدىً للعقول والأبصار/ والقرآن رحمة للقلوب والأرواح/ فافرحوا بفضل الله فهذه الفرحة وهذه النعم خير من كل حطام الدنيا وزينتها
( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) للتي هي أقوم في بيتك , في عملك , في مجتمعك , في نفسك , في دنياك و آخرتك فأين نحن من كل هذا الفضل ؟؟؟
ايها الاخوة المؤمنون ماذا نفهم من هذه الآية التي نسمعها كثيرا (( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله و تلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) إن من معانيها المهمة إن للقرآن قدرةً عجيبة على التأثير القوي و التغيير الإيجابي فالقرآن لو نزل على جبل لغير من طبيعة الجبل ولحول قسوته الى خشوع وتصدع لما أُحدث فيه من خشية الله؟
-لقد حرص النبي r على أن يكون تدبر القرآن هو الأول عنده وعند صحابته رضوان الله عليهم, كان يحذرهم أن يكون هدفهم من قراءة القرآن ختمه مرات ومرات دون انتفاع به وتدبر له كان يقول ( اقرأوا القرآن, اقرأوا قبل أن يأتي أقوام يقرأونه يقيمون حروفه كما يقام السهم لا يجاوز تراقيهم يتعجلون آجره ولا يتأجلونه )
قال ابن عباس: لأن أقرأ البقرة في ليلة فأتدبرها وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن في ثلاثٍ قراءة سريعة
عبادالله : استغلوا شهر القرآن واعرضوه على قلوبكم ..زكوا به انفسكم ..وربوا به أفهامكم واشفوا به أسقامكم ...عيشوه معه لتعيشوا به ...اقرءوه بتدبر وتأنٍ أقرءوه قراءة تتحرك بها قلوبكم/ وتخشع بها جوارحكم/ وتهطل بها دموعكم .....انقادوا له فلعله إن قادكم في الدنيا ان يقودكم في الاخرة الى جنات النعيم/اللهم انفعنا وارفعنا بالقرآن الكريم..اللهم اجعله قائدنا الى جناتك جنات النعيم.. علمنا منه ماجهلنا /ذكرنا منه مانسينا/ اجعله لقلوبنا ضياءً، ولأبصارنا جلاءً، ولأحزاننا ذهاباً، ولذنوبنا ممحِّصاً، وعن النار مخلِّصاً/اللهم اجعلنا ممن يقيم حروفه وحدوده ولا تجعلنا ممن يقيم حروفه ويضيع حدوده. اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك.
المشاهدات 2481 | التعليقات 1

بارك الله فيكم