رمضان شهر الجود والكرم

كامل الضبع زيدان
1436/09/07 - 2015/06/24 07:44AM
رمضان شهر الجود والكرم
نعم والله فهذا هو حال حبيبنا صلى الله عليه وسلم على الدوام ولكن في رمضان تعالوا لنستمع إلى سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهو يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه سلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل عليه السلام فيدارسه القرآن وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة) رواه البخاري ومسلم. نعم والله كان حبيبنا صلى الله عليه وسلم أجود الناس واستمد هذا الخلق العظيم من صفات رب العالمين جل جلاله فهو سبحانه أجود الأجودين وأكرم الأكرمين يحب الجود ويحب أهل الجود ويحب الكرم ويحب أهل الكرم واستمع إليه سبحانه وهو يقول {يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر} فهذا كرمه الواسع لعباده في الدنيا ومازال إنعامه يتنزل على عباده منذ أن خلقهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} فما بالنا بالآخرة دار الجزاء لا شك أن عطاءه جزيل وخذ مثالا واحدا الرجل الذي يخرج من النار وهو آخر أهل النار خروجا من النار في نهاية حديثه الطويل مع رب العالمين يقول له رب العالمين لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها معها هل رأيتم أو سمعتم بمثل هذا الكرم هذا هوربنا حبيبنا فما بالنا بعطاءه الطائعين العابدين السابقين بالخيرات لما سمع سيدنا موسى عليه السلام عطاء الله لهذا الرجل الذي هو أدنى أهل الجنة منزلة قال رب فأعلاهم منزلة أي كيف يكون عطاءك له فيقول أكرم الأكرمين: أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر فتخلق الحبيب صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة العظيمة صفة الكرم والجود فكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر وما سئل عن شيء يمتلكه إلا أعطاه بأبي هو وأمي وروحي صلى الله عليه وسلم وما ترك من سبيل لإيصال النفع والعلم والنور والهداية للعالمين إلا وسلكه وبذل كل الجهد في ذلك وما قصر بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف عنها الغمة وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فجزاه الله عنا خير الجزاء.
جوده العظيم صلى الله عليه وسلم
استمع إلى أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وهي تواسيه بعدما فاجأه جبريل عليه السلام وضمه مرات ضما شديدا حتى كادت أن تخرج روحه الشريفة من شدة ما لاقاه من هذا الملك القوي الكريم فرجع إلى أم المؤمنين فقال لها أي خديجة مالي وأخبرها الخبر قال لقد خشيت على نفسي فقالت: ـ ينبوع الحنان الذي أمد الله عزو جل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخفف عنه به الشدائد ـ كلا أبشر فوالله لن يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتقري الضيف وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق فهذه صفاته صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعثه الله نبيا هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا فكيف به بعدما أصبح الرحمة المهداة للعالمين لا شك أن هذه الصفات ستوثق وتزداد أضعاف أضعاف ما كانت ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس) وفي صحيح مسلم عن أنس أيضا قال: (ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء إلا أعطاه فجاء رجل فسأل النبي صلى الله عليه وسلم غنما بين جبلين فأعطاه إياه فرجع الرجل إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمدا صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء من لا يخشى الفقر) وها هو صفوان ابن أمية وكان هو وأبوه من صناديد الكفر وقتل أبوه أمية بن خلف مع من قتل من الصناديد في غزوة بدر الكبرى فكان صفوان يحقد على النبي صلى الله عليه وسلم ويبغضه بغضا شديدا فلما أسلم صفوان عندما فتحت مكة ودخل الناس في دين الله أفواجا أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤلف قلبه فأعطاه واد مملوء إبلا ونعما قال صفوان فمازال يعطيني حتي أصبح أحب الناس إلي وقلت: أشهد ما طابت بذلك إلا نفس نبي. وكما قال: سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فقال لا وأهديت إليه شملة وكان محتاجا إليها فلما لبسها سأله إياها رجل فأعطاه إياها فلامه الناس على ذلك وقالوا تعلم أنه محتاج إليها وأنه لا يرد السائلين فقال ما سألته إلا لتكون كفني أي يتبرك بجسد رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهر لعله ينال بذلك شفاعته فكانت كفنه رضي الله عنه.
أفضل الصدقة صدقة رمضان
جاء ذلك في حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواه الترمذي عن أنس رضي الله عنه لأن ذلك فيه إعانة للصائمين من الفقراء والمساكين والمحتاجين وكما جاء في الحديث عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من فطر صائما فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء) رواه الإمام أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجة. كيف لا يكون ذلك والله عزو جل يجود ويعظم جوده على عباده في رمضان والله عزو جل يعامل عباده كما يعامل العباد عباد الله فمن جاد على عباد الله جاد الله عليه بالعطاء والفضل والجزاء من جنس العمل وكما يكيل العباد يكال لهم. ومن معاني الصوم العظيمة أن يذوق الغني طعم الجوع فيشعر بمن هو جائع طوال العام من الفقراء والمساكين فعندها يسخو بماله عليهم حسبة لله رب العالمين.
الصدقات وقاية من النار
وذلك في رمضان وفي غير رمضان ولا شك أن ذلك في شهر رمضان أبلغ لأنه شهر الرحمة وشهر المغفرة وشهر العتق من النيران فإذا اجتمعت الصدقة مع الصيام فيا سعد من فعل ذلك قال الحبيب صلى الله عليه وسلم (والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار) وعن عدي ابن حاتم رضي الله عنه قال: (ذكر النبي صلى الله عليه وسلم النار فأشاح بوجهه فتعوذ منها ثم ذكر النار فأشاح بوجهه فتعوذ منها ثم قال اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة) رواه البخاري ومسلم وقي رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار من تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة) متفق عليه . يا ألله يا رحيم يا أرحم الراحمين ومن منا لا يملك شق التمرة نصف تمرة مؤكد أنهم قليلون جدا من لم يجدوها إذا فالأكثرية يملكون أن يقوا أنفسهم من النار الهائلة لظى المتغيظة التي غضبت لغضب الجبار جل جلاله فعلى كل واحد منا أن يسارع وأن يبادر لتخليص نفسه من هذا البلاء الحقيقي ويزحزح نفسه عن النار بكل ما يستطيع من الإنفاق من ماله وليعلم أن الله مخلف عليه ما أنفقه على الحقيقة فهو جل جلاله القائل {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} وقرر ذلك حبيبنا صلى الله عليه وسلم وأقسم على ذلك فقال بأبي هو وأمي وروحي صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظلم عبد مظلمه فصبر عليها إلا زاده الله بها عزا ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر) رواه الترمذي عن أبي كبشة الأنماري. إذا فالصدقات تنمي المال ولا تنقص منه بل تبارك في هذا المال وتكون سببا في زيادته زيادة حقيقية فالله عزو جل واهب المال وواهب العطايا فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع جل جلاله ربنا العظيم فإذا امتثل العبد أمره وأنفق كما أمره لا شك أن أكرم الأكرمين سيسارع له في الجزاء في الدنيا قبل الآخرة والذي يشك في ذلك عليه أن يجرب وسيرى العجائب علينا إخواني وأحبابي في هذا الشهر شهر العطاء والجود والكرم والمواساة أن نواسي إخواننا من المحتاجين الأقرباء والبعيدين لينظر إلينا ربنا العظيم الكريم بعين رحماته فيرحمنا أجمعين اللهم يا ربنا برحمتك الواسعة عمنا وآباءنا وأمهاتنا وأزواجنا وأولادنا وبناتنا وجميع أهلينا وذوينا وجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك يا ربنا سميع قريب مجيب الدعوات برحمتك يا أرحم الراحمين.
أخوكم / كامل الضبع محمد زيدان
المشاهدات 2440 | التعليقات 0