رَمَضَانُ تَعظِيمٌ للهِ تَعالى 18/9/1442هـ

خالد محمد القرعاوي
1442/09/15 - 2021/04/27 16:06PM
رَمَضَانُ تَعظِيمٌ للهِ تَعالى 18/9/1442ه
الحمدُ لله الرَّحيمِ الرَّحمنِ، سَابغِ الجُودِ والإحسَانِ، أَشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ له، المَلِكُ الدَّيَّانُ، وَأَشهدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ أَجودُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آلِهِ وَأصحَابِهِ ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ وإيمانٍ. أمَّا بعد: أيُّها الصَّائِمونَ، اتَّقوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ, وَاشكُرُا اللهَ أَنْ هَدَاكُم لِلإيمَانِ، وَمنَّ عَلَيكُم بِالصِّيام والقِيَامِ, وَهَنِيئَاً لَنا أَيَّامُ العَشْرِ الأَوَاخِرِ, ذَاتُ الفَضَائِلِ والمَنَازِلِ، فَشَهْرُنَا يَا صَائِمُونَ قَدْ أَخَذَ بِالنَّقصِ فَلْنَزِدْ نَحْنُ في العمَلِ، ومِن نِعَمِ اللهِ علينا أنْ جعلَ عشرَنا مَوسمَ خَيرٍ وعَطَاءٍ، فَهيَ فُرصَةٌ لمن فرَّط أوَّلَ الشَّهْرِ، وتَاجاً وخِتَامَاً لِمَن أَطَاعَ رَبَّهُ واتَّبعَ الأمْرَ! أيُّها الكرامُ: عشرُنا سُوقٌ عظيمٌ يَتَنافسُ فيه المُتَنَافِسونَ. وَطَائِفَةٌ تَسْمَعُ النِّداءَ وكأنَّهُ لا يَعنِيها، تَرى النَّاسَ يَتَهَجَّدُونَ وكأنَّهم عن رَحمَةِ اللهِ مُسْتَغْنُونَ! وَصدَقَ اللهُ:(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا*الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا). عباد الله: ظَاهِرَةٌ مُؤسفةٌ تَظْهَرُ في العَشرِ الأَوَاخِرِ خَاصَّةً، ولا يُعرَفُ لها تَفسيرٌ إلاَّ الغَفْلَةُ والحِرمانُ, أَنْ تُقْضَى ليالِ العَشْرِ في التَّنَقُّلِ بينَ الأسواقِ بَحثاً عن أَثَاثٍ أو ثِيَابٍ، إنَّهُ الحِرمانُ وَكَفَى!. وَرَسُولُنا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:(أَحَبُّ البِلادِ إلى اللهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ البِلادِ إلى اللهِ أَسْوَاقُهَا). فكان لزاماً علينا أن نُذَكِّرَ أنفُسَنا وَأهلِينا بِفَضائِل العَشرِ لِتَكونَ دافِعَا لَنا على الجدِّ والعملِ. عبادَ الله: لقد كانَ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَمَا وَصَفَتْ أُمُّنَا عائشةُ رَضِيَ اللهُ: إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ. إخْوَانِي: وَإنْ كَانَتْ ظُرُوفُ القِيَامِ هذا العَامِ خَاصَّةٌ ,فَ: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنَ صَلاتِكُمْ وَلا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا». كَمَا قَالَهُ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ. حَقَّاً لَقَدْ أصْبَحَتْ بَعْضُ البُيُوتِ قُبُورَاً لا صَلاةَ فِيهَا, ولا قِرَاءَةً لِلقُرآنِ! بَينَما رَسُولُنا كَثِيرَاً مَا يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالصَّلاةِ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ خَيْرَ صَلاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ، إِلَّا الصَّلاةَ الْمَكْتُوبَةَ». أتَظُنُّونَ أنَّ بَيتَاً يُتَعَبَّدُ للهِ فيهِ كَثِيراً, أنْ تَقَعَ فِيهِ مَعَاصٍ عِظَامٍ, وَكَبَائِرَ وآثَامٍ؟!قَالَ أَهْلُ العِلْمِ: شُرِعَتْ النَّوافِلُ فِي البُيُوتِ لِتَكُونَ أَخْلَصَ للهِ, وَلِتَعودَ البَرَكَةُ عَلى البَيتِ وَأَهْلِهِ، فكُنْ مِمنَ يَغْرِسُ الخَيرَ والقُدْوَةَ في أَبْنَائِهِ. رَدِّدُوا الَّلهُمَّ إنِّك عَفوٌ تُحبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا، واسْتَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكم وَلِلمُسلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُو الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
 
الخطبة الثانية: الحمدُ للهِ, وأَشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صلَّى الله وَسلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ وَعلى آلهِ وَأصَحَابَهِ. أيُّها الصَّائِمُ: بَعْدَ تَقْوى اللهِ تَعَالى. اعْلَمُ أَنَّ مِنْ توفيقِ اللهِ لكَ أنْ تَغتَنِمَ الَّليَالِيَ، بِأَنْوَاعِ العِبَادَةِ، أَمَلاً بِالفَوزِ بِلَيلةِ القَدْرِ، فَقَد قَالَ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ:(مَنْ قَامَ لَيلةَ القَدْرِ إيماناً وَاحْتِسَاباً غُفرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ). وَقَد نَدَبَنَا رَسُولُنا إلى التِمَاسِها في ليالِ الوِتْرِ مِن العَشْرِ الأَوَاخِرِ، سَأَلَتْ أمُّنَا رضي الله عنها رَسُولَ اللهِ بِأَيِّ شَيءٍ أَدْعُوا لَيلةَ القَدْرِ؟ فَأَرْشَدَهَا أَنْ تَقولَ:(الَّلهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ، تحبُّ العَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي). أيُّها الصَّائِمُونَ: الإقبالُ على طاعةِ اللهِ مطلوبٌ كُلَّ وقتٍ وحينٍ، وفي العشرِ الأواخِرِ أعظمُ فَضْلاً, حيث يَقتَرِنُ فَضْلُ العِبَادَةِ وَالزَّمانِ. وَاعْلَمُوا أَنَّ الجَمْعَ بينَ عِبَادَاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ أَبْلَغُ في تَكْفِيرِ الخَطَايَا وَالفَوزِ بِالجنَّةِ! كَمَا قالَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا, مَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً, مَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا, مَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا». وَأَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَقُولُ أَنَا. فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ». تَصَوَّرْ أَيُّهَا الصًّائِمُ: حَالَ مَنْ يَقْضِي وَقْتَهُ بَينَ العِبَادَاتِ, وَبينَ مَنْ تَضِيعُ عَليهِ سُدْىً! حَتى صَارَ بَعْضُ الصَّائِمِينَ يُتَابِعُ مَنْ يَسْخَرُ وَيَسْتَهْزِئُ بِكِتَابِ اللهِ، وَبِأَحْكَامِ الدِّينِ وَسُنَّةِ سَيِّدِ المُرسَلِينَ، وَهَذِهِ واللهِ مُصِيبَةٌ أنْ تَنْفَلِتَ أَلْسُنٌ تَطَالَ شَرْعَ اللهِ، بَفَنٍّ رَخِيصٍ سَخِيفٍ, لا يُبَالُونَ بِمَا يَتَلَفَّظُونَ وَلا يَقْدُرُونَ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ! (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ).أَجْمَعَ العُلَمَاءُ: أنَّ الاسْتِهْزَاءَ بِاللهِ وَدِينِهِ وَرَسُولِهِ وَكِتَابِهِ كُفْرٌ بَوَاحٌ، يُخرِجُ مِنْ الإسْلامِ. سَوَاءٌ كَانَ جَادَّاً أو مَازِحَاً, لِأَنَّ الِاسْتِهْزَاءَ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِخْفَافِ، وَالْعُمْدَةُ الْكُبْرَى فِي الْإِيمَانِ تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَقْصَى الْإِمْكَانِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُحَالٌ. يامُسْلِمُونَ: يَجِبُ أَنْ نَغَارَ عَلى دِينِ اللهِ وَأَحْكَامِ شَرْعِهِ، وَأَنْ تُنْبَذَ الفِئَةُ الضَّالَّةُ الفَاسِدَةُ المُفْسِدَةُ ألَمْ يَقُلْ رَبُّنا:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}.فَالَّلهُمَّ أَعِزَّ الإسْلامَ والمُسلمينَ وأذلَّ الكفر والكافرينَ. واحمِ حوزةَ الدينِ. وَفِّقْ وَسَدِّدْ وليَّ أَمْرِنَا لِما فيه صلاحُ وَحِفظُ البلادِ والعِبَادِ. واحفظ حدُودَنا وجنودَنا, واغفر لنَا ولوالدينا والمسلمين اجمعينَ. وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
 
 
 
 
المشاهدات 1053 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا