رغم أنفه

طلال شنيف الصبحي
1438/09/07 - 2017/06/02 01:00AM
رغم أنف من أدرك رمضان 7 / 9 / 1438 ه
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.أما بعد (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)
عباد الله:عن أبي هريرة ، أن النبي صعد المنبر، فقال " آمين آمين آمين" قيل: يا رسول الله، إنك حين صعدت المنبر قلت: آمين آمين آمين، قال:" إن جبريل أتاني، فقال:من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل:آمين، فقلت: آمين. ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما، فمات فدخل النار فأبعده الله، قل:آمين، فقلت: آمين. ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين "رواهـ ابن خزيمة وابن حبان في صحيحه وصححه الألباني,وفي رواية (رغم أنف امرئ دخل عليه شهر رمضان ثم خرج ولم يغفر له،قل:آمين،فقلت آمين) نعم"رغم أنفه" أي:التصق بالرغام،أي:التراب؛وذلك لخيبته وخسارته، فلماذا هذه الدعوة من جبريل -عليه السلام- والتأمين من النبي  على خسارة وخيبة من أدرك شهر رمضان ثم لم يغفر له؟ يا أهل الإيمان:إن المغفرة في رمضان في متناول الجميع، كلكم يستطيع أن يدرك هذا الفضل العظيم،فتغفر له ذنوب العمر بأعمال يسيرة وكثيرة،فينالها كل حريص على الخير مجتهد،ويخسرها كل محروم من الخير مبتعد.فيا عبد الله:لا شك أنك صائم في رمضان، امتثالا للأمر، وأداء للفرض،فليكن -مع ذلك- إيمانا بالله -تعالى- وما أخبر به من فرض الصوم وفضله، واحتسابا للثواب والأجر مخلصا فيه لله -تعالى-،فيكون لك في ذلك ما أخبر به النبي  "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" أيعجز أحدنا أن يحسن الوضوء في بيته ثم يخرج من بيته للمسجد لصلاة الجماعة، فهذا فيه خير كبير، وأجر من الله -تعالى- على ذلك العمل اليسير، توضأ عثمان بن عفان  يوما وضوءا حسنا،ثم قال:رأيت رسول الله  توضأ فأحسن الوضوء ثم قال:"من توضأ هكذا ثم خرج إلى المسجد لا ينهزه -أي:لا يخرجه- إلا الصلاة؛ غفر له ما خلا من ذنبه" فإن دخل المسجد ثم صلى ركعتين خاشعتين،فلعله ينال بذلك ما جاء في الحديث"من توضأ فأحسن وضوءه ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما غفر الله له ما تقدم من ذنبه" ثم لا يزال في خير وفي صلاة ما انتظر الصلاة،وتدعو له الملائكة بالمغفرة، قال  "لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة: اللهم اغفر له! اللهم ارحمه! حتى ينصرف، أو يحدث" وأما القيام في رمضان فلا يتجاوز نصف ساعة مع الإمام، تمتلئ المساجد بالمصلين فينشط الجميع في طاعة الله -تعالى- فمن قام رمضان إيمانا بالله -تعالى- وفضل القيام، واحتسابا للأجر والمغفرة، مع الإخلاص، فليبشر بقول رسول الله "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" بل يكتب له أنه في صلاة حتى الفجر، كما قال -عليه الصلاة والسلام- "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة" فيأكل ويشرب وينام وقد كتب له أجر القائمين الراكعين الساجدين!فهل رأيتم أحسن من هذا؟!.وهناك ليلة في رمضان من قامها إيمانا بالله -تعالى- وبفضلها واحتسابا لأجرها يبتغي بذلك وجه الله -تعالى، فله بذلك مغفرة سنينه المديدة، وتفتح له صفحة جديدة:"من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" وفي كثرة ركعات القيام مع الإمام قد يوافق تأمينك -أي:قول آمين- تأمين الملائكة فتفوز فوزا عظيما وأنت لا تشعر، قال "إذا أمن الإمام فأمنوا, فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه" ولا تنسى الأذكار بعد كل صلاة، ألفاظ معدودة،لها أثر عجيب ومغفرة لا محدودة:"من سبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، ثم قال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". اللهم لا تحرمنا فضلك، واغفر لنا في هذا الشهر المبارك ولجميع المسلمين ما تقدم من ذنوبنا وما تأخر؛ إنك أنت الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
عباد الله: فإذا أفطر الصائم، حمد الله -تعالى- على نعمه الجليلة، أكل وشرب وحمد؛ ( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ) ثم ماذا؟ قال  "من أكل طعاما فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة؛ غفر له ما تقدم من ذنبه". واسمع إلى هذا الحديث يا من فطرت صائما، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  (مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئاً) وفي رواية قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ كُلُّنَا يَجِدُ مَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ قَالَ: "يُعْطِي اللَّهُ هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى مَذْقَةِ لَبَنٍ أَوْ تَمْرَةٍ أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ" وقد غفر الله للمرأة البغي من بني إسرائيل لأنها سقت كلباً على عطش, فكيف بمن فطر إنساناً مسلماً على جوع وعطش؟. أبعد هذا كله، ومع ما يعرفه كل مسلم عن مغفرة الله -تعالى- ورحمته التي وسعت كل شيء، نستغرب ذلك الدعاء على من أدرك رمضان فلم يغفر له؟ فاستعن بالله ولا تعجز، لعلها تدركك مغفرة من الغفور الرحيم، فتصير من عتقاء الله في رمضان جعلني الله وإياكم منهم. هذا وصلوا وسلموا
المرفقات

رغم أنفه.docx

رغم أنفه.docx

المشاهدات 801 | التعليقات 0