رسالتي في الحياة في ضوء مشروع نبلاء
حسن الخليفة عثمان
يظل الجواب عن سؤال الهُويّة من أهم المعايير في فهم شخصية المثقّف، وثقافته، واتجاهه، وهو كملخص البحث العلمي، الذي تستبين فيه قيمة البحث، وموضوعه، وأهميّته، والحاجة إليه، كما إنه يمثل الجانب النّظري السالم من اختلاف الآراء، وتعارضها، في الحكم على الصحة الفكرية لصاحبه، وييسر سبيل الجرح والتعديل بالنّظر في مطابقة الفِعال للمقال
وسيظل -في رأينا ورأي كثير غيرنا- أصعبُ سؤالٍ في الوجود هو سؤال الهُويّة: من أنت ؟
وسيظل جوابُه الصادقُ فُرقاناً بين ظُلماتِ الجهل والضلال، ونور العِلم والهِداية
وستبقى رحلةُ حياةِ الإنسان إلى قيام الساعة جواباً مسطوراً لهذا السؤال، في كتابٍ عند من لا يضل ولا ينسى
وقد وضعتُ صيغة جوابي على سؤال الهُويّة بعد أكثر من ثلاثة عقود بعد بلوغ التكليف، قضيتُها متعلِّماً نظراً، وإدراكاً، وتأمّلاً، وتأصيلاً، وتطبيقاً، وتقييماً، وتقويماً، بعد أن تزودتُ بما يجب لما سلف ذكره من تحصيلٍ، وأدوات.
وفي هذه المقالة، وأنا بختام العام الخمسين من العمر، والذي وضعتُه الحد الأدنى بالعمر لعضوية مجلس الحكماء بمشروع نبلاء، أكتب تفصيلاً موجزاً منقّحاً لرسالتي القائمة على التربية، والتعلّم، والحكمة والتي رقمتُها بعشرين نقطة صدّرتها بالمبادئ الثوابت التي لا يسع مسلماً تركُها، أو تأوّلُ النّكوص عنها، ولا يسوغ لإنسانٍ نبيلٍ العدولُ عنها، وبيّنتُ بجلاء عقيدتي وديانتي التي أعتقد أنّها مصدرُ إلهامي والتزامي، ثم كتبتُ القيم التي أسعى لتطبيقها، مؤكداً على التفريق بين المبادئ والقيم، ثم انتقلتُ إلى خصوصية الذات التي يتباين النّاس فيها بقدر تباين أقدارهم واختياراتهم، ثم ضمّنتها ما اخترتُه لنفسي مساراً، دليلُه ما فهمتُ من الوحي كتاباً وسنةً، وباعثه الضمير، وحافزه النُّبل، ومنطلقه الاستقلال، وهدفه النّجاح في صناعة الخير، وغايته السعادة بالدنيا والآخرة.
إنّ خمسة عشر كلمة وهي: "إنسانٌ، ذو مبادئٍ، ورسالةٍ، ورؤيةٍ، ومشروعٍ، يسعى ليكون مُفكِّراً حكيماً، يُصلِحُ ذاتَه، ووطنَه، وأمّتَه، وعالمَه" هي الخلاصة التي تمثّل خمسة عقود من العمر، ليس المقام لتفصيلها، وإنما لذكر بعض ما ورد من تفصيلٍ موجزٍ لأحد مفرداتها، وهي الرسالة.
التي جاء مضمونها كما يلي:
- سأعيش صادقاً، أميناً، وفياً، شريفاً، مؤمناً بالله، واثقاً فيه، شاكراً لأنعمه، مؤمناً برسله وأنبيائه، معتقداً أن خيرهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، متبعاً لملته، محباً لسنته، آملاً في شفاعته
- أسعى لأكون شجاعاً، عادلاً، متواضعاً، رحيماً، فاهماً، وفيّاً لمبادئي، مخلصاً لقيمي، مُلهِماً لغيري، معطاءً لعالمي
- سأظل مدينًا وممتنًا لزوجةٍ رفيقةٍ حازت في حياتي قصبَ السبق بنُبلها وعطائها، وعفتها ووفائها، راجين ربّنا أن يتم نعمته علينا في معاشنا ومعادنا، شاكرين لكل من آزرنا وأعاننا وسعد بإسعادنا
- أعيش نفسي وذاتي التي خلقها اللهُ فريدةً؛ فلم يجعل لها شبيهاً في بصمة أناملها، وعينها، وجينها
- محنتي في حياتي منحةُ تعلّمٍ، وبعثةٌ لميلادٍ جديدٍ، ومدادُ قلمي رشادٌ للمتعلّمين، وسلوى للمظلومين، ونُصحاً حكيماً للظالمين
- الحوار، والرفق، ونبذ العنف، وعدم الانتماء إلى أي تنظيمات تحظرها الدساتير، أو القوانين، ورفض الإرهاب بكافة صوره، ورفض العنصرية، والفتن الطائفية، والمذهبية، كل ذلك من ثوابت منهجي الذي اخترتُه في طريقي نحو هدفي وغايتي
- دعوتي للجميع بالهداية والرشاد، وأدعو إلى التجرّد من نزعات الزعامة، وآفات عصبيّاتها، مؤمناً أن من ضاقت نفسُه برحابة الإسلام وبذلِ النّدى للجميع؛ فلن تسعه تنظيماتٌ ترفعه إلى القمة وجهَ النّهار وتخفضه إلى القاع آخره
- صلاحُ العالمِ يبدأ من إصلاح نفسي، وسعادتي تنبع من داخلي، ولا أحمّل نفسي ما لا تقدر عليه، وأحتفظ بقدرتي على الصمت عند وجوبه، وأسعى لأكون إضافةً يسعد بها الكون
- لا أقْفُ ما ليس لي به علم، وأجتهد في الترقّي إلى العلا متعلّماً ومعلّماً، لا تأسرني الأضواء، ولا تكسرني الأنواء
- لا أندم على معروفٍ لم أنل جزاءه عاجلاً، ولا إحسانٍ كُوفِئتُ بالإساءة عليه، سأعتصم بساحة المعروف، ولن أفارق منازل الإحسان
- لن أعيش الماضي وآلامه، بل أحيا المستقبل وآماله، مؤمناً أن غداً باليقين أكثر إشراقاً مهما تضافرت جهودٌ لظلامه
- أعتز ما حييت بانتمائي إلى أمّةٍ شغلني إحسانُ محسنيها عن إساءة مسيئيها، وإلى إنسانيةٍ أدعم وأساند أخيارَها، وحقٌ مغلوبٌ أحب إلى نفسي من باطلٍ منتصرٍ
- أسعى لأكون غصناً أصيلاً في شجرةِ خيرٍ يفيء النّاسُ إلي ظِلها حين يشتد الهجير
- أمتلك رؤيةً، وأحيا لرسالةٍ، وأسعى لأهدافٍ شريفةٍ، تدفعني غاياتٌ نبيلةٌ
- المؤسّسية الرائدة، والجندية الراشدة، ووحدة التصور والهدف، ووحدة المرجعية والقيادة، هي استراتيجيات رؤيتي في تحقيق أهدافي وغاياتي
- تعاقب على الصدارة في وطني، وأمتي، ثلاثةُ أجيالٍ تشابهت في فكرها وأهدافها ووسائلها، أصابت وأخطأت، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، لكنّني أرى أنّنا بحاجةٍ إلى جيلٍ مُجدّدٍ مؤهلٍ لحضارةٍ، يُيمّم وجهَه فيها بالنُّبل نحو السماء
- العالم بحاجةٍ إلى الحكمة والحكماءِ المتجرّدين، والتربيةِ والمُربّين العاملين، والتنمية والمفكّرين المنتجين، العالم بحاجة إلى صادقين يفعلون الصدق، وفي ضوء ذلك أسعى برسالتي لأقوم بواجبي
- أسعدني كِبارٌ في هذا العالمِ، سأظل ما حييت أحمل لهم بالنُّبل جزيلَ الشكرِ ووافرَ العرفان
- لن أُعدم الخيرَ وأنا أدعو واستغفر رباً يضحك لعباده، وأخبرهم أنّهم لو لم يذنبوا ويستغفروا لأتى بعبادٍ غيرهم يذنبون ويستغفرون، ويبشّر الذي جاءه تائباً منكسراً: أنّ الحسناتِ يُذهِبن السيئات، وإني لأرجوه أن يجعلني من الذاكرين
- لقد اخترت النّجاح الذي يحقق لي السعادة بما خلقني اللهُ من أجله، واخترتُ الحكمةَ سبيلا في صناعة الخير، مؤمناً بأنّه من يؤت الحكمة فقد أُوتي خيراً كثيراً