رسالة إلى خطيب

١- قد بوأك الله مبوأ صدقك، وأحلك محلةً رفيعة فوق أعواد المنابر تخاطب جموع المسلمين؛ تعظهم وتذكرهم وتعلمهم فهنيئًا لك ما ساق الله لك من الخير وأجرى على لسانك من الكلم الطيب.

 

٢- لا يعزب عن بالك أيها الفاضل الكريم أن غاية (الخُطبة): ذكر الله وما والاه. كما قال تعالى: (فاسعوا إلى ذكر الله) فاستصحب هذا المعنى لتجلو صدأ القلوب الذي تراكم خلال الأسبوع.

 

٣- اعلم رعاك الله أن هذه الشعيرة العظيمة في هذا اليوم العظيم من أعظم أسباب بقاء الإسلام وتوطيد أركانه في المجتمعات. فاقدر هذه المهمة حق قدرها، وأولِها ما تستحق من عناية واهتمام، واجعلها عبادة لا عادة، ودروسًا لا طقوسًا.

 

٤- اعتن وفقك الله بالحديث عن المهمات وما يحتاج إليه الناس في عقائدهم وعباداتهم وأخلاقهم وما يشغل بالهم ولا تطوِّح في موضوعات لا حاجة لهم بها، وحدث الناس بما يعرفون.

 

٥- تكيَّف مع موضوع خطبتك وانفعل انفعالًا صادقًا بما يقتضيه المقام وليظهر ذلك على نبرة صوتك وحركة بدنك فقد كان النبي ﷺ إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم. ولا تُمتها بالهمهمة والإلقاء البارد.

 

٦- لا تطل الخطبة وقل قولًا فصلًا جامعًا مانعًا، وتجنب تكرار المعاني، وأطل صلاتك فإن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئِنَّةٌ من فقهه. أي علامة على فقهه. وإن من البيان لسحرًا.

 

٧- احذر أن تكون (ناسوخًا) تستنسخ خطب غيرك، وتتشبع بما لم تعط! استفد من الآخرين واقطف من كل بستان زهرة وأعد إخراجها حاملة بصمتك، كما يخرج من النحلة شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس.

 

٨- تفطن للمواسم والمناسبات واخطب بما يناسب الحال وبيان ما يُحتاج إليه من أحكام العبادات: كالصوم والحج والأضاحي، والمعاملات: كالزروع والثمار والمبايعات والمساهمات، والعادات: كالسفر والزواج والإجازات.

 

٩- تقمّص صفة الناصح الشفيق لا المعنِّف المؤنِّب الغليظ. وتلطف في إيصال الفكرة واستلِن القلوب بموعظة الكتاب والسنة وكلام الحكماء وشيء من مستجاد الشعر والأدب والقصص.

 

١٠- تجنب الإثارة والتحريض وإيغار الصدور ولتكن خطبتك مستراحًا للنفوس وربيعًا للقلوب وجلاءً للأحزان حتى يشتاق الناس إليها ويرقبونها، ويخرجون منها أعظم إيمانًا ورغبة في العمل الصالح. وفقك الله.

كتبه: أ. د. أحمد القاضي

المشاهدات 429 | التعليقات 0