رسائل ووقفات مع بداية العام الدراسي

عبدالله محمد الطوالة
1446/02/11 - 2024/08/15 14:30PM

الحمدُ للهِ وليِّ المؤمنين، أرحمُ الراحمين وأكرم الأكرمين، الإلهُ الحقّ المبين، منهُ المبتدأ, وعليهِ المعتمدُ, وبه نستعين .. وأشهدُ أن لا إله إلا الله, وحدهُ لا شريك له، إلهُ الأولين والآخرين، { أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.. والصلاةُ والسلامُ على أشرف الخلق أجمعين، المبعوثِ رحمةً للعالمين، وعلى آله الطيبين، وصحابتهِ الغر الميامين، والتابعين.. ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين..

أما بعد: فإن خير الوصايا, الوصيةُ بتقوى الله جلّ وعلا: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}..

معاشر المؤمنين الكرام: المتأمّلُ في سرعة انقضاءِ هذه الإجازة.. يجدُ أنها وإن كانت فترةً قصيرةً في عمر الزمن، إلا أنها طويلةً في حساب المكاسبِ والخسائر.. فقد غَنِمَ فيها أقوامٌ, وخسِرَ فيها آخرون.. وعجلةُ الزمنِ تمضي بلا توقفٍ، وشتّانَ بين من حفِظَ أوقاتهُ، فكانت الثّمرةُ زِيادةً في أرصدة حسناته، ورِفعةً لدرجاته، وبين من فرّطَ فيها، فكان من المغبونين.. في الحديث المتفقِ عليه: "نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ منَ النَّاسِ الصِّحَّةُ والفراغُ"..

 أيها الأحبةُ الكرام: وتدورُ الأيامُ دورتها، وتعودُ الحياةُ إلى طبيعتها، وينطلقُ قطارُ التعليمِ من جديد، وتنطلقُ معهُ حياةٌ جديدةٌ، مِلؤها التفاؤلُ والأمل، وإنه لأمرٌ يستحقُ التفكُّرَ والتأمُّل.. كيف وقد قال ﷺ: "مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّلَ اللهُ له به طريقًا إلى الجنة". [مُسلم].. وها نحن أحبتي في الله: نعودُ والعَوْدُ أحمَدُ، نعودُ لنستقبلَ عامًا دراسيًا جديدًا، نسألُ الله بمَنِّهِ وكرمهِ أن يجعلهُ عامَ خيرٍ وبركةٍ وتوفيق.. ولنا مع بدايةِ العامِ رسائلَ ووقفات، نوجِهُها إلى ثلاث فئاتٍ غاليات..

الفئة الأولى: معشرَ الآباءِ والأمهات: فمع بدايةِ كلّ عامٍ دراسي، نستنفرُ جُهودنا ونستعدُ له بكلِّ ما يلزمُ أبنائنا من متطلباتٍ واحتياجات.. نشتري وننفق بسخاء.. لكن لعلَّنا لا ننسى أن نستعدَ بما هو أولى وأحرى، وذلك أن نُهيّئهم نفسياً، فهم يقضونَ في المدرسة ما لا يقلُ عن ستِ ساعاتٍ يومياً، أي ما يقاربُ الألفَ ساعةٍ سنوياً.. أي ما يقاربُ الخمسةَ عشرَ ألف ساعةٍ حين يُنهي الطالبَ مرحلتهُ الجامعية.. فهل علَّمنا أبنائنا وبناتنا كيفَ يتعلمون.. هل أوضحنا لهم الهدفَ العظيمَ من هذه الرحلة العلمية الطويلة، وهل ذَكرناهم باحتساب الأجرِ عند الله، هل رفعنا من سقف طموحاتهم، ليكون النفعُ المتعدي، أحبَّ إليهم من النفع الشخصي..  ثم إنَّ كثيراً من أبنائنا وبناتنا، يفتقدون لكثيرٍ من آداب طالبِ العلم، وأبجدياتِ حُسنِ التّعامُلِ فيما بينهم.. نعم أحبتي الكرام.. أكثرُ أبنائنا وبناتنا في أمس الحاجةِ لأن نغرسِ فيهم معاني التعاونَ على البر والتقوى، وحبِّ الخير للغير، وأن نعلمهم أهميةَ حفظ اللسان، وحبسهِ عن كلِّ ما لا يليقُ بالمسلم من السُّخريةِ والاستهزاء، وأنَّ الأصلَ بيننا هو التَّسامحُ والصّفاء، وليس التّنابزُ والشّحناء، وأن نحثهم على التآخي والتعاون فيما بينهم لتتحقّقَ استفادتهم، وتتضاعفَ أجورهم، فهم إخوةٌ في الله والدين.. كما ينبغي أن يعلموا جيداً أنّ المتعلِمَ لن يحققَ أهدافهُ السّاميةَ، إلا إذا توكلَّ على ربه ثم أعتمدَ على نفسه فعلَّمَ نفسهُ بنفسه، ولن يتم ذلك إلا أن يملكَ الطالبُ رغبةً شخصيةً قوية، وإرادةً واندفاعاً ذاتياً، يجعلهُ يُحسنُ تنظيمَ أموره، ويُجيدَ استغلالَ وجدوَلَةَ أوقاته، ويتقنُ فنَّ توظيفِ مواهبهِ وامكانياته، ليحقق بإذن الله كل أهدافهِ وغايته.. 

ثم علينا معاشرَ الأولياء أن نعي جيداً أنّ مهمةَ التربيةِ والتّعليم ليست مُقتصرةً على المدرسة فقط؛ بل إنّ لنا فيها النصيبَ الأوفر، والجزءَ الأكبر، ونحنُ المخاطبون بقول الله جلّ وعلا: {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.. وقد قال عليٌ رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ}: أي: علِّمُوهم وأدِّبوهم.. بل إنّ رسولَ الله ﷺ يقرّرُ أنّ المربيَ والمعلمَ الأول للولد هو وَالِداه، جاء في الحديث المتفقِ عليه قال ﷺ: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَودَانِهِ أَوْ يُنَصرَانِهِ أَوْ يُمَجسَانِهِ"...      

أمَّا الرسالة الثانية فأوجهها لإخواني المعلمين:

يا معشر المربين الكرام: أنتم بيتُ القصيدِ ومحطُّ الركب، أنتم روادُ العلمِ وسُلّمُ الرقي.. بين أيديكم عُقولُ الناشئة، وعُدةُ المجتمعِ وأمله، وعليكم بعد اللهِ تعقد الآمال، ولسنواتٍ عدة, تحطُّ عندكم الرِّحال، ونبيكم ﷺ قد أكبرَ من شأنكم، وأعلى من مقامكم، حين قال في حقكم: "فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ، وإِن اللّهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السماوَاتِ وَالأَرَضِينَ، حَتى النّمْلَة فِي جُحْرِهَا، وَحَتّى الْحُوت لَيُصَلّونَ عَلَى مُعَلّمِ النّاسِ الْخَيْرَ"..

يا مصابيح الهدى: ها هم أبناءُ المسلمينَ قد أقبلوا عليكم مجيبينَ مُجلِين، ينتظرون منكم العلومَ النافعة، والوصايا الجامعة، فخذوا بمجامع تلك القلوبِ إلى الله، ودلوها على الخير: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}..  

يا مشاعلَ النورِ والرحمة: ما كان للهِ يدومُ ويتصل، وما كان لغيره ينقطعُ ويضمحل، فأخلصوا لله القولَ والعمل. فأجرُ الدنيا قليل، والآخرةُ خيرٌ وأبقى، ولأن يهدي اللهُ بك رجلاً واحداً .... 

يا مفاتيح الخيرِ والإصلاح: رسالةُ العلم والتّعليم اقتداءٌ واتساء، اقتداءٌ بخير المعلمين وإمام الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليه، قال معاوية بن الحكم رضي الله عنه: "فَبِأَبِي هو وأُمِّي، ما رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ ولَا بَعْدَهُ أحْسَنَ تَعْلِيمًا منه، فَوَاللَّهِ، ما كَهَرَنِي ولَا ضَرَبَنِي ولَا شَتَمَنِي"، والحديثُ في مسلم، وفي حديثٍ صحيح: قال أنس بن مالك رضي الله عنه: "صحبت رسول الله ﷺ عشر سنين، فما قال لي أفٍ قط".. فلئن كان لنا في رسول الله ﷺ أسوةٌ حسنة، فقد كان ﷺ في تعليمه حليماً رحيماً، رفيقاً شفيقاً، يُيسرُ ولا يُعسر، يُبشرُ ولا يُنفر، وكان ﷺ في تعليمه، طلقَ الوجه، دائُمُ التّبسمِ، كثيرُ التّودُّدِ، قال جرير رضي الله عنه وأرضاه: "ما لقيت النبي ﷺ إلا تبسمَ في وجهي"..  وتأملوا يا رعاكم الله مطلعَ سورِة الرحمن، {الرحمن * علم القرآن}، لتتيقنوا أنَّ الرحمةَ هي أهمُّ وآكدُ صفاتِ المعلم، وأنَّ المعلِّمَ بلا رحمةٍ مُفتقدٌ لأهمَّ مقوماتِ نجاحه..

يا مشاعل النورِ والهدى: نعلمُ أن الأجيالَ تغيرت، وأن الملهياتِ والشّواغلَ قد كثرت، فهل الحلُّ في التّضجر والشّكوى، واليأسِ من صلاح الأحوال.. كيفَ وأنتم تعلمون: {إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ}..  والشّاعرُ يقول:

مالي أراكَ محطَماً .. يعلو مُحَياكَ الحَزَن ..

تشكو بصوتٍ يائسٍ .. وتقولُ قد فسَدَ الزَّمن ..

وتقولُ هذا الجيلُ ضاعَ شبابهُ وسطَ الفِتن ..

وفقدتَ أَملَكَ مُصلِحاً .. والأمرُ ليسَ كما تظُن ..

فاللهُ شاءَ لحكمةٍ أزليةٍ أن نُمتَحن ..

والمجدُ حتماً لا يكونُ, بلا كفاحٍ أو ثمن ..

فانهضْ ولا تشكُ الظروفَ، فما شكا إلا الوَهِن ..

وابذُل جهودك مُخلصاً .. إنَّ النجاحَ له ثمن ..

(ما لمْ تقمْ بالحِمل أنتَ, فَمَنْ يقوم به إذن) ..

لك في رسول اللهِ أحسَنُ أُسوةٍ, فاقفُ السَنَن ..

واللهُ نِعمَ المستعانُ لعبده، فبهِ استعِن..

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:

{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}..    

أقول ما تسمعون ..

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى ...

أما بعد فاتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين، وكونوا من {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب}..

معاشر المؤمنين الكرام: الرسالة الثالثة: أوجهها إلى الطلبة والطالبات: أيا أبنائي الأعزاء, ويا بنياتي الغاليات.. كم نتألم كثيراً عندما نرى أحدكم يتبرمُ ويتأفّف، لأنَّ وقتَ الدراسة قد اقترب، وأتساءلُ مُستغرباً: ماذا تتعلمون هناك؟ ألستم تتفقهون في أمور دينكم، ألستم تُنمُّون عقولكم، وتوسِعون مدارككم، فهل يكرهُ عاقلٌ مثل هذا ؟.. ألا تكونَ النوايا قد تبدلت، وأصبحَ الغرضُ من العلم أن يُنالَ به رُتبُ الدنيا وشهاداتها، فلا عجبَ إذن، أن يُصبح العلمُ مملاً وثقيلاً، وإلا فأسلافنا كان لهم شأنٌ عجيبٌ مع طلبِ العلم، وما كان أحدٌ منهم يملكُ مِعشارَ ما عندنا من الوسائلِ المعينة، ومع ذلك فلذةُ العلمِ عندهم لا توصف، ونهمُهم مِنهُ لا ينقضي.. لمَ ؟ لأنهم طلبوهُ قربةً لله .. تأمّل معي ما يقولهُ الإمامُ ابن القيم رحمه الله: "العلم: حياةُ القلوب، ونورُ البصائر، وشفاءُ الصدور، ورياضُ العقول، ولذَّةُ الأرواح، وأُنسُ النفوس، ثم يقول رحمه الله: هو الصّاحبُ في الغربة، والمحدِّثُ في الخلوة، والأنيسُ في الوحشة، والكاشِفُ عن الشُبهة، مذاكرتهُ تسبيح، والبحثُ عنه جهاد، وطلبهُ قربة، وبذلهُ صدقة، ومدارستهُ عبادة، والحاجةُ إليه أعظم من الحاجة إلى الشراب والطعام"..

وهذا شاعرٌ يناجي ولده فيقول: (أيا ولدي) دعوتُك لو أجبتا ** إلى ما فيهِ عزُّكَ لو علمتا .. إلى علمٍ تكونُ به إمامًا ** مُطاعًا إن نهيتَ وإن أمرتا .. ويكشِفُ ما بعقلكَ من شكوكٍ ** ويهديك الطريقَ إذا ضللتا .. وتلبسُ مِنه فوقَ الرأسِ تاجاً ** ويكسُوكَ الجمالَ إذا نطقتا .. وكنزٌ لا تخافُ عليه لصاً ** خفيفُ الحملَ يوجدُ حيثُ كنتا .. يزيدُ بكثرة الإنفاقِ منه .. وينقصُ كلّما عنهُ ابتعدتا .. ينالك نفعهُ ما دمتُ حيًا.. ويبقى ذِكرُهُ لكَ إن ذهبتا .. فبادرهُ وخذ بالجدِّ فيهِ.. فإن أعطاكهُ اللهُ ربحتا ..  

فالله الله بنيَّ المبارك، اطلب العلم بإخلاصٍ وتجرّد، واجعل نُصبَ عينيك قول حبيبك المصطفى ﷺ: "من سلك طريقًا يلتمسُ فيه علمًا سهلَ اللُه لهُ طريقًا إلى الجنة".. والزم تقوى الله، فمَن اتقى الله فتحَ اللهُ له من أبواب العلمِ والفهمِ ما لا يخطرُ له على بال، قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.. قال الإمام الثعالبي: من اتقى الله عُلّمَ الخَيْرَ وأُلْهِمَهُ..

فيا أيَّها الأبناءُ الأعزاء: ثِقوا أنَّ في كلِّ فردٍ منَّكم خصائصَ وصفات، ومواهبَ وقدرات، لو فعَّلها بالشكل الصحيح، لتغيّرَ طعمُ الحياةِ في حِسه، ولشعرَ بقيمته وعلوِ نفسه.. وكم هي والله خسارةٌ عظيمة، وغبنٌ كبير، أن يوهبَ للإنسان عقلٌ سليم، وجسمٌ صحيح، ويُنعَمَ عليهِ بما لا يُحصى من النِّعم والخيرات، والمواهبِ والقدراتِ، ويُمدُّ في عمره سنواتٍ وسنوات، ثم يُضيِّعُ أكثر ذلك في التوافه والترهات.. ألا ما أشدَّ أن يخسرَ الإنسانُ نفسه؟! {ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}.. {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}..

فيا بنيَّ الغالي: عليك بعُلوِ الهمَّةِ، وقوةِ الإرادةِ، وسموِ النفسِ.. فعلى قدرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ.. وتأتي على قدر الكرامِ المكارمُ.. ومن تكُنِ العلياءُ همَّةَ نفسهِ.. فكلُّ الذي يلقاهُ فيها هيِّنُ.. ومن كانت له نفسٌ تواقةٌ.. طارت به نحو المعالي.. ومن لم تكن له بدايةٌ شاقةٌ.. فلن تكون له نهايةٌ مُشرقة.. وما لم تكن قد وهبت نفسك لغاية عظيمة، فحياتك لم تبدأ بعد.. ومن يتهيب صعود الجبال، يعش أبد الدهر بين الحفر.. فكُن رجُلاً إن أتوا بعدهُ.. يقولونَ مرَّ وهذا الأثر.. 

وتيقن بني المبارك: أنك لست بأقلَ من غيرك، ولا أدنى ممن سواك.. وأنك من صُنع أفكاركَ، وأنك ثمرةٌ لقناعاتك وإيمانك.. فغير قناعاتِك، تتغيرُ حياتُك.. غير قناعتِك لتحلو حياتَك، وتعظُمَ مُنجزاتُك.. وهيا لتكون.. ما ينبغي لك أن تكون..

{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}..

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

اللهم صل على محمد ....

 

المشاهدات 806 | التعليقات 0