رَجَـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبُ

يوسف العوض
1446/07/07 - 2025/01/07 14:43PM

الخطبة الأولى

أيُّها النُّاس: اتقوا اللهَ تعالى واعبدوه كما أمرَ، فلا زيادةَ ولا نُقصانَ فيما شرعَ ، فإنَّ ذلك مردودٌ على صاحبهِ مهما اجتهدَ فيهِ؛ فإنَّ الإيمانَ والثوابَ مُرتَّبٌ على المتابعةِ والطاعةِ، وإنَّ الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ والعقوبةَ مرتبةَ على المخالفةِ والمعصيةِ؛ قالَ تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}.

واعلموا أنَّ اللهَ تعالى فضَّلَ بعضَ الأزمانِ على بعضٍ، وبعضَ الأمكنةِ على بعضٍ، وهذا التفضيلُ؛ لمضاعفةِ الأجرِ لما شرعَ من العباداتِ، وليس لإيجادِ بدعةٍ من المُحدَثاتِ، فمما فضَّله اللهُ - سبحانه وتعالى - شهرَ رمضانَ، الذي فرضَ صيامَ نهارهِ، وسنَّ قيامَ ليلهِ، وضاعَفَ الحسناتِ فيهِ، وفضَّل شهرَ الحجِّ الذي فرضَ فيهِ زيارةَ بيتهِ، والمشاعرَ المفضَّلةَ في تلكَ البُقعةِ، وممّا فضّلَ اللهُ تعالى منَ الأزمانِ شهرَ رجبٍ، فهو منَ الأشهرِ الحُرُمِ، ولكنّه لم يَرِدْ بتخصيصهِ شيءٌ بعبادةٍ معيَّنةٍ، فالعباداتُ فيهِ كسائرِ الشُّهورِ، فمن ذبَحَ صدقةً فيهِ كانَ كمنْ ذبحها في غيرهِ، فلا يُخصَّصْ بالذَّبائحِ؛ فإنَّ ذلكَ منْ فِعلِ الجاهليةِ الذي نسخَه الإسلامُ، قال -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: «لا فَرَعَ ولا عَتِيرَةَ والفَرَعُ: أوَّلُ النِّتاجِ، كانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَواغِيتِهِمْ، والعَتِيرَةُ في رَجَبٍ»؛ ولا صلاةَ مُعينةً فيهِ منْ النَّوافلِ، وما أوجدَ من صلاةِ الرغائبِ، وهي التنفلُ في أولِّ ليلةِ جمعةٍ من رجبٍ، فإنَّه لم يَثبُتْ فيهِ شيءٌ عنْ النَّبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأما صيامه، فقد نهى رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن إفرادهِ بالصَّومِ؛ لئلا يُشابهُ رمضانُ وألا يشابهُ تعظيمُ الجَّاهليةِ بإفرادهِ بالصَّومِ؛ لأنَّه مكروهٌ إلا منْ كانَ له عادةٌ كصيامِ الاثنينِ والخميسِ وثلاثةِ أيَّامٍ منْ كلِّ شهرٍ، فهو كغيرهِ.

وجاءِ في الحَديثِ " نادى رجلٌ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال :إنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عتيرةً في الجاهليةِ في رجبٍ قال اذبحوا للهِ في أيِّ شهرٍ كان ، وبَرُّوا اللهَ وأَطْعِمُوا »، فلا ذبائحَ معينةٍ على وجهِ القربةِ للهِ عزَّ وجلَّ إلا العقيقةَ عن المولودِ التي يذبحها الوالدُ؛ شكرًا للهِ عزَّ وجلَّ أو أضحيةً وهي التي تُذبحُ في اليومِ العاشرِ من ذي الحجةِ وثلاثةِ أيامٍ بعدهِ، أو هدي التمتعِ والقرانِ في الحجِّ، أو ذبيحةً لنَّذرٍ، وهي ما يُوجِبه الإنسانُ على نفسهِ من ذبحها في أيِّ وقتٍ كانَ إلا أنَ يعيِّنَ لها وقتًا، وأصلُ هذه أنُّه لا يشرعُ أن يتَّخِذ المسلمونَ عيدًا إلا ما جاءت الشريعةُ بجعلهِ عيدًا، والأعيادُ في الإسلامِ هي: عيدُ الفطرِ من رمضانَ، وعيدُ الأضحى، وهي أعيادُ العامِ، ويومُ الجمعةِ، وهو عيدُ الأسبوع، وما عدا ذلك، فاتخاذه عيدًا أو موسمًا بدعةٌ لا أصلَ له في الشريعةِ، كما أنَّ رجبَ لا يُخصُّ بعمرةٍ فيهِ كما يخصهُ البعضُ بالاعتمارِ فيهِ، وإنَّما فضلت العمرةُ في شهرِ رمضانَ، وكذلك لم يَرِد نصٌّ، ولا أثرٌ، ولا فِعْلٌ من السلفِ يشيرُ إلى احتفالٍ بحادثِ الإسراءِ في هذا الشهرِ.

الخطبة الثانية

عبادَ اللهِ : المؤمنُ لا يَزيدهُ عمرهُ إلا خيرًا، وخيرُ النّاسِ مَن طالَ عمرُه وحَسُنَ عملُهُ، وكانَ السَّلفُ يحبون أن يموتوا عقِبَ عملٍ صالحٍ من صومِ رمضانَ أو رجوعٍ من حجِّ.

فاتقوا اللهَ تعالى أيُّها المسلمون، والتزموا بأوامر ربِّكم، وأكثروا من العبادةِ والدعاءِ للهِ تعالى؛ فهو يجيبُ المضطرَّ إذا دعاه ويكشفُ السوءَ قالَ تعالى  : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ..

المرفقات

1736250218_رجب.docx

المشاهدات 379 | التعليقات 0