رب اجعل هذا البلد آمنا

الخطبة الأولى : نعمة الأمن

الحَمْدُ للهِ وَاسِعِ الكَرَمِ، مُجْـزِلِ العَطَايَا وَالنِّعَمِ، وَنَشْهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلاَّ اللـهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، يُسْـبِغُ الأَمْنَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ نِعْمَةً وَفَضْلاً، وَيَشْمَلُهُمْ بِالأَمَانِ وَطَنًا وَأَهْلاً، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ e وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، الَّذِينَ استَخْـلَفَهُمُ اللـهُ فِي أَرْضِهِ، وَمَكَّـنَهُمْ فِي دِينِهِ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ سَارَ سِيرَتَهُمْ وَاقْـتَفَى أَثَرَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.         أَمَّا بَعْدُ: فأوصيكم ...

عَنْ خَبَّابٍ t، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّـهِ e وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ فَقُلْنَا: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلاَ تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ:( قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ، مَا دُونَ لَـحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّـهِ لَـيَـتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّـهَ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ ) خ.    

 

 

عباد الله: إنَّ فَضْـلَ اللهِ عَلَيْـنَا أَعْـظَمُ مِنْ أَنْ يُحْصَى، وَإِحْسَانَهُ إِلَيْـنَا أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُسْـتَقْصَى، فَكَمْ شَمِلَنَا سُبْحَانَهُ بِكَرَمِهِ، وَاكْتَنَفَنا بِفَضْـلِهِ وَنِعَمِهِ، كَمْ مِنْ سُوْءٍ عَنَّا دَفَعَهُ، وَمِنْ مَأْمُولٍ لَنَا حَقَّقَهُ، فَكُلُّ أَيَّامِنَا بِنِعَمِ اللهِ تَحْـفِلُ، وَأَحْوَالِنَا فِي أَثْوَابِهَا تَرْفُلُ ( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ).  

عباد الله: نعمةٌ هِيَ شِريانُ الحياةِ ، أَسَاسُ الرُّقِيِّ والاطْمِئنَانِ، حَرَصَ عَلَيهَا المُخلِصُونَ، وَدَعَا بِهَا المُرسَلُونَ : إنها نعمةُ الأمنِ الَّتِي يَشْعُرُ مَعَهَا الفَرْدُ بِالطُّمَأْنِينَةِ، وَيَعْرِفُ حَقِيقَةَ السَّكِينَةِ، وينتفي عنه بها الخوفَ على حياتِه ودينهِ وعرضِه ومُلكِه ومُكتسباتِه.

 لقد امتَنَّ اللـهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى المُؤْمِنِينَ بِأَنْ رَزَقَهُمُ الأَمْنَ وَهَيَّأَ لَهُمْ أَسْبَابَهُ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).

وَوَعَدَ اللـهَ عَزَّ وَجَلَّ أَولِيَاءَهُ فِي جَنَّتِهِ بِالأَمْنِ وَالأَمَانِ فقال سبحانه (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ) ولأَنَّهُ لَوْ فُقِدَ الأَمْنُ لَفُقِدَ النَّعِيمُ.

عِبَادَ اللـهِ: إِنَّ مَنْ حَازَ نِعْمَةَ الأَمْنِ تَهَنَّأَ بِعَيْـشِهِ وَلَوِ افتَرَشَ الأَرْضَ وَالتَحَفَ السَّمَاءَ، وَمَنْ فَقَدَهُ تَنَغَّصَتْ أَيَّامُهُ وَلَوْ سَكَنَ القُصُورَ الشَّاهِقَةَ، وَحَوَى الثَّرَوَاتِ الفَائِقَةَ، لا يَهْـنَأُ بِنَوْمٍ وَلا يَتَلَذَّذُ بِطَعَامٍ، فَالقَلَقُ حَلِيفُهُ، وَالخَوْفُ أَلِيفُهُ؛ لِذَا فَإِنَّ الأَمْنَ مِنْ أَهَمِّ الأَولَوِيَّاتِ الإِنْسَانِيَّةِ وَالحَاجَاتِ البَشَرِيَّةِ.

ألم تسمعوا إلى خَلِيلِ الرَّحمنِ، وهو يَتَضَرَّعُ للـهِ الدَّيَّانِ ( ربِّ اجعل هذا بلداً آمنا وارزق أهلَهُ من الثمراتِ) فَبَدَأَ إبراهِيمُ عَلَيهِ السَّلامُ فِي دُعَائِهِ، وَاسْـتَفْتَحَ فِي تَضَرُّعِهِ وَرَجَائِهِ، بِنِعمَةِ الأَمْنِ، وَقَدَّمَهَا على نَعْمَةِ الطَّعَامِ، ومَا ذَلكَ إِلاَّ دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِهَا، وَبَيَانٌ لِخَطَرِ زَوَالِهَا، ولأَنَّ وُجُودَ الأَمْنِ سَبَبٌ لِلرِّزْقِ، وَلأَنَّهُ لا يَطِيبُ رِزْقٌ إِلاَّ فِي ظِلالِ الأَمْنِ الوَارِفةِ، وَإِنَّهَا لَجَدِيرَةٌ بِالتَّقْدِيمِ.

وهذا نَبِيُّ اللـهِ يُوْسُفُ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ ـ يَوْمَ أَنْ أَرَادَ إِيوَاءَ أَبَوَيْهِ وَإِخْوَتِهِ فِي مِصْرَ ذَكَرَ لَـهُمْ تَوَافُرَ نِعْمَةِ الأَمْنِ فِيهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنَ النِّعَمِ (وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّـهُ آمِنِينَ)، فَمَعَ الأَمْنِ يَهْـنَأُ الفَرْدُ بِالسُّـكْنَى وَيَتَنَعَّمُ بالنِّعم .  

ولأهميةِ الأمنِ وعظيمِ مكانتِه كان من دعائِه e «اللهم استر عوراتي وآمِن روعاتي» أي: أَمِّنِّي مِن كلِّ ما يُخيفُني ويُسبِّبُ لي الفَزَعَ . أحمد.

عباد الله: امتَنَّ سُبْحَانَهُ عَلَى أَهْـلِ هَذَا البَلَدِ بِأَمْـنِهِ وَذَكَّرَهُمْ بِعَظِيمِ فَضْـلِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّـهِ يَكْفُرُونَ)، وَذَكَّرَهُمْ بِمَا جَاءَ مَعَ هَذَا الأَمْنِ مِنْ سَعَةِ الرِّزْقِ فَقَالَ (وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْـهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّـهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)، فَمَعَ الأَمْنِ يعبدُ المرءُ ربَّه بطمأنينةٍ، وتَزْدَهِرُ التَّنْمِيَةُ وَيَتَقَدَّمُ الاقتِصَادُ، فَيُقْدِمُ الفَرْدُ عَلَى العَمَلِ وَيَحْرِصُ عَلَى الإِتْقَانِ، فَتُسْـتَثْمَرُ الأَمْوَالُ وَتَنْشَطُ التِّجَارَةُ وتستقرُ أحوالُ الناس في دينهِم ودنياهم .

قِيلَ لأَحَدِ الحُكَمَاءِ: أَيْنَ تَجِدُ السُّرُورَ؟ قَالَ: فِي الأَمْنِ فَإِنِّي وَجَدتُ الخَائِفَ لا عَيْشَ لَهُ.

 

 

إِخْوَةَ الإِيمَانِ: لَقَدْ أَرْخَى اللـهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْـنَا فِي هَذَا البَلَدِ الكَرِيمِ ثَوْبَ أَمْـنِهِ، نِعْمَةً مِنْهُ وَمِنَّةً، فَتَفَيَّـأْنَا ظِلالَ الأَمْنِ وَقَطَفْنَا ثِمَارَهُ، فِي وَقْتٍ يُتَخَطَّفُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ حَولِنَا، إِنَّنَا لَنَسْـتَشْعِرُ نِعْمَةَ الأَمْنِ الَّتِي نَعِيشُ فِي أَكْنَافِهَا وَنَنْعَمُ فِي أَثْوَابِهَا، وَلَقَدْ صَدَقَ e حِينَ قَالَ:(مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا). الترمذي وغيره.

إِذَا اجْتَمَعَ الإِسْلاَمُ وَالقُوتُ لِلْفَتَى    وَكَانَ صَحِيحًا جِسْمُهُ وَهْوَ فِي أَمْنِ

فَقَدْ مَلَكَ الدُّنْيَا جَمِيعًا وَحَازَهَا              وَحَقٌّ عَلَيْهِ الشُّكْرُ للهِ ذِي الْـمَنِّ

عباد الله: إِنَّ اللـهَ عَزَّ وَجَلَّ يُخْبِرُنَا فِي كِتَابِهِ العَظِيمِ عَنْ بَلْدَةِ سَبَأٍ الَّتِي فَتَحَ اللـهُ فِيهَا أَبْوَابَ الرِّزْقِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ:(لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ)، وَقَدْ هَيَّـأَ اللـهُ لَـهُمْ فَوْقَ ذَلِكَ مُقَوِّمَاتِ الأَمْنِ وَأَسْبَابَهُ، فقَالَ تَعَالَى (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ).

 

وَلَكِنْ عِنْدَمَا لَمْ يَشْكُرُوا رَبَّهُمْ ولَمْ يُحَافِظُوا عَلَى نِعَمِهِ؛ سَلَبَ اللـهُ مُنْهُمْ تِلْكَ النِّعَمَ، وَأَحَلَّهُمُ النِّقَمَ (فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) .

إن أعظمَ أسبابِ فُقدانِ الأمنِ وحُدوثِ الكوارثِ والخُطوب: الإعراضُ عن طاعةِ اللـهِ ، وعن طاعةِ رسولِه e وفُشُوُّ المعاصي والسيئاتِ ( وَضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّـهِ فَأَذَاقَهَا اللَّـهُ لِبَاسَ الْـجُوعِ وَالْـخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ).     

فَاتَّقُوا اللـهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَحَافِظُوا عَلَى أَمْنِ بَلَدِكُمْ بعبادةِ ربِكم ِ، وأَدَاءِ أَمَانَتِكُمْ، وَتَحْـقِيقِ وَاجِبَاتِكُمْ، وَإِعَانَةِ القَائِمِينَ عَلَى صَلاحِ البَلَدِ فِي مُحَارَبَةِ الفَسَادِ وَالإِفْسَادِ بِكُلِّ صُوَرِهِ، وَمُوَاجَهَةِ الظُّلْمِ بِكُلِّ أَشْكَالِهِ، لِنَكُونَ بِإِذْنِ اللهِ جَمِيعًا مِنَ الآمِنِينَ المُفْـلِحِينَ (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْـمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْـمُنكَرِ وَلِلَّـهِ عَاقِبَةُ الأُمُور)      بارك الله لي ....

 

الخطبة الثانية :

الحَمْدُ للهِ ...أَمَّا بَعْدُ:  فيا عباد  الله:  

إنَّ الإِسْلامَ قَدِ اهْـتَمَّ بِالمُحَافَظَةِ عَلَى الأَمْنِ غَايَةَ الاهتِمَامِ فَنَهَى عَنْ كُلِّ مَا يُخِلُّ بِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ نَهْـيُهُ عَنْ تَرْوِيعِ المُسْـلِمِ أَخَاهُ المُسْـلِمَ، فَقَالَ r: (لا يحلُّ لمسلمٍ أن يروِّعَ مسلمًا) أبو داود.

 كَذَلِكَ رَتَّبَ اللـهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ النَّكَالِ عَلَى مَنْ يَسْعَوْنَ بِالفَسَادِ وَيُهَدِّدُونَ الأَمْنَ مَا لَمْ يُرَتِّبُهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الإِجْرَامِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ:(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)

عباد الله: إن أعظمَ سبيلٍ لتحصيلِ الأمنِ بجميعِ صورِه: الإيمانُ باللـهِ وتحقيقُ التوحيدِ الخالصِ، والالتزامُ بالعقيدةِ الصحيحةِ ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ).

 

ومن أظهرِ مظاهرِ الإيمانِ: تطبيقُ شريعةِ اللـهِ والمُحافظةُ على مقاصِدِها، وإقامةُ حُدودِها، والتزامُ نهجِ السلفِ الصالحِ، والأمرُ بالمعروفِ والنهيُّ عن المُنكرِ.

ومن أسبابِ استِتبابِ الأمنِ: لزومُ السمعِ والطاعةِ لولي الأمرِ في غيرِ معصيةِ اللـهِ، فعن وائلِ بنِ حُجْرٍ t: قُلنا: يا رسولَ الله! أرأيتَ إن كان علينا أُمراءُ يمنَعونَنَا حقَّنَا ويسأَلونَ حقَّهُم. فقال: «اسمَعوا وأطيعُوا؛ فإنِّما عليهم ما حُمِّلوا وعليكم ما حُمِّلتم» م.

يقول الحافظُ ابنُ رجبٍ : "وأما السمعُ والطاعةُ لوُلاةِ أمورِ المسلمينَ ففيها سعادةُ الدنيا، وبها تنتظِمُ مصالحُ العبادِ في معاشِهم، وبها يستَعينونَ على إظهارِ دينِهِم وطاعةِ ربِّهِم".

عباد الله: من عواملِ الاستقرارِ وبَسطِ الأمنِ: قيامُ كلِّ مسؤولٍ بمسؤوليَّتِه وواجبِه في المحافظةِ على كلِّ هذه النِّعم والخيراتِ، فالمؤمنُ المُخلِصُ الصادقُ هو الذي يغارُ على أهلِه وبلدِه، يعملُ أكثرَ مما يتكلَّمُ، يدٌ تحمِي، ويدٌ تبني، يحذَرُ ويُحذِّر من كلِّ مظاهرِ الفوضَى والاضطرابِ، حصيفٌ يُدرِكُ مكائِدَ الأعداءِ في حبٍّ، وقُدوةٍ، ومسؤوليَّةٍ، وجدٍّ، وعملٍ.

ألا فَاتَّقُوا اللـهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَحَافِظُوا عَلَى نِعْمَةِ أَمْـنِكُمْ، وَوَحْدَةِ صَفِّكُمْ، وَاتِّحَادِ كَلِمَتِكُمْ، وَتَآلُفِ شَمْـلِكُمْ .                  هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا

المرفقات

1713946890_خطبة (رب اجعل هذا البلد آمنا) (1).doc

1713946890_خطبة (رب اجعل هذا البلد آمنا) (1).pdf

المشاهدات 1078 | التعليقات 0