ذهب ثلث رمضان ... والثلث كثير

الحمد لله الكريم الجواد، اللطيف بالعباد، المتفرد بالخلق والإيجاد، المنزه عن الأضداد والأنداد. أحمده حمدًا يليق بكريم وجه ، وبعظيم سلطانه، حمدًا يفوق الإحصاء والتعداد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ( نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، فهو خيرُ نبيٍ وأصدقُ هاد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تمسك بسنته ، وسار على هديه ، وسلم تسليما كثيرًا.

أوصيكم ونفسي بتقوى الله جل في علاه، فهي وصية الله للأولين والآخرين ( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ( فلنتق الله وخاصة أننا في شهر التقوى، وفي موسم ما يبعث إلى التقوى، جعلني الله وإياكم من عباده المتقين.

إخوة الإيمان والعقيدة ... صدق الله ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ) رمضان ( أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ) هذا الذي يستثقله بعض الناس ، ويتمنى بعضهم نهايته ، ما هو إلا أيام معدودات.

ويمضى ثلث الأيام المعدودات، والله أعلم بما قضيت هذه الأيام، فالناس بين رابح وخاسر، وبين غانم ومغبون، ولكن ينبغي لنا، بل يجب علينا ، الإحسان والتقرب إلى الله فيما بقي من أيام، التي سوف تمر كما مرت الأيام التي قبلها.

أعمال كثيرة، وعبادات جليلة، ومجالات متنوعة، تقرب من الله سبحانه، ينبغي للمسلم أن يحرص عليها، وأن يكون من أهلها، وهي فرصة في هذا الشهر العظيم.

من ذلك صلاة التراويح ، وبعد أيام يكون قيام الليل، فقد جاء عن النبي ﷺ أنه قال ( من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ) فاحرص على هذه النافلة القليلة التي يكتب لك بها الأجر الكثير، واحذر أن تكون من هؤلاء الذين لا يصلون إلا العشاء ويخرجون إلى أسواقهم أو استراحاتهم أو ملاعبهم، بل يفرطون حتى في صلاة العشاء، الفريضة التي لا تعادل بصلاة النافلة، قال رسول الله ﷺ ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه ).

ومن العبادات العظيمة التي ينبغي أن يحرص عليها المسلم، عبادة الدعاء ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) فالدعاء عبادة تقرب إلى الله عز وجل، وله مكانة عظيمة في شهر رمضان ، وأي مكانة للدعاء أعظم من أنه يستجاب، قال رسول الله ﷺ ( إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد ) وفي حديث آخر ( ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، والمظلوم ) فالدعاء في هذا الشهر ، يتميز عنه في غيره، وينبغي للمسلم أن لا يغفل عنه، ينبغي أن يدعو لنفسه، ويدعو لأهل بيته، بل ويدعو للمسلمين، فالأمة بحاجة .. فلعلها توافق ساعة إجابة. قال رسول الله ﷺ ( ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها أثم ولا قطيعة رحم؛ إلا أعطاه بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما يدخرها له في الآخرة، وإما يصرف عنه من السوء مثلها ) قال الصحابة: إذًا نكثر يا رسول الله ! قال ( الله أكثر ) فينبغي الإكثار من الدعاء، وخاصة في هذا الشهر العظيم، قال رسول الله ﷺ ( من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب ، فليكثر الدعاء في الرخاء ) وقال ﷺ ( لا تعجزوا في الدعاء ، فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد ).

فلنجتهد - أيها الأخوة - ولنحافظ على صلاة التراويح والقيام مع الإمام، ونستغل لحظات الصيام بكثرة الدعاء.

اسأل الله سبحانه أن يجعلنا في هذا الشهر من عتقائه من النار.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فإنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

معاشر المؤمنين ... قال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.

فالجود في رمضان من خلق نبينا ﷺ ومن الجود الذي ينبغي للمسلم أن يعوِّد نفسه عليه، الإنفاق في سبيل الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ ) وقال تعالى ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) فهي دعوة صادقة، لنعود أنفسنا على الإنفاق، فهذا شهر الإنفاق، شهر الجود، ولنكن على يقين بأننا إذا أنفقنا فإنما ننفق لأنفسنا، هذا الذي تتصدق به على الفقير والمحتاج هو لك ( وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ ).

فاحرصوا - رحمكم الله - على ما يقربكم من ربكم، وما يكون سببًا في رفع درجاتكم، وإعلاء منازلكم يوم القيامة.

احرصوا على استغلال شهركم بما يليق بكم وبدينكم، اجعلوا رضا ربكم هدفًا أولاً لكم، والجنة مقصدًا في أولويات مقاصدكم.

اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، اللهم تقبل منا الصيام والقيام وقراءة القرآن، اللهم اجهل هذا الشهر شهر نصر وعز وتمكين، اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من عواصف السوء، اللهم من أراد في بلادنا الشر والفتن فاجعل كيده في نحره. اللهم وفق إمامنا لما تحبه وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى.

عباد الله ... صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ...

المشاهدات 1483 | التعليقات 0