دُونَكُمْ كَنْزٌ مِنْ الجَنَّةِ 24/7/1438ه
خالد محمد القرعاوي
1438/07/23 - 2017/04/20 21:48PM
دُونَكُمْ كَنْزٌ مِنْ الجَنَّةِ 24/7/1438ه
الحَمْدُ للهِ لا عِزَّ إلَّا بِطَاعَتِهِ,وَلا سَعَادَةَ إلَّا بِتَقْواهُ,نَشهدُ ألَّا إلِهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ولا رَبَّ لَنَا سِوَاهُ,وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَمُصْطَفَاهُ,الَّلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَليهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإحْسَانٍ وَإيمَانٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ إلى يَومِ أَنْ نَلْقَاهُ.أَمَّا بَعْدُ:فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ،فَلا سَعَادَةَ وَلا فَوزَ إلَّا بِإتِّبِاعِ هُدَاهُ.كُلُّ مَخْلُوقٍ بِغَيرِ الإيمَانِ ضَعِيفٍ،إِنْ أَصَابَهُ شَرٌّ جَزِعَ،وَإِنْ أَصَابَهُ خَيرٌ مَنَعَ،كُلُّنا نَمْضِي فِي دُنْيَانا,فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا،حَقَّاً : ( يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ). (الانشقاق:6). أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: فِي رِيَاضِ الذِّكْرِ تَنْشَرِحُ الصُّدُورُ،وَتَنْزِلُ السَّكِينَةُ،وَتَزُولُ الهُمُومُ.ذِكْرُ اللهِ: أَسْهَلُ عِبَادَةٍ ، وَأَعْظَمُ أَجْرِاً! هُوَ خَيْرٌ كُلُّهُ وَلا يَأْتِ إلَّا بِخَيرٍ!وَأَنْفَعُ الذِّكْرِ مَا تَوَافَقَ فِيهِ القَلْبُ مَعَ الِّلسَانِ ، الذِّكْرُ يَا مُؤمِنُونَ:لَيسَ كِلِمَاتٍ جَوْفَاءَ لا مَعْنَى لَهَا،وَلا تَمْتَمَاتٍ لا أَثَرَ لَهَا،الذِّكْرُ الصَّادِقُ النَّافِعُ يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلى صَاحِبِهِ سُلُوكَاً وَخُلُقَاً،وَاتِّزَانَاً وَدِيَانَةً،وَتَعَامُلاً وَأَمَانَةً,وَسُبْحَانَ اللهِ,صِيَغُ الأَذْكَارِ كَثِيرَةٌ،وَلَكْنْ دَعُونا نَتَأمَّلُ ذِكْرَاً جَمِيلاً،وَتَفْوِيضَاً جَلِيلاً،هُوَ ذِكْرُ وِقَايَةٍ وَكِفَايَةٍ،وَانْشِرَاحٍ وَهِدَايَةٍ. مَلِيءٍ بِالتَّوْحِيدِ وَالإجْلالِ، وَالتَّوْقِيرِ لِلرَّبِّ المُتَعَالِ.ذِكْرٌ خَرَجَ مِنْ تَحْتِ عَرْشِ الرَّحَمنِ،وَهُوَ غَرْسٌ فِي أعَالِي الجِنَانِ,وَبَابٌ مِنْ أَبْوَابِهَا!سَمَّاهُ نَبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ! إنَّهُ:لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ. فِي الصَّحِيحَينِ:أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: « يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، قُلْ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ».وَعَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ؟قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ:" لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ".اللهُ أَكْبَرُ يَامُؤمِنُونَ: إنَّهَا كَنْزٌ نَفْتَقِرُ إليهِ,غَائِبٌ عَنْ أَوسَاطِنَا وَأَذْكَارِنَا,كَنْزٌ عَظِيمٌ مَلِيئٌ بِكُلِّ مَعَانِي التَّوْحِيدِ وَاللُّجُوءِ إلى اللهِ تَعَالى،وَمَلِيئٌ بِالبَرَاءَةِ مِنْ حَولِ العَبْدِ وَقُوَّتِهِ,إلى حَولِ العَظِيمِ الجَبَّارِ وَقُوَّتِهِ.عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ نَبِيَّنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟قُلْتُ: بَلَى. قَالَ:«لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»قَالَ:"أَحْسِبُهُ قَالَ:«يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَسْلَمَ عَبْدِي وَاسْتَسْلَمَ». حَقَّاً"إنَّها الزَّادُ لِمَنْ أَرَادَ السَّدَادَ،إنَّها أُنْسُ المَهمُومِ وَجَلاءُ المَغْمُومِ،مَنْ التَزَمَهَا سَعِدَ وَرَبِحَ،وَمَنْ زَهِدَ فِيها شَقِيَ وَخَسِرَ؛ كَيفَ لا وَهِيَ مِنْ البَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ التي قَالَ عَنْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:«اسْتَكْثِرُوا مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ»قِيلَ:وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: «التَّكْبِيرُ،وَالتَّهْلِيلُ،وَالتَّسْبِيحُ،وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ».وعَنْ أَبِي أَيُّوبٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَليهِ السَّلامُ، فَقَالَ:مُرْ أُمَّتَكَ فَلْيُكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِ الْجَنَّةِ،فَإِنَّ تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ،وَأَرْضَهَا وَاسِعَةٌ،فَقَالَ:وَمَا غِرَاسُ الْجَنَّةِ يَا إبْرَاهِيمُ؟قَالَ:لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا باللَّهِ».عَجَبًا لنا كَيفَ نَنْشَغِلُ عَنْ حَوْلِ اللهِ وَقُوَّتِهِ!وَنَزْهَدُ فِي بَابِهِ وَعَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ!وَنَتَّكِلُ عَلى حَولِ فُلانٍ وَمَنْصِبِهِ وَمَكَانَتِهِ!والأَمْرُ للهِ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ . ذَكَرَ المُفَسِّرُونَ أنَّ عَوْفَ بنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جَاءَ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ،إنَّ ابْنِي أَسَرَهُ العَدُوُّ وَجَزِعَتِ الأُمُّ,وَنَحْنُ فِي فَقْرٍ وَفَاقَةٍ,فَمَا تَأْمُرُنِي يَا رَسُولَ اللهِ؟فَقَالَ:«اتَّقِ اللهَ وَاصْبِرْ،وَآمُرُكَ وَإيِّاهَا أَنْ تَسْتَكْثِرَا مِن قَولِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ».فَعَادَ لِمْرَأَتِهِ فَجَعَلا يُرَدِّدَانِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ,فَغَفَلَ العَدُوُّ عَنْ ابْنِهِما،فَأَفْلَتَ مِنَ الأَسْرِ وَرَكِبَ نَاقَةً لِلْقَومِ فَهَرَبَ،وَسَاقَ مِنْهُمْ غَنَمَاً وَمَتَاعَاً على غَفْلَةٍ مِنْهُمْ فَجَاءَ بِهَا لِأَهْلِهِ.فَقَالَ عَوْفٌ يَارَسُولَ اللهِ:أَيَحِلُّ لِي أَنْ آكُلَ مِنْهَا؟قَالَ:«نَعَمْ».وَأَنْزَلَ اللهُ: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ).اللهُ أَكْبَرُ مَا أَعْظَمَهَا مِن كَلِمَةٍ،وَمَا أَعْظَمَ أَثَرَهَا!وَمَا أَغْفَلَنا عَنْهَا قَولاً وَعَمَلاً! يَارَبُّ أَنْتَ كُلَّمَا رَزَقْتَنِي*رَأَيْتُ خَيْرًا سَابِغًا لا حَدَّ لَهُ*رَزَقْتَنِي وَأَنْتَ خَيرُ رَازِقٍ*أَزَحْتَ يَا قَدِيرُ كُلَّ مُعْضِلَةٍ*تَطُوفُ بِي مَضَائِقٌ أَخَالُهَا لا تَنْتَهِي,فَتَنْتَهِي بِالحَوقَلَةِ * يَأْتِي إِليكَ المُسْتَجِيرُ مَاشِيًا*وَأَنْتَ يَا ذَا الجُودِ تَأْتِي هَرْوَلَةً.بَارَكَ اللهُ لَنَا فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ،وَنَفَعَنا بِمَا فِيهِمَا مِنْ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ وَالحِكْمَةِ،وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وفِتْنَةٍ،فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إليهِ؛ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية/الحَمْدُ للهِ وَفَّقَ مَنْ شَاءَ لِعِبَادَتِهِ،نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَنَشْكُرُهُ عَلى تَيْسِيرِ طَاعَتِهِ، وَنَشْهَدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ فِي أُلُوهِيَّتِهِ،وَعَدَ الذَّاكِرَينَ بِبُلُوغِ جَنَّتِهِ،وَتَوَعَّدَ الغَافِلِينَ أَلِيمَ عُقُوبَتِهِ،وَنَشْهَدُ أَنَّ سيِّدَنَا ونَبِيَّنا مُحَمَّدَاً عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ،إِمَامَاً فِي دَعْوَتِهِ،وَقُدْوَةً فِي مَنْهَجِهِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ،صَلاةً دَائِمَةً تُبَلِّغُنا بِرَحْمَتِهِ دَارَ كَرَامَتِهِ.أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى فِي السِّرِّ وَالعَلَنِ.والْزَمُوا ذِكْرَ اللهِ وَتَدَثَّرُوا بِهِ تَكُونُوا مِن المُفَرِّدِينَ!قَالَ الصَّحَابَةُ:وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ؟قَالَ:"الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا".أيُّها المُسْلِمُونَ :لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ:كَلِمَةُ اسْتِسْلامٍ وَتَفْوِيضٍ إلى اللهِ تَعَالى،وَاعْتِرَافٍ بِالإذْعَانِ لَهُ،وَأَنَّهُ لا رَادَّ لِأَمْرِهِ،ولا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ,مَعْنَاهَا يَا مُؤمِنُونَ:أَنَّنا لا نَمْلِكُ فِعْلَ خَيْرٍ،وَلا حِيلَةَ لَنَا فِي دَفْعِ شَرٍّ إلَّا بِإرَادَةِ اللهِ وَحَوْلِهِ وَإعَانَتِهِ وَقُدْرَتِهِ،وَحَسْبُكَ بِهَذا إِفْرَادَاً للهِ وَتَوْحِيداً وَتَفْوِيضَاً وَاعْتِرَافَاً،وَمِمَّا قَالَهُ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ:"وَلَمَّا كَانَ الكَنْزُ هُوَ المَالُ النَّفِيسُ ,كَانَتِ هَذِهِ الكَلِمَةُ كَنْزَاً مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ، التي أُوتِيَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَنْزٍ تَحتَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ!وَكَانَ قَائِلُهَا قَدْ أَسْلَمَ وَاسْتَسْلَمَ لِمَنْ أَزِمَّةُ الأُمُورِ بِيَدَيهِ،وَفَوَّضَ أَمْرَهُ إِلِيهِ,وَلِلْكَلِمَةِ تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي مُعَالَجَةِ الأَشْغَالِ الصَّعْبَةِ،وَتَحَمُّلِ المَشَآقِّ،وَمَنْ يَخَافُ رُكُوبَ الأَهْوَالِ.وَلَهَا تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي دَفْعِ الفَقْرِ،وَدَفْعِ الشَّيَاطِينِ!إخْوانِي:وَحتَّى تُدْرِكوا شِدَّةَ حَاجَتِنَا لِأهَمِّيَةِ الإكْثَارِ مِنْ تَرْدِيدِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ؟ فَمَاذَا شُرِعَ لَنَا أنْ نَقُولَ عِنْدَ قَوْلِ المُؤَذِّنِ:حَيَّ عَلى الصَّلاةِ,حَيَّ عَلى الفَلاحِ؟شُرِعَ أَنْ نَقُولَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ!فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ؟مَعْنَاهُ:أنَّا لَنْ نُوفَّقَ لأيِّ عِبَادَةٍ,أوعَمَلٍ خَيْرِيٍّ أو دَعَوِيٍّ أو حَتَّى تِجَارِيٍّ دُنْيَويٍّ إلَّا بِحَوْلِ اللهِ وَمَعُونَةِ اللهِ وَقُوَّتِهِ وَإرَادَتِهِ.تَأمَّلْ كَذَلِكَ:إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ،لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ،يُقَالُ لَهُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ،وَيَتَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيَاطِينُ!هَلْ تَظُنُّ يَامُؤمِنُ:أنَّكَ سَتَقُودُ سَيَّارَتَكَ,وَتَذْهَبُ لِعَمَلِكَ بِغَيْرِ حَولِ اللهِ وَمَعُونَةِ اللهِ وَقُوَّتِهِ؟!عِبَادَ اللهِ:وَنَحْنُ قَدْ أرْهَقَتْنَا ذُنُوبُنَا,وَأثْقَلَتْنَا مَعَاصِينَا,فَمِنْ مُكَفِّرَاتِهَا الإكْثَارُ مِنْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ,عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُما,أنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«مَا عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ يَقُولُ:لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، إِلَّا كُفِّرَتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ»حَسَّنَهُ الألبَانِيُّ.إِخْوَةَ الإيمَانِ:وحتَّى تَعْلَمُوا حَقِيقَةً هَامَّةً لِأهَمِّ مَعَانِيهَا فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ هِيَ كَلِمَةُ اسْتِعَانَةٍ لا كَلِمَةَ اسْتِرْجَاعٍ،فَإذَا أَرَدْتَّ أَنْ يُعِينَكَ اللهُ عَلى شَيءٍ،فَقُلْ:لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.فَلا سَبِيلَ لَنَا إلى طَاعَةٍ إلَّا بِعَونِ اللهِ.وَلا سَبِيلَ لَنَا على هُجْرَانِ المَعَاصِي وَالمُحَرَّمَاتِ إلَّا بِعَونِ اللهِ.فَمَا أشَدَّ حَاجَتَنَا إليهَا فِي زَمَنٍ تَيَسَّرَتْ فِيهِ سُبُلُ المَآثِمِ،وَفُتِّحَتْ فِيهِ أَبْوُابُ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ؟!قَالَ شَيخُنَا ابنُ العُثَيمِين رَحِمَهُ اللهُ:هذه الكَلِمَةُ كَلِمَةُ اسْتِعَانَةٍ،وَلَيسَتْ كَلِمَةَ اسْتِرْجَاعٍ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إذَا حَصَلَتْ لَهُ مُصِيبَةٌ، قَالَ:لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ,والأَصْلُ أَنْ يَقُولَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَأَمَّا الخَطَأُ الآخَرُ فِي اسْتِعْمَالِهَا:أنَّ بَعْضَ النَّاسِ لا يَنْطْقُهَا كَامِلَةً فَمَثَلاً يَقُولُ: لا حَوْلِ الله!يَفْعَلُ ذَلِكَ إِهْمِالاً أَو جَهْلاً وَكَسَلاً!وَهَذا إخْلالٌ لا يَخْفَى,نَعَمْ لا حَوْلَ لَنَا ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ تَعَالى. فَيَا صَاحِبَ أَيَّ عَمَلٍ دِينِيٍّ رَدِّدْ كَمَا كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:وَلَا تَكلنِي إِلَى نَفسِي طَرفَة عَينٍ.إذَا لَمْ يَكُنْ عَونٌ مِنَ اللهِ لِلفَتَى*فَأَوَّلُ مَا يَجْنِي عَلَيهِ اجْتِهَادُهُ.نَعَمْ يَامُؤمِنُونَ:لاَ حَوْلَ لنَا عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ إِلاَّ بِعِصْمَتِهِ،وَلاَ قُوَّةَ لَنَا عَلَى طَاعَةِ اللهِ إِلاَّ بِمَعُونَتهِ.قَالَ عَلِيُّ بنُ أبي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:إنَّا لا نَمْلِكُ مَعَ اللهِ شَيْئَاً،وَلا نَمْلِكُ إلاَّ مَا مَلَّكَنَا إيَّاهُ مِمَّا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنَّا.فَيَا أَخِي رَطِّبْ لِسَانَكَ بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ،رَدِّدْهَا فِي صُبْحِكَ وَمَسَائِكَ،عُضَّ عَليهَا بِالنَّوَاجِذِ وَعَلِّمْهَا َأْهلَكَ وَأَولادَكَ يُعْصَمُوا وَيُفْلِحُوا.هَذا وصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلى خَيرِ البَرِيَّةِ،مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ اللهِ
فَالَّلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلى عَبدِكِ وَرَسُولِكِ مُحمَّدٍ وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ,وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.الَّلهُمَّ آتِ نُفُوسَنا تَقْوَاهَا،وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيرُ مَنْ زكَّاهَا،أَنْتَ وَلِيُّها وَمَولاهَا.الَّلهم أَعِزَّ الإسلامَ والمُسلِمِينَ،انْصُر دِينَكَ وَكِتَابَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ وَعِبَادَكَ المُؤمِنِينَ.
اللهم فرِّج همَّ المهمومين،ونفِّس كربَ المكرُوبِين،واقضِ الدَّيْنَ عن المَدينين،واشفِ مرضَى المُسلمين،اللهم آمِنَّا في أوطاننا،وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمرنا، واجعل ولايتَنا فيمن خافك واتقاك واتبع رِضاك يا رب العالمين.اللهم كُن لإخواننا المُستضعَفين في دينهم في سائر الأوطان، اللهم انصُرهم ولا تنصُر عليهم.اللهم كُن لجنودِنا المُرابِطين وَتَقَبْلْ مَونَاهُمْ فِي الشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عباد الله:اذكرُوا الله العظيمَ يذكُركُم، واشكُروه على آلائِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، والله يعلمُ ما تصنَعون.
الحَمْدُ للهِ لا عِزَّ إلَّا بِطَاعَتِهِ,وَلا سَعَادَةَ إلَّا بِتَقْواهُ,نَشهدُ ألَّا إلِهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ولا رَبَّ لَنَا سِوَاهُ,وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَمُصْطَفَاهُ,الَّلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَليهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإحْسَانٍ وَإيمَانٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ إلى يَومِ أَنْ نَلْقَاهُ.أَمَّا بَعْدُ:فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ،فَلا سَعَادَةَ وَلا فَوزَ إلَّا بِإتِّبِاعِ هُدَاهُ.كُلُّ مَخْلُوقٍ بِغَيرِ الإيمَانِ ضَعِيفٍ،إِنْ أَصَابَهُ شَرٌّ جَزِعَ،وَإِنْ أَصَابَهُ خَيرٌ مَنَعَ،كُلُّنا نَمْضِي فِي دُنْيَانا,فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا،حَقَّاً : ( يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ). (الانشقاق:6). أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: فِي رِيَاضِ الذِّكْرِ تَنْشَرِحُ الصُّدُورُ،وَتَنْزِلُ السَّكِينَةُ،وَتَزُولُ الهُمُومُ.ذِكْرُ اللهِ: أَسْهَلُ عِبَادَةٍ ، وَأَعْظَمُ أَجْرِاً! هُوَ خَيْرٌ كُلُّهُ وَلا يَأْتِ إلَّا بِخَيرٍ!وَأَنْفَعُ الذِّكْرِ مَا تَوَافَقَ فِيهِ القَلْبُ مَعَ الِّلسَانِ ، الذِّكْرُ يَا مُؤمِنُونَ:لَيسَ كِلِمَاتٍ جَوْفَاءَ لا مَعْنَى لَهَا،وَلا تَمْتَمَاتٍ لا أَثَرَ لَهَا،الذِّكْرُ الصَّادِقُ النَّافِعُ يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلى صَاحِبِهِ سُلُوكَاً وَخُلُقَاً،وَاتِّزَانَاً وَدِيَانَةً،وَتَعَامُلاً وَأَمَانَةً,وَسُبْحَانَ اللهِ,صِيَغُ الأَذْكَارِ كَثِيرَةٌ،وَلَكْنْ دَعُونا نَتَأمَّلُ ذِكْرَاً جَمِيلاً،وَتَفْوِيضَاً جَلِيلاً،هُوَ ذِكْرُ وِقَايَةٍ وَكِفَايَةٍ،وَانْشِرَاحٍ وَهِدَايَةٍ. مَلِيءٍ بِالتَّوْحِيدِ وَالإجْلالِ، وَالتَّوْقِيرِ لِلرَّبِّ المُتَعَالِ.ذِكْرٌ خَرَجَ مِنْ تَحْتِ عَرْشِ الرَّحَمنِ،وَهُوَ غَرْسٌ فِي أعَالِي الجِنَانِ,وَبَابٌ مِنْ أَبْوَابِهَا!سَمَّاهُ نَبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ! إنَّهُ:لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ. فِي الصَّحِيحَينِ:أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: « يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، قُلْ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ».وَعَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ؟قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ:" لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ".اللهُ أَكْبَرُ يَامُؤمِنُونَ: إنَّهَا كَنْزٌ نَفْتَقِرُ إليهِ,غَائِبٌ عَنْ أَوسَاطِنَا وَأَذْكَارِنَا,كَنْزٌ عَظِيمٌ مَلِيئٌ بِكُلِّ مَعَانِي التَّوْحِيدِ وَاللُّجُوءِ إلى اللهِ تَعَالى،وَمَلِيئٌ بِالبَرَاءَةِ مِنْ حَولِ العَبْدِ وَقُوَّتِهِ,إلى حَولِ العَظِيمِ الجَبَّارِ وَقُوَّتِهِ.عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ نَبِيَّنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟قُلْتُ: بَلَى. قَالَ:«لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»قَالَ:"أَحْسِبُهُ قَالَ:«يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَسْلَمَ عَبْدِي وَاسْتَسْلَمَ». حَقَّاً"إنَّها الزَّادُ لِمَنْ أَرَادَ السَّدَادَ،إنَّها أُنْسُ المَهمُومِ وَجَلاءُ المَغْمُومِ،مَنْ التَزَمَهَا سَعِدَ وَرَبِحَ،وَمَنْ زَهِدَ فِيها شَقِيَ وَخَسِرَ؛ كَيفَ لا وَهِيَ مِنْ البَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ التي قَالَ عَنْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:«اسْتَكْثِرُوا مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ»قِيلَ:وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: «التَّكْبِيرُ،وَالتَّهْلِيلُ،وَالتَّسْبِيحُ،وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ».وعَنْ أَبِي أَيُّوبٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَليهِ السَّلامُ، فَقَالَ:مُرْ أُمَّتَكَ فَلْيُكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِ الْجَنَّةِ،فَإِنَّ تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ،وَأَرْضَهَا وَاسِعَةٌ،فَقَالَ:وَمَا غِرَاسُ الْجَنَّةِ يَا إبْرَاهِيمُ؟قَالَ:لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا باللَّهِ».عَجَبًا لنا كَيفَ نَنْشَغِلُ عَنْ حَوْلِ اللهِ وَقُوَّتِهِ!وَنَزْهَدُ فِي بَابِهِ وَعَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ!وَنَتَّكِلُ عَلى حَولِ فُلانٍ وَمَنْصِبِهِ وَمَكَانَتِهِ!والأَمْرُ للهِ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ . ذَكَرَ المُفَسِّرُونَ أنَّ عَوْفَ بنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جَاءَ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ،إنَّ ابْنِي أَسَرَهُ العَدُوُّ وَجَزِعَتِ الأُمُّ,وَنَحْنُ فِي فَقْرٍ وَفَاقَةٍ,فَمَا تَأْمُرُنِي يَا رَسُولَ اللهِ؟فَقَالَ:«اتَّقِ اللهَ وَاصْبِرْ،وَآمُرُكَ وَإيِّاهَا أَنْ تَسْتَكْثِرَا مِن قَولِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ».فَعَادَ لِمْرَأَتِهِ فَجَعَلا يُرَدِّدَانِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ,فَغَفَلَ العَدُوُّ عَنْ ابْنِهِما،فَأَفْلَتَ مِنَ الأَسْرِ وَرَكِبَ نَاقَةً لِلْقَومِ فَهَرَبَ،وَسَاقَ مِنْهُمْ غَنَمَاً وَمَتَاعَاً على غَفْلَةٍ مِنْهُمْ فَجَاءَ بِهَا لِأَهْلِهِ.فَقَالَ عَوْفٌ يَارَسُولَ اللهِ:أَيَحِلُّ لِي أَنْ آكُلَ مِنْهَا؟قَالَ:«نَعَمْ».وَأَنْزَلَ اللهُ: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ).اللهُ أَكْبَرُ مَا أَعْظَمَهَا مِن كَلِمَةٍ،وَمَا أَعْظَمَ أَثَرَهَا!وَمَا أَغْفَلَنا عَنْهَا قَولاً وَعَمَلاً! يَارَبُّ أَنْتَ كُلَّمَا رَزَقْتَنِي*رَأَيْتُ خَيْرًا سَابِغًا لا حَدَّ لَهُ*رَزَقْتَنِي وَأَنْتَ خَيرُ رَازِقٍ*أَزَحْتَ يَا قَدِيرُ كُلَّ مُعْضِلَةٍ*تَطُوفُ بِي مَضَائِقٌ أَخَالُهَا لا تَنْتَهِي,فَتَنْتَهِي بِالحَوقَلَةِ * يَأْتِي إِليكَ المُسْتَجِيرُ مَاشِيًا*وَأَنْتَ يَا ذَا الجُودِ تَأْتِي هَرْوَلَةً.بَارَكَ اللهُ لَنَا فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ،وَنَفَعَنا بِمَا فِيهِمَا مِنْ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ وَالحِكْمَةِ،وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وفِتْنَةٍ،فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إليهِ؛ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية/الحَمْدُ للهِ وَفَّقَ مَنْ شَاءَ لِعِبَادَتِهِ،نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَنَشْكُرُهُ عَلى تَيْسِيرِ طَاعَتِهِ، وَنَشْهَدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ فِي أُلُوهِيَّتِهِ،وَعَدَ الذَّاكِرَينَ بِبُلُوغِ جَنَّتِهِ،وَتَوَعَّدَ الغَافِلِينَ أَلِيمَ عُقُوبَتِهِ،وَنَشْهَدُ أَنَّ سيِّدَنَا ونَبِيَّنا مُحَمَّدَاً عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ،إِمَامَاً فِي دَعْوَتِهِ،وَقُدْوَةً فِي مَنْهَجِهِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ،صَلاةً دَائِمَةً تُبَلِّغُنا بِرَحْمَتِهِ دَارَ كَرَامَتِهِ.أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى فِي السِّرِّ وَالعَلَنِ.والْزَمُوا ذِكْرَ اللهِ وَتَدَثَّرُوا بِهِ تَكُونُوا مِن المُفَرِّدِينَ!قَالَ الصَّحَابَةُ:وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ؟قَالَ:"الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا".أيُّها المُسْلِمُونَ :لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ:كَلِمَةُ اسْتِسْلامٍ وَتَفْوِيضٍ إلى اللهِ تَعَالى،وَاعْتِرَافٍ بِالإذْعَانِ لَهُ،وَأَنَّهُ لا رَادَّ لِأَمْرِهِ،ولا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ,مَعْنَاهَا يَا مُؤمِنُونَ:أَنَّنا لا نَمْلِكُ فِعْلَ خَيْرٍ،وَلا حِيلَةَ لَنَا فِي دَفْعِ شَرٍّ إلَّا بِإرَادَةِ اللهِ وَحَوْلِهِ وَإعَانَتِهِ وَقُدْرَتِهِ،وَحَسْبُكَ بِهَذا إِفْرَادَاً للهِ وَتَوْحِيداً وَتَفْوِيضَاً وَاعْتِرَافَاً،وَمِمَّا قَالَهُ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ:"وَلَمَّا كَانَ الكَنْزُ هُوَ المَالُ النَّفِيسُ ,كَانَتِ هَذِهِ الكَلِمَةُ كَنْزَاً مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ، التي أُوتِيَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَنْزٍ تَحتَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ!وَكَانَ قَائِلُهَا قَدْ أَسْلَمَ وَاسْتَسْلَمَ لِمَنْ أَزِمَّةُ الأُمُورِ بِيَدَيهِ،وَفَوَّضَ أَمْرَهُ إِلِيهِ,وَلِلْكَلِمَةِ تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي مُعَالَجَةِ الأَشْغَالِ الصَّعْبَةِ،وَتَحَمُّلِ المَشَآقِّ،وَمَنْ يَخَافُ رُكُوبَ الأَهْوَالِ.وَلَهَا تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي دَفْعِ الفَقْرِ،وَدَفْعِ الشَّيَاطِينِ!إخْوانِي:وَحتَّى تُدْرِكوا شِدَّةَ حَاجَتِنَا لِأهَمِّيَةِ الإكْثَارِ مِنْ تَرْدِيدِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ؟ فَمَاذَا شُرِعَ لَنَا أنْ نَقُولَ عِنْدَ قَوْلِ المُؤَذِّنِ:حَيَّ عَلى الصَّلاةِ,حَيَّ عَلى الفَلاحِ؟شُرِعَ أَنْ نَقُولَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ!فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ؟مَعْنَاهُ:أنَّا لَنْ نُوفَّقَ لأيِّ عِبَادَةٍ,أوعَمَلٍ خَيْرِيٍّ أو دَعَوِيٍّ أو حَتَّى تِجَارِيٍّ دُنْيَويٍّ إلَّا بِحَوْلِ اللهِ وَمَعُونَةِ اللهِ وَقُوَّتِهِ وَإرَادَتِهِ.تَأمَّلْ كَذَلِكَ:إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ،لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ،يُقَالُ لَهُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ،وَيَتَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيَاطِينُ!هَلْ تَظُنُّ يَامُؤمِنُ:أنَّكَ سَتَقُودُ سَيَّارَتَكَ,وَتَذْهَبُ لِعَمَلِكَ بِغَيْرِ حَولِ اللهِ وَمَعُونَةِ اللهِ وَقُوَّتِهِ؟!عِبَادَ اللهِ:وَنَحْنُ قَدْ أرْهَقَتْنَا ذُنُوبُنَا,وَأثْقَلَتْنَا مَعَاصِينَا,فَمِنْ مُكَفِّرَاتِهَا الإكْثَارُ مِنْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ,عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُما,أنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«مَا عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ يَقُولُ:لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، إِلَّا كُفِّرَتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ»حَسَّنَهُ الألبَانِيُّ.إِخْوَةَ الإيمَانِ:وحتَّى تَعْلَمُوا حَقِيقَةً هَامَّةً لِأهَمِّ مَعَانِيهَا فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ هِيَ كَلِمَةُ اسْتِعَانَةٍ لا كَلِمَةَ اسْتِرْجَاعٍ،فَإذَا أَرَدْتَّ أَنْ يُعِينَكَ اللهُ عَلى شَيءٍ،فَقُلْ:لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.فَلا سَبِيلَ لَنَا إلى طَاعَةٍ إلَّا بِعَونِ اللهِ.وَلا سَبِيلَ لَنَا على هُجْرَانِ المَعَاصِي وَالمُحَرَّمَاتِ إلَّا بِعَونِ اللهِ.فَمَا أشَدَّ حَاجَتَنَا إليهَا فِي زَمَنٍ تَيَسَّرَتْ فِيهِ سُبُلُ المَآثِمِ،وَفُتِّحَتْ فِيهِ أَبْوُابُ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ؟!قَالَ شَيخُنَا ابنُ العُثَيمِين رَحِمَهُ اللهُ:هذه الكَلِمَةُ كَلِمَةُ اسْتِعَانَةٍ،وَلَيسَتْ كَلِمَةَ اسْتِرْجَاعٍ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إذَا حَصَلَتْ لَهُ مُصِيبَةٌ، قَالَ:لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ,والأَصْلُ أَنْ يَقُولَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَأَمَّا الخَطَأُ الآخَرُ فِي اسْتِعْمَالِهَا:أنَّ بَعْضَ النَّاسِ لا يَنْطْقُهَا كَامِلَةً فَمَثَلاً يَقُولُ: لا حَوْلِ الله!يَفْعَلُ ذَلِكَ إِهْمِالاً أَو جَهْلاً وَكَسَلاً!وَهَذا إخْلالٌ لا يَخْفَى,نَعَمْ لا حَوْلَ لَنَا ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ تَعَالى. فَيَا صَاحِبَ أَيَّ عَمَلٍ دِينِيٍّ رَدِّدْ كَمَا كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:وَلَا تَكلنِي إِلَى نَفسِي طَرفَة عَينٍ.إذَا لَمْ يَكُنْ عَونٌ مِنَ اللهِ لِلفَتَى*فَأَوَّلُ مَا يَجْنِي عَلَيهِ اجْتِهَادُهُ.نَعَمْ يَامُؤمِنُونَ:لاَ حَوْلَ لنَا عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ إِلاَّ بِعِصْمَتِهِ،وَلاَ قُوَّةَ لَنَا عَلَى طَاعَةِ اللهِ إِلاَّ بِمَعُونَتهِ.قَالَ عَلِيُّ بنُ أبي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:إنَّا لا نَمْلِكُ مَعَ اللهِ شَيْئَاً،وَلا نَمْلِكُ إلاَّ مَا مَلَّكَنَا إيَّاهُ مِمَّا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنَّا.فَيَا أَخِي رَطِّبْ لِسَانَكَ بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ،رَدِّدْهَا فِي صُبْحِكَ وَمَسَائِكَ،عُضَّ عَليهَا بِالنَّوَاجِذِ وَعَلِّمْهَا َأْهلَكَ وَأَولادَكَ يُعْصَمُوا وَيُفْلِحُوا.هَذا وصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلى خَيرِ البَرِيَّةِ،مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ اللهِ
فَالَّلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلى عَبدِكِ وَرَسُولِكِ مُحمَّدٍ وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ,وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.الَّلهُمَّ آتِ نُفُوسَنا تَقْوَاهَا،وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيرُ مَنْ زكَّاهَا،أَنْتَ وَلِيُّها وَمَولاهَا.الَّلهم أَعِزَّ الإسلامَ والمُسلِمِينَ،انْصُر دِينَكَ وَكِتَابَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ وَعِبَادَكَ المُؤمِنِينَ.
اللهم فرِّج همَّ المهمومين،ونفِّس كربَ المكرُوبِين،واقضِ الدَّيْنَ عن المَدينين،واشفِ مرضَى المُسلمين،اللهم آمِنَّا في أوطاننا،وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمرنا، واجعل ولايتَنا فيمن خافك واتقاك واتبع رِضاك يا رب العالمين.اللهم كُن لإخواننا المُستضعَفين في دينهم في سائر الأوطان، اللهم انصُرهم ولا تنصُر عليهم.اللهم كُن لجنودِنا المُرابِطين وَتَقَبْلْ مَونَاهُمْ فِي الشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عباد الله:اذكرُوا الله العظيمَ يذكُركُم، واشكُروه على آلائِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، والله يعلمُ ما تصنَعون.
المشاهدات 1428 | التعليقات 2
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
خالد التميمي
جزيت الجنة يا شيخ خالد
واسمح لي بإرفاقها مع قليل من التنسيق ...
المرفقات
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/1/9/7/7/دُونَكُمْ%20كَنْزٌ%20مِنْ%20الجَنَّةِ.pdf
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/1/9/7/7/دُونَكُمْ%20كَنْزٌ%20مِنْ%20الجَنَّةِ.pdf
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/1/9/7/7/دُونَكُمْ%20كَنْزٌ%20مِنْ%20الجَنَّةِ.docx
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/1/9/7/7/دُونَكُمْ%20كَنْزٌ%20مِنْ%20الجَنَّةِ.docx
تعديل التعليق