دروس من غزوة أُحد

جابر السيد الحناوي
1430/10/14 - 2009/10/03 22:41PM
بســـم الله الرحمــن الرحـــيم


خطبة لشوال ـ دروس من غزوة أُحد

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ وَلَا يَضُرُّ اللَّهَ شَيْئًا
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا "
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا "
أما بعد ...
في يوم السبت ، السابع من شوال في السنة الثالثة للهجرة والذي يصادف 23 مارس625 م كانت غزوة أحد (ويكيبيديا، الموسوعة الحرة ) ونحن الآن في شهر شوال من عام 1430هـ ، ومع ذلك نجد جسر النور والهدى والعطاء في السيرة النبوية المشرفة ، من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا الحاضر، نستنبط منها بعض الدروس والعبر مما جرى من الأحداث التي وقعت في تلك الغزوة ، والتي تكشف لنا حقائق الواقع المعاصر ، وتبين لنا ما ينبغي أن نعلمه تجاه ما نواجه في هذه الحياة الدنيا ؛ ونحن في طريقنا للجهاد في سبيل الله ، ومواجهة أعداء الله ، بثقة مطلقة بنصر الله الذي لا يتخلف عن المؤمنين " ... وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ " (سورة الروم من الآية 47)
الدرس الأول : الشورى

حين علم النبي صلى الله عليه وسلم بقدوم أهل مكة وأحابيشها ومن أطاعها من قبائل كنانة وأهل تهامة للأخذ بثأر قتلاهم في بدر ، استشارأصحابه في الخروج للقائهم خارج حدود المدينة أو البقاء في المدينة والتحصن بها ؛ حتى إذا دخل عليهم أعداؤهم فيها كانوا أبصر بما يعوقهم عن الدخول وبما ينزل فيهم الهزيمة .
وقد كان رأيه صلى الله عليه وسلم البقاء في المدينة إلا أنه جعل الأمر شورى بينه وبين أصحابه ؛ ليبين للأمة من بعده وللولاة وأمراء المؤمنين وقوادهم من بعده أنه لا بد لهم أن يستخلصوا الآراء ، وأن يعرفوا ما ينبغي أن يعرفوه من أهل الحل والعقد وأهل العلم والرأي والمشورة.
وفي هذه المشورة غلبت آراء الذين كانوا يرون الخروج للقاء الأعداء ؛ رغبة منهم في الاستشهاد في سبيل الله ، ورغبة منهم في إظهار الحمية لدين الله والاعتزاز بدينه ، ورغبة ممن لم يشهد بدراً أن يلقوا أعداءهم فيعوضوا ما فاتهم من الجهاد والاستشهاد في بدر .
ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن رأى هذا الرأي من أصحابه أو كثرةٍ منهم فلبس عدته ولامته ، ثم خرج فرأى القوم أنهم قد أكرهوه صلى الله عليه وسلم على ما لا يحب ، فرجعوا عن رأيهم وجعلوا الأمر إليه صلى الله عليه وسلم فما كان منه إلا أن قال لهم صلى الله عليه وسلم : " قد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم ، ولا ينبغي لنبي إذ لبس لامته أن يضعها ، حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه أنظروا ما أمركم به فاتبعوه ، امضوا على اسم الله تعالى ، فلكم النصر ما صبرتم." ( سبل الهدى والرشاد 4 / 186 )
ومضى النبي صلى الله عليه وسلم على عزمه الذي قضت به الشورى ؛ وذلك حتى يكون للشورى أصحابها ومقامها ، وحتى لا يعود هناك استخفاف بالرأي ، ولا تهوين ولا تسفيه للقول .
فالنبي المؤيد بالوحي جعل الأمر شورى بينه وبين أصحابه ، فكيف بمن هو أدنى منه منزلة وأقل منه علماً وأبعد عن التثبيت والإلهام والتوجيه والتسديد الذي كان يؤتاه النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي قال الله عز وجل في قوله وفعله : " إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى " ( سورة النجم الآية 4 ) فمن سواه ـ وكل الناس أدنى منه منزلة ـ أجدر بأن يلتزموا الشورى بينهم وبين قادتهم وعلمائهم .
ومن تأكيدات الله عز وجل لأمر الشورى أنه بعد أن ظهرت النتائج في غزوة أحد ، وبعد أن ظهر ذلك الرأي ومع ما فيه من علة ، وبعد أن ظهر أثر المخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم جاءت الآيات التي نزلت في أعقاب غزوة أحد ، لتؤكد مرة أخرى على الشورى ؛ لكي لا تكون النتيجة السلبية أو التطبيق الخاطئ يقودان إلى إلغائها وعدم الاكتراث بها ، فيقول الله : " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " ( سورة آل عمران الآية 159 ) اعف عنهم عما كان من إكراه لك في الرأي ، واستغفر لهم عما كان منهم من معصية ، ولا يمنعن ذلك أن تأخذ رأيهم وأن تلزم الشورى معهم ، و هكذا نجد أمر الشورى رغم الرؤيا، ونجد أمر الشورى رغم ما مال إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ونجد أمر الشورى باقياً رغم رجوع الذين رأوا الرأي الأول ونجد أمر الشورى باقياً بعد ما وقعت الواقعة وحلت بعضُ الهزيمة في أحد.
يجئ الأمر الإلهي بالشورى بعد المعركة في هذه الآيات تثبيتاً للمبدأ في مواجهة نتائجه المريرة ، إن الإسلام لا يؤجل مزاولة المبدأ حتى تستعد الأمة لمزاولته ، ولا يفرض علي الأمة الوصاية السياسية من فرد أوحزب بحجة تربية الأمة وإعدادها لتحمل المسئولية ، وإن الأخطاء في مزاولة الشورى مهما بلغت من الجسامة لا تبرر إلغاء مبدأ " ... وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ... " ( سورة الشورى من الآية 38 )؛ إذ أن للشورى على أقل تقدير ميزتان مهمتان :
أولاً : الاستدراك للأخطاء والاستكمال للنقص قبل الشروع في العمل : إذ مهما بلغ الرجل أوالقائد من ذكاء مفرط وعلم غزير ورأي حصيف ؛ فإن رأيه قد يقصر ، وعلمه قد يغيب ، وذهنه قد ينسى ويكل ، فمن هنا تأتي الشورى بالآراء الأخرى لتقوِّم الخطأ ، وتكمل النقص ، وتذكربالنسيان ، فحينئذ تكون الأمة قد استجمعت كـل الـشـروط التي ينبغي استكمالها لإعداد العدة للعمل واستكمال شروط النقص وشروط النجاح .
ثانياً : توزع تحمل المسئولية:
فلئن كان هذا رأي الجماعة كلها ولئن كان هذا رأي الشورى وأهل العلم منهم ؛ فإن وجد فيهالخطأ فليس هو خطأ فرد ، وليس هو مما يتحمله إنسان بعينه ، بل تشترك الأمة كلها ، في تحملتبعته ، وهذا أدعى إلى أن تقوم قائمتها مرة أخرى ولا تتلاوم فيما بينها ويحصل الشقاقفي صفها .
ومن ثم نخرج بهذا الدرس العظيم من غزوة أحد ، وهو أن أمرالشورى ليس عارضاً ، وليس هوىً متبعاً لقائد أو أمير أو إمام ، وليس أمر له أن يختار منه ثم يتركه ، وليس مبدأ مرتبطاً بالنتائج والأخطاء التي قد تقع في بعض تطبيقاته ، بل إنه فوق كل ذلك أمر إلهي لا محيص عنه ولا حياد عنه ، تؤكده سيرة النبي صلى الله عليه وسلم التي ترعاها آيات القرآن الكريم .
الدرس الثاني : الحزم والجزم

ويَظهر ذلك في موقف النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكرناه عندما ندم الناس على رأيهم بالخروج لملاقاة العدو خارج المدينة ، وظنوا أنهم قد أكرهوا نبيهم صلى الله عليه وسلم علي ما لا يحب ، فقال صلى الله عليه وسلم قولته المشهورة : " لا ينبغي لنبي إذا لبس لامته أن ينزعها حتى يقاتل عدوه " ( سبل الهدى والرشاد 10 / 399 ) علي مثل هذا يجب أن تكون القيادة الإسلامية ، إذ ينبغي أن تكون صورتها صورة الحزم والعزم والقوة والمضي لا التراجع والتشكك والتردد ، فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما رجعوا عن رأيهم ، لم يرجع عن رأيه وإلا كانت هذه صورة من صور القيادة المهزوزة التي تكون ألعوبة في أيدي الذين يترددون بعد أن تقدموا ، أو من يقولون نعم ثم يقولون لا ... وهكذا .
ولذلك كان هذا الموقف من النبي صلى الله عليه وسلم أولاً : إمضاءً للشورى ، وثانياً : حفظا لهيبة القيادة ؛ فإن الأمر لو أن النبي صلى الله عليه وسلم رجع عن ذلك لظن الظان أن ذلك نوع من الجبن والخوف ، ولسرى بين الناس أن النبي القائد صلى الله عليه وسلم قد خضع لقول جنوده ، وعندما تكون القيادة مقودة لا قائدة ؛ فإن ذلك هو عين الفوضى والاضطراب ، وثالثا : فإنه لو ولىَّ لم ينتظم لهم شمل ، فإذا ثبت انتظم شملهم بوجوده صلى الله عليه وسلم كما حدث يوم حنين ، فان غالب الصحابة ولوا مدبرين عن ملاقاة العدو، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة من أصحابه فتقدم في وجه العدو، حتى نصره الله تعالى ، وتراجع إليه أصحابه .
وهذا درس عظيم مفاده أن يعلم المرء أن أمر إتخاذ الموقف والحزم والجزم هو سمة من السمات القيادية والسمات الإيمانية التي تنطلق من قاعدة شرعية ، يتجلى ذلك في رفض النبي صلى الله عليه وسلم عندما رفض أن يعود عن الشورى بعد العزم ، واعتبار هذا من قبيل التردد والأرجحة ، وذلك صيانة لمبدأ الشورى من أن يصبح المؤمنون وسيلة للأرجحة والتردد وعدم الثبات .
الدرس الثالث : آثارالتنازع والمعصية

أنزل الله عز وجل في أعقاب معركة أحد قوله تعالي : " وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ " ( سورة آل عمران الآية 152 ) والدرس هنا أن مخالفة يسيرة في أمر واحد من فئة قليلة أوجبت هذا الدرس القاسي الذي مضى فيه سبعون من خيرة الصحابة شهداء ، والذي شج فيه النبي صلى الله عليه وسلم ودمي وجهُهُ الشريف ، والذي كان فيه ما كان من تلك الأحداث الجسيمة لمخالفة يسيرة في أمر واحد من فئة قليلة ، فكيف بمخالفات كثيرة في أوامرعديدة من كثرة كاثرة وفيرة ؟ أفلا يستحق لأجلها المسلمون الخذلان والضعف وتسلط الأعداء وتوالي الهزائم ؟
ولما كان الله يريد للأمة الإسلامية أن تفقه درس الموافقة للنبي والعكوف على طاعته واللزوم لأوامره صلى الله عليه وسلم ، بين لها الدرس في صورة عملية وهي وإن كانت مؤلمة وقاسية ، لكنها تذكرة خالدة ما نسيها الصحابة بعد ذلك أبدا ً... فمعركة العقيدة ليست ككل معركة إنها معركة في الميدان ومعركة في الضمير ولا انتصار في معركة الميدان دون الانتصار في معركة الضمير ، إنها معركة الله لا ينتصر فيها إلا من خلصت نفوسهم له ، وما داموا يرفعون راية الله وينتسبون إليها فإن الله لا يمنحهم النصر إلا إذا محصهم بالراية التي رفعوها ، لكي لا يكون هناك غش ولا دخل ولا تمويه للراية ، ونحن نعلم أن الشطر الأول من معركة أحد كان نصراً للمسلمين ، وذلك نتيجة واضحة عملية ملموسة سريعة بينة لطاعتهم لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث التزموا الأماكن وأبلوا في الجهاد فجاء النصر .
الشطر الثاني وليس بين النصر إلا دقائق قليلة وأوقات يسيرة ، فإذا بالمعركة يتحول ميزانها بمجرد حصول هذه المعصية ، وهذه المعصية هي التي حصل بسببها التنازع بين أن يقيم الرماة حيث أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أو أن ينطلقوا وراء الغنائم فحصل التنازع ومن هذا التنازع حصل الفشل ، وهكذا كل أمر يجر إلى الذي وراءه ، وتقع عليهم دائرة من الدوائر، وذلك لحصول مخالفة يسيرة في أمر واحد من فئة قليلة أوجبت هذا الدرس القاسي.
وهذا من رحمة الله عز وجل بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن أوقع بهم العقوبة عند حصول المخالفة حتى يكون التصحيح أولاً بأول وليس كما يكون أحياناً لمن لم يحب الله عز وجل أن ينبهه ويحذره ، فيبقى في غيه وفي ضلاله دون أن تحل به عقوبة تذكره ، فيبقى سادراً في غيه ، مقيما على المعاصي حتى يأخذه الله عز وجل أخذ عزيز مقتدر ، فكان هذا من لطف الله - عز وجل بهم ، فلما ذاقوا عاقبة معصيتهم للرسول صلى الله عليه وسلم وتنازعهم وفشلهم كانوا بعد ذلك أشد حذراً ويقظة وتحرزاً من أسباب الخذلان .
كل هذا التخلف عن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم رغم أن الله سبحانه وتعالي قد أرشدنا بقوله : " ... وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ... " ( سورة الحشر من الآية 7 ) وبين أن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم دليل المحبة الصادقة لله " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي " ( سورة آل عمران من الآية 31 ) ثم جاء التحذير والوعيد من المخالفة : " ... فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ( سورة النور من الآية 63 ) فليس هناك خيار عند مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقوع الفتنة ، وما أكثر الفتن في صفوف المسلمين " أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " وما أكثر العذاب الذي صبَّه الله عز وجل على المسلمين جراء مخالفتهم لأمر المصطفى صلى الله عليه وسلم وحتى على المستوى الفردي قد بينت لنا السيرة النتيجة المباشرة والعذاب المباشر لمخالفي أمر النبي صلى الله عليه وسلم ورد في صحيح مسلم " أنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِمَالِهِ فَقَالَ كُلْ بِيَمِينِكَ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ لَا اسْتَطَعْتَ مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ قَالَ فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ " ( صحيح مسلم 10 / 297 ) شلت يده فما استطاع أن يحركها لأنه خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن هنا كان حذر الصحابة شديد من أدنى مخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم .
ونحن الآن يجب أن نعي هذا الدرس جيدا ، لأننا إذا نظرنا في واقع الأمة الإسلامية ، نرى مقداراً عظيما من مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن التخلف عن طاعته ، بل والمجاهرة بمعصيته ، مما استوجب حرمان الأمة من النصر ، وحلول الخذلان بها .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
(جميع الحقوق متاحة لكافة المسلمين بمختلف الوسائل غير الربحية فإنها تحتاج إلي تصريح كتابي )
المشاهدات 7312 | التعليقات 4

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مشـكـور شيخ ماجد ، وبارك الله فيك علي تقييمك للخطبة ، وعلي مداخلتك اللغوية الطيبة ، وكنت أتمني أن تقوم بنفسك بتصحيح الخطأ ، حيث لم أجد أيقونات لتعديل الموضوع ، ونسأل الله عدم المؤاخذة إن نسينا أو أخطأنا
ولكم مني أجمل تحية .


مشكور شيخ جابر الحناوي من الإسكندرية في مصر الشقيقة .
حياك الله وبياك ، ونأمل دعوتك لخطباء مصر للإفادة والاستفادة من خدمات الموقع.

أشكرك على الخطبة الطيبة والتي أسال الله عز وجل أن ينفع بها .

وإذا سمحت لي بإبداء وجهة نظري على حسب معلوماتي القاصرة :

قلولك : (إذ أن للشورى على أقل تقدير ميزتان مهمتان )

للشورى : الجار والمجرور : مختص مقدَّم في محل رفع خبر (أن).
ميزتان مهمتان : اسم (أن) مؤخر الصواب (حسب علمي) نصبه فيكون : ميزتين مهمتين.

وتقبل فائق تحياتي.



[align=justify]
[align=justify]

استدراك :
وقد اختلف في تاريخ وقوع الغزوة ففي :
السيرة النبوية لابن كثير [3 /18] :
قال ابن إسحاق: للنصف من شوال ، وقال قتادة: يوم السبت الحادى عشر منه.
وفي مغازي الواقدي [ص 199] :
يوم السبت لسبع خلون من شوال
[/align][/align]


جابر السيد الحناوي;968 wrote:
الدرس الثاني : الحزم والجزم

ويَظهر ذلك في موقف النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكرناه عندما ندم الناس على رأيهم بالخروج لملاقاة العدو خارج المدينة ، وظنوا أنهم قد أكرهوا نبيهم صلى الله عليه وسلم علي ما لا يحب ، فقال صلى الله عليه وسلم قولته المشهورة : " لا ينبغي لنبي إذا لبس لامته أن ينزعها حتى يقاتل عدوه " ( سبل الهدى والرشاد 10 / 399 ) علي مثل هذا يجب أن تكون القيادة الإسلامية ، إذ ينبغي أن تكون صورتها صورة الحزم والعزم والقوة والمضي لا التراجع والتشكك والتردد ، فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما رجعوا عن رأيهم ، لم يرجع عن رأيه وإلا كانت هذه صورة من صور القيادة المهزوزة التي تكون ألعوبة في أيدي الذين يترددون بعد أن تقدموا ، أو من يقولون نعم ثم يقولون لا ... وهكذا .


وهذا درس عظيم نحن في أشد الحاجة إليه خاصة في هذه الأيام ، التي استشري فيها الفساد في كل مرافق الدولة ، وأصبح التسيب هو السـمة الغالبة علي الشارع المصري ، وفقد الناس الأمن والأمان بسبب مانري من بلطجة وخروج مسـتفزعلي القانون ؛ لغياب من يردع المجرم عن جريمته ، ويصدر القانون تلو الآخر بتشديد العقوبات علي الخروج علي القانون ، ولكن لا نجد الصدق في التنفيذ ، بل التهاون والوداعة هما السـمة الغالبة .
وإنني أتمني من كل قلبي ، ويشاركني في ذلك الكثيرون ممن يهتمون حقا بمصلحة البلاد ، نتمني أن يثوب الناس والمسئولون إلي رشدهم ، ويعلمون أن الله ـ سبحانه وتعالي ـ قد سن لمثل الوضع الذي نعيشه قانونا ، لو طبقناه ، فلن نحتاج لا إلي قانون العقوبات الحالي ، ولا إلي تشديد العقوبات الواردة به ، ولا إلي أي قانون آخر من وضع البشر ... ، ذلك هو قانون الحرابة .
فلو صدقنا الله في تطبيقه ، وبكل حزم ، لسارت المرأة في الشارع ، بمفردها ، في عز الليل ، لا تخاف إلا الله والكلب الضال علي نفسها .