دروس من أحاديث عاشوراء

مبارك العشوان
1437/01/09 - 2015/10/22 08:18AM
إن الحمد لله .. أما بعد: فاتقوا الله ... مسلمون.
عباد الله: يوم غدٍ هو يوم عاشوراء، اليوم العاشر من شهر الله المحرم، وقد جاءت الأحاديث بأنه يوم صالح ويوم عظيم: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ) رواه البخاري، وعند مسلم ) :هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ ).
قال الصحابة رضي الله عنهم: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّــمَ: ( فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ، قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه مسلم وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ) رواه مسلم.
فلنتأمل رحمكم الله هذه الأحاديث ولنأخذ من عظاتها وعبرها.
عباد الله: نَصْرُ الله تعالى لعبده ورسوله وكليمه موسى عليه السلام ومن معه، وإهلاكُهُ تباركَ وتعالى للطاغية فرعونَ وجنوده وإغراقِهم، هذا النصرُ المبينُ يبعثُ الأملَ في قلب كل مسلم، وأن لا ييأس من رحمة ربه، مهما كان عند عدوه من العُدَةِ والعتاد، فالله تعالى ينصرُ أولياءه، كما قال تعالى: { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْــــــهَادُ }غافر51
عباد الله: ومن هذه الأحاديث نستفيد: أن النعم تقابل بالشكر الشكر بالقلب وباللسان وبالعمل، كلما تجددت لك أخي المسلم نعمة، واندفعت عنك نقمة؛ فأحدث لها عند ذلك لله تعالى شكرا؛ نصرَ الله تعالى موسى ومن معه فصامَ شكرا لله تعالى، وأعطى الله نبينا صلى الله عليه وسلم الكوثرَ وأمره بأن يصلي له تبارك وتعالى وينحر، وهذا من أعظم الشكر. وقال تعالى: { لإِيلافِ قُرَيْشٍ، إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ }قريش 1-4 أمرهم بعبادته بعد ما ذكرهم بنعمته.
وقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ غَفـَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَـــالَ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُـــــورًا ) رواه البخاري.
وهذا المنهج أخي المسلم هو الطريق لحفظِ النعم، بل وللزيادة من المنعم تبارك وتعالى فقد وعد بذلك فقال سبحانه: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }إبراهيم7 وهو كذلك علامة على سعادة العبد؛ كما ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: أن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة: إذا أُعطيَ شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر .
جعلني الله وإياكم من السعداء، وجنبنا الشقاء والأشقياء، وبارك لي ولكم في القرآن ...


الخطبة الثانية:
الحمد لله... أما بعد: فإن من فوائد هذه الأحاديث: التأكيد على صيام يوم عاشوراء اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وطلبًا لثواب الله، وأن يصام مع العاشر يوم قبله أو يوم بعده. يصام العاشـر لإدراك الفضل، والتاسع معه لتحقيق مخالفة اليهود.
وفي الأحاديث: التأكيد على مخالفة اليهود والنصارى والمشركين، وهو مقصدٌ عظيم، وهو كثيرٌ في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم: فمن ذلك قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّـــــــــمَ: ( خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ ) رواه البخاري.
ومنه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَالِفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ، وَلَا خِفَافِهِمْ ) رواه أبو داود وصححه الألباني
ومنه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلَا تَشَبَّهُوا بِاليَهُودِ ) رواه الترمذي وصححه الألباني. وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ) رواه أبو داود وصححه الألباني
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم .
نعوذ بالله تعالى من الكفر، ونسأله تبارك وتعالى أن يصلح لما ديننا الذي هو عصمة ...
اللهم أعز الإسلام ... ثم صلوا رحمكم الله وسلموا ...
المشاهدات 1055 | التعليقات 0