درس الأربعاء :حماية الله تعالى لقبر النبي –صلى الله عليه وسلم

الشيخ السيد مراد سلامة
1440/03/05 - 2018/11/13 23:43PM

Smiley face

درس الأربعاء
حماية الله تعالى لقبر النبي –صلى الله عليه وسلم-
للشيخ السيد مراد سلامة

اعلم علمني الله تعالى وإياك: إن أعداء الإسلام وأعداء سيد الأصفياء يحاولون دائما وأبدا الإساءة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكتفوا بذلك بل سولت لهم أنفسهم وزين لهم الشيطان سوء أعمالهم فحاولوا أن يسرقوا جسد النبي - صلى الله عليه وسلم - وما علم هؤلاء الأغبياء أن الذي حفظ سيد الأنبياء في حياته تكفل بحفظه بعد وفاته بل إن مدينته كلها لا يستطيع الدجال ويأجوج ومأجوج أن يدخلوها فهناك ملائكة على كل نقب من أنقابها يحرسونها، وهيا لنشاهد العناية الربانية بخير البرية - صلى الله عليه وسلم  

المحاولة الأولى للنصارى

قال الجمال الأسنوي في رسالة له في منع الولاة من استعمال النصارى إن الملك العادل نور الدين الشهيد رأى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في نومه في ليلة ثلاث مرات وهو يشير إلى رجلين أشقرين ويقول أنجدني أنقذني من هذين فأرسل إلى وزيره وتجهزا في بقية ليلتهما على رواحل خفيفة في عشرين نفرا وصحب مالا كثيرا وقدم المدينة في ستة عشر يوما فزارا ثم أمر بإحضار أهل المدينة بعد كتابتهم وصار يتصدّق عليهم ويتأمل تلك الصفة إلى أن انفضت الناس فقال هل بقى أحد قالوا لم يبق سوى رجلين صالحين عفيفين مغربيين يكثران الصدقة فطلبهما فرآهما فإذا هما الرجلان اللذان أشار إليهما النبيّ صلى الله عليه وسلم فسأل عن منزلهما فأخبرانهما في رباط بقرب الحجرة فأمسكهما ومضى إلى منزلهما فلم ير إلا خيمتين وكتبا في الرقائق ومالا كثيرا فأثنى عليهما أهل المدينة بخير كثير فرفع السلطان حصيرا في البيت فرأى سردابا محفورا ينتهي إلى صوب الحجرة فارتاعت الناس لذلك وقال لهما السلطان أصدقاني وضربهما ضربا شديدا فاعترفا إنهما نصرانيان بعثهما سلطان النصارى في زى حجاج المغاربة وأمالهما بأموال عظيمة ليتحيلا في الوصول إلى الجناب الشريف ونقله وما يترتب عليه فنزلا بأقرب رباط وصارا يحفران ليلا ولكل منهما محفظة جلد والذي يجتمع من التراب يخرجانه في محفظتيهما إلى البقيع بعلة الزيارة فلما قربا من الحجرة الشريفة أرعدت السماء وأبرقت وحصل رجيف عظيم فقدم السلطان صبيحة تلك الليلة فلما ظهر حالهما بكى السلطان بكاء شديدا وأمر بضرب رقابهما فقتلا تحت الشباك الذي يلي الحجرة الشريفة ثم أمر بإحضار رصاص عظيم وحفر خندقا عظيما إلى الماء حول الحجرة الشريفة كلها وأذيب ذلك الرصاص ومليء به الخندق فصار حول الحجرة الشريفة كلها سورا رصاصا إلى الماء انتهى ([1])

الثانية محاولة الصليبيون

قال مُجير الدين الحنبلي في " الأنس الجليل ": في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة قصد الإفرنج المقيمون بالكرك والشوبك المسير لمدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لينبشوا قبره الشريف وينقلوا جسده الكريم إلى بلادهم ويدفنوه عندهم ولا يمكنوا المسلمين من زيارته إلا بجعل فأنشأ البرنس أرباط صاحب الكرك سفناً حملها عل البر إلى بحر القلزم وركب فيها الرجال وسارت الإفرنج ومضوا يريدون المدينة الشريفة فكان السلطان صلاح الدين على حوران فلما بلغه ذلك بعث إلى سيف الدولة بن منقذ نائبه بمصر يأمره بتجهيز حسام الدين لؤلؤ الحاجب خلف العدو فاستعد لذلك وسار في طلبهم حتى أدركهم ولم يبق بينهم وبين المدينة الشريفة النبوية إلا مسافة يوم وكانوا نيفاً وثلاثمائة وقد انضم إليهم عدة من العربان المرتدة ففرت العربان والتجأ الإفرنج إلى رأس جبل صعب المرتقى فصعد إليهم في نحو عشرة أنفس وضايقهم فيه فخارت قواهم بعد ما كانوا معدودين من الشجعان وقبض عليهم وقيدوهم وحملهم إلى القاهرة وكان لدخولهم يوم مشهود وتولى قتلهم الصوفية والفقهاء وأرباب الديانة بعد ما ساق رجلين من أعيان الإفرنج إلى منى ونحرهما هناك كما تنحر البدن التي تساق هديا إلى الكعبة ([2])

المحاولة الثالثة من قبل الرافضة

كما تعرّض قبر النبي صلى الله عليه وسلم لِمحاولات نبش من قِبَل العُبيديين الرافضة.

يقول السخاوي - رحمه الله - ومن أغرب ما اتفق له، مما أورده ابن النجار بسنده: أن بعض الزنادقة أشار على الحاكم بأمر الله العبيدي بنبش القبر الشريف، وحمله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه -رضي الله عنهما -إلى مصر لتكون محط الرحال، فأنفذ لأبي الفتوح يأمره بذلك، فسار حتى قدم المدينة، فحضر إليه جماعة من أهلها ممن علم سبب قدومه، ومعهم قارئ يعرف بالركباني، فقرأ بين يديه: " وَإِن نَّكَثُوْا أَيْمَنَهُم مِّنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ " التوبة - إلى قوله - " قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ " التوبة فماج الناس، وكادوا أن يقتلوا أبا الفتوح ومن معه من الجند، فلما رأى ذلك، قال لهم: الله أحق أن يخشى، ووالله لا أتعرض لشيء من هذا، ودع الحاكم يفعل في ما أراد، ثم استولى عليه ضيق الصدر، وتقسيم الفكر كيف أجاب؟

 فما غابت الشمس من بقية يومه حتى أرسل الله من الريح ما كادت الأرض تزلزل منه، وتدحرجت الإبل بأقتابها، والخيل بسروجها، كما تدحرج الكرة على وجه الأرض، وهلك خلق كثيرون من الناس، وانفرج هم أبي الفتوح بما أرسله من تلك الرياح، التي شاع ذكرها في الآفاق، ليكون حجة له عند الحاكم، وفي ترجمته غير هذه الغريبة من الغرائب، طوله الفاسي.. ([3]) 

المحاولة الرابعة

في عهد نفس الخليفة العبيدي، حيث أرسل من يسكنون بدار بجوار الحرم النبوي الشريف ويحفر نفقاً من الدار إلى القبر، وسمع أهل المدينة منادياً صاح فيهم بأن نبيكم ينبش، ففتشوا الناس فوجدوهم وقتلوهم. ومن الجدير بالذكر أن الحاكم بن عبيد الله ادعى الألوهية سنة 408 هـ ([4])

المحاولة الخامسة: الاعتداء على الحجرة النبوية

وفي سنة إحدى وستين وخمسمائة ذكر صاحب الخميس عن شمس الدين صواب الموصلي بواب المسجد النبوي، والقائم بأمره بإسناد صحيح عنه أن جماعة الروافض وصلوا من حلب فأهدوا إلى أمير المدينة الشريفة من الأموال والجواهر لم يخطر ببال، فشغله ذلك وأنساه دينه، والتمسوا منه أن يخرجوا جسد أبي بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما - من عند النبي صلى الله عليه وسلم.

فلما غشيه من حب الدنيا والتشاغل بالأموال عن الدين وافقهم على ذلك. قال صواب الموصلي المذكور: فطلبني أمير المدينة وقال: إن في هذه الليلة يصل إليك كذا وكذا من الرجال، فحين يصلون إليك سلم إليهم مفتاح الحجرة الشريفة النبوية ولا تتشاغل عنهم، وإلا أخذت ما فيه عيناك.

قال صواب: فأخذتني رعدة ودهشة، ولا أدري إلامَ يئول الأمر، فانتظرت، فلما كان نصف الليل أقبل أربعون رجلا فدخلوا من باب السلام، فسلمت إليهم مفتاح الحجرة المطهرة، فإذا معهم المقاحف والمكاتل وآلات الحفرة فعرفت مرادهم؛ وغاب حسى من الهيبة النبوية، ثم سجدت للّه وجعلت أبكي وأتضرع، فما نظرت إلا وقد انشقت الأرض واشتملتهم بجميع ما معهم من آلات الحفر والتأمت لساعتها، وذلك عند المحراب العثماني، فسجدت شكراً للّه، فلما استبطأ الأمير الخبر أرسل لي رسولا فأخبرته بما رأيت، فطلبني عاجلا فوصلت إليه فإذا هو مثل الواله، فسألني مشافهة فحققت له ما رأيت، فقال: إن خرج منك هذا الأمر قتلتك، فلم أزل ساكتاً عن بث هذا الأمر مدة حياة ذلك الأمير خوفاً منه.([5])

[1] - خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى - (ج 1 / ص 155)

[2] - الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل - (ج 1 / ص 316-317

[3] - التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة - (ج 1 / ص 181)

[4] - موقع اخوات طريق الإسلام على شبكة الانترنت

[5] - سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي - (ج 2 / ص 245)

المرفقات

الله-تعالى-لقبر-النبي-صلى-الله-عليه-و

الله-تعالى-لقبر-النبي-صلى-الله-عليه-و

المشاهدات 1338 | التعليقات 0