درجة الصائم القائم

إبراهيم بن سلطان العريفان
1446/01/20 - 2024/07/26 11:13AM

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له في الآخرة والأولى، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى والرسول المجتبى، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه ذوي الفضل والتقى.

]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون[

فاتقوا الله -جل وعلا- وأطيعوه، فمن اتقاه أسعده الله وأرضاه.

أخوة الإيمان والعقيدة .. الأخلاق الحسنة عنوانُ سعادةِ العبد وفلاحِه، وما استُجلب خيرٌ بمثل جميل الخصال ومحاسن الفعال، وإن نصوص الوحيين متواترة على الدعوة إلى المسالك المثلى والْمُثُل العليا؛ فمن الصفات العظيمة والمحاسن الجليلة لأفضل الخلق نبينا محمد ﷺ ما وصفه به ربه بقوله ]وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ[ ونبينا ﷺ يُوجِز دعوتَه في قواعدها بقوله (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ).

ونبينا ﷺ دعا دعوةً صريحةً إلى التخلق بالخُلُق الحَسَن فقال ﷺ (اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَة تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ).

وحُسْنُ الخُلُق سجية تُقرِّبُ العبدَ إلى مولاه، وتجعله رفيعَ الدرجات عظيمَ الحسنات، يقول ربنا جل وعلا ]ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ[ وقال النبي ﷺ (إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا).

وقد رغب ﷺ في حسن الخلق، ورتب عليه الأجر العظيم والثواب الجسيم، يقول ﷺ (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ).

ونبينا ﷺ يبيِّن فضيلة درجة حسن الخلق، فيقول (إِنَّ الْمَرْءَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خَلْقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ).

معاشر المؤمنين .. صاحب الخلق الزكي، ينال المرتبة العليا، والمكانة الأسمى، فنبينا ﷺ يقول (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا).

وسئل ﷺ  عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال (تَقْوَى اللَّهِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ).

الخلق الحسن له في الإسلام مكانةً عالية ودرجةً رفيعة، يقول ربنا جل وعلا ]وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ[ ويقول نبينا ﷺ (مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلَ فِي مِيزَانِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ) وفسَّر النبي ﷺ البر وهو الجامع لخصال الخير، فقال (الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ).

إخوة الإسلام .. إذا تقرر ذلك فإن حسن الخلق يشمل كل جميل من الأقوال والأفعال؛ فهو كل مسلك مَرْضِيّ شرعًا وطبعًا، في التصرفات كلها والتعاملات جميعها، حسن الخلق هو الالتزام بالآداب الشرعية الواردة في النصوص، من أطايب الأقوال، وجميل الفعال، وحميد الخلال، وشريف الخصال، حسن الخلق كل تصرف يقوم به الإنسان مما يَكْثُر معه مصافوه، وَيَقِلّ به معادوه، وتَسْهُل به الأمور الصعاب، وتلين به القلوبُ الغضابُ، فمواقف صاحب الخلق الحسن في التعامل كلها حُسْن ورفق وإحسان وتحلٍّ بالفضائل، وسائر المكارم.

يقول ﷺ (لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلْوَ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ).

فمن حُسْنِ الخُلُق .. بَسْطُ الوجه وطلاقته وبشاشته، وبذل المعروف وكف الأذى، واحتمال ما يكون من الآخرين من إساءة وزلل، ومنه كظم الغيظ والبعد عن الفضول، ومجانبة المعاتبة والمخاصمة واللجاج.

حُسْنُ الخُلُق أن يكون الإنسان بَرًّا رحيمًا، كريمًا جوادًا سمحًا، باذلاً سخيًا، لا بخيلاً أو شحيحًا، وأن يكون صبورًا شكورًا، رَضِيًّا حليمًا، رفيقًا متواضعًا، عفيفًا شفيقًا رؤوفًا، هَيِّنًا لَيِّنًا في طباعه، سمحًا سهلاً في تعاملاته.

قال تعالى ]وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا[ وقال ﷺ (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ؟) قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ (كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ قَرِيبٍ سَهْلٍ).

أسأل الله الجنة ونعوذ بالله من النار.
أقول ما تسمعون....

 

 

الحمد لله رب العالمين ...

معاشر المؤمنين ... من حسن الخلق تهذيب الألفاظ، وحسن المعاشرة، ولطف المعشر، والبعد عن السفه، ومجانبة ما لا يليق، ولا يُسمَع لصاحبه في المجالس عيبَة، ولا تُحفظ له زلة ولا سقطة، قال ابن عباس t: القصد والتؤدة وحسن السمت جزء من خمسة وعشرينا جزءا من النبوة.

ذو الأخلاق الفاضلة تجده وقورًا رزينًا، ذا سَكِينة وتؤدة، عفيفًا نزيهًا، لا جافيًا ولا لعَّانًا، لا صخَّابًا ولا صياحًا، لا عَجُولاً ولا فاحشًا، يقابل تصرفات الناس نحوه بما هو أحسن وأفضل وأقرب منها إلى البر والتقوى، وأشبه بما يُحمد ويرضى.

من أعظم الخلق الحسن وأفضلِها وَأَجَلِّهَا وأعظمِها قَدْرًا: خلق الحياء في الأقوال والأفعال، قال ﷺ (إنَّ لِكُلِّ دينٍ خُلُقًا، وإنَّ خُلُقَ الإسلامِ الحياءُ).

وتذكروا دائمًا وأبدًا قول النبي ﷺ (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) فمن أفضل الأخلاق وأجملها: الإيثار، وستر العيوب، وإبداء المعروف، والتبسم عند اللقاء، والإصغاء عند الحديث، والإفساح للآخرين في المجالس، ونشر السلام وإفشاؤه ومصافحة الرجال عند اللقاء، والمكافأة على الإحسان بأحسن منه، وإبرار قسم المسلم، والإعراض عما لا يعني، وعن جهل الجاهل بحلم وحكمة، وهكذا كل تصرف طيب.

فأيها المسلم .. كُنْ من ذوي الأخلاق الحسنة، متحليًا بالمحامد متخليًا عن المذام، أَلُوفًا مألوفًا، قال النبي ﷺ (الْمُؤْمِنُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ، وَلَا يُؤْلَفُ).

نفعنا الله بما علمنا، اللهم حسِّن أخلاقنا، كما حسَّنت خَلْقَنا.

 

المرفقات

1721981569_حسن الخلق.pdf

1721981578_حسن الخلق.docx

المشاهدات 198 | التعليقات 0