دبَّ إليكم داء الأمم..

HAMZAH HAMZAH
1442/02/01 - 2020/09/18 14:09PM

خطبة : ( دبَّ إليكم داء الأمم..).

جامع الفهد - محايل عسير - د. حمزة آل فتحي ..

‏إن الحمدَ لله نحمده ونستعينه، ‏ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهدهِ الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له.. ..

 أما بعد : 

إخوةَ الإيمان : 

هل سمعتًم بداءِ الأمم قبلنا ، وكيف يفتِكُ بالناس ، ويفرقُ جماعتَهم ، ويُفسدُ ودَّهم...؟!

 إنه يفعلُ أشدّ مما تفعلُ الوسائل المادية ، فيجعل المجتمعَ جماعات والأمةَ طوائف ، والأسرة أعداءً متشاحنين .. !

ثبت في سنن الترمذي وهو حديث صحيح عن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه ، أن النبيَ صلى الله عليه وسلم قال :

{ دبّ إليكم داءُ الأمم قبلكم : الحسدُ والبغضاء ، هي الحالقة ، لا أقولُ تحلقُ الشعر ، ولكن تحلقُ الدين ، والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أنبّئكم بما يُثبّت ذلك لكم ، أفشوا السلامَ بينكم } . 

فها هنا يا مسلمون تحذيرٌ ونذارة ، من داءٍ فتاك، وجُرمٍ شنيع قد يتورط به المسلم ، فيضر نفسَه وجماعته وآصرته ، وهما الحسدُ والبغضاء ...! يحسدُ بعضنا أخاه ، و يتمنى زوالَ نعمته ، ويبغضُ آخرُ جاره ، ويعاديه ولا يُبدي له إلا السوءَ والبوائق..! 

إخوةُ الدين تُفني البغضَ والحسدا... إن تحسُدِ القومَ تجنِ الغمّ والنكدا

من يحسدِ الناسَ لا خلٌ ولا شرفٌ.. ويحيا في الأرضِ منبوذًا ومنفردا ..!

قال تعالى : { فأصبحتُم بنعمته إخوانا} .

 كيف لقلبٍ مؤمنٍ اعتاد الإيمان والذكر، أن ينطوي على هذه الأسقام فيعيش هانئًا بريئا ..؟!

كلا.. إنّ عاقبته وخيمة ، ونهايته سيئة،  

 ‏لأن هذين الدائين من أسوأ الأدواء ومن أنكى البلايا والأسقام ...!

حسدٌ لا يزيدُ صاحبَه إلا ألمًا وحسرة، و بغضاء تُجهمُ الوجه والعمل ، وتَسودُّ منها الأخلاق ، إلى أن تنتهي إلى حالة رديّة، من فقدان الدين وذُبول الاستقامة ..!

وإنّ من آثار هذينِ المرضين : قسوةَ القلب واسوداده، المورث للنكسة والهلاك، وفي الحديث :( ألا وإنّ في الجسد مضغةً، إذا صلُحت صلح الجسدُ كله، وإذا فسدت فسد الجسدُ كله، ألا وهي القلب ).

‏ومن آثارها : الاعتراضُ على قضاء الله وتدبيره،ِ وتفريقُ المسلمين، وفتح أبواب التقاطع والأذيات ، وهو مما يتنافى وإخوةَ الإيمان . قال تعالى :{ إنما المؤمنون إخوة } .

ومثلُ ذلك يمزقُ التآخي ، وينشرُ الجفاء، وقال عز وجل : { والمؤمنونَ والمؤمناتُ بعضُهم أولياء بعض }. وهذه الولايةُ تقتضي المحبةَ والنصرة والتأييد ، لا الحسدَ والبغضاء والقطيعة .!!

‏وإنّ مثلَ هذه المساوئ ليفرحُ بها الأعداء ، ويزينها الشيطان حيث التفكيك والتشرذم المرهق للقوى والعزائم، حتى يُفتحَ الباب للعدو المستعمرين وقد قال تعالى :

{ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهبَ ريحكم }. 

إي قوتكم..!

فتذهب القوة والتعاون والتعاضد... وتتلاشى كل معاني الاجتماع والترابط...!

والبديلُ حينها التنازع، ولن يكون ثمةَ تنازعٌ حتى يسبقَه حسدٌ وبغضاء..!

 وقد صحّ حديث { إنّ الشيطان يئسَ أن يعبدَه المصلون في جزيرة العرب ، ولكن في التحريش بينهم }. 

ثم أرشدَ صلى الله عليه وسلم إلى ما يُشيعُ المحبةَ بين المسلمين ، ويثبّت أفنان المودة بينهم ، ويزيل كل أسباب الجفاءِ والبغضاء { أفشوا السلام بينكم }. وفي فشوهِ حبٌ وتصالح ، وتوادٌ وتعارف ، وتقاربٌ وتواضع ، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه المجتمع المسلم ، وبه تقوى الرابطة ، ويصلح الناس ، وتزول كلُّ أسباب العداوة .

اللهم طهّر قلوبَنا ، واغفر ذنوبَنا ، واستر عيوبنا ...

أقول قولي هذا وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائر المسلمين ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ...

——-

الحمدُ لله رب العالمين ، وصلّى اللهُ وسلم وبارك على خاتم النبيين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

أما بعد :

أيها الإخوة الفضلاء :

إنّ من نعمة الله تعالى علينا في هذه البلاد المباركة، أن جمعَ فُرقتنا ، ووحدّ كلمتَنا ، وجمعَ شتاتنا ، وأنعمَ علينا بنعمٍ كثيرة، ... نعمةِ الأمن والإيمان، ونعمةِ الوحدة والاجتماع ، ونعمةِ التآخي والتقارب ، ونعمة التواصل والتعاضد، ونعمة الرزق والخيرات .

{ وأسبغَ عليكم نعمه ظاهرةً وباطنة }. والواجبُ علينا حفظُها ورعايتها باستعمالها في الطاعة، وتجنب المعاصي، وشكران مسديها، وتعميقِ الجماعة ، ونبذ التباغض وشق عصا الطاعة .

فما أفلحت الأممُ إلا بتوحدها وترابطها ، وما هُزمت إلا بتفرقها وتنازعها.

وبلادنا بحمد الله، فخرُ المسلمين والعرب بدينها وعزها وقيادتها، والحرمِ الآمن، والاجتماع المتين، والقيادة الحازمة... مهوى الأفئدة، ومهبط الوحي، وبلد المختار عليه الصلاة والسلام .

فحافظوا على هذه الوَحدة، وتجنبوا أسبابَ الفرقة والتنازع ...{ واعتصموا بحبلِ الله جميعاً ولا تفرقوا، واذكروا نعمةَ الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبِكم، فأصبحتم بنعمته إخوانا}.

اللهم صل على محمد وعلى آلِ محمدٍ...

المشاهدات 823 | التعليقات 0