داؤكم الذنوب ودواؤكم الاستغفار
محسن الشامي
1435/03/01 - 2014/01/02 21:42PM
الْحَمْدُ للهِ غافر الزَّلاَّتِ وَمقِيل العَثَرَاتِ وَمفَرِّجُالْكُرُبَاتِ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَلَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ تركنا على بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالكفصَلَّوات ربي وسلامه عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْبِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ أَمَّا بَعْدُعِبَادَاللهِ فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى،وَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ مَادُمْتُمْ فِي زَمَنِ الإِمْهَالِ وَاعْمَلُوالِيَوْمِ الْعَرْضِ عَلَى الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }
معاشر المسلمين إن ربنا جل وعلا لما فرض علينا العبادات جعلها عبادات بصورٍ متنوعة فمنها عبادات قولية ومنها عبادات بدنية ومنها عباداتٌ قلبية ومنها عبادات مالية وجعل الله لكل واحد من هذه العبادات نوعاً من الأعمال التي تقوم به وإن أفضل العبادات القولية هو ذكر الله جل في علاه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ((أَلا أُنَبِّئْكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَأَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ قَالُوا : مَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى))لن نتحدث اليوم عن الأذكار وعن فضل الذكر عموماً وإنما سنتحدث عن باب هو من أفضل أبواب الذكر ألا وهو الاستغفار فإن من اعظم ما يذكر الانسان به ربه الاستغفار وقد قص الله علينا عن أنبيائه أنهم يستغفرون ربهم ويتوبون إليه فذكر لنا عن نوح عليه السلام أنه قال {وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ}وذكر عن موسى عليه السلام أنه قال { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }وأمر خاتم رسله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بالاستغفار بقوله{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ }وأمرنا نحن معاشر عباده بالاستغفار فقال تعالى{فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ} وقال تعالى ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾وامتدح الله المستغفرين بعد فعل الذنب فقال جل وعلا﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ" يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ " رواه والبخاري ومسلموقال عليه الصلاة والسلام (طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًاكَثِيرًا) وقال عليه الصلاة والسلام (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُالدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُـولُ يَا رَبِّ أَنَّىلِي هَذِهِ؟ فَيَقُولُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ) فاكثروا الاستغفار لوالديكم اللهم اغفر لوالدينا اللهم من كان منهما حياً فأطل عمره على طاعتك ومن كان قد مات منهما فاللهم جازه بالحسنات احسانا وبالسيئات عفواً وغفرانا واجعل قبره روضة من رياض الجنة
أيها المؤمنون:إن للاستغفار فوائد جليلة وثمرات كثيرة منها أنَّه سبب لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات قال تعالى ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ وعن أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فِيمَا رَوَى عَنْ ربه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ(يا عبادي إنَّكم تُخطِئُون بالليل والنهار وأنا أغفِرُ الذُّنوب جميعًا فاستَغفِروني أغفِر لكم) وعن أبي بكرٍ رضِي الله عنه قال سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((ما من عبدٍ يُذنِب ذنبًا فيحسن الطهور ثم يقوم فيُصلِّى ركعتين ثم يستَغفِر الله إلا غفَر الله له) صحَّحه الألبانيُّ وَعَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ قَالَ اللَّهُ "يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِى يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِى يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئاً لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً "
ومن فوائد الاستغفار وثمراته :أنَّ سبب لنزول الغيث والإمداد بالأموال والذرية
يقول الله تعالى على لِسان نوح عليه السلام ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ يقول ابن كثيرٍ رحمه الله:أي: إذا تُبتُم إلى الله واستغفرتُموه وأطعتُموه كثُر الرِّزق عليكم وأسْقاكم من بركات السماء وأنبَتَ لكم من بركات الأرض وأنبَتَ لكم الزَّرع وأدرَّ لكم الضَّرع وأمدَّكم بأموالٍ وبنين وجعل لكم جنَّات فيها أنواع الثمار وخلَّلها بالأنهار الجارية بينها كلُّ هذه النِّعَم تُستَجلب بالاستغفار
ومن فوائد الاستغفار:أنَّه سببٌ لتفريج الهموم وجلب الأرزاق والخروج من المضائق عن ابن عباس رضِي الله عنهما قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (مَن أكثَرَ من الاستغفار جعَلَ الله له مِن كلِّ همٍّ فرجًا ومن كلِّ ضيقٍ مخرجًا ورزَقَه من حيث لا يحتَسِب) فالاستِغفارُ سبب لزَوال الهموم والغُموم وتفريجِ الكروب ولا شك أن المعاصي تُوجِب الهمَّ والغمَّ والخوف والحزن وضيق الصدر وأمراض القلب ولا دواءَ لذلك إلاَّ التوبة والاستغفار فبالاستغفار يَصفُو القلب وينقى فعن أبي هريرة رضِي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (إنَّ المؤمن إذا أذنَبَ كانت نكتة سوداء في قَلبِه فإنْ تاب ونزَع واستَغفَر صقل قلبه وإنْ زاد زادتْ حتى يعلو قلبه ذاك الران الذي قال الله ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ قيل لبعض السلف كيف أنت في دينك قال أمزقه بالمعاصي وأرقعه بالاستغفارومن فوائد الاستغفار:أنَّه سبب لدخول الجنة عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِوسَلَّم قالَ(سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ اللَّهُمَّ أَنْتَرَبِّي لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ وأَنَا على عهْدِكَووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ أَبوءُ لَكَبِنِعْمتِكَ علَيَ وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي فَإِنَّهُ لا يغْفِرُالذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا فَمـاتَمِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ومَنْ قَالَهَامِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح فهُو مِنْ أَهْلِالجنَّةِ) البحاري
الحمدلله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي الى رضوانه صلوات ربي عليه وسلامه وعلى آله واصحابه أَمَّا بَعْدُفَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى واعلموا أن من فوائد الاستغفار وثمراته أنه أمان من العقوبة والعذابقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم (أنزَلَ الله عليَّ أمانَيْن لأمتي ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ إذا مضَيْتُ ترَكتُ فيهم الاستغفارَ إلى يوم القيامة) وقال صلى الله عليه وسلم (العبد آمن من عذاب الله ما استغفر الله عز وجل)فالاستغفار سببٌ لمنْع العَذاب رواه الإمام أحمد
ومن فوائد الاستغفار وثمراته :أنَّه سببٌ في إغاظة الشيطان ورد لكيده في نحره عن أبي سعيد رضِي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:((إِنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ: وَعِزَّتِكَ يَا رَبِّ لَاأَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَكَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ، فَقَالَالرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْمَا اسْتَغْفَرُونِي))فالاستغفار هو السلاح الذي ساقه لعباده المؤمنين لرد كيد الشيطان في نحره وإغاضتةُ فأنت يا عبد الله كلما استغفرت الله عز وجل كأنما تسدد سهماَ في نحر إبليس قيل للحسن:"ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه، ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود، فقال: ود الشيطانُ لو ظفر منكم بهذه، فلا تملوا من الاستغفارالا فاتقوا الله عباد الله واسألوا الله دوام المغفرة واجعلوا القلوب حجةً حاضرة واجعلوا لكل ذنبِ أو غفلةِ استغفاراً وتوبة اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا جَمِيعًا، وَارْحَمْنَا بِرَحْمَتِكَ الَّتِيوَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ؛ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. اللَّهُمَّ اجْعَلْقُلُوبَنَا مُطْمَئِنَّةً بِحُبِّكَ، وَأَلْسِنَتَنَا رَطْبَةً بِذِكْرِكَ،وَجَوَارِحَنَا خَاضِعَةً لِجَلاَلِكَ. اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِيالأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أَعْمَارِنَا أَوَاخِرَهَا، وَخَيْرَ أَعْمَالِنَاخَوَاتِمَهَا، وَخَيْرَ أَيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ. الا وصلوا وسلموا
معاشر المسلمين إن ربنا جل وعلا لما فرض علينا العبادات جعلها عبادات بصورٍ متنوعة فمنها عبادات قولية ومنها عبادات بدنية ومنها عباداتٌ قلبية ومنها عبادات مالية وجعل الله لكل واحد من هذه العبادات نوعاً من الأعمال التي تقوم به وإن أفضل العبادات القولية هو ذكر الله جل في علاه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ((أَلا أُنَبِّئْكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَأَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ قَالُوا : مَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى))لن نتحدث اليوم عن الأذكار وعن فضل الذكر عموماً وإنما سنتحدث عن باب هو من أفضل أبواب الذكر ألا وهو الاستغفار فإن من اعظم ما يذكر الانسان به ربه الاستغفار وقد قص الله علينا عن أنبيائه أنهم يستغفرون ربهم ويتوبون إليه فذكر لنا عن نوح عليه السلام أنه قال {وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ}وذكر عن موسى عليه السلام أنه قال { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }وأمر خاتم رسله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بالاستغفار بقوله{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ }وأمرنا نحن معاشر عباده بالاستغفار فقال تعالى{فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ} وقال تعالى ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾وامتدح الله المستغفرين بعد فعل الذنب فقال جل وعلا﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ" يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ " رواه والبخاري ومسلموقال عليه الصلاة والسلام (طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًاكَثِيرًا) وقال عليه الصلاة والسلام (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُالدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُـولُ يَا رَبِّ أَنَّىلِي هَذِهِ؟ فَيَقُولُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ) فاكثروا الاستغفار لوالديكم اللهم اغفر لوالدينا اللهم من كان منهما حياً فأطل عمره على طاعتك ومن كان قد مات منهما فاللهم جازه بالحسنات احسانا وبالسيئات عفواً وغفرانا واجعل قبره روضة من رياض الجنة
أيها المؤمنون:إن للاستغفار فوائد جليلة وثمرات كثيرة منها أنَّه سبب لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات قال تعالى ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ وعن أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فِيمَا رَوَى عَنْ ربه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ(يا عبادي إنَّكم تُخطِئُون بالليل والنهار وأنا أغفِرُ الذُّنوب جميعًا فاستَغفِروني أغفِر لكم) وعن أبي بكرٍ رضِي الله عنه قال سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((ما من عبدٍ يُذنِب ذنبًا فيحسن الطهور ثم يقوم فيُصلِّى ركعتين ثم يستَغفِر الله إلا غفَر الله له) صحَّحه الألبانيُّ وَعَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ قَالَ اللَّهُ "يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِى يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِى يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئاً لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً "
ومن فوائد الاستغفار وثمراته :أنَّ سبب لنزول الغيث والإمداد بالأموال والذرية
يقول الله تعالى على لِسان نوح عليه السلام ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ يقول ابن كثيرٍ رحمه الله:أي: إذا تُبتُم إلى الله واستغفرتُموه وأطعتُموه كثُر الرِّزق عليكم وأسْقاكم من بركات السماء وأنبَتَ لكم من بركات الأرض وأنبَتَ لكم الزَّرع وأدرَّ لكم الضَّرع وأمدَّكم بأموالٍ وبنين وجعل لكم جنَّات فيها أنواع الثمار وخلَّلها بالأنهار الجارية بينها كلُّ هذه النِّعَم تُستَجلب بالاستغفار
ومن فوائد الاستغفار:أنَّه سببٌ لتفريج الهموم وجلب الأرزاق والخروج من المضائق عن ابن عباس رضِي الله عنهما قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (مَن أكثَرَ من الاستغفار جعَلَ الله له مِن كلِّ همٍّ فرجًا ومن كلِّ ضيقٍ مخرجًا ورزَقَه من حيث لا يحتَسِب) فالاستِغفارُ سبب لزَوال الهموم والغُموم وتفريجِ الكروب ولا شك أن المعاصي تُوجِب الهمَّ والغمَّ والخوف والحزن وضيق الصدر وأمراض القلب ولا دواءَ لذلك إلاَّ التوبة والاستغفار فبالاستغفار يَصفُو القلب وينقى فعن أبي هريرة رضِي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (إنَّ المؤمن إذا أذنَبَ كانت نكتة سوداء في قَلبِه فإنْ تاب ونزَع واستَغفَر صقل قلبه وإنْ زاد زادتْ حتى يعلو قلبه ذاك الران الذي قال الله ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ قيل لبعض السلف كيف أنت في دينك قال أمزقه بالمعاصي وأرقعه بالاستغفارومن فوائد الاستغفار:أنَّه سبب لدخول الجنة عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِوسَلَّم قالَ(سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ اللَّهُمَّ أَنْتَرَبِّي لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ وأَنَا على عهْدِكَووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ أَبوءُ لَكَبِنِعْمتِكَ علَيَ وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي فَإِنَّهُ لا يغْفِرُالذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا فَمـاتَمِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ومَنْ قَالَهَامِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح فهُو مِنْ أَهْلِالجنَّةِ) البحاري
الحمدلله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي الى رضوانه صلوات ربي عليه وسلامه وعلى آله واصحابه أَمَّا بَعْدُفَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى واعلموا أن من فوائد الاستغفار وثمراته أنه أمان من العقوبة والعذابقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم (أنزَلَ الله عليَّ أمانَيْن لأمتي ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ إذا مضَيْتُ ترَكتُ فيهم الاستغفارَ إلى يوم القيامة) وقال صلى الله عليه وسلم (العبد آمن من عذاب الله ما استغفر الله عز وجل)فالاستغفار سببٌ لمنْع العَذاب رواه الإمام أحمد
ومن فوائد الاستغفار وثمراته :أنَّه سببٌ في إغاظة الشيطان ورد لكيده في نحره عن أبي سعيد رضِي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:((إِنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ: وَعِزَّتِكَ يَا رَبِّ لَاأَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَكَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ، فَقَالَالرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْمَا اسْتَغْفَرُونِي))فالاستغفار هو السلاح الذي ساقه لعباده المؤمنين لرد كيد الشيطان في نحره وإغاضتةُ فأنت يا عبد الله كلما استغفرت الله عز وجل كأنما تسدد سهماَ في نحر إبليس قيل للحسن:"ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه، ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود، فقال: ود الشيطانُ لو ظفر منكم بهذه، فلا تملوا من الاستغفارالا فاتقوا الله عباد الله واسألوا الله دوام المغفرة واجعلوا القلوب حجةً حاضرة واجعلوا لكل ذنبِ أو غفلةِ استغفاراً وتوبة اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا جَمِيعًا، وَارْحَمْنَا بِرَحْمَتِكَ الَّتِيوَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ؛ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. اللَّهُمَّ اجْعَلْقُلُوبَنَا مُطْمَئِنَّةً بِحُبِّكَ، وَأَلْسِنَتَنَا رَطْبَةً بِذِكْرِكَ،وَجَوَارِحَنَا خَاضِعَةً لِجَلاَلِكَ. اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِيالأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أَعْمَارِنَا أَوَاخِرَهَا، وَخَيْرَ أَعْمَالِنَاخَوَاتِمَهَا، وَخَيْرَ أَيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ. الا وصلوا وسلموا