خيوط العنكبوت.
عاصم بن محمد الغامدي
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي لا إله غيره، ولا رب سواه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أرجو بها النجاة عند لقاه، وصلى الله وسلم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد عباد الله:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى في السر والعلن، فالتقوى حياةُ القلوب، وبها تكون النجاة عند علامِ الغيوب، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.
أيها المسلمون:
أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن رؤيا طويلةٍ رآها ورؤيا الأنبياء حقٌ، فيها أن ملَكين أتياه فأخذاه يطلعانِه على أحوالِ بعض المعذَّبينَ، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى» قَالَ عليه الصلاة والسلام: "قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟" فَقَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا» ثم أخبراه في آخر الحديث عن هذا الرجل فقالا: «وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ». [رواه البخاري].
وقال صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْكَذِبُ، وَتَتَقَارَبَ الْأَسْوَاقُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ" قِيلَ: وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: "الْقَتْلُ". [رواه أحمد وصححه الألباني].
وقد تقاربت الأسواقُ، يوم أصبح ملياران ونصفُ المليار من سكان الكرة الأرضية –في أقل التقديرات-يستخدمون الإنترنت.
وزاد عدد مستخدميه قبل عام بمئة وخمسين مليون مستخدم عن العام الذي قبله.
وأصبح أكثر من 40 % من سكان الشرق الأوسط من مستخدمي الإنترنت، وتمكن المقيم في شرق الأرض، من شراء بضائع الذي في غربها، دون الخروج من منزله. [انظر: http://theconsultant1.com/%D8%A5%D9%86%D9%81%D9%88%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%8A%D9%83-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%AF%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7/].
ثم تطورَ واقع الشبكة العنكبوتية، وحدثت ثورة المنصات والشبكات الاجتماعية، التي ما زالت تواصل تحقيق معدلات نمو كبيرة في نسب الاستخدام، فعددُ المستخدمين النشطين لموقع الفيس بوك –تقريبًا- مليار ونصف مليار مستخدم نشط شهريًا، وموقع تويتر أكثر من ثلاثمئة مليون شخص، والإنستغرام أربعُمئة مليون، والسناب شات مئتا مليون. [انظر: http://www.skynewsarabia.com/web/article/815451/%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D9%86%D9%85%D9%88-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%8A%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D8%A7%D9%94-%D8%A7%D9%95%D9%86%D9%81%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%8A%D9%83]. وتطبيق الواتساب يستخدمه تسعمئة مليون. [ انظر: http://www.aljalawi.net/wp-content/uploads/2016/04/statistic2016.jpg].
أما موقع اليوتيوب فيشترك فيه أكثرُ من مليار شخص، ينشرون مقاطع الفيديو بستة وسبعين لغة، ويشاهدون كل يوم مئاتِ الملايينِ من الساعات [انظر: https://www.youtube.com/yt/press/ar/statistics.html].
وأصبحُ البعض يكذب في منزله، فتبلغ كِذبته آفاق الدنيا في لحظات، فهل هناك بيان أبلغُ من هذا يُجلِّي خطورة زماننا؟
ألا تدقُّ هذه الأرقامُ يا عباد الله ناقوسَ الخطر؟
هل هناك مشاريع نافعةٌ صالحةٌ، تستغل هذه المواقع للتأثير الإيجابي على مستخدميها؟
هل من العقلِ أن يسلَّم المرء من ولاه الله أمرهم لهذه المواقع بلا حماية ولا توجيه؟
ألا يعلم البعض أن بيوتًا اخترقت أفكار أهلها، وسممت عقولهم بمثل هذه المواقع؟
ولا زالت التطبيقات الجديدة تتوالى، تغري من لم تغرَّه التطبيقات الأوَل، فتطبيق للمحادثات المكتوبة، وآخر لتبادل الصور، وثالث لمقاطع الفيديو، حتى أصبحت هذه المواقع كالنار، تحرقُ من اطمأن إليها، ولم يتوقَّ من ضررها.
عباد الله:
إن التأمل في تلك الأرقام وغيرها، يبين أن خمس سكان الأرض أصبحوا يستخدمون الإنترنت، ينشرون فيه ثقافتهم، وأفكارهم، وقناعاتهم الصالحةَ والطالحةَ.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته". [رواه البخاري].
فما الرعاية الواجبة في هذا البحر الخضم؟
هل يمكن منعُ أبناءِ هذا الجيل من استخدامِ الشبكة العنكبوتية، والوصولُ إليها أصبح ممكنًا في المنزل، والمدرسةِ، والمقهى، ومع الأصحاب؟
أيها المسلمون:
الفلاحُ مربوطٌ بالتقوى، والوقايةُ خيرٌ من العلاج، فقد قال سبحانه: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. ويمكن وقاية من استرعانا الله من شرورِ هذه المواقع:
- بتعظيم تقوى الله تعالى في قلوبهم، وتربيتهم منذ الصغر على مراقبته، والقربِ منه، وتعظيمِ حرماته جل جلاله، وتعويدِهم على كفِّ الألسنة والأيدي عن دماء الناس، وأعراضِهم، وأموالِهم، وتقويةِ حبهم لوالديهم، وإخوتهم، وعلمائهم، ووطنهم، وطاعتِهم لولاة أمرهم في غير معصية.
- وبالاهتمام بشغل أوقاتهم وأفكارهم بما يفيدهم في دينهم ودنياهم، من الهوايات النافعة، حتى لا تكون عقولُهم حكرًا على مواقع الإنترنت.
- ومن الأمور المهمة جدًا، حسن اختيار الصاحب والرفيق، ومتابعة ذلك عن قرب، فلولا أهمية الصحبة الصالحة، ما أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم -وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر-، بالصبر عليها: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.
ومن رأى على أحد ممن ولي أمره سوءًا في تصرف، أو ضعفًا مفاجئًا في دراسة، أو انطوائية أو عدوانية، فليبحث عن الأسباب مباشرة؛ فإدراك السبب كفيل بالقضاء على الداء في مهده بتوفيق الله، والتأخرُ عن العلاج سبب لاستفحال المرض.
يا ولاة الأمور، وأساتذة التعليم، يا معشر الآباء والأمهات، يا أئمة المساجد وطلبةَ العلم:
إن من خصائص أمتنا الفريدة، الأمرَ بالمعروف، والنهيَ عن المنكر، وكلُّ الناس في خُسْرٍ، إلا من آمن، وعمل صالحًا، وتواصى بالحق، والصبر عليه.
وأنتم من قادة المجتمع، الذين خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلٌّ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ رَاعٍ عَلَى النَّاسِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ زَوْجَتِهِ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ لِزَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ بَيْتِهَا وَوَلَدِهَا، وَالْمَمْلُوكُ رَاعٍ عَلَى مَوْلَاهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ مَالِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَأَعِدُّوا لِلْمَسَائِلِ جَوَابًا"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا جَوَابُهَا؟ قَالَ: أَعْمَالُ الْبِرِّ». [رواه الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: رجاله رجال الصحيح].
وإن من أعظم البرِّ للأهلِ والولد، بذلَ النصحِ، والتوجيهِ، والإرشادِ، والتعليمِ.
علموهم كيف يأخذون دينهم، ويذبون عن حياض فكرهم، واملؤوا أوقاتهم بالنافع والمفيد، ولا تسمحوا لمواقع الشبكة العنكبوتية ولا غيرها أن تسرقهم منكم، فتندموا حين لا ينفع الندم، وليعلم من أغلق أمام رعيته باب قلبه، أنه قد فتح لهم بابًا إلى أهل الضلال، يتلقفون حسَّه وعقله، ويغسلون أفكاره بسمومهم.
عباد الله:
لقد أشعلَ أهل الباطل في الشبكات العنكبوتية، والمواقع الاجتماعية حربًا تستهدف كل فردٍ مسلم، في عقيدته، وأخلاقه، بإلقاء الشبه، وإثارة الشهوات، والمتأمل عن قربٍ يلاحظ أن كثيرًا من المجرمين الذين استحلوا التكفير والتفجير في بلادنا، لم تطأ أقدامهم غير أرضها، لكنهم كانوا فريسة الأعداء، في مثل تلك المواقع، أثناء غفلة من عين الرقيب، فأصبحوا أدواتٍ لحرب دينهم وأهلهم، فليتق الله كل امرئ في رعيته، ويحمهم من أدواء العقول والأفكار، كما يحميهم من أدواء الأبدان.
بارك لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبِه أجمعين، أما بعد، عباد الله:
فإن الخوارج لم يرضوا عن أحد خالفهم على مر العصور، فقد بدأ أولهم بالاعتراض على قسمة خير البشر صلى الله عليه وسلم، لمال وصله، فقال له: "يا رسول الله اعدل"، فقال عليه الصلاة والسلام: "ويحك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟"، فلما أراد بعض الصحابة قتله، قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من ضئضئ هذا قومًا يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد". [رواه البخاري]، ثم أتى من بعده من توسع في ضلاله، ولم يكتف بالاتهام المبطن بالظلم، بل وصل به الأمر إلى تكفير المسلمين، واستحلال دمائهم، حتى قتلوا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان وعليًا رضي الله عنهما، وهم يرون في فعلهم قربة إلى الله خابوا وخسروا، ولا زال الخوارج على ضلالهم، يرون الأمانة في أنفسهم ومن سار على نهجهم، والخيانة في كل من عاداهم من المسلمين.
والخوارج الذين تعرضوا لمقام النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضوان الله عليهم، خلفهم من لا يتورع عن النيل من ولاة أمر المسلمين وعلمائهم وأهل الصلاح، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم، ببعض خبرهم، فقال: "يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة". [رواه البخاري]. بل أخبر عليه الصلاة والسلام، أنهم كلاب النار، شر قتلى تحت أديم السماء. [رواه الترمذي، وصححه الألباني].
عباد الله:
سمة الخوارج تكفير المسلمين، واستحلال دمائهم، وأعراضهم، وأموالهم بذلك، وقد اعتاد خوارج زماننا -المنتسبون إلى داعش وغيرها من جماعات الضلال-، على تصوير جرائمهم ونشرها، وبث رسائل نصية وصوتية تروج لانحرافهم، ساعين إلى:
- إقناع ضعاف العقول والنفوس، بانتشار فكرهم، وكثرة أتباعهم، وخصوصًا في بلاد المسلمين الآمنة، البعيدة عن مواطن فتنهم وتمكنهم.
- وإحداث الخلل في نسيج المجتمع، بإفقاد المرء الثقة حتى في أقرب الناس إليه، حين يرى منهم من يقتل أباه وأمه وأخاه وأقرب الناس إليه، خيب الله سعيهم، ورد كيدهم في نحورهم.
ووالله لو كانت لهم قوة في البلاد الآمنة، لما ترددوا عن استخدامها للإفساد ونشر الضلال، ولكنهم أحقر وأذل مما يصورهم إعلامهم، وإعلام من يؤيدهم ويعاونهم.
ولذا ينبغي للعاقل التفطن لمكرهم وأساليبهم، فلا يساهم بنشر أعمالهم القبيحة، بأي وسيلة من وسائل التواصل، وليحاربهم ببيان عوارهم، وحذف ما يصله من رسائلهم الصوتية والمرئية والمقروءة، حتى لا يكون أداة لتحقيق أهدافهم، أو جسرًا يطؤون عليه وهو لا يشعر، وليحذر أن لا يكون كمن يُطِبُّ زكامًا، فيُحْدِث جذامًا.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على خير البريَّة وأزكَى البشريَّة: محمدِ بن عبد الله، فقد أمركم الله تعالى بذلك فقال سبحانه: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا}.
اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم أبرِم لهذه الأمة أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أولياءك، ويذل فيه أعداؤك، ويُؤمَرُ فيه بالمعروف، ويُنهَى عن المُنكر.
اللهم من أرادنا وبلادَنا بسوءٍ أو فُرقةٍ فرُدَّ كيدَه في نَحره، واجعَل تدبيرَه في تدميره.
اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورنا، وأيِّد بالحقِّ إمامَنا ووليَّ أمرنا، وهيِّئ له ولنائبيه البِطانةَ الصالِحةَ الناصِحة، التي تدلهم لما فيه الخير للعباد والبلاد، واسلُك بهم سبيلَ الرشاد.
اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والرِّبا والزنا، والزلازل والمِحَن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطَن.
اللهم كن لجنودنا المرابطين على الحد الجنوبي، اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، ثبت أقدامهم، وسدد سهامهم، وصوب رأيهم ورميهم، واجعل الدائرة على عدوك وعدوهم.
اللهم كن لإخواننا المستضعفين في فلسطين، وسوريا، والعراق، واليمن، وبورما، وفي كل مكان، اللهم أنزل عليهم رحمة من عندك، تربط قلوبهم، وتفك أسيرهم، وترحم ميتهم، وتحفظ أعراضهم، وتشفي مريضهم، وتؤمن خائفهم، وتطعم جائعهم، وتؤمن خوفهم.
اللهم خلص المسجد الأقصى من رجس يهود، إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.
سبحان ربِّك رب العزة عما يصِفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
18/12/1436هـ[/align]
المشاهدات 3134 | التعليقات 3
آمين، وإياكم أخي الكريم.
نفع الله بكم، وبهذا الموقع المبارك.
[align=justify]نموذج آخر للخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبِه أجمعين، أما بعد، عباد الله:
فإن لمواقع التواصل المنتشرة فوائد، منها تقريب البعيد، وتيسير التواصل بين الإخوة، وقد يوفق المرء في نشر الخير من خلالها فينفع الله به نفعًا عظيمًا، ويقيم الحجة على العالمين، لكنها لا تخلو من سلبيات ينبغي معرفتها، فهي لا تبني الشخصية الفكرية، ولا تؤسس الراسخين في العلم، وتسرق الوقت ممن لا يتنبه لمداخلها، فيقضي عليها الساعات الطوال وهو لا يشعر، وتسهل طرق الآثام والمحرمات، كما يسهل تزييف الحقائق فيها، فتعطي لمتابعها انطباعًا خاطئًا عن قناعات المجتمع ورغباته، فمن الممكن فيها شراء حساباتٍ كثيرةٍ مزيفةٍ، تدار بطريقة إلكترونية، ويطرح فيها الشخص انحرافه وضلالاته، ليوهم الناس أن أفكاره أصبحت ظاهرة لا يستهان بها.
ولهذا ينبغي للمرء أن يستشعر مراقبة الله تعالى له، {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}، وأن يتذكر أن الكتابة والمشاركة أمانة يسأل عنها، {فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ}، وليقصد وجه الله تعالى في كل أفعاله، ويحذر من مزالق الرياء والسمعة، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ». [رواه البخاري].
واحذر أيها الكريم من التساهل في نشر الكذب، خصوصًا على الله سبحانه ورسولِه صلى الله عليه وسلم، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». [رواه البخاري ومسلم]. ولا تكن مصدرًا للشائعات والأخبار المغلوطة، أو المزعجة، قال صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ». [رواه مسلم].
واعلم أنك مستهدَفٌ من أهل الضلال، يريدون استخدامك لترويج باطلهم، فتفطَّن لمكرهم وأساليبهم، واترك المساهمة في نشر أعمالهم، بأي وسيلة من وسائل التواصل، وحاربهم ببيان عوارهم، حتى لا تكون أداة لتحقيق أهدافهم، أو جسرًا يطؤون عليه وأنت لا تشعر، واحذر لئلا تكون كمن يُطِبُّ زكامًا، فيُحْدِث جذامًا.
وتجنَّب الخوض فيما لا تعلم، خصوصًا في مناظرة أهل البدع، فقد يكون ألحن بحجته منك، فتضرُّ نفسك وغيرك.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على خير البريَّة وأزكَى البشريَّة: محمدِ بن عبد الله، فقد أمركم الله تعالى بذلك فقال سبحانه: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا}.
اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.[/align]
زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية
سلمت يمينك أخانا أبا وتين الغامدي وجزيت خيرا على خطبتك وما وقدمته فيها من فائدة ونفع الله بك.
تعديل التعليق