خيرُ دينِكُمُ الورع

خيرُ دينِكُمُ الورع

الخطبة الأولى :

الْـحَمْدُ للـهِ الَّذِي جَعَلَ الْوَرَعَ وِقَايَةً لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْوُقُوعِ فِي مَعْصِيَتِهِ، وَأَفَاضَ عَلَيْهِمْ مِنْ مَخَافَتِهِ مَا بَاعَدَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مُخَالَفَتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللـهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَرَ بِاتِّقَاءِ الشُّبُهَاتِ، وَحَذَّرَ مِنَ الاقْتِرَابِ مِنَ الْـمَعَاصِي وَالْـمُخَالَفَاتِ،  صلى الله عليه وسلمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَعَلَى أَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أما بعد : فأوصيكم ....

عن أبي هريرةَ t قال: قالr: اشْتَرَى رَجُلٌ مِن رَجُلٍ عَقارًا له، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذي اشْتَرَى العَقارَ في عَقارِهِ جَرَّةً فيها ذَهَبٌ، فقالَ له الَّذي اشْتَرَى العَقارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي؛ إنَّما اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأرْضَ، ولَمْ أبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ، وقالَ الَّذي له الأرْضُ: إنَّما بعْتُكَ الأرْضَ وما فيها. فَتَحاكما إلى رَجُلٍ، فقالَ الَّذي تَحاكما إلَيْهِ: ألَكُما ولَدٌ؟ قالَ أحَدُهُما: لي غُلامٌ، وقالَ الآخَرُ: لي جارِيَةٌ، قالَ: أنْكِحُوا الغُلامَ الجارِيَةَ وأَنْفِقُوا علَى أنْفُسِهِما منه وتَصَدَّقا. خ.م

عباد الله: إنَّ من يقرأُ أو يسمعُ هذا الحديثِ لا يدري بأيِّهِما يعجبُ أكثرُ؛ من البائعِ، أم مَّن المشتري، أم مَّن الحكمِ؟

فكلُّ واحدٍ منهم أشدُ عجبًا، فأيُّ خُلُقٍ هذا الذي يضبطُ النفوسَ ويوجِهُ السلوكَ ويولدُ القناعاتِ!

به تزكو النفوسُ، وبه يرتقي العبدُ في مراتبِ الإيمانِ ودرجاتِه، وبه ينالُ العبدُ محبةَ اللـهِ ومحبةَ خلقِه، وبه تعمُّ السعادةُ حياةَ الأفرادِ والمجتمعاتِ إنَّه خُلقُ الورعِ .

الوَرَعُ: ليس هو الكفَّ عن المحارمِ، والتَّحرُّجِ منها فقط؛ بل هو بمعنى الكَفِّ عن كثيرٍ من المُباحِ، والانقباضِ عن بعضِ الحلالِ خشيةَ الوقوعِ في الحرامِ.

الوَرَعُ: تَرْكُ ما يَرِيبُكَ، ونَفْي ما يَعِيبُك، والأخذُ بالأوثقِ، وحَمْلُ النَّفْسِ على الأشقِ. الورعُ تَجَنُّبُ الشبهاتِ، وتَرْكُ ما يُخْشَى ضَرَرُه في الآخرةِ.

الورعُ: أداءُ الإنسانِ للواجباتِ وتركُ المحرماتِ والبعدُ عن الشبهاتِ؛ خوفًا وتعبدًا لربِّ الأرضِّ والسماواتِ .

قال r: واللَّـهِ إنِّي لأَنْقَلِبُ إلى أهْلِي فأجِدُ التَّمْرَةَ ساقِطَةً علَى فِراشِي، أوْ في بَيْتِي، فأرْفَعُها لِآكُلَها، ثُمَّ أخْشَى أنْ تَكُونَ صَدَقَةً، أوْ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَأُلْقِيها) خ.م.

عباد الله: إِنَّ الْوَرَعَ مَنْزِلَتُهُ رَفِيعَةٌ، وَدَرَجَتُهُ سَامِيَةٌ؛ لأَنَّ الْبَاعِثَ عَلَيْهِ هُوَ الْحِرْصُ عَلَى طَاعَةِ اللـهِ وَمَرْضَاتِهِ،

 وَالدَّاعِيَ إِلَيْهِ هُوَ الْـحَذَرُ مِنْ مَعْصِيَةِ اللـهِ وَسَخَطِهِ، فَلا يَلْتَزِمُ بِهِ إِلاَّ الْـمُؤْمِنُونَ الصَّادِقُونَ، وَلا يَقِفُ عِنْدَ حُدُودِهِ إِلاَّ الأَتْقِيَاءُ المُـخْبِتُونَ، الَّذِينَ لامَسَ الإِيمَانُ شَغَافَ قُلُوبِهِمْ، فَأَنِسَتْ لِذِكْرِ اللـهِ وَطَاعَتِهِ، وَاشْمَأَزَّتْ مِنَ الاقْـتِرَابِ مِنْ مُخَالَفَتِهِ وَمَعْصِيَتِهِ، فَهِيَ مَرْتَبَةٌ مِنَ الدِّينِ عَالِيَةٌ ،لِذَلِكَ وَسَمَهَا الرَّسُولُ r بِأَنَّهَا خَيْرُ هَذَا الدِّينِ، فقَالَ r (فَضْـلُ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ فَضْـلِ الْعِبَادَةِ، وَخَيْرُ دِينِكُمُ الْوَرَعُ) الحاكم .

إنَّ من السهولةِ بمكانٍ أنْ يكون المُسلِمُ مُصَلِّيًا أو صَوَّامًا أو قوَّاماً أو حتى عالِمًا؛ ولكن من الصعوبةِ بمكانٍ أنْ يكون وَرِعًا؛ لأنَّ الوَرَعَ رُتْبةٌ عَزِيزةُ المنالِ، ومتى ارتقى المُسلِمُ إلى مرتبةِ الوَرَع فقد نال أسْمَى المراتبِ، وتحلَّى بِأجْمَلِ المناقبِ .

قال حبيبُ بنُ أبي ثابتٍ (لَا يُعْجِبُكُمْ كَثْرَةُ صَلَاةِ امْرِئٍ وَلَا صِيَامِهِ، وَلَكِنِ انْظُرُوا إِلَى وَرَعِهِ، فَإِنْ كَانَ وَرِعًا مَعَ مَا رَزَقَهُ اللَّـهُ مِنَ الْعِبَادَةِ؛ فَهُوَ عَبْدُ اللَّـهِ حَقًّا).

عباد الله: للورعِ فضائِلُ أكثرُ من أن تُحْصَى، ومن أهم فضائلِه: أنَّ الوَرَعَ عاصِمٌ من الوقوعِ في المعاصي: قالت عائشةُ tفي شأنِ حادثةِ الإفكِ: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّـهِ r يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ: يَا زَيْنَبُ! مَا عَلِمْتِ؟ مَا رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّـهِ! أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّـهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلاَّ خَيْرًا. قَالَتْ: وَهْيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي،  فَعَصَمَهَا اللَّـهُ بِالْوَرَعِ» خ.م.

 ومن فضائلِ الوَرَعِ: أنه مِنْ أعلى مراتبِ الإيمانِ، وأفضلِ درجاتِ الإحسانِ ؛ لقولِه r: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحَسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِمًا» ابن ماجه.

ومن فضائلِ الورعِ: أنَّ أهلَ الوَرَعِ هُمْ أوَّلُ مَنْ يدخلُ الجنَّـةَ؛ لقوله r «هَلْ تَدْرُونَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ الْـجَنَّـةَ مِنْ خَلْقِ اللَّـهِ؟» قَالُوا: اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّـةَ مِنْ خَلْقِ اللَّـهِ؛ الْفُقَرَاءُ الْـمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ تُسَدُّ بِهِمُ الثُّغُورُ، وَتُتَّقَى بِهِمُ الْـمَكَارِهُ، وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ فِي صَدْرِهِ؛ لاَ يَسْتَطِيعُ لَهَا قَضَاءً...وفيه: قَالَ: فَتَأْتِيهِمُ الْـمَلاَئِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ(سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ) أحمدُ وغيرُه.

ومن فضائِلِ الوَرَع: الكَفُّ عن الحرامِ، والبُعْدُ عمَّا لا ينبغي؛ وهذا من تمامِ التَّقوى، قال أبو بكرٍ الصِّديقُ t: (كُنَّا نَدَعُ سَبْعِينَ بَابًا مِنَ الْـحَلَالِ؛ مَخَافَةَ أَنْ نَقَعَ فِي بَابٍ مِنَ الْـحَرَامِ).  وقال ابنُ عُمَرَt: (إنِّي لَأُحِبُّ أنْ أدَعَ بيني وبين الحَرامِ سُتْرَةً من الحَلالِ لا أخْرِقُها). وقال الحسَنُ البصريُّ: (مَا زَالَت التَّقْوَى بالـمُتَّقين حَتَّى تَرَكُوا كثيرًا من الْـحَلَال؛ مَخَافَة الْـحَرَام).

عن العبَّاسِ بن سهمٍ أنَّ امرأةً من الصالحاتِ أتاها نعيُ زوجِهِا وهي تعجنُ، فرفعت يدها من العجينِ وقالت: "هذا طعامٌ قد صار لنا فيه شركاءُ-تعني الورثةُ . قال ابنُ القيمِ : فما بالُ أقوامٍ يأكلونَ أموالِ اليتامى والنساءِ.

ومن فضائله: أنَّ اللـهَ تعالى يَسْتَجيبُ دُعاءَ أهلِ الوَرَعِ؛ يقول r: «أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللَّـهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّـهَ أَمَرَ الْـمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْـمُرْسَلِينَ؛ فَقَالَ:(يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ). وَقَالَ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) 

ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْـحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ» م.

عباد الله: إِنَّ الإِنْسَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ وَرِعًا فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ، وَمِنْ أَهَمِّ مَا يَنْـبَغِي أَنْ يَتَوَرَّعَ فِيهِ هُوَ الْـمُعَامَلاتُ الْـمَالِيَّةُ، فَالْقَلِيلُ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ يُورِثُ النَّارَ،

فَعَلَيْهِ أَنْ لا يَقْتَرِبَ مِمَّا لَيْسَ لَهُ، سَواءً كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ مِنَ الْبَشَرِ أَوْ مِنْ مَالٍ تَابِعٍ لأَيِّ مُؤَسَّسَةٍ خَاصَّةٍ أَوْ عَامَّةٍ .

قدم على عمرَ t مسكٌ وعنبرٌ من البحرينِ، فقالَ عمرُ: "واللـهِ لوددتُ أني أجدُ امرأةً حسنةً، تزنُ لي هذا الطيبَ حتى أُفرقَهُ بين المسلمينَ، فقالت له امرأتُه عاتكةُ بنتُ زيدِ بنِ عمرو بنِ نُفيلٍ: أنا جيدةُ الوزنِ، فهلمَّ أزنُ لك؟ قال: لا، قالت: ولم؟ قال: إنيِّ أخشى أن تأَخذِيه هكذا وأدخل أَصابعه في صدْغَيِه وتمسحينَ عُنُقَكِ، فأصيبُ فضلاً عن المسلمين". أحمد في الورع .

ألا فَاتَّقُوا اللـهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَاتَّخِذُوا الْوَرَعَ خُلُقًا، تَنَالُوا السَّلامَةَ دُنْيَا وَأُخْرَى (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره  ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)    بارك الله ...

الخطبة الثانية :

الحمد لله ....أما بعد: فيا عباد الله: اعْـلَمُوا أَنَّ اللـهَ تَعَالَى بَيَّنَ لَكُمُ الدِّينَ، وَأَتَمَّ عَلَيْكُمُ النِّعْمَةَ، فَعَرَّفَكُمُ الْـحَلالَ لِتَأْخُذُوهُ بِرَاحَةٍ وَاطْمِئْنَانٍ، وَبَيَّنَ لَكُمُ الْـحَرَامَ لِتَحْذَرُوا مِنَ الْوُقُوعِ فِيهِ وَالاقْـتِرابِ مِنْهُ، وَسَكَتَ عَنْ أُمُورٍ رَحْمَةً بِالْبَشَرِ، فَمَا كَانَ مِنْهَا قَرِيبًا مِنَ الْـحَلالِ وَشَبِيهًا بِهِ فَقَدْ أَبَاحَهُ لَكُمْ، وَمَا كَانَ مِنْهَا قَرِيبًا مِنَ الْحَرَامِ وَشَبِيهًا بِهِ فَقَدْ نَهَاكُمْ عَنْهُ، وَمَا أَشْكَلَ عَلَيْكُمْ فَقَدْ دَعَاكُمُ الْحَقُّ جَلَّ وَعَلا إِلَى الْوُقُوفِ عَنْهُ، وَوَجَّهَكُمْ إِلَى الْحَذَرِ مِنْهُ، لِتَجْعَلُوا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْحَرَامِ مَسَافَةً، فَتَكُونُوا بَاقِينَ فِي دَائِرَةِ السَّلامَةِ، وَالسَّلامَةُ لا يَعْدِلُـهَا شَيْءٌ، وَذَلِكَ هُوَ الْوَرَعُ - يَا عِبَادَ اللهِ،

يَقُولُ r (إِنَّ الْـحَلالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْـحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ، لاَ يَعْـلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْـتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى، أَلا وَإِنَّ حِمَى اللـهِ مَحَارِمُهُ).خ.م .

عباد الله: مِنْ أعْظَمِ مَجالاتِ الوَرَع: أنْ يَتْرُكَ المُؤمِنُ ما لا يَعْنِيه؛ قال r: «مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ» الترمذي.

قال ابنُ القيِّم: (جَمَعَ النَّبِيُّ r الْوَرَعَ كُلَّهُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ فَقَالَ: (مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْـمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ).

 فَهَذَا يَعُمُّ التَّرْكَ لِمَا لَا يَعْنِي مِنَ الْكَلَامِ، وَالنَّظَرِ، وَالِاسْتِمَاعِ، وَالْبَطْشِ، وَالْـمَشْيِ، وَالْفِكْرِ، وَسَائِرِ الْـحَرَكَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ فَهَذِهِ الْكَلِمَةُ كَافِيَةٌ شَافِيَةٌ فِي الْوَرَعِ ).

إِنَّ مَجَالاتِ الْوَرَعِ كَثِيرَةٌ، فَمِنْ ذَلِكَ حِفْظُ الْـمَرْءِ جَوَارِحَهُ حَتَّى لا تَقَعَ فِيمَا يُغْضِبُ اللهَ تَعَالَى.

وَمِنَ الْـجَوَارِحِ الَّتِي قَدْ تُوْقِعُ الإِنْسَانَ فِي الشَّرِّ وَالْعِصْيَانِ جَارِحَةُ اللِّسَانِ، وَقَدْ قَالَ r يَوْمًا لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَقَدْ أَخَذَ بِلِسَانِهِ: (كُفَّ عَلَيْـكَ هَذَا، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللـهِ، وَإِنَّا لَـمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّـكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ).الترمذي.

إِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَسْـتَهينونَ بِبَعْضِ الذُّنُوبِ وَلا يُلْقُونَ لَهَا بَالاً، وَيَحْسَبُونَهَا هِيِّـنَةً وَقَدْ تَكُونُ تِلْكَ الأَعْمَالُ عِنْدَ اللـهِ عَظِيمَةً ، فَلا يَنْبَغِي مِنَ الْعَاقِلِ أَنْ يَحْـقِرَ شَيْـئًا مِنَ الذُّنُوبِ وَالْـمَعَاصِي(وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم) . ثم صلوا ...

 

المرفقات

1703700969_خير دينكم الورع.pdf

1703700970_خير دينكم الورع.docx

المشاهدات 899 | التعليقات 0