خيرُ الناسِ وشرُهم
محمد محمد
خيرُ الناسِ وشرُهم-13-5-1446هـ-مستفادة من خطبة الشيخ أحمد الطيار
الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، أَمَّا بَعْدُ: فيا إخواني الكرامُ:
اعلموا أنَّ الناسَ أربعةُ أقسامٍ:
القسمُ الأولُ: عملوا أعمالًا صالحةً في حياتِهم، ولم يتركوا آثارًا صالحةً بعد مماتِهم.
القسمُ الثاني: عملوا أعمالًا سيّئةً في حياتِهم، ولم يتركوا آثارًا سيّئةً بعد مماتِهم.
القسمُ الثالثُ: عملوا أعمالًا صالحةً في حياتهم، وتركوا آثارًا صالحةً بعد مماتِهم، وهؤلاءِ هم أفضلُ الناسِ، فقد داوموا في حياتِهم على الأعمالِ الصالحةِ، مِنْ تَعَلُّمِ العلمِ النافعِ، والعملِ به، ونشرِه، والصلاةِ والزكاةِ، والحجِ والصدقةِ، وغيرِها من الأعمالِ الصالحةِ.
وتركوا خلفَهم أعمالًا صالحةً باقيةً، كعلومٍ نافعةٍ نشروها، وصدقاتٍ أوقفوها، وأولادٍ صالحينَ ربَّوهم على الدينِ والصلاحِ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: مِنْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ، أَوْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ مِنْ بَعْدِهِ".
فما أعلاها من مرتبةٍ! وما أجلّها مِنْ منقبةٍ! أنْ يكونَ الإنسانُ في حياتِه مشغولًا بالصالحاتِ، ويستمرَ أجرهُ وثوابُه بعدَ المماتِ، فصُحُفُ حسناتِه متزايدةٌ كلَّ وقتٍ، وأعمالُ الخير مهداةٌ إليه كلَّ حينٍ.
القسمُ الرابعُ: عملوا أعمالًا سيّئةً في حياتِهم، وتركوا آثارًا سيّئةً بعد مماتِهم، وهؤلاء هم أخسرُ الناسِ، فقد داوموا في حياتِهم على الأعمالِ السيّئةِ، وتركوا خلفهم أعمالًا سيّئةً باقيةً، كالصورِ والفيديوهاتِ المحرّمة، والغناءِ والفِسقِ، والغيبةِ والنميمةِ، والسبّ والشتمِ الذي نشروه في مواقعِ التواصلِ، فهم في ازديادٍ من العذابِ، ما لم يغْلَقْ هذا البابُ، وربما لا يغلقُ إلا بعد عشراتِ السنينِ.
قال الله-تعالى-عن هؤلاء: (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ، أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ).
وقد ذكر-تعالى-هذين الصِّنْفين فقال: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ).
فما قدموا: هو ما عملوهُ من الأعمالِ الحسنةِ أو السيئةِ، وآثارُهم: ما تَرَتَّبَ على أعمالِهم، مما عملَه غيرُهم، فانتفعَ أو انضرَ به.
وقال-تعالى-: (يُنَبَّأُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ) بما قدّم من عملٍ خيرٍ أو شرٍّ، وما أخَّر بعدَ مماتِه من حسنةٍ أو سيئةٍ يُعْمَل بها مِن بعدِه.
وقال نبيّنا-صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ".
أستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمينَ...
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:
فإنَّ مِنْ أعظمِ نِعمِ اللهِ عليكَ أنْ أطالَ في عمرِك، ولم يـُمِتْك في زَمَنِ الغفلةِ وقلّةِ العملِ الصالحِ، فاحرصْ أشدَّ الحرصِ على الثباتِ على دينِك، ونشرِ الخيرِ ونفعِ الناسِ.
احرصْ ألا ينقطعَ عملُك الصالحُ بعدَ موتِك، فدار الدنيا جعلها اللهُ دارَ عملٍ، تتزودُ منها من الخيرِ للآخرةِ دارِ الجزاء.
والأعمالُ الصالحةُ التي لا تنْقطع بعد موتك ثلاثةٌ:
الأولُ: الصدقةُ الجاريةُ المستمرُ نفعُها: كالوقفِ، أو المصاحفِ أو كتبِ العلمِ النافعةِ، أو بناءِ المساجدِ والمدارسِ والبيوتِ.
الثاني: العلمُ الذي يُنتفع به مِنْ بعدِك: كالعلمِ الذي علمْتَه ونشرتَه بينَ الناسِ.
فكمْ من علماءَ هُداةٍ ماتوا من مِئاتِ السنينَ، وكتبُهم وعلمُهم يستفيدُ منه الكثيرُ من المسلمينَ.
الثالثُ: الولدُ الصالحُ الذي يدعو لك.
اللَّهمَّ إنِّا نسألُكَ بأنَّ لَكَ الحمدُ، وأَنَّا نَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ، لا إلَهَ إلَّا أنتَ، الْأَحَدُ، الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، المنَّانُ، بديعُ السَّمواتِ والأرضِ، ياذا الجلالِ والإِكرامِ، يا حيُّ يا قيُّومُ.
اللَّهُمَّ أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، ووفقهمْ لرضاكَ، ونَصرِ دِينِكَ، وإعلاءِ كَلمتِكَ.
اللَّهُمَّ انصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.
اللَّهُمَّ الطفْ بنا وبإخوانِنِا المستضعفينَ على كُلِّ حالٍ، وبَلِّغْنا وإياهُم من الخيرِ والفرجِ والنصرِ منتهى الآمالِ.
اللَّهُمَّ أحسنْتَ خَلْقَنا فَحَسِّنْ أخلاقَنا.
اللَّهُمَّ إنَّا نسألك لنا ولوالدِينا وأهلِنا والمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ، والهُدى والسَّدادَ، والبركةَ والتوفيقَ، وَصَلَاحَ الدِّينِ والدُنيا والآخرةِ.
اللَّهُمَّ صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.
المرفقات
1731593921_خيرُ الناسِ وشرُهم-13-5-1446هـ-مستفادة من خطبة الشيخ أحمد الطيار.docx
1731593921_خيرُ الناسِ وشرُهم-13-5-1446هـ-مستفادة من خطبة الشيخ أحمد الطيار.pdf