خيانة الآباء لأمانة الأبناء

الشيخ السيد مراد سلامة
1439/12/12 - 2018/08/23 02:37AM
خيانة الآباء لأمانة الأبناء ([1])
للشيخ السيد مراد سلامة 
الخطبة الأولى:

إن الحمد لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. 

أما بعد.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ألا وإن من تقوى اللهِ- جلَّ وعلا- أداءَ الأمانةِ، والقيامَ بها، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ).

ألا وإنَّ من أجَلِّ الأماناتِ وأعظمِها -يا عبدَ الله-ولدَك، الذي هو بضعةٌ منك، فيا أيها الذين آمنوا قُوا أنفسَكم وأهليكم ناراً، وقودُها الناسُ والحجارةُ، وإنما تكونُ تلك الوقايةُ بالقيامِ عليهم، وتربيتِهم وحفظِهم في دينِهم وأخلاقِهم ودنياهم, فإن الله حمَّلَكم مسؤوليةَ ذلك، ففي "الصحيحين" من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه  أن النبي صلى الله عليه  وسلم قال: «كلُّ مولودٍ يولدُ على الفطرةِ، فأبواه يهوِّدانِه أو ينصِّرانِه أو يمجسانِه. » ([2])

فولدُك يا عبدَ اللهِ نِتاجُ جُهدِك، وبذلك، فإنْ وجدتَ خيراً فاحمد اللهَ، وإن وجدتَ غيرَ ذلك، فلا تلومنَّ إلا نفسَك، فعلى نفسِها جَنَتْ براقشُ.

ليعلم الآباء والأمهات أنه لن تزول أقدامهم من أمام الله تعالى يوم القيامة حتى يسألهم الله تعالى عن أبنائهم و عن تربيتهم يقول رسول الله

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلاَءِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»»)([3]) .

يقول ابن القيم-رحمه الله- : ( وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه ، فأضاعوهم صغاراً ، فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كباراً ، كما عاتب بعضهم ولده على

العقوق فقال : يا أبتِ إنك عققتني صغيراً ، فعققتك كبيراً ، وأضعتنى وليداً فأضعتك شيخاً ) [[4]] .

أنت أيها الوالد مطالب أن تقي نفسك و زوجتك و أبنائك نار حر ها شديد و قعرها بعيد و مقامعها من حديد يقول الله تعالى  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ...) (6) (التحريم)

عن علي –رضي الله عنه- أنه قال في الآية : علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم ، والمراد بالأهل على ما قيل : ما يشمل الزوجة والولد والعبد والأمة .

وإن من أخطر الأمانات التي حملها الله تعالى للآباء والأمهات البنين والبنات، ولقد ظهرت صور عديدة لخيانة الآباء والأمهات لتلك الأمانة ولنذكر بعضها في هذه الخطبة

أولا: تقصير الآباء في الجانب الإيماني

اعلم بارك الله فيك أن التربية الإيمانية هي الأساس لبناء الأجيال التي تبني وتهدم وتعمر ولا تدمر وتؤلف ولا تفرق

والتربية الإيمانية: هي تنشأت الأبناء على الإيمان بالله تعالى وكتبه ورسله ومحبة الله تعالى ورسوله-صلى الله عليه وسلم –والالتزام والتربية الإيمانية: التي تحيي القلب والضمير بالخوف والرجاء والمحبة، المنافية للجفاف الناتج من البعد عن نصوص القرآن والسنة، والعكوف على أقاويل الرجال، فهي عامل أساسي من عوامل الثبات.

والتربية الإيمانية المتكاملة التي تتضمن معاني التقوى والمراقبة والخوف والرجاء والمحبة، حتى يصبح العبد إنسانا سويا شابا تقيا نقيا لا تستهويه مادة ولا تستعبده شهوة " قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي " " ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله ([5])

" فالتربية الإيمانية : أن تربط ابنك بأصول الدين ، بأركان الإيمان ، بأركان الإسلام ، بحقائق النبوات ، بمنهج رسول الله ، بتفسير القرآن ، بسيرة الصحابة الكرام التربية الإيمانية أن تغرس فيه حقائق الإيمان ، إما أنت ، أو أمه ، أو معلم آخر ، أو معهد شرعي ، لأنه لو أمكن أن تعتقد ما تشاء وأن تكون ناجياً اعتقد ما تشاء ، ولكن ما من تصور غير صحيح إلا وينعكس سلوكاً خاطئاً ، يعني الإيمان بأسماء الله الحسنى ، وصفاته الفضلى ، الإيمان بالكتب المنزلة ، فهم كلام الله ، فهم القضاء والقدر ، خيره وشره من الله تعالى .([6])

ومن صور تقصير الآباء في تربية الأبناء في الجانب الإيماني

عدم بذر العقيدة في الله-تعالى – وتعليمهم إياها وهذا من أخطر الأخطار

حيث ينشأ كثير من أبناء المسلمين وهم لا يعلمون شيئا عن أصول عقيدتهم فيصبحوا بعد ذلك فريسة سهلة لشياطين الإنس والجن، لذا رأينا في مجتمعاتنا عبدة الشيطان وعبدة الديمقراطية واللبرالية والشيوعية، رأينا من يتملص من دينه ويطعن في عقيدته والسبب الأعظم في ذلك الآباء والأُمهات حيث أنهم أهملوا الجانب العقدي لدى أبنائهم   تركوهم لغرف الشات و الدردشة حيث المشككين و المنصرين الذين لا هم لهم إلا صد شباب الإسلام عن دينه و عقيدته

أين أنتم من منهج الأنبياء والمرسلين والصالحين ومن سار على دربه يعقوب -عليه السلام-كما قال-تعالى-: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة:133].

عن الأعرج عن أبى هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-« كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه كما تناتج الإبل من بهيمة جمعاء هل تحس من جدعاء ». قالوا يا رسول الله أفرأيت من يموت وهو صغير قال « الله أعلم بما كانوا عاملين ».([7])

و من الأخطاء في تربية الأبناء عدم تعليمهم الصلاة :فإن من الأمانات التي أمرنا الله –تعالى- بحفظها الشرائع التي شرعها الله –تعالى- و أمرنا بالمحافظة عليها و من أجلها الصلاة ، و لكن الناظر إلى أحوال كثير من الآباء و الأُمهات – إلا من رحم الله - يجدهم يفرطون في الصلاة و لا يقيمونها فضلا عن أن يعلموا أبنائهم الصلاة فتجد الآباء ينامون عن الصلاة أو يجلسون أمام الشاشات و الفضائيات و المؤذن يؤذن و لا يلبون النداء و حولهم أبنائهم و نسائهم فيشنأ الأبناء على ترك الصلاة و التهاون بها و هذه و الله هي الخيانة بعينها التي قال الله تعالى عنها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [الأنفال: 27]

فكثيرا ما أرى شبابا يجلسون على المقاهي و في النوادي و الطرقات و المؤذن ينادي حي على الصلاة و لكن حالهم  كما قال شقيرة بن غزال

لقد أسمعت إن ناديت حيا ** ولكن لا حياة لمن تنادي
و لو نارا نفخت بها أضاءت ** لكن أنت تنفخ في رمادي([8])

فقد روى أبو داود عن عبد الملك بن الربيع بن سَبْرة عن أبيه عن جده قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مروا الصبيَّ بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها)).

تأملوا إلى التربية الإيمانية التي تغرس في نفوس الأبناء محبة الطاعات و تنشأ الرجال حملة الكتاب و السنة فها هو الإمام احمد يحدثنا عن دور امه في تربيته  يقول الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – : كنا نعيش في بغداد وكان والدي قد توفي ، وكنت أعيش مع أمي ، فإذا كان قبل الفجر أيقظتني أمي ، وسخّنت لي الماء ، ثم توضأت ، وكان عمره آنذاك (( عشر سنين )) !! ، يقول: " وجلسنا نصلي حتى يؤذن الفجر " – هو وأمه رحمهما الله- وعند الأذان تصحبه أمه إلى المسجد، وتنتظره حتى تنتهي الصلاة؛ لأن الأسواق حينئذ مظلمة، ثم يعودان إلى البيت بعد أداء الصلاة، وعندما كبر أرسلته أمه لطلب العلم !! ويقول أحد العلماء: أن لأم الإمام أحمد من الأجر، مثل ما لابنها؛ لأنها هي التي دلته على الخير

تعلق الأبناء والبنات بالأفلام والمسلسلات وهجر القران الكريم

فرأينا أبناء تعلقوا بهذا الغثاء الذي يغرس في نفوس الأبناء والبنات التخنث والتميع والتلفت من شرع الله تعالى ويقضون أثمن الساعات أمام تلك الفضائيات فتخرج جيل لا يحفظ إلا الغثاء والمكاء والتصدية

تخرج جيل لا يعقل إلا ما بثته تلك النفايات

أين أبنائكم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

أيها الآباء لقد خنتم الأمانة وفرضتم فيما استحفظكم الله تعالى 

شتان بين من تربى على كلام الرحمن ومن تربى على وساوس الشيطان

شتان بين من تغذى على ذكر الملك الديان وبين من تغذى برجز الشيطان

كان عروة بن الزبير يسمع الحديث على خالته عائشة وهو غلام وكان السلف يعلمون أبنائهم المغازي والسير.
فعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-قال كان أبي يعلمنا المغازي والسرايا ويقول: يا بني إنها شرف آبائكم فلا تضيعوا ذكرها.
اسمعوا إلى تلك القصة:

تروي امرأة قصة عجيبة، تقول:

كنت في زيارة لإحدى صديقاتي في بيتها ، و أتت طفلتها إلينا ،

لم تكمل الطفلة عامها الثالث .. تتلعثم بالحروف .. و وقفت خلف أمها وتشد فستانها قائلة : أمي لم نبني اليوم قصراً في الجنة ؟

اعتقدت أنني سمعتها بالخطأ

إلا أن الفتاة كررتها .. ثم وقف إخوتها إلى جانبها وأخذوا يرددون ما قالته أختهم الصغيرة

رأت الأم الفضول في عيني فابتسمت، وقالت لي: أتحبين أن تشاهدي كيف أبني قصراً في الجنة أنا وأبنائي؟

فوقفت أراقب ما سيفعلونه

جلست الأم وجلس أولادها حولها .. أعمارهم تتراوح بين العاشرة إلى الثالثة .. جلسوا جميعهم مستعدين ومتحمسين

بدأت الأم وبدأوا معها في قراءة سورة الإخلاص

قل هو الله أحد .. الله الصمد .. لم يلد ولم يولد .. ولم يكن له كفواً أحد .

ثم كرروها عشر مرات

عندما انتهوا صرخوا بصوت واحد فرحين :

الحمد لله بنينا بيتاً في الجنة .

سألتهم الأم :

وماذا تريدون أن تضعوا في هذا القصر؟

رد الأطفال نريد كنوزاً يا أمي .. فبدأوا يرددون لا حول ولا قوة إلا بالله .. لا حول ولا قوة إلا بالله

ثم عادت فسألتهم :

من منكم يريد أن يرد عليه الرسول (صلى الله عليه وسلم )السلام ويشرب من يده شربة لا يظمأ بعدها أبداً .

فشرعوا جميعهم يقولون : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد .. كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد .. وبارك على محمد وعلى آل محمد .. كما باركت على إبراهيم وعـلى آل إبراهــيم إنك حميد مجيد

تابعوا بعدها التسبيح والتكبير والتهليل .. ثم انفضوا كلٌ إلى عمله .. فمنهم من تابع مذاكرة دروسه .. ومنهم من عاد إلى مكعباته يعيد بنائها

فقلت لها كيف فعلتِ ذلك؟

قالت أبنائي يحبون جلوسي بينهم ويفرحون عندما أجمعهم وأجلس وسطهم فأحببت استغلال ذلك بأن أعلمـهم وأعودهم على ذكر الله .

فأحببت أن أنقل لهم هذه الأحاديث وأعلمها لهم بطريقة يمكن لعقلهم الصغير أن يفهمها .. فهم يروون القصور في برامج الأطفال ويتمنون أن يسكنوها .. ويشاهدون أبطال الكرتون وهم يتصارعون للحصول على الكنز.

وعن معاوية بن قرة قال: قال معاذ بن جبل لابنه: يا بُني إذا صليتَ فَصَلِّ صلاة مودِّع، لا تظُنَّ أنك تعودُ إليها أبداً، واعلم يا بني أن المؤمنَ يموتُ بين حسنتين؛ حسنةٍ قَدَّمها، وحسنةٍ أخَّرَها.

وعن الشعبي عن ابن عباس قال: قال لي أبي: أيْ بُني إني أرى أمير المؤمنين يدعوك ويقرِّبُك ويستشيرُك مع أصحابِ رسول الله صلى الله عليه و سلم؛ فاحفظ عني ثلاثَ خصال: اتق الله.. لا يُجرِّبنَّ عليك كِذبةً، وَلا تُفشيَنَّ له سِراً، ولا تغتابنَّ عنده أحداً. قال الشعبي: فقلت لابن عباس: كلُّ واحدةٍ خيرٌ من ألف!! قال: كلُّ واحدةٍ خيرٌ من عشرةِ آلاف.

وعن ميمون بن مِهران أن رجلاً من بَنِي عبد الله بن عمر استكساه إزاراً، وقال قد تَخَرَّق إزاري. فقال: ارقع إزارَك، ثم البَسْه. فَكَرِه الفتى ذلك، فقال له عبد الله: ويحك اتق الله، ولا تكونن من القوم الذين يجعلون ما رزقهم الله عز وجل في بطونهم وعلى ظهورهم. وكأنه أراد أن يربيه على الاخشيشان، أو علم منه نوع ميلٍ إلى التوسُّع في ملاذِّ الدنيا المباحة، فوعظه بهذه الموعظة.

ثانيا التقصير في الجانب الأخلاقي والسلوكي

إن أعظم ما يتميز به المسلم بعد استقرار الإيمان بالله تعالي في قلبه التحلي بالأخلاق الفاضلة والتعلق بآدابها وإلزاماتها السلوكية فهي تطعيم وتجميل لكل ما يتعلق بالعقائد والعبادات والمعاملات بحيث يشمل الخلق كل جوانب السلوك الإنساني وهو أعظم ما أعطي العبد من النعم. يقول الرسول صلي الله عليه وسلم لما سئل ما خير ما أعطي العبد؟ قال: [حسن الخلق] ([9])

عدم تحذيرهم من أصدقاء السوء: والصديق والصاحب له أثره الكبير والبالغ على حياة الإنسان، وبعض الناس يتصور الصديق أنه صديق الولد، بل صديق الأب أول شيء، ثم صديقة الأم، ثم صديق الولد، ثم صديقة البنت، يجب أن يكون هذا الصديق والصاحب صالحاً.

فكم من شاب قد انزلقت قدمه عن طريق الاستقامة بسبب صديق السوء و كم من بيوت هدمت و أُسر تفرقت و تمزقت بسبب صديق السوء و كم من ابن فشل و انحرف عن طريق الاستقامة بسبب صديق و رفيق زين له المحرمات، و كم من شاب كان من المتفوقين في دراسته فصاحب من لا خلاق له فأضله عن سواء الصراط

فلا بد أن يحسن المربون اختيار الصحبة التي يختلط بها الطفل، وكذلك لا بد أن يحسن الفرد في كل مرحلة من مراحل حياته اختيار صحبته ورفاقه، وهو ما نبه عليه الحق -سبحانه وتعالى- بقوله: {ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا} [الفرقان: 27، 28]، ويقول سبحانه: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} [الزخرف: 67].

كما نبه النبي -صلى الله عليه وسلم- على أهمية اختيار الصاحب والرفيق، عن أبي هريرة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالط وقال مؤمل من يخالل ([10])

عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

مثل الجليس الصالح ، والجليس السوء ، كمثل صاحب المسك ، وكير الحداد ، لا يعدمك من صاحب المسك ، إما تشتريه ، أو تجد ريحه ، وكير الحداد ، يحرق بدنك ، أو ثوبك ، أو تجد منه ريحا خبيثة.([11])

وكذلك أدرك السلف الصالح دور الرفاق والأصدقاء وتأثيرهم في الفرد؛ فيقول الإمام علي -كرم الله وجهه-: "إياك ومخالطة السفلة؛ فإن السفلة لا تؤدي إلى خير"([12])

ويقول أيضا: "الأصدقاء نفس واحدة في جسوم متفرقة"([13])

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لابنه الحسن: يا بُني رأسُ الدين صُحبةُ المتقين، وتمامُ الإخلاصِ اجتنابُ المحارم، وخيرُ المقال ما صدَّقه الفعال. اقبل عذر من اعتذر إليك، واقبل العفو من الناس، وأطع أخاك وإن عصاك، وصله وإن جفاك.

عدم نهي الأبناء عن التشبه بالكفار والفجار:

ومن صور تقصير الآباء والأمهات في أمانة الأبناء والبنات تشبه الأبناء والبنات بمن لا خلاق لهم من الساقطين والساقطات ومن الماجنين والماجنات، فهذا يتشبه باللاعب الفلاني وبالممثل الفلاني في مشته ولبسه وقصة شعره وأصبحنا نقلدهم في كل شيء

لبسلوا الملابس المرقعة والممزقة فتهافت كثير من الشباب على التشبه بهم

وأصبحت البنات يتشبهن بالساقطات والراقصات في الكلام والملابس

وهناك تقليد لهم في صرعات الوشم وفي ترقيق وحلق الحواجب، وفي لبس السلال والحلق والذهب للشباب

كل ذلك على مرأى ومسمع الآباء والأمهات

أين دوركم؟ أين نصحكم؟ أين خوفكم على فلذات أكبادكم من الانحراف الأخلاقي والسلوكي؟ أين خوفكم عليهم من نار حرها شديد و قعرها بعيد و مقامعها من حديد ؟ .

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لتتبعنّ سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم))، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟!)([14])

إن كثيراً منهم يعيشون تشبهاً يقود إلى الذوبان والانحلال والتهتك، بل يقود إلى الفسوق والفجور والحرية المتفلتة، والاختلاط المحرم، وقبول التبرج والسفور، وإبداء الزينة المحرمة، وبسبب الغفلة عن هذه القضية، ضعفت معنويات كثير من المسلمين، وتضعضعت أحوالهم، وتبلبلت أفكارهم، ونشأت فيهم النظريات الهدامة، والأفكار المنحرفة، في عقولهم وديارهم، وشب فيهم فئات لا تعرف للدين منزلة، ولا تعترف للفضيلة بوزن، مظاهر التغريب، وبواطن الانحراف في الأخلاق والعادات، والإفراط في أنواع من الفسوق والفجور، وانتشار الجرائم، مما لم يكن معهوداً في أوساط المسلمين، ترى ما الذي أصاب فئات من أبناء الأمة، فتساقطوا في أحضان الأعداء، خفة في الوزن، وضعة في القدر، فلا دين لله أقاموا، ولا أعداؤهم لهم صدقوا وأخلصوا، فمهما قدم هؤلاء الضعاف من تنازلات وذابوا في شخصيتهم ولاقوا رطانتهم فلن يجدوا ناصراً، ولن يكسبوا وداً: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ} [الملك:20]. ([15])

حرّض بنيك على الآداب في الصغر ... كيما تقرَّ بهم عيناك في الكبر 
و إنما مثـــل الآداب تجمـعها ... في عنفوان الصبا كالنقش في الحجر 
هــي الكنـــوز التي تنمو ذخائرها ... وَلاَ يُخــــافُ عليها حَادِثُ الغِيَرِ 
النّـــَاس إثنان ذُو عِلْـــــــمٍ وَمُسْتَمِعٍ ... وَاعٍ وَسَـائِرُهُمْ كاللَّغْــوِ والعَكَرِ

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.

أما بعد:

ومن صور خيانة الأمانة في تربية البنات عدم أمرهن بالحجاب الشرعي والمساهمة في تبرجهن وسفورهن بشراء الملابس الضيقة أو الشفافة أو عدم وضع غطاء الرأس وكشف شعورهن ووضع المكياج

وهذا من الأمور المشاهدة فتجد الفتيات يصلن إلى سن البلوغ وهن كاشفات عن شعورهن يرتدين الملابس الضيقة والملابس الكاشفة عن عوراتهن وتكمن خطورة ذلك عندما يذهبن إلى الدروس الخصوصية و يختلطن بالشباب و ليس لديهن أدنى معلومات تحصنهن ضد الذئاب البشرية، و للأسف الشديد نرى بنات المحجبات المنقبات نرى بناتهن و هن متبرجات

ولقد جاء الإسلام بالمحافظة على كرامة المرأة وصيانتها ، ووضعها في المقام اللائق بها وحث على إبعادها عما يشينها أو يخدش كرامتها ، لذلك حرم عليها الخلوة بالأجنبي ونهاها عن السفر بدون محرم ، ونهاها عن التبرج الذي ذم الله به الجاهلية لكونه من أسباب الفتنة بالنساء وظهور الفواحش ، كما قال عز وجل : {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} والتبرج إظهار المحاسن والمفاتن ، ونهاها عن الاختلاط بالرجال الأجانب عنها ، والخضوع بالقول عند مخاطبتهم حسما لأسباب الفتنة والطمع في فعل الفاحشة كما في قوله سبحانه : {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}والمرض هنا هو مرض الشهوة .

كما أمرها بالحشمة في لباسها وفرض عليها الحجاب لما في ذلك من الصيانة لهن ، وطهارة قلوب الجميع فقال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} وقال سبحانه : {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}[الآية .

وقد امتثلن -رضي الله عنهن- لأمر الله ورسوله فبادرن إلى الحجاب والتستر عن الرجال الأجانب ، فقد روى أبو داود بسند حسن عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : ( لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية وعليهن أكسية سود يلبسنها ([16])  عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها فإذا جاوزونا كشفناه ) ([17]).

وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس)) ([18])

فدل هذا الحديث على أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون وأكرمها على الله عز وجل وأعلاها أخلاقا وآدابا وأكملها إيمانا وأصلحها عملا ، فهم القدوة الصالحة في سلوكهم وأعمالهم لغيرهم ممن يأتي بعدهم .

 واستمعوا أيها الآباء و أيتها الأمهات إلى هذا الوعيد الشديد للمتبرجات عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ رءُوسُهُنَّ كَأَمْثَالِ أَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَتُوجَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا " ([19])

أيها الآباء وأيتها الأمهات: إن الله لن يسألكم يوم القيامة عن نوع المدرسة أو الجامعة التي تخرج منها الأبناء والأمهات

إن الله تعالى لن يسألكم عن نوع الشهادة التي نالها الأبناء والبنات

ولكن سيسألكم عن أعلى الشهادات وأغلاها

 عن شهادة السعادة والفلاح

عن شهادة النجاة من سخط الله وغضبه

عن شهادة الأمان من حزب الشيطان

سيسألكم عن شهادة أضعتموها و لم تربوا عليها الأبناء و البنات

إنها شهادة أن لا اله إلا الله و أن محمدا رسول الله

هل تريد لأبنائك النجاح  و الفلاح في الدنيا و الأخرة  ؟

عليك بكلمة التوحيد والقول السديد لا إله إلا الله

عباد الله.

إن مما يحزنُ له القلبُ، ويتفتَّتُ له الفؤادُ أن ترى كثيراً من الناسِ قد أهملوا تربيةَ أولادِهم، واستهانوا بها وأضاعوها، فلا حفظوا أولادَهم، ولا ربّوهم على البرِّ و التقوى، بل -وللأسفِ الشديدِ- إن كثيراً من الآباء -أصلحَ اللهُ أحوالَهم- يكونون سَبَباً لشقاءِ أولادِهِم وفسادِهِم، قال ابن القيم رحمه الله: "وكمْ ممن أشقى ولدَه وفلذةَ كبِدِه في الدنيا والآخرةِ بإهمالِه، وتركِ تأديبِه، وإعانتِه على شهواتِه، وهو بذلك يزعُمُ أنه يكرِمُه، وقد أهانه، ويرحمُه وقد ظلمَه، ففاتَه انتفاعُه بولدِه، وفوَّت على ولدِه حظَّه في الدنيا والآخرةِ، وإذا اعتبرتَ الفسادَ في الأولادِ رأيتَ عامَّتَه من قِبَلِ الآباءِ".

فللهِ درُّه، ما أعجبَ كلامَه وأصدقَه!

فهذا خليلُ اللهِ إبراهيمُ عليه السلام يقول:﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾. 

وهذا نبيُّ اللهِ نوحُ، يدعو ابنَه ويُلِحُّ عليه، فيقولُ: ﴿يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ﴾.

وهذا يعقوبُ يتعهَّد أولادَه في الرَّمَقِ الأخيرِ، كما قصَّ الله تعالى: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾.

وهذا ركْبُ المؤمنين الصادِقين المتبعين، ركبُ عبادِ الرحمنِ، يلهجون قائلين: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾

فاتقوا اللهَ أيها المؤمنون، وسيروا على هدْيِ أولئك المتقين ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾.

الدعاء ..................................................................

 

[1] - هذه الخطبة مستلة من كتابي أخطاؤنا في تربية الأبناء ط دار العالمية بالإسكندرية

[2] - أخرجه البخاري (1/456 ، رقم 1292) ، ومسلم (4/2047 ، رقم 2658)

[3] - أخرجه أحمد (2/5) (4495) و « عبد بن حميد »  (745 و  « البخاري »  (3/196) و « مسلم »  (6/7) و « الترمذي »  (1705)

[4] -تحفة المودود لابن القيم / 139 .

[5] - أخرجه أحمد (2/439 ، رقم 9663) ، والبخاري (1/234 ، رقم 629) ، ومسلم (2/715 ، رقم 1031).

[6] - تربية الأولاد في الإسلام النابلسي (ص: 25)

[7] -أخرجه البخاري (1/456 ، رقم 1292) ، ومسلم (4/2047 ، رقم 2658) ، وأبو داود (4/229 ، رقم 4714)

[8] - تاريخ اربل (ص: 403)

[9] - أخرجه الخطيب (2/401) . وأورده الذهبي في الميزان (2/276 ترجمة 1956 الحسن بن مقداد)

[10] - أخرجه أحمد 2/303(8015) و" عَبْد بن حُميد" 1431 و"أبو داود" 4833 وأبو داود . والترمذي" 2378

[11] - أخرجه الحميدي (770) وأحمد 4/404 والبخاري 3/82 ومسلم 8/37

[12] - لأخلاق عند الإمام الصادق؛ محمد أمين زين الدين،

[13] - مقالات فلسفية لمشاهير العرب، مسلمين ونصارى؛ لويس شيخو وآخرون،

[14] - أخرجه أحمد 3/84(11822) و3/89(11865) و"البخاري" 4/206(3456). و"مسلم" 8/57(6875)

[15] - دروس للشيخ صالح بن حميد (39/ 5)

[16] -أخرجه أبو داود (4101)و قال الألباني :صحيح حجاب المرأة المسلمة ص ( 38 )

[17] - مسند أحمد - الرسالة (40 ضعيف سنن ابن ماجة بمعناه ( 637 ) //

[18] - خرجه "البخاري" 1/219 و"مسلم" 2/119 و"أبو داود" 423

[19] - أخرجه أحمد 2/355(8650). و"مسلم" 5633 و7296 . و"أبو يعلى" 6690. و"ابن حبان" 7461

المرفقات

الآباء-لإمامة-الأبناء

الآباء-لإمامة-الأبناء

الآباء-لإمامة-الأبناء-2

الآباء-لإمامة-الأبناء-2

المشاهدات 6120 | التعليقات 0