خَمْسٌ لِحِفْظِ الأَمْنِ وَوَحْدَةِ الصَّفِّ 10 صَفَر 1443 هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1443/02/08 - 2021/09/15 13:29PM

خَمْسٌ لِحِفْظِ الأَمْنِ وَوَحْدَةِ الصَّفِّ 10 صَفَر 1443 هـ

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا. مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مِنْ سُنَّةِ اللهِ فِي الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ أَنْ يَبْتَلِيَ مَا فِي صُدُورِهِمْ، وَيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ، بِأَنْوَاعِ الْفِتَنِ الْكَاشِفَةِ، وَالْمِحَنِ الْقَاهِرَة، لِيَعْلَمَ الذِينَ نَافَقُوا وَيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ. وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ. قَالَ اللهُ تَعَالَى {أَلم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّنَا نَمُرُّ بِجُمْلَةٍ مِنَ الأَحْدَاثِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْمُتَغَيِّرَات، فَازْدَادَتِ الفِتَنُ وَأَجْلَبَ أَعْدَاءُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَتَنَادَوْا لِهَدْمِ دِينِنَا، وَاجْتَمَعُوا لِزَعْزَعَةِ مُجْتَمَعِنَا، وَعَاثَوْا لِتَفْرِيقِ صَفِّنَا، وَخَطَّطُوا لِتَغْيِيْرِ أَفْكَارِ شَبَابِنَا، وَلَابُدَّ حِيِنِئِذٍ لِلْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ مِنْ تَحْصِينٍ وَحِمَايَةٍ مِنْ هَذِهِ الفِتَنِ التِي تَلَاطَمَتْ أَمْوَاجُهَا، وَعَلا فِي الأُفُقِ غُبَارُهَا، وَأَوْجَعَتِ الْمُسْلِمِينَ آثَارُهَا. وَفِيمَا يَلِي جُمْلَةٌ مِنَ الْعَواصِمِ الْمُنْجِيَةِ بِإِذْنِ اللهِ مِنْ هَذِهِ الفِتَنِ لِمَنِ اسْتَمْسَكَ بِهَا .

(فَأَوَّلًا)  الاعْتِصَامُ بِاللهِ، قَالَ تَعَالَى {وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: الاعْتِصَامُ بِاللهِ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ هُوَ الْعُمْدَةُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْعُدَّةُ فِي مُبَاعَدَةُ الْغِوَايَةِ، وَالْوَسِيلَةُ إِلَى الرَّشَادِ، وَطَرِيقُ السَّدَادِ، وَحُصُولِ الْمُرَادِ.

وَمِنَ الْاعْتِصَامِ بِاللهِ: الْفَزَعُ إِلَى الصَّلَاةِ، فَـالصَّلَاةُ نُورٌ. عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى. رَوَاهُ أَبَو دَاوُدَ وَحَسَنَهُ الأَلْبَانِي. وَلِذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ اسْتِقْرَارِكَ فِي حَيَاتِكَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ مُحَافَظَتَكَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا, وَتَقُومَ بِوُضُوئِهَا وَتُصَلِّيهَا بِخُضُوعٍ وَخُشُوعٍ وَحُضُورِ قَلْبِكَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، فَهَذَا وَعْدٌ صَادِقٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ حَافَظَ عَلَى الطَّاعَاتِ وَأَدَّى الْوَاجِبَاتِ أَنَّ اللهَ يُحْيِيهِ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً ثُمَّ يَجْزِيهِ بِالْجَنَّةِ.

(ثَانِيًا) الاعْتِصَامُ بِكِتَابِ اللهِ: وَذَلِكَ بِتَعَلُّمِهِ وَتَفَهْمِهِ وَالعَمَلِ بِه، فَهَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ بِالنَّاسِ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي الحَجِّ فَيَقُولُ (وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللهِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَوَصَفَ عَلَيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ القُرْآنَ وَصْفًا عَجِيبًا فقَالَ: كِتَابُ اللهِ: فِيهِ نَبَأُ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللهُ، وَهُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينِ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتِقِيمُ، هُوَ الذِي لاتَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ، وَلا تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسِنَةُ، وَلا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ هُوَ الذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا : إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هَدَى إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

(ثَالِثًا) الاعْتِصَامُ بِسُّنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَعَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولُ اللهِ: كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا. قَالَ (أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَعْشِ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا. فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وُسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتُ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

(رَابِعًا) مِنَ العَوَاصِمِ مِنَ الفِتَنِ بِإِذْنِ اللهِ لُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ: وَهَذِهِ القَضِيَةُ قَضِيَةٌ كُبْرَى، وَمَعَ ذَلِكَ فقَدْ غَفَلَ عَنْها كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَخَاصَّةً الشَّبَابُ، قَالَ تَعَالَى {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمُ ثَلاثَاً وَيْسَخُطُ لَكُمْ ثَلاثًا، يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللهُ أَمْرَكُمْ. وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا: قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَاعْلَمُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ اجْتِمَاعٌ لِكَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا بِطَاعَةِ وَلِيِّ الأَمْرِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَة، وَلَمَّا كَانَ وَلِيُّ الأَمْرِ بَشْرًا عُرْضَةً لِلْخَطَأِ وَالزَّلَلِ وَالنَّقْص، جَاءَتِ الأَدَلِّةُ بالتَّحْذِيرِ مِنَ الخُرُوجِ عَلَيْه، حَتَّى مَعَ وُجُودِ التَّقْصِيرِ مِنْه . فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللهَ وَلا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، وُأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا) قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللهَ حَقَّكُمْ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

فَتَأَمَّلُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ فِي كَلامِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَيْفَ أَمَرَنَا بِأَدَاءِ حَقِّ وَلِيِّ الأَمْرِ حَتَّى لَوْ قَصَّرَ هُوَ فِي حَقِّنَا، وَذَلِكَ لِلْمَصْلَحَةِ الكُبْرَى وَهِيَ الاجْتِمَاعِ وَاسْتِتْبَابِ الأَمْن.

وَعَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ مَرِيضُ قُلْنَا: حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنفَعُكُ اللهُ بِهِ، سَمْعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعْنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وُعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهَلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْ كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . أَسْأَلُ اللهَ بِمَنَّهِ وَكَرَمِهِ أَنْ يَحْفَظَ دِينَنَا وَأَمْنَنَا وَأَنْ يُوَفِّقَ وُلاةَ أَمْرِنَا لِمَا يُحِبِّهُ وَيَرْضَاهُ وَأَنْ يَأْخُذَ بِنَواصِيهِمْ لِلْحَقِّ وَالصَّوَابِ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ!

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .

أَمَّا بَعْدُ: فَ(خَامِسًا) مِنَ الْمُنْجِيَاتِ مِنَ الفِتْنَةِ بِإِذْنِ اللهِ: اعْتِزَالُهَا : فَلَا تُشَارِكْ فِيهَا بِيَدِكَ وِلَا بِلِسَانِكَ، وَلَا بِالسَّمَاعِ أَوْ قِرَاءَةِ أَخْبَارِ الفِتْنَةِ، وَالْزَمْ طَاعَةَ رَبِّكَ وَابْتَعِدْ عَمَّا لَا يَعْنِيْكَ. عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ، أَلَّا ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي فِيهَا، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي إِلَيْهَا، أَلَا فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَإِنَّ مِمَّا يُنْصَحُ بِهِ كُلُّ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ أَنْ يَكُونَ حَذِرًا مِنْ وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ، وَخَاصَّةً وَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الْحَدِيثَةَ، فَكَثِيرٌ مِنْهَا إِعْلَامٌ مُوَجَّهٌ، وَبَعْضُهَا تَكُونُ صَادِرَةً مِنْ أُنَاسٍ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْكَلامِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الْكَبِيرَةِ، وَرُبَّمَا لَوِ انْكَشَفَ أَمْرُهُ لَوَجَدَ أَنَّهُ لا يُحْسِنُ أَنَّ يَتَوَضَّأُ! فَمَا أَكْثَرَ مَا تُهَاجَمُ هَذِهِ الْبِلَادُ فِي عُلَمَائِهَا وَحُكَّامِهَا، فَمِنْ وَاصِفٍ لَهُمْ بِأَوْصَافٍ لا تَلِيقُ بِالْأَطْفَالِ فَضْلًا عَنِ الْعُقَلَاءِ فَكَيْفَ بِالْعُلَمَاءِ؟ وَمِنْ مُتَكَلِّمٍ فِي أَمْرٍ لا يُحْسِنُهُ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ.

فَاللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وَأَرِنَا الْبَاطِلَ بَاطِلًا وارْزُقْنَا اجْتِنَابَهُ، وَلا تَجْعَلْهُ مُشْتَبِهًا عَلَيْنَا فَنَضِل. اللَّهُمَّ إِنَا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِالإِسْلَامِ قَائِمِينَ وَقَاعِدِينَ وَعَلَى جُنُوبِنَا، وَلا تَكِلْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا وَلا إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا التِي فِيهَا مَعَاشُنَا وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا التِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا! اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَبَابَ الْمُسْلِمِينَ وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلامِ وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ للْهُدَى وَالرَّشَادِ ، وَجَنِّبْهُمْ الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَما بَطَنْ ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا! اللَّهُمَّ جَنِّبْ بِلادَنَا الْفِتَنَ وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ! اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن الغَلَا وَالوَبَا وَالرِّبَا وَالزِّنَا وَالزَلازِلَ وَالفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن .

المرفقات

1631714762_خَمْسٌ لِحِفْظِ الأَمْنِ وَوَحْدَةِ الصَّفِّ 10 صَفَر 1443 هـ.doc

المشاهدات 2993 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا