خطورة المعاصي
د عبدالعزيز الجحدلي
الخطبة الأولى:
الحَمْدُ للهِ المُطَّلِعِ عَلَى الغَيْبِ والشَهَادةِ, أَمَرَ عِبَادَهُ بِالتَقْوَى والعِبَادَةِ, وَوَعَدَهُمْ أُجُورًا عَظِيمَةً وَسَعَادَةً, (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) وأشهدُ أن محمداً عبدُ اللهِ ورسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ .. البشير النذير، والسراج المنير .. يا ربِّ صلِّ على النبيِّ المصطفى .. أزكى الأنامِ وخيرُ من وَطِئَ الثَرى .. يا ربِّ صلِّ على النبيِّ وآلهِ .. تِعدادَ حباتِ الرمالِ وأَكثَرا .. وعلى صحابته الكرام والتابعينَ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً ...
أمَّا بعدُ: فإنَّ أعظمَ ما يُوصِي به المرءُ أخاهُ في اللهِ، أنْ يوصيهِ بتقوى الله، وأن يتمسكَ بحبلهِ وأن يهتدي بهُداهُ، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مِن طَبِيعَةِ الإِنسَانِ الَّتي لا يَنفَكُّ عَنهَا ، أَنَّهُ يُخطِئُ وَيَزِلُّ وَيُجَانِبُ الصَّوَابَ ، وَيَقتَرِفُ الذُّنُوب َوَالسَّيِّئَاتِ وَيَقَعُ في المَعَاصِي وَالمُخَالَفَاتِ ، وَيَظلِمُ نَفسَهُ بَينَ حِينٍ وَآخَرَ بِتَركِ مَا أُمِرَ بِهِ وَالوُقُوعِ فِيمَا نُهِيَ عَنهُ ، فَأَمَّا المُوَفَّقُ وَمَن أَرَادَ اللهُ بِهِ خَيرًا ، فَإِنَّهُ يُسرِعُ بِالتَّوبَةِ وَيُعَجِّلُ بِالأَوبَةِ ، وَأَمَّا مَن وُكِلَ إِلى نَفسِهِ وَخُلِّيَ بَينَهُ وَبَينَهَا وَتُرِكَ لِضَعفِهَا ، فَإِنَّهُ يَبقَى عَلَى مَا تَشتَهِيهِ وَتَهوَاهُ وَيَتبَعُهَا في تَرَدِّيهَا ، وَيَتَمَادَى في غَيِّهِ وَيَستَمِرُّ في ضَلالِهِ وَهُبُوطِهِ.
وَإِنَّ مِن رَحمَةِ اللهِ إِذْ دَعَا عِبَادَهُ إِلى المُسَارَعَةِ إِلى مَغفِرَتِهِ وَجَنَّتِهِ ، و بَيَّنَ لَهُم أَنَّ مِن صِفَاتِ مَن يَستَحِقُّ ذَلِكَ مِنَ المُتَّقِينَ ، أَنَّهُم يَتَذَكَّرُونَ رَبَّهُم وَيَستَغفِرُونَ ، وَلا يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُم يَعلَمُونَ ،
عباد الله لم يُوصَفِ المُتَّقُونَ المُستَحِقُّونَ لِمَغفِرَةِ الذُّنُوبِ وَدُخُولِ الجَنَّةِ بِأَنَّهُم لا يُخطِئُونَ ؛ لأَنَّ الخَطَأَ مِن طَبِيعَةِ الإِنسَانِ وَجِبِلَّتِهِ ، وَلا بُدَّ لَهُ مِنهُ لِنَقصِهِ وَضَعفِهِ ، وَلَكِنَّهُم مُدِحُوا بِأَنَّهُم وَإِن كَانُوا يُخطِئُونَ وَيُذنِبُونَ ، وَيُجَانِبُونَ الطَّرِيقَ المُستَقِيمَ وَعَنهُ يَنحَرِفُونَ ، فَإِنَّهُم سُرعَانَ مَا يَرجِعُونَ لِلصَّوَابِ وَيَعُودُونَ لِلجَادَّةِ ، وَيُصَحِّحُونَ الخَطَأَ وَيُعَدِّلُونَ المَسَارَ ، وَيَأوُونَ إِلى رَبِّهِم بَعدَ الذَّنبِ بِتَوبَةٍ نَصُوحٍ، تَجُبُّ مَا قَبلَهَا وَتُزِيلُ أَثرَهُ وَتَمحُوهُ ، مُتَذَكِّرِينَ أَنَّ خَيرَ الخَطَّائِينَ هُمُ التَّوَّابُونَ ، وَأَنَّهُ إِذَا تَابَ عَلَى عَبدِهِ مَحَا عَنهُ سَيَّئَاتِهِ ، بَل بَدَّلَهَا حَسَنَاتٍ كَرَمًا مِنهُ وَجُودًا وَإِحسَانًا ، قَالَ سُبحَانَهُ في وَصفِ عِبَادِهِ : " وَالَّذِينَ لا يَدعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقتُلُونَ النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَلا يَزنُونَ وَمَن يَفعَل ذَلِكَ يَلقَ أَثَامًا . يُضَاعَف لَهُ العَذَابُ يَومَ القِيَامَةِ وَيَخلُد فِيهِ مُهَانًا . إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِم حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا " فَأَيُّ عَبدٍ بَعدَ هَذَا يَبقَى عَلَى ذَنبِهِ وَيُصِرُّ عَلَى خَطئِهِ ، إِنَّهُ وَاللهِ لا يَفعَلُ ذَلِكَ إِلاَّ مَنِ انتَكَسَ قَلبُهُ ، وَغَفَلَ أَو تَغَافَلَ عَن مَصِيرِهِ ، وَنَسِيَ أَو تَنَاسَى أَنَّ المَوتَ يَطلُبُهُ ، وَأَنَّ القَبرَ سَيَكُونُ مَنزِلَهُ وَمَسكَنَهُ ، وَأَنَّهُ سَيَصِيرُ يَومًا إِلى رَبِّهِ فَيُحَاسِبُهُ أَلا فَمَا أَجدَرَنَا أَيُّهَا المُسلِمُونَ أَن نُحَاسِبَ أَنفُسَنَا وَنَتَدَارَكَ أَمرَنَا ، إِنَّهُ وَاللهِ مَا مِنَّا مِن أَحَدٍ قَد أَصَرَّ عَلَى ذَنبٍ أَو دَاوَمَ عَلَى خَطَأٍ ، إِلاَّ وَهُوَ في الغَالِبِ يَعلَمُ مَا زَلَّت بِهِ فِيهِ القَدَمُ ، وَيُصِيبُهُ بَينَ حِينٍ وَحِينٍ مِن ذَلِكَ ضِيقٌ وَحَسرَةٌ وَنَدَمٌ، فَإِلى مَتى التَّغَافُلُ وَالتَّجَاهُلُ ؟! إِلى مَتى التَّمَادِي وَالتَّهَاوُنُ ؟!
هَذَا الَّذِي يُصِرُّ مِنَّا عَلَى تَركِ صَلاةِ الفَجرِ مَعَ الجَمَاعَةِ أَيَّامًا وَأَسَابِيعَ وَشُهُورًا ، وَذَاكَ الَّذِي يَتَأَخَّرُ عَنِ الجُمُعَةِ وَيَتَبَاطَأُ في الذَّهَابِ إِلَيهَا وَلا يَكَادُ يُدرِكُ خُطبَتَهَا ، وَالَّذِي يَهجُرُ المَسَاجِدَ وَلا يَهتَمُّ بِإِدرَاكِ الجَمَاعَاتِ ، وَمَن تَمضِي عَلَيهِ الأَيَّامُ وَهُوَ عَاقٌّ لِوَالِدَيهِ أَو قَاطِعٌ لأَرحَامِهِ أَو مُصَارِمٌ لإِخوَانِهِ ، وَمَن يَأكُلُ المَالَ الحَرَامَ بِغِشٍّ أَو خِدَاعٍ أَو تَطفِيفٍ في الكَيلِ ، وَمَن يُمَاطِلُ النَّاسَ وَيَتَأَخَّرُ في إِعطَائِهِم حُقُوقَهُم ، مَن يَظلِمُ زَوجَاتِهِ وَلا يَعدِلُ بَينَهُنَّ ، وَمَن يُقَصِّرُ في حَقِّ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ ، هَؤُلاءِ وَغَيرُهُم مِمَّن يَقَعُ فِيمَا يُنهَى عَنهُ وَيَترُكُ مَا هُوَ مَأمُورٌ بِهِ ، لِمَاذَا لا يُسَارِعُونَ بِالرُّجُوعِ إِلى رَبِّهِم ؟! لِمَاذَا لا يُبَادِرُونَ بِتَركِ ذُنُوبِهِم وَالتَّخَلُّصِ مِن عُيُوبِهِم ؟! لِمَاذَا لا يَتَطَهَّرُونَ مِن أَوزَارِهِم وَيَتَدَارَكُونَ مَا بَقِيَ مِن أَعمَارِهِم ؟! لِمَاذَا لا يُجَانِبُونَ المَعَاصِيَ وَيَنبُذُونَ المُخَالَفَاتِ ؟! أَعِندَ أَحَدٍ مِنَّا عَهدُ أَنَّهُ سَيَبقَى في عَافِيَةٍ إِلى أَن يَقضِيَ وَطَرَهُ مِن مَعَاصِيهِ وَتَرجِعَ نَفسُهُ عَن هَوَاهَا ؟! أَفي ثِقَةٍ نَحنُ أَنَّ المَوتَ بَعِيدُ وَأَنَّ الأَجَلَ طَوِيلٌ ؟! أَوَلَيسَ هَذَا المَوتُ يَأخُذُ الأَقَارِبَ مِن بَينِنَا ؟! أَوَلَيسَ يَلتَقِطُ الجِيرَانَ مِن حَولِنَا ؟! أَوَلَيسَ يَنتَهِبُ الخِلاَّنَ مِن عَن أَيمَانِنَا وَشَمَائِلِنَا ؟! أَوَلَيسَ ذَلِكَ هُوَ قِطَارَ المُوَدِّعِينَ إِلى الدَّارِ الآخِرَةِ لا يَتَوَقَّفُ وَلا يَتَعَطَّلُ ؟! " قُلْ إِنَّ المَوتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُم ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عَالِمِ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ "
إِنَّ المُصِرَّ عَلَى الذَّنبِ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَفِي عُقُوبَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ ، وَنَتَائِجَ وَخِيمَةٍ مُتَتَابِعَةٍ ، تُصِيبُهُ وَتُحِيطُ بِهِ ، أَعظَمُهَا أَن يُطمَسَ عَلَى قَلبِهِ ، وَأَن يَنتَكِسَ فُؤَادُهُ ، فَلا يَعرِفُ بَعدَ ذَلِكَ مَعرُوفًا وَلا يُنكِرُ مُنكَرًا ، وَيُصبِحُ عَبدًا لِهَوَاهُ مُنقَادًا لِشَهوَةِ نَفسِهِ ، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : " تُعرَضُ الفِتَنُ عَلَى القُلُوبِ كَالحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلبٍ أُشرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكتَةٌ سَودَاءُ، وَأَيُّ قَلبٍ أَنكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكتَةٌ بَيضَاءُ ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلبَينِ، عَلَى أَبيَضَ مِثلِ الصَّفَا فَلا تَضُرُّهُ فِتنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ، وَالآخَرُ أَسوَدَ مُربَادًّا كَالكُوزِ مُجَخِّيًا، لا يَعرِفُ مَعرُوفًا وَلا يُنكِرُ مُنكَرًا إِلاَّ مَا أُشرِبَ مِن هَوَاهُ" رَوَاهُ مُسلِمٌ .
فِي مَوقِفِ الحِسَابِ قَدْ يَتَفَاجَأُ الإِنْسَانُ بِأَنَّ هَذِهِ الـمَعَاصِي التِي َلْم يَكُنْ يَحسِبُ لَهَا حِسَابًا, تَجُرُّهُ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ جَرًا, فَتُلْقِيْهِ فِيهَا -وَالعِيَاذُ بِاللهِ-, (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ)
قَالَ ابْنُ الجَوزِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ-: “يَا مَنْ سَوَّفَ بِالـمَتَابِ حَتَّى شَابَ، يَا مَنْ ضَيَّعَ فِي الغَفْلَةِ أَيَّامَ الشَّبَابِ، يَا مَطْرُودًا بِذُنوُبِهِ عَنِ البَابِ، إِذَا كُنْتَ فِي الشَّبَابِ غَافِلاً، فِي الـمَشِيبِ مُسَوِّفًا، مَتَى تَقِفُ بِالبَابِ؟! كَمْ عُومِلْتَ عَلَى الوَفَاءِ! مَا هَكَذَا فِعْلُ الأَحْبَابِ، الظَّاهِرُ مِنْكَ عَامِرٌ، وَالبَاطِنُ -وَيْحَكَ- خَرَابٌ، وَلَّى طَيِّبُ العُمُرِ فِي الخَطَايَا، يَا تُرَى تَعُودُ إِلَى الصَّوابِ!”.
فَلِلَّهِ عَبْدٌ خَائِفٌ مِنْ ذُنُوبِهِ * تَكَادُ حَشَاهُ مِنْ أَسَىً تَتَقَطَّعُ
إِذَا جَنَّهُ اللَّيلُ البَهِيمُ رَأَيْتَهُ *** وَقَدْ قَامَ فِي مِحْرَابِهِ يَتَضَرَّعُ
يُنَادِي بِذُلٍ يَا إِلَهِي وَسَيِّدِي - وَمَنْ يَهْرُبُ العَاصِيْ إِلَيهِ وَيَفْزَعُ
فَجُدْ لِيْ بِعَفْوٍ وَامْحُ ذَنْبِي وَنَجِّنِي *** مِنَ النَّارِ يَا مَوْلَى يَضُرُّ وَيَنْفَعُ
فَاللَّهُمَ اِغْفِرْ ذُنُوبَنَا وَاسْتُرْ عُيُوبَنَا, وَعَامِلْنَا بِلُطْفِكَ وَعَفْوِكَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.
الخطبة الثانية :
الحمد لله، الحمد لله ذي العرش المجيد، الفعَّال لما يريد، أحمده -سبحانه- وأشكره، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، ، صلَّى اللهُ وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَإِيَّاكُم وَالإِصرَارَ عَلَى المَعَاصِي أَوِ البَقَاءَ عَلَيهَا وَالمُجَاهَرَةَ بها، وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِنِ استِصغَارِ الذُّنُوبِ أَوِ احتِقَارِهَا قَولاً أَو فِعلاً، وَلا يَنظُرَنَّ أَحَدُنَا إِلى صِغَرِ المَعصِيَةِ فَيَتَسَاهَلَ بها ، وَلْيَنظُرْ إِلى عَظَمَةِ مَن عَصَاهُ وَخَالَفَ أَمرَهُ وَوَقَعَ فِيمَا نَهَاهُ عَنهُ ، فَإِنَّ الإِصرَارَ عَلَى الصَّغِيرَةِ يَجعَلُهَا كَالكَبِيرَةِ ، وَالمُحَقَّرَاتُ إِذَا اجتَمَعَت عَلَى العَبدِأَهلَكَتهُ وَأَوبَقَتهُ ، وَمَتى استَصغَرَ النَّاسُ الذُّنُوبَ وَتَسَاهَلُوا بها إِلى أَن يُعلِنُوهَا وَيُجَاهِرُوا بِهَا ، دُونَ خَجَلٍ وَلا حَيَاءٍ، فَقَد أَخرَجُوا أَنفُسَهُم مِن مُعَافَاةِ اللهِ إِلى عُقُوبَتِهِ ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " كُلُّ أُمَّتي مُعَافى إِلاَّ المُجَاهِرِينَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ . وَإِنَّ الإِصرَارَ عَلَى المَعصِيَةِ وَالاستِمرَارَ عَلَى فِعلِهَا دُونَ حَيَاءٍ مِنَ اللهِ وَلا مِن خَلقِهِ ، لَهُوَ نَوعٌ مِنَ المُجَاهَرَةِ بِهَا ، وَإِلاَّ فَإِنَّ المُؤمِنَ الرَّقِيقَ القَلبِ المُرهَفَ الإِحسَاسِ ، لَيَستَحيِي مِن رَبِّهِ ، وَيَخجَلُ مِمَّن حَولَهُ أَن يَرَوهُ مُقِيمًا عَلَى المَعَاصِي غَيرَ مُتَرَاجِعٍ عَنهَا وَلا تَائِبٍ مِنهَا ، يَقتَدِي بِهِ فِيهَا الصَّغِيرُ ، وَيَتَقَوَّى عَلَيهَا بِسَبَبِهِ ضَعِيفُ الإِيمَانِ ، فَيَتَحَمَّلُ ذُنُوبَهُم مَعَ ذُنُوبِهِ ، وَيُثقِلُ مِيزَانَهُ بِأَوزَارِهِم مَعَ أَوزَارِهِ ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ رَحِمَكُمُ اللهُ ، وَاستَحيُوا مِن رَبِّكُم وَمِن مَلائِكَتِهِ الحَافِظِينَ " وَإِنَّ عَلَيكُم لَحَافِظِينَ . كِرَامًا كَاتِبِينَ . يَعلَمُونَ مَا تَفعَلُونَ " هذا وصلُّوا وسلِّموا على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، نبيكم محمد رسول الله، فقد أمركم بذلك ربُّكم فقال عزَّ مِنْ قائلٍ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك، نبيك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين، وعن بقية الصحابة أجمعين، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك، يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، يا ربَّ العالمينَ.
اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ أمرنا بتوفيقك، وأعِزَّه بطاعتك، وأعلِ به كلمتك، واجعله نصرة للإسلام والمسلمين، ووفقه وولي عهده لما تحبه وترضاه، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء إليك، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا، فأرسل السماء علينا مدرارا، واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك، وبلاغا إلى حين، اللهم غيثا مغيثا غدقا سحا، مجللا، تغني به البلاد، وتسقي به العباد، وتجعله بلاغا للحاضر والباد.
اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن سقياك، اللهم فلا تمنع عَنَّا بذنوبنا فضلك، على الله توكلنا؛ (رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
المرفقات
1669958358_خطورة المعاصي.docx