خَطَرُ النِّسَاءِ وَعِظَمُ جَرِيمَةِ الزِّنَا 5 ربيع ثاني 1434 هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1434/04/03 - 2013/02/13 15:47PM
خَطَرُ النِّسَاءِ وَعِظَمُ جَرِيمَةِ الزِّنَا 5 ربيع ثاني 1434 هـ
الْحَمْدُ للهِ فَاطَرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ، عَالِمِ الْغَيْبِ وَالأَسْرَار ، شَدِيدِ الْعِقَابِ القَّوِيِّ الْجَبَّارِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ، رَبُّ الأَرْبَاب وَمُسَبِّبُ الأَسْبَاب وَخَالِقُ خَلْقِهِ مِنْ تُرَاب ، قَاصِمُ الْجَبَابِرَة ، وَقَاهِرُ الْفَرَاعِنَة ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ بَعَثَهُ اللهُ رَحَمْةً لِلْعِبَادِ ، لِيُبِيَّنَ لَهُمُ الْحَلالَ وَالْحَرَامَ ، وَلِيُحِلَّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحِرَّمَ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً .
أَمَّا بَعْدُ : فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ اتَّقُوا اللهَ وَاحْذَرُوا الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ , احْذَرُوا فِتْنَةَ الشُّبُهَاتِ , وَاحْذَرُوا فِتْنَةَ الشَّهَوَاتِ , وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِتَنِ التِي يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهَا : فِتْنَةَ النِّسَاءِ !!! فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّحْذِيرُ مِنْهُنَّ بِشِدَّة , فَاتَّقُوا اللهَ فِي نِسَائِكِمْ , وَاتَّقُوا اللهَ فِي أَنْفُسِكُمْ , وَاتَّقُوا اللهَ فِي نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ , عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَّ اللهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّساء ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( إنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرةٌ ، وإنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرَ كَيفَ تَعْمَلُونَ ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاء , فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إسرائيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَقَبْلَ الاسْتِمْرَارِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ الْجَدِيرِ بِالْعِنَايَةِ لابُدَّ مِنْ بَيَانِ أَمْرَيْنِ مُهِمَّيْنِ , لِئَلَّا نُتَّهَمَ بِالتَّحَامُلِ عَلَى النِّسَاءِ أَوْ هَضْمِ حُقُوقِهِنَّ , فَأَوَّلُهُمَا : أَنَّ الإِسْلَامَ جَاءَ بِتَكْرِيمِ الْمَرْأَةِ أُمَّاً , وَجَاءَ بِإِعْزَازِهَا زَوْجَةً , وَجَاءَ بِحُقُوقِهَا بِنْتَاً , بَلْ جَاءَ بِحِفْظِ قَدْرِهَا عَلَى أَنَّهَا امْرَأَةٌ مَهْمَا كَانَتْ , فعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَّ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
وَعَلَيْهِ : فَلَا يَظُنَّنَ ظَانٌّ أَنَّنَا لا نُقَدِّرُ الْمَرْأَةَ وَلا نَحْتَرِمُهَا أَوْ أَنَّنَا نَهْضِمُهَا حَقَّهَا , بَلْ نَحْنُ مَعَهَا وَلَهَا , بَلْ وَمِنْ أَجْلِهَا خَطَبْنَا هَذِهِ الْخُطْبَةَ .
وَأَمَّا الأَمْرُ الثَّانِي : فَإِنَّ مِنْ حِكْمَةِ اللهِ أَنْ فَطَرَ كُلَّاً مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ عَلَى الْمَيْلِ لِلْجِنْسِ الآخَرِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) فَالشَّهْوَةُ قَدْ فَطَرَ اللهُ كُلَّ إِنْسَانٍ عَلَيْهَا , لِقَضَاءِ الْوَطَرِ , وَلِأَجْلِ حِفْظِ النَّسْلِ وَبَقَاءِ جِنْسِ الإِنْسَانِ لِيَعْمُرَ هَذَهِ الْحَيَاةَ , وَلَكِنَّ اللهَ جَعَلَ لِهَذِهِ الشَّهْوَةِ طَرِيقَاً مُبَاحَاً بَلْ مُرَغَّباً فِيهِ وَهُوَ الزَّوَاجُ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ وَلا يَزَالُ يَسْعَى فِي إِغْوَاءِ بَنِي آدَمَ , وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ طُرُقِهِ لِلإِغْوَاءِ النَّسَاءَ , فَهُوَ يُزِيِّنُ الْمَرْأَةَ لِلرَّجُلِ , وَيُزِيِّنُ الرُّجُلَ لِلْمَرْأَةِ , بَلْ إِنَّ مِنَ الْعَجَبِ الذِي يَقِفُ الإِنْسَانُ عِنْدَهُ حَائِرَاً أَنَّ الشَّيْطَانَ يُحَسِّنُ الْمَرْأَةَ الْحَرَامَ فِي عَيْنِ الرَّجُلِ , بَيْنَمَا يُزَهِّدُهُ فِي الْحَلَالِ , فَتَرَاهُ يُكَرِّهُ الرَّجُلَ فِي زَوْجَتِهِ التِي أَحَلَّهَا اللهُ لَهُ , وَأَمَّا النِّسَاءُ الأُخْرَيَاتُ فَتَرَاهُ يُغْرِيهِ بِهِنَّ وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَجْمَلَ مِنْهُنَّ بِمَرَاحِلَ , وَهَذَا خَطَرٌ عَظِيمٌ وَشَرٌّ كَبِيرٌ , وَلِذَلِكَ جَاءَ شَرْعُنَا الْمُطَهَّرُ بِإِبْعَادِ الرِّجَالِ غَيْرِ الْمَحَارِمِ عَنِ النِّسَاءِ , وَإِبْعَادِ النِّسَاءِ عَنِ الرِّجَالِ قَطْعَاً لِهَذَا الطَّريِقِ , لِأَنَّ ذَلِكَ أَحْوَطُ وَأَسْلَمُ مَنَ الْوُقُوعِ فِي الْفَاحِشَةِ وَالسُّقُوطِ فِي الزِّنَا .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : تَأَمَّلُوا هَذِهِ النِّصُوصَ الشَّرْعِيَّةَ لِنَعْرِفَ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حَالُنَا مَعَ النِّسَاءِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ) فَهَذَا تَوْجِيهٌ رَبَّانِيٌّ عَظِيمٌ لِكُلٍّ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِغَضِّ بَصَرِهِ عَمَّا لا يَجُوزُ لَهُ , ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ أَزْكَي لَهُمْ , أَيْ أَطْهَرُ وَأَبْعَدُ عَنِ السَّيِّئَاتِ وَأَعْظَمُ فِي الْحَسَنَاتِ , وَقَالَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ لِأَطْهَرِ نِسَاءِ الأُمَّةِ زَوْجَاتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) أَيْ : إِنَّهُ يُوجَدُ مِنَ النَّاسِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ , أَيْ حُبٌّ لِفَاحِشَةِ الزِّنَا , فَإِذَا تَكَلَّمْتِ الْمَرْأَةُ مَعَهُ بِكَلَامٍ لَيِّنِ قَدْ يَقَعُ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا تُرِيدُ الزِّنَا , فَيَحْصُلُ مَا لا تُحْمَدُ عُقْبَاهُ !!! فَأَيْنَ الرِّجَالُ ؟ وَأَيْنَ الْغَيرَةُ عَلَى الْمَحَارِمِ ؟؟؟ وَأَيْنَ مَنْ يَقُولُ : إِنَّكُمْ بِمُطَالَبَتِكُمْ بِفَصْلِ الرِّجَالِ عَنِ النِّسَاءِ تَتَّهِمُونَ النَّاسَ فِي أَعْرَاضِهِمْ !!! وَإِنَّ رِجَالَنَا وَنِسَاءَنَا أَهْلُ طَهَارَةٍ وَبَرَاءَةٍ وَبَعِيدُونَ عَمَّا تَظُنَّونُ بِهِمْ !!! فَنَقُولُ : سُبْحَانَ اللهِ ! وَهَلِ الْمُطَالَبَةُ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ عَلَى الشَّيْطَانِ اتِّهَامٌ لِأَحَدٍ ؟ أَمْ أَخْذٌ بِالْحِيطَةِ وَعَمَلٌ بِالْحَذَرِ ؟؟؟ ثُمَّ تَأَمَّلُوا أَيُّهَا الرِّجَالُ هَذَا التَّوْجِيهَ الْعَظِيمَ فِي الآيَةِ لِتِلْكُمُ النِّسَاءِ الْعفِيفَاتِ فِي أَشْرَفِ الْعُصُورِ (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) فَكَيْفَ فِي وَقْتِنَا الْحَاضِرِ ؟ كَيْفَ بِشَابَّةٍ فِي عُمْرِ الزُّهُورِ تَدْخُلُ عَلَى زَمِيلِهَا فِي الْمَكْتَبِ , فِي الْمُسْتَشْفَى أَوْ غَيْرِهِ كَمَا سَمِعْنَا وَعَلِمْنَا , ثُمَّ تُصَبِّحُهُ بِالْخَيْرِ وَتَتَبَادَلُ مَعَهُ الضَّحِكَاتِ وَالنُّكَاتِ !؟!؟ هَلَ هَذَا خَطَرٌ ؟ أَمْ لا زِلْنَا غَافِلِينَ ؟ أَفِيقُوا أَيُّهَا الرِّجَالُ , وَاتَّقُوا اللهَ فِي نِسَائِكُمْ , وَفِي نَسِاءِ الْمُسْلِمِينَ !!!
وَقَالَ سُبْحَانَهُ (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) فَانْظُرُوا هَذَا التَّعْبِيرَ الدَّقِيقَ حَيْثُ نَهَى سُبْحَانَهُ عَنْ قُرْبَانِ الزِّنَا , وَلَمْ يَقُلْ [ لا تَزْنُوا] لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْقُرْبَانِ أَبْلَغُ , حَيْثُ إِنَّهُ نَهْيٌ عَنِ الزِّنَا وَعَنْ وَسَائِلِ الزِّنَا مِنَ النَّظَرِ أَوِ الاخْتِلاطِ أَوْ غَيْرِهِمَا .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ : رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ ! ) فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ : أَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ قَالَ (الْحَمْوُ الْمَوْتُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَالْحَمْوُ هُوَ : قَرِيبُ الزَّوْجِ أَيَّاً كَانَ , فَهُوَ خَطَرٌ عَلَى النِّسَاءِ فَيُبْعَدُ مِنْهِنَّ وَلا يَخْلُو بِهِنَّ .
فَأَيْنَ مَنْ يُجْبِرُ زَوْجَتَهُ أَوْ أَخَوَاتِهِ عَلَى الْجُلُوسِ مَعَ أَوْلادِ الْعَمِّ أَوْ الأَقَارَبِ بِحُجَّةِ طَهَارَةِ الْقَلْبِ أَوَ عَادَاتِ الْقَبِيلَةِ ؟؟؟ إِنَّ الْقُرْبَ مِنَ الْمَرْأَةِ خَطَرٌ عَلَيْهَا وَمِنْهَا , وَالْخَلْوَةُ بِهَا أَشَّدُّ وَأَعْظَمُ , فَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَّ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَقُولُ (لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِاِمْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ , وَلَا تُسَافِرُ اَلْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) فَقَامَ رَجُلٌ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اَللَّهِ , إِنَّ اِمْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً , وَإِنِّي اُكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا , قَالَ (اِنْطَلِقْ , فَحُجَّ مَعَ اِمْرَأَتِكَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ .
فَانْظُرُوا أَيُّهَا الْعُقَلاءُ , وَتَأَمَّلُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ هَذَا الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ , فَهَذِهِ امْرَأَةٌ ذَاهِبَةٌ لِلْحَجِّ وَمَعَ خِيَارِ الأُمَّةِ الصَّحَابَةِ وَبِرِفْقَةِ نِسَائِهِمْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الجَمِيع , ثُمَّ زَوْجُهَا خَارِجٌ لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ , فَلَمْ تُسَافِرْ هِيَ لِلدِّرَاسَةِ فِي الْكُلِّيَّةِ أَوْ لِتُكْمِلَ دِرَاسَتَهَا فِي بِلادِ الْغَرْبِ , بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَاهِبٌ فِي طَاعَةٍ عَظَيمَةٍ , وَمَعَ هَذَا يَأْمُرُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ الذِّهَابِ لِلْجِهَادِ وَاللِّحَاقِ بِامْرَأَتِهِ لِحِمَايَتِهَا ,,, فَإِلَى اللهِ الْمُشْتَكَى مِنْ أَحْوَالِنَا !
أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتِغْفِرُ الله العَظِيمَ لي ولكُم فاستغْفِرُوهُ إِنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ الْبَرِّ الرَّحِيمِ , الْحَلِيمِ الْعَظِيم , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى النَّبِيِّ الْكَرِيم , وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُون : إِنَّ دِينَنَا جَاءَ بِإِبْعَادِ الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ وَإِبْعَادِ الْمَرْأَةِ عَنِ الرِّجَالِ حَتَّى فِي أَشْرَفِ الأَمَاكِنِ وَهِيَ الْمَسَاجِدُ , فَكَيْفَ بِغَيْرِهَا ؟ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَيْرُ صُفُوفِ اَلرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا , وَخَيْرُ صُفُوفِ اَلنِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا) رَوَاهُ مُسْلِم
بَلْ جَاءَ التَّحْذِيرُ مِنْ تَعَطُّرِ الْمَرْأَةِ وَخُرُوجِهَا لِلرِّجَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ إِغْرَاءٌ بِهَذِهِ الْفَاحِشَةِ الْقَذِرَةِ , فعَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِىَ زَانِيَةٌ ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ فِي اللهِ : إِنَّنَا إِذَا سِرْنَا حَسْبَ تَوْجِيهَاتِ رَبِّنَا وَوِفْقَ مَا شَرَعَ لَنَا حَفِظْنَا أَعْرَاضَنَا وَحَمَيْنَا نِسَاءَنَا وَأَرْضَيْنَا إِلَهَنَا , وَإِنَّ البُعْدَ عَنْ هَذِهِ الأَحْكَامِ العَادِلَةِ وَالتَّوْجِيهَاتِ الفَاضِلَةِ وُقُوعٌ فِي الرَّذِيلَةِ وَتَرْكٌ لِلْفَضِيلَةِ وَإِيغَالٌ فِي الْفَسَادِ وَمَعْصِيَةٌ لِرَبِّ الْعِبَادِ .
وَإِنَّ الْمُجْتَمَعَاتِ التِي ابْتَعَدَتْ عَنْ هَذَا الشَّرْعِ الرَّبَّانِيِّ الْمُطَهَّرِ لَتُعَانِي مِنْ كَثْرَةِ الْفَسَادِ وَتَفَكُّكِ الأُسُرِ وَاخْتَلاطِ الأَنْسَابِ وَانْتِشَارِ الأَمْرَاضِ , إِنَّهُ إِيذَانٌ بِخَرَابِ الأَرْضِ وَفَسَادِ الْعَالَمِ قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) وَالْفَسَادُ يَكُونُ بِالْمَعَاصِي وَمِنْ أَفْحَشِهَا : جَرِيمَةُ الزِّنَا .
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى : وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ مَا فِي الزِّنَا وَاللِّوَاطَةِ مِنْ نَجَاسَةٍ وَخُبْثٍ أَكْثَرَ وَأَغْلَظَ مِنْ سَائِر الذُّنُوبِ ما دُونَ الشِّرْكِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا تُفْسِدُ الْقَلْبَ وَتُضْعِفُ تَوْحِيدَهُ جِدَّاً ، وَلِهَذَا كَانَ أَحْظَى النَّاسِ بِهَذِهِ النَّجَاسِةِ أَكْثَرَهُمْ شِرْكَاً ، فَكُلَّمَا كَانَ الشِّرْكُ فِي الْعَبْدِ أَغْلَبَ كَانَتْ هَذِهِ النَّجَاسَةُ وَالْخَبَائِثُ فِيهَ أَكْثَرَ ، وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ أَعْظَمَ إِخْلاصَاً كَانَ مِنْهَا أَبْعَدَ ، فَلَيْسَ فِي الذُّنُوبِ أَفْسَدُ لِلْقَلْبِ وَالدِّينِ مِنْ هَاتَيْنِ الْفَاحِشِتَيْنِ .
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ : لَقَدْ عَدَّ الْعُلَمَاءُ الزِّنَا مِنَ الْكَبَائِرِ ، وَبَعْضُ الزِّنَا أَغْلَظُ مِنْ بَعْضٍ ، فَالزِّنَا بِحَلِيلَةِ الْجَارِ ، أَوْ بِذَاتِ الرَّحِمِ ، أَوْ بِأَجْنَبِيِّةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، أَوِ الْبَلَدِ الْحَرَامِ ، فَاحِشَةٌ مُشِينَةٌ . انْتَهَى كَلامُهُ رَحِمَهُ اللهُ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ , اللَّهُمَّ احْفَظْ أَعْرَاضَنَا وَاحْفَظَ نِسَاءَنَا وَنِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ , اللَّهُمَّ اكْفِنَا بِحَلالَكِ عَنْ حَرَامِكَ وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ , اللَّهُمَّ اكْفِنَا بِحَلالَكِ عَنْ حَرَامِكَ وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ , اللَّهُمَّ اكْفِنَا بِحَلالَكِ عَنْ حَرَامِكَ وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَلا وَالوَبَا وَالرِّبَا وَالزِّنَا وَالزَلازِلِ وَالْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ , وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنَا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ , والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .
المرفقات

خَطَرُ النِّسَاءِ وَعِظَمُ جَرِيمَةِ الزِّنَا 5 ربيع ثاني 1434 هـ.doc

خَطَرُ النِّسَاءِ وَعِظَمُ جَرِيمَةِ الزِّنَا 5 ربيع ثاني 1434 هـ.doc

المشاهدات 2364 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا ونفع بعلمك