خطر المخدرات

خطيب ليبي
1434/03/06 - 2013/01/18 13:03PM
[font="]أيها المسلمون: إنَّ الأوبئة إذا تجمَّعَتْ وتكثَّفَتْ وبقِيَتْ دون علاجٍ اتسعت دائرتها وتوالدت، وأنتجت صنوفاً جديدة من الوباء، وحاصرت الناس بالتعاسة والبلاء.[/font]
[font="]ومن ثمار الأزمات المتلاحقة التي تمر بها بلادنا انتشار وباءٍ طارئٍ لم يكن معهوداً فيها من قبل، هو وباء المخدرات الذي أضحى يفتك بالأبناء والشباب، بل ببعض النساء، وبِكثيرٍ كثيرٍ من الأطفال.[/font]
[font="]أيها المسلمون الكِرام .. إنَّ حديثنا اليوم .. هو عن قضية ال‍مُخدِّرات .. نعم ، لا تستهنْ بها يا من عافاك الله منها وعافى أهلَ بيتِك ..[/font]
[font="]فهو داءٌ خطير ، وجرمٌ مستطير، انتشر بين الشباب، وتفرقت بيوت بسببه، وضاعت أسر لأجله، وانهار مستقبل شبابٍ بعد أن ابتلاهم الله به.[/font]
[font="]لقد أوقعنا تجارُ المخدرات ومن يحميهم ويسهل طريقهم في شر مستطير، وخطر جسيم كبير؛ فظهر منهم مروجون وباعة للمخدرات، وظهر تجار صغار ومتوسطون وكبار، وظهرت بؤر موبوءةٌ تكاد تستعصي على العلاج والحل، وتعلن تمردها على الجهات المختصة، تلك الجهات التي تعاني من الضعف وقلة الإمكانيات، بل من التهميش والإهمال المتعمَّد مِن قِبَل الأجهزة والسلطات المشرفة عليها.[/font][font="][/font]
[font="]هذا على مُسْتَوَى المـــُفْسِدِين المخرِّبين المحاربين لله ورسوله وللمؤمنين من عصابات المتاجرة بالمخدرات، فقبَّحَهُمُ الله! وقطَع دابرهم ودابر كلِّ مَن يُعينهم. [/font]
[font="]أما على مستوى ضحايا المخدرات من الشباب والأطفال وبعض النساء فحدث ولا حرج، فما من بلدة إلا وفيها شللٌ من هؤلاء شباب في عمر الزهور، كان يمكن أن يتجهوا إلى البناء والتنمية، والعمل على إسعاد أسرهم، ورفع رؤوس آبائهم وأقاربهم، والعمل على رفعة ومجد ورضا مجتمعهم، فإذا بهذه الآفة تحوِّلهم إلى مخلوقات ضارة؛ بل عدوانية شهوانية، تهدم ولا تبني، وتضر ولا تنفع، وتجلب الخزي والعار لكل من له بها قرابة أو صِلة بدل أن تكون مصدر اعتزازه وافتخاره .[/font]
[font="]عباد الله: إنَّ الأمم جميعها، مسلمها وكافرها، وصالحها وفاسدها، قد اتفقت كلمتهم، وتوحدت تشريعاتهم على تحريم المخدرات، وتجريم المروجين لها، والمتاجرين بها، وشن الحرب على مصادرها، والسعي لعلاج آثارها المدمِّرة، هذا مع ما لدَى كثيرٍ مِن تلك الأمم مِن الفواحش والفجور، وأنواع الخمور، والملاهي المحرمة، وغيرها؛ وما ذاك إلا لاتفاق جميع العقلاء والعلماء والخبراء، واتفاق الشرع والعقل والمنطق على قبحها، وسوء آثارها، وعموم مخاطرها.[/font]
[font="]فكيف بنا -نحن المسلمين-؟! ونحن أبناء هذه البلاد التي عرفت على مدار تاريخها بحشمتها وعفتها وترفُّعها عن النقائص، كيف تنبت من بلادنا هذه النبتة الخبيثة ثم تنمو وتثمر ثمراتها القبيحة التي هي كرؤوس الشياطين، وحمم البراكين في تدميرها وتخريبها.[/font]
[font="]عباد الله :لقد نص القرآن على تحريم الخمر بنصوص صارمة لا تدع مجالاً للتأويل، أو وجهاً للتعليل، أو التراخي في تطبيقها، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ؟) ، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما أسكر كثيره فقليله حرام"، وقال -عليه الصلاة والسلام-: "كُلُّ مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب منها لم يشربها في الآخرة" رواه مسلم، وفي مسند الإمام أحمد قال عليه الصلاة والسلام: (( مدمن الخمر إن مات بعثه الله كعابد وثن )) .[/font][font="] [/font][font="]شاربها في دين الله يجلد ثمانين جلدة، فإذا تكررت منه وهو يعاقب ولا يرتدع قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "يقتل في الرابعة عند الحاجة إليه إذا لم ينته الناس بدون القتل". [/font][font="]وهذا عين الفقه؛ لأن الصائل على الأموال، إذا لم يندفع إلا بالقتل قتل، فما بالكم بالصائل على أخلاق المجتمع وصلاحه وفلاحه. [/font][font="]وقد أجمع الصحابة رضوان الله عليهم أن شاربها يُحد وإن لم يسكر ولو شرب قليل. وأجمع أهل العلم على أن شرب الخمر من الكبائر العظام المتوعد عليها بالنار. [/font]والمخدرات أعظم من الخمر؛ فالنهي عن الخمر نهيٌ عن المخدرات والوعيد على الخمر وعيد على المخدرات.[font="][/font]
[font="]فالمخدرات بجميع أحوالها شددت الشريعة في الزجر عنها وتحريمها؛ لما فيها من الأضرار والتدمير.وضرر المخدرات على متعاطيها وعلى المجتمع ضررها كثير لا يحصر إلا بكلفة؛ فمن أضرارها على متعاطيها: ذَهابُ عقله والعقل هو ميزة الإنسان عن البهائم، ومن ذهب عقله أقدم على الجرائم وتخلى عن الفضائل. ومن أضرارها فساد التدبير والسفه في التصرف؛ فيفعل ما يضره ويترك ما ينفعه.. قد قاده الشيطان إلى كل رذيلة، وأبعده عن كل فضيلة.[/font][font="][/font]
[font="]ومن أضرارها: فقدانه للأمانة، وتفريطه فيما يجب حفظه ورعايته؛ فلا يؤمّن على مصلحة عامة ولا على أموال، ولا يؤمن حتى على أسرته؛ لأن المخدرات قد أفسدت عليه إنسانيته -والعياذ بالله، والمتعاطي بحاله يكون منبوذاً مكروهاً حتى من أقرب الناس إليه.[/font][font="][/font]
[font="]ومن أضرارها على المجتمع: ضياع الأسر وانحراف الناشئة؛ لأنهم بدون عائل يسلكون الغواية[/font][font="].[/font]
[font="]ومن أضرار المخدرات على المجتمع نزول العقوبات والفتن.. قال الله –تعالى (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).[/font][font="][/font]
[font="]ومن أعظم مضارِّ المخدرات: ثقل الطاعة وكراهيتها وبغضها، وكراهية الصالحين وبغضهم وعدم مجالستهم، والبعد عن مجالس الذكر ومواطن العبادة.[/font]
[font="] [/font]
[font="]أيها المسلمون الكرام .. ((كلكم راعٍ وكلم مسؤول عن رعيته)) ، وعلينا بعد أن عرفنا هذا الداء .. أن نعرف الأسباب التي تُوقِع الشباب في هذا المستنقع الآسن .. ألا وإن أخطر الأسباب وأولَها: قرناء السوء . .. فالقرين الفاسد، والصديق والسيئ هو من يوقع صاحبَه في ذلك.. كلُّ من تاب نجده يقول : لقد أغراني قرناء السوء، وقال لي أصدقائي السابقين: جرّب ولن تندم .[/font]
[font="]والشاب الطائش، لا يُفرِّق بائع المسك ونافخ الكير، ولا يَعلم أن الخطوة الأولى في المخدرات هي التجربة الأولى . فإذا وقع فيها أدمن عليها..[/font]
[font="]لا تجلس الى اهل الدنايا فان خلائق السفهاء تعدى وعاشر من الناس كبار العقول وجانب الجهال اهل الفضول واشرب نقيع السم من عاقل واسكب على الارض دواء الجهول. وأبلغ من ذلك قول المصطفى صلى الله عليه وسلم "الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ[/font][font="] [/font][font="]"[/font][font="] [/font][font="]رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]السبب الثاني:[/font][font="] إهمال الوالدين وسوء التربية، فللإهمال دور كبير، وإذا كان الوالد جاداً غير مهمل سنجده مراعياً لأبنائه متابعاً لهم ، ومرشداً لهم في كلِّ خطوةٍ يخطونها .[/font]
[font="]أمَّا وقد ترك الشارعَ يُربِّيهم ، وجعل أصدقاء السوء يتولون إرشاد أبنائه ، فلا تلَمْ أحداً أيها الأب إذا وجدتَ أبناءك قد وقعوا في الحرام .. (يأيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة).[/font]
[font="]أيها الكرام .. ذئاب المخدرات، ووحوش الحشيش والحبوب يحاولون اقتناص فرائسهم الذي يعلمون ضعف مراقبة أهلهم لهم.[/font]
[font="]فجلوس الشباب والمراهقين إلى ساعات متأخرة من الليل في الشارع، هدفٌ لأهل المخدرات، لأنه بسبب الفراغ القاتل يُريد هذا الشاب أن يُجرِّب ما يعرضه عليه الذئب البشري.. وذئاب المخدرات لا نجدهم يمكثون في أماكنهم ، بل يتنقلون إلى حيث فرائسُهم..[/font]
[font="]السبب الثالث[/font][font="]: الإعلام الفاسد، فله أثرٌ كبير بنشر الفساد الأخلاقي ، يُبعِد الشباب عن الدين، ويُخفف لهم جرم الرذيلة وشرب الخمر واستخدام المخدرات.[/font]
[font="]السبب الرابع ورأسها وأساسها[/font][font="]: ضعف الإيمان وانعدام الخوف من الله سبحانه، فما وقع من وقع في دوامة الضياع هذه إلا يوم أن اعتدي على محارم الله، وإلا رب العالمين قد قالها يوم أنزل كتابه وهو أعلم: " فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ".[/font]
[font="]أسأل الله العظيم أن يحفظ شباب المسلمين عن هذه الشرور والمفسدات .[/font]
[font="]اللهم احفظنا واكفنا شر المسكرات والمخدرات .[/font]
[font="]أقول قولي هذا إن كان صوابا فمن الله وإن كان خطئاً فمن نفسي والشيطان، واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="]الخطبة الثانية:[/font]
[font="] [/font]
[font="]الحمد لله، أحل الطيبات وحرم الخبائث، أحمده سبحانه وأشكره ومن مساوي عملي أستغفره واستعينه على نيل الرضا وأستمد لطفه في ما قضي. [/font]
[font="]وبعد أيها المسلمون: لا شك أن العلاج هو تفادي الأسباب التي ذكرت في الخطبة الاولى، وأهم العلاج وأعظمه تقوية الإيمان، المواظبة على الصلوات وحضور حلقات الذكر وتنشئة الأبناء على الأخلاق الحميدة أعظم سياج يقي من الشرور. وينشؤ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه *** وما دان الفتى بحجى ولكن يعلمه التدين أقربوه.[/font]
[font="]وأخيراً أيها المسلمون: النصيحة المكرّرة والوصيّة المؤكّدة هي الحرص على الأبناء والبنات ومتابعتهم وملاحظتهم، ولا يعني ذلك حصارهم، بل التربية والمراقبة والثقة والمتابعة، أمّا إذا كانت الثقة عمياء أو وضِعت في غير محلّها؛ فإنّ نتاجَها الحسرةُ والندامة.[/font]
[font="]فاللهمّ احفظنا واحفظ علينا، وعافنا في أنفسنا وفي ديننا وأهلنا، وقنا والمسلمين شرَّ هذه البلايا، ورُدَّ ضالَّ المسلمين إليك ردًّا جميلاً.[/font][font="][/font]
[font="]هذا وصلّوا وسلّموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة محمد بن عبد الله رسول الله وخاتم أنبيائه.[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
المشاهدات 3616 | التعليقات 1

خطبة مميزة وفي قمة الروعة جعلها الله في موازين حسناتك ونفع الله بك الإسلام والمسلمين.وتصلح تكون خطبة الجمعة القادمة 13/3/1434