خطر الذهاب إلى الكُهَّان

عايد القزلان التميمي
1443/03/23 - 2021/10/29 05:22AM
خطر الذهاب إلى الكُهَّان
الخطبة الأولى
الحمد لله المحمود على كل حال لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا تحت أطباق الجبال . وأشهد أن لا إله إلا الله  ، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله ، حذّر أمته من إتيان وتصديق الكهنة والسحرة والمشعوذين الخاسرين في الحال والمآل. صلى الله عليه ، وعلى آله خير آل ، صلاة دائمة بالغدو والآصال ،  وسلم تسليما كثيرا
أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ : (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
أيّها المسلمون، داءٌ من أدواءِ الأمَمِ قَديمًا، ومُشكلةٌ من مُشكلات العصرِ حديثًا، وخطرٌ يهدِّد المجتمع، وعاملٌ من عوامل تفكُّك الأسَر ، يمارسه الفَسَقة والأراذل، ليس لصاحبه في الآخرة من خَلاق، فسادٌ في الدّين وشرّ في العمَل وتهويل ودجل. ذلكم ـ عباد الله ـ هو الكِهانة والكهنة والسّحر والسحرة والدجل والشّعوذة.
والكِهَانة:هي  ادعاء علم الغيب بواسطة استخدام الجنِّ، وقد اغترَّ بذلك كثير من الناس يظنُّونَ المخبرَ بذلك عن الجنِّ وليًّا لله، وهو من أولياء الشيطان .
عباد الله والغيب لا يعلمه إلا الله، كما قال سبحانه وتعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا
أيها المؤمنون/ أما السِّحرُ:فهو  عبارة عن عزائم ورُقى وعُقد يعملُها السَّحرةُ بقصد التأثيرِ على الناس بالقتل أو الأمراض أو التفريق بين الزوجين. وهو كفرٌ وعمل خبيثٌ، ومرض اجتماعي شنيع يجب استئصاله وإزالته وإراحة المسلمين من شَرِّهِ.
عباد الله وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم تحذيراً شديداً من الذهاب إلى الكَهَنَة والسحرة والعرَّافين، وبين لنا أن مجرد الذهاب إليهم من كبائر الذنوب، أما سؤالهم عن أمر وتصديقهم في علمهم بالغيب فكفر بالله، لأن الغيب لا يعلمه إلا الله عز وجل.
روى مسلم في "صحيحه" عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ ليلةً»،
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ يَومًا»،
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»،
وقال صلى الله عليه وسلم ((«مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»
والكاهن كافر بالله كفراً أكبر لادعائه علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ومن أتاه مصدقاً أنه يعلم الغيب كافراً كفراً أكبر.
ولا يُشْترَط لتحقيق قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَتَى كاهنا  فَسَأَلَه) أن يأتي ويذهب إليه حقيقة، سواء في بيته أو مجلسه، إذ المقصود النهي عن التوصل إليه أو التواصل معه بأي وسيلة من الوسائل الحديثة .
عباد الله فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : ( سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاسٌ عَنْ الْكِهَانَةِ فَقَالَ : لَيْسُوا بِشَيْءٍ , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِشَيْءٍ فَيَكُونُ حَقًّا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ يَخْلِطُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
فبين الرسول كذب الكهان والسحرة , بإضافة تسعة وتسعين كذبه على معلومة واحدة صحيحة ممن يأخذونها من الجن.
عباد الله ومن صور الكهانة ففي الزمن الأول كان لها صور متعددة مثل: الضرب بالحصى، ومثل الخط، والكاهن يُدَجِّلْ على الناس بأن يجعل شيئاً لا يفهمه الناس يَدَّعِي الكاهن أو العَرَّاف أو الضارب بالحصى والرمل إلى آخره يَدَّعِي أنها تَدُلُّهُ على المعلومة، وهو في الحقيقة لا يستدل عليها بالخط ولا يستدل عليها بالخشبة التي يكتب عليها، ولا يستدل عليها بالحصى وإنما هي من الشياطين.
ومن الصور الحديثة التي اختلف فيها العلماء، هل تدخل من الكهانة ؟ ما يُسَمَّى بالتنويم المغناطيسي. وقد أفتت اللّجنة الدائمة عندنا في فتوىً مشهورة مُطَوَّلَة بأنَّ التنويم المغناطيسي ضَرْبٌ من ضروب الكهانة واستخدام الجن ليتسلَّطَ الجني على الإنسي فيَحْمِلُهُ ويَرْتَفِعْ عن الأرض ويُخْبِرْ بأمورٍ مُغَيَّبَة ويتسلط على نفسه وعلى روحه فيكون له عليها سلطان.
ومن صور الكهانة الحديثة العلاجُ بالطاقةِ الكونيةِ – دجَلاً-، بوضعِ اليدِ على أجزاءٍ من الجسمِ دونَ تدليكٍ، ويزعمونَ أنه من الطبِ البديلِ.
ومن صور الكهانة الحديثة تحليلُ شخصيتِكَ" من خلالِ توقيعِكَ، ويُلحقُ بالكَهانةِ إذا تضمنَ ادعاءَ معرفةِ أحداثِ الماضي، أو المستقبلِ.
عباد الله وبعض الذين يدّعون علاج الناس بالرقية الشرعية  يستعينون بالجن في علاجهم للناس قال العلامة ابن باز-رحمه الله -: "وأما اللجوء إلى الجن فلا؛ لأنه وسيلة إلى عبادتهم وتصديقهم؛ لأن في الجن من هو كافر، ومن هو مسلم، ومن هو مبتدع، ولا تُعرف أحوالهم؛ فلا يجب الاعتماد عليهم ولا يُسألون، وقد ذم الله المشركين بقوله – تعالى -: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} ، ولأنه وسيلة للاعتقاد فيهم والشرك، وهو وسيلة لطلب النفع منهم والاستعانة بهم، فأرى أنه لا يجوز؛ لأن في ذلك استخدامًا لهم، وقد لا يخدمون إلا بتقرب إليهم، واستضعاف لهم".
عباد الله حافظوا على عقيدتكم من الفساد أكثر مما تحافظون على صحة أبدانكم من الأمراض. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:  إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً بَعِيداً  [النساء:115].
وفقنا الله جميعاً لما يحبه ويرضاه.
وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله يحب من عباده الموحدين، ويكره منهم المشركين المبتدعين، أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله حمل لواء التوحيد وقاوم الشرك بجميع أصنافه وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين من ربه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فيا عباد الله  اتقوا الله حق تقواه واعلموا أنه ما راجت بضاعة الدجالين من الكهنة والسحرة والمشعوذين إلا بتقاعس الناس عن الإبلاغ عنهم والتحذير من شرهم.  فالواجب على كل مسلم أن ينهي عن هذا المنكر بالإبلاغ عن كل من يعلمه يفعل هذا الكفر العظيم فإن في الإبلاغ عنه حماية لنفسك أولاً ثم لغيرك من إخوانك المسلمين .
عباد الله ومما يعين في الإنكار على من يعمل الكهانة والسحر والشعوذة معرفة ما يتميز به الكاهن والساحر والمشعوذ و منها: - سؤاله عن اسم المريض واسم أمه.
- أن يأخذ أثراً من المريض كقطعة من لباسه.
- أن يطلب ذبح حيوان بصفات معينة وربما أمر بتلطيخ مواضع من البدن بالدم.
- كتابة الطلاسم أو الحروف المقطعة والكلام غير المفهوم.
- التمتمة بكلام غير مفهوم.
- إعطاء المريض أشياء يدفنها في الأرض أو يخفيها في المنزل.
- اخبار المريض بمعلومات خاصة عنه. -
ظهور علامات الفسق عليه وعدم الارتياح لمظهره.
وهناك علامات أخرى غيرها،
والحاصل أن الكهانة والسحر والشعوذة داء عظيم لا ينتشر إلا بالتغاضي عنه والذهاب إليه ودفع الأموال إليهم مما يعينهم على البقاء والاستمرار في هذا الكفر العظيم
نسأل الله العظيم أن يقينا والمسلمين شر الأشرار وكيد الفجار وأن يتمم علينا نعمه ظاهرة وباطنه إنه على كل شيء قدير.
عباد الله: صلوا وسلموا على الرحمة المهداة محمد بن عبد الله اللهم صل وسلم وبارك على عبد ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين    
المرفقات

1635484929_خطر الذهاب إلى الكهان.doc

المشاهدات 751 | التعليقات 0