خطر الاسراف ﴿ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾

محمد البدر
1437/04/12 - 2016/01/22 00:37AM
[align=justify]الخطبة الأولى:
عباد الله : قال تعالى : ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾لا شكَّ أنَّ الإسراف تتعدَّد صوره ومظاهره فمنها ما يكون على مستوى الفرد ، ومنها ما يكون على مستوى المجتمع ،و يقع في أمور كثيرة كالمأكل، والمشرب، والملبس، والمركب، والمسكن، وغيرها، ومن أسباب ظاهرة الاسراف :
اولاً:الجهل بأحكام الشريعة الإسلامية .
ثانياً:التأثر بالبيئة المحيطة به فالإنسان الذي يعيش في بيئة تكثر فيها مظاهر الإسراف والترف، سيتأثر بها، مقلدًا من يعيشون حوله، ومن يختلط بهم .
ثالثاً : السعة بعد الضيق والغنى بعد الفقر ،أو اليسر بعد العسر, والصحة بعد المرض ، فأذا تبدل الحال حينئذ قد يصعب على هذا الصنف من الناس التوسط، أو الاعتدال، فينقلب على النقيض تمامًا فيكون الإسراف، أو التبذير .
رابعاً : الغفلة عن الآخرة وان مصير أي إنسان على هذه الارض الفناء والموت مهما بلغ من الكبر ومهما بلغ رأس ماله أو مكانته وجبروته وطغيانه فلن يخلد في هذه الحياة .
خامساً : مصاحبة المسرفين ومخالطتهم .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ » رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَ حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.
ومن صور الاسراف الظاهرة والمنتشرة :
1-الإسراف على الأنفس بالمعاصي والآثام : قال تعالى : ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ﴾(الزمر : 53) .
2 - الاسراف في استخدام الماء واستعماله ، لاسيما الماء الصالح للشرب فيهدره في الوضوء أو ريّ المزروعات وغسل السيارات وتنظيف الأفنية ، أو يبالغ في استخدامه منزليا سواء كان ذلك في المطابخ أو دورات المياه ونحو ذلك .
فعَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ ، فَقَالَ : مَا هَذَا السَّرَفُ ؟ فَقَالَ : أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ ؟قَالَ : نَعَمْ ،وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ. صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ في سلسلة الصحيحة رقم (3292) .
فنحن كما تعلمون نشرب من الماء المالح المحلى والمنقى من محطات تحلية المياه ، ومع هذا فنحن من أكثر خلق الله إسرافاً في الماء، وهدراً له، مع أننا نعلم أن أجدادنا إلى وقت قريب كانوا يحصلون على الماء من الآبار ولعل بعضنا قد عاش تلك الفترة ورأى هذه المعاناة فموارد الماء كانت ضئيلة جدا .
3 - ومن صور الإسراف المنتشرة يا عباد الله :
الإسراف في الكهرباء،فالإسراف في استخدام الطاقة ينعكس على مجتمعنا بالأثر السلبي؛ إذ يترتب على ذلك زيادة تكاليف الفواتير ، ويترتب أيضًا تدني مَوثوقية الخدمة ؛ لاحتمال انقطاعها؛ بسبب كثرة الجهد وزيادة الاحمال على مولدات الكهرباء .
4- ومن صور الاسراف المنتشر يا عباد الله : الاسراف في تناول أصناف الأطعمة الشهية ، وألوان المشروبات المختلفة ، دون مراعاة لما ينتج عن ذلك من مخالفة لتعاليم الدين وتوجيهاته التي قال فيها عز وجل : ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ ( سورة الأعراف : من الآية 31 ) . إضافةً إلى ما في ذلك من إضاعةٍ للمال في غير وجه حق ، وإضرارٍ بالصحة ،فنحن نسرف في الأكل والشرب ونتفاخر به في الزواجات والعزاء وكل المناسبات حتى فشا فينا السّمن،وانتشرت الأمراض كأمراض القلب والسكر والضغط ودب فينا الخمول والكسل ،قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ »رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
ونحن مع الأسف لا نملأ بطوننا فقط، بل نملأ حتى المزابل من حولنا بنعمة الله ، والله المستعان .
5 - ومن صور الاسراف التسوق بلا حاجة فقط للتسكع والترويح كما يقول البعض وخاصةً النساء ويكاد يكون التسوق بصفة يومية وما يدل على هذا كثرة الاسواق والمتاجر و المحلات ،كما أن هناك من يسرفُ في شراء الملابس واقتنائها بطريقة أو بأخرى ، غير مبال بما ينفقه في ذلك من أموال تضيع فيما لا فائدة فيه ولا نفع منه ولذلك قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ أَوْ مَخِيلَةٌ » رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ.
أقول قولي ...


الخطبة الثانية :
عباد الله : ومن صور الإسراف أن البعض قد يسرف في السهر الطويل أو النوم الكثير مخالفا بذلك سنن الله تعالى في الكون ،فالسهر يوهن الجسم ، ويُرهق التفكير ويؤثر صحياً على أعظاء الجسم .
وهناك من يسرف في القيل والقال ، فلا يتوانى عن نقل الكلام وإشاعته بين الناس سواءً كان ذلك صحيحاً أو غير صحيح ، مباحاً أو غير مُباح، وقد ينقله دون التحقق من صحته ، أو الزيادة عليه ونحو ذلك مما نهت عنه تعاليم ديننا الحنيف وحذّر منه نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : «وَهَلْ يَكُبُّ الناسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. فاعتبروا ياعباد الله بما يحصل حولنا من حروب طاحنة وقتل ودمار وخراب للديار واختلال في الأمن وتشتت وتشرد واضطهاد وترمل للنساء وتيتم للاطفال و انتشار للامراض وقلت او انعدام في الغذاء والماء فعلينا جميعاً الحذر من الاسراف لما يترتب عليه من نتائج مؤسفةٍ ومضار عظيمة .


الا وصلوا ..
[/align]
المشاهدات 1857 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا